عزيزي راوي حكاية المشرف التائب

أولا التائب عن الذنب كمن لا ذنب له ، والتجارب دائما لا يكون لها مفعول إلا بتأثيرها الواضح على صاحبها
أحب في البداية أن أمجد أسلوبك في الطرح فهو أميل إلى الناحية الأدبية ، كما أن اختيارك للعبارات
كان اختيارا موفقا يدل على أنك قارئ جيد تكتنز في جعبتك حصيلة لا بأس بها من الخبرات ومنطق الكلام
أما حكاية المشرف فأستطيع القول أنها حكاية تشاؤمية ، وصاحبها حساس جدا جعل من الحبة قبة
والموضوع كله لا يستاهل هذا الإفراط ؛؛ فمن المعروف أن المشرف والمعلم ومدير المدرسة .. وكل من يعمل في هذا المجال يتبادلون الخبرات ويستفيد أقوى شخصية فيهم من أضعف شخصية ( فلا تحقرن من المعروف شيئا )
أما كون المشرف يحرص على أن يبدو عند رؤسائه في موقع مهم فهذا هو الوضع الطبيعي لكل مرؤوس .
ومن ناحية أخرى لماذا لا يكون المعلم طالبا يبحث هو عن سلبياته لدى المشرف بدلا من أن يتقزز من أية ملاحظة
( رحم الله من أهدى إلي عيوبي )

اللهم إلا إذا كانت الثقة مفقودة بين الطرفين وهذه تكون بسبب عدم قناعة أي منهما بصاحبه
فتجده يتصيد الأخطاء ..لكن أقول لك بصراحة تامة :
الإنسان الواثق من نفسه ومن عمله لا تهمه اصطياد الأخطاء حتى ولو كانت بسيطة
لا تستحق الإشارة إليها ..صدقني أنا مررت بتجارب كثيرة في مجال التعليم وكان أهم شيئ
في نظري هو دراسة شخصية الإنسان الذي تتعامل معه ويتعامل معك ، وكنتُ أعرف توجه كل واحد
وحتى تصدق كلامي كنتُ أترك بعض الأخطاء البسيطة وأتعمدها لمشرفين مخصوصين إما في السجلات
أو في دفتر الدوام لأنني متيقن بأن هذا المشرف إذا خرج من عندي ولم يجد شيئا أخذ يبحث
في الأعماق حتى يجد ما يريح نفسيته لأنه يعتبر مهزوما إذا لم يجد ملاحظة يكتبها وهذه طبيعة النفس البشرية
على تفاوت بين البشر فمنهم من يخفيها ويسيطر عليها ومنهم من لا يحتمل كتمانها كصاحبك الذي نظر في ساعته كناية عن لفت النظر إلى أمر كان يقصده ..
فلا نجعل الحساسية المفرطة تسيطر على تعاملنا ,.. وربما هذه الأمور خفـّت الآن كثيرا فلم يعد للمشرف
الهيبة التي كانت عندما كان مسماه مفتشا الله لا يوريكم تلك الأيام ففيها حكايات لا يمكن أن تمحوها صحائف الأيام
وحتى نكون عادلين في حكمنا فالمشرفون أيضا لديهم حكايات عن بعض المعلمين لا تقل أهمية عن حكايات الطرف الآخر.
لعلني بهذا التعليل أوصلت بعض ما فهمته من حكاية المشرف التائب وشكرا لك .