[align=center]التحذير من التعصب لأحد المذاهب
لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز- رحمه الله-
وأما ما جرى من الاختلاف بين أهل العلم في المذاهب الأربعة وغيرها ، فالواجب أن يؤخذ منه ما هو أقرب إلى الصواب ، وهو القول الذي هو أقرب إلى ما قاله الله ورسوله نصا أو بمقتضى قواعد الشريعة.
فإن الأئمة المجتهدون إنما هدفهم ذلك ، وقبلهم الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم ، وهم الأئمة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم ، فهم أعلم الناس بالله وأفضلهم وأكملهم علما وخلقا .
فقد كانوا يختلفون في بعض المسائل ، ولكن دعوتهم واحدة ، وطريقهم واحد ، يدعون إلى كتاب الله وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام ، وهكذا من بعدهم من التابعين ، وأتباع التابعين : كالإمام مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وغيرهم من أئمة الهدى : كالأوزاعي والثوري وابن عيينة وإسحاق بن راهويه ، وأشباههم من أهل العلم والإيمان ، دعوتهم واحدة ، وهي الدعوة إلى كتاب الله ، وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكانوا ينهون أتباعهم عن تقليدهم ، ويقولون : خذوا من حيث أخذنا ، يعنون من الكتاب والسنة .
ومن جهل الحق وجب عليه أن يسأل أهل العلم المعروفين بالعلم والفضل ، وحسن العقيدة والسيرة ، ويتبصر في ذلك ، مع تقدير العلماء ، ومعرفة فضلهم ، والدعاء لهم بمزيد من التوفيق وعظيم الأجر ، لأنهم سبقوا إلى الخير العظيم ، وعلموا وأرشدوا ، وأوضحوا الطريق ، فرحمة الله عليهم ، فلهم فضل السبق ، وفضل علمهم ودعوتهم إلى الله : من الصحابة ومن بعدهم من أهل العلم والإيمان . فيعرف لهم قدرهم وفضلهم ، ويترحم عليهم ويتأسى بهم في النشاط في العلم والدعوة إلى الله ، وتقديم ما قاله الله ورسوله على غيره ، والصبر على ذلك ، والمسارعة إلى العمل الصالح ، يتأسى بهم في هذه الفضائل العظيمة ، ويترحم عليهم ، ولكن لا يجوز أبدا أن يتعصب لواحد منهم مطلقا ، وأن يقال : قوله هو الصواب مطلقا بل يقال : كل واحد قد يخطئ ويصيب . والصواب فيما وافق ما قاله الله ورسوله ، وما دل عليه شرع الله من طريق الكتاب والسنة وإجماع أهل العلم ، فإذا اختلفوا وجب الرد إلى الله ورسوله ، كما قال سبحانه وتعالى : فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ وقال عز وجل : وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ هكذا قال أهل العلم قديما وحديثا .
ولا يجوز أبدا التعصب لزيد أو عمرو ، ولا لرأي فلان أو علان ، ولا لحزب فلان أو الطريقة الفلانية ، أو الجماعة الفلانية ، كل هذا من الأخطاء الجديدة ، التي وقع فيها كثير من الناس .
فيجب أن يكون المسلمون هدفهم واحد ، وهو اتباع كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام في جميع الأحوال ، في الشدة والرخاء ، في العسر واليسر ، في السفر والإقامة ، وفي جميع الأحوال ، وعند اختلاف أهل العلم ينظر في أقوالهم ، ويؤيد منها ما وافق الدليل من دون تعصب لأحد من الناس .
أما العامة وأشباه العامة ، فيسألون أهل العلم ، ويتحرون في أهل العلم ، من هو أقرب إلى الخير وأقرب إلى السداد والاستقامة ، يسألونه عن شرع الله ، وهو يعلمهم بذلك ويرشدهم إلى الحق ، حسب ما جاء في الكتاب والسنة ، وأجمع عليه أهل العلم .
[/align]
المفضلات