أخي الشاهين
شكرا لك على هذا الطرح .. ومناقشة هذه القضية أمر مطلوب .. وقبل اسبوع التقيت الأستاذ عبد العزيز يوسف حادي وأثنى على منتدى المجالس الينبعاوية وقال أن الذين يكتبون فيه هم الصفوة وكثير من المسؤولين والطبقات المثقفة يتابع ما يطرح فيه وهو طرح جيد بمجمله ..فأنتم اليوم صوت ينبع بحق وعليكم واجب مناقشة قضايا المجتمع وهموم المواطن وهناك الكثير من القضايا الهامة .. السعودة مالها وعليها .. العمال البنغال واحتكار أسواق العمل ـ العلاقة بين الطالب والمعلم ـ ظاهرة التسول المستشرية في البلد وغيرها من القضايا بحاجة إلى طرحها للنقاش وتداول الآراء حولها وتخصيص زمن معين وبعد الانتهاء تجمع هذه الآراء في ملف وتقدم إلى الجهة المسؤولية فلربما تلفتون نظرها لهذه القضية وتساهمون في وضع حد لها ..
حقيقة أعجبتني هذه الفكرة وعزمت على أن أقوم بطرحها على بساط البحث في هذا المنتدى ـ وطالما أنك أخي الشاهين قد بادرت بطرح هذه القضية فلتكن هي القضية المخصصة لهذا الأسبوع ولنبدأ مباشرة في مناقشتها وليدلي كل منا بدلوه فيها فلعلنا نخرج منها بما يساهم في القضاء عليها وسوف أعرض ما أراه إن شاء الله فيما يلي

يعتقد كثير من الناس أن ظاهرة اعتداء الطلاب على المعلمين ظاهرة جديدة لم يكن لها وجود في الزمن السابق بل أنني سمعت من بعض المعلمين المتقاعدين من يقول الحمد لله أنني تقاعدت قبل أن تصل العلاقة بين المعلمين وتلاميذهم إلى هذا الحد المزري .. أقول لمثل هؤلاء على رسلكم أيها الأخوة فلطالما رأينا ونحن على مقاعد الدراسة الابتدائية والمتوسطة والثانوية حوادث اعتداءات بين طلاب ومعلمين وبعد أن مارسنا المهنة لم يكن يخلو عام دراسي من مضاربة أو اعتداء .. صحيح أنها ليست بالكثرة والجماعية الموجودة الآن ولكنها موجودة على أية حال والسبب فيها غالبا مايكون المعلم .. ولقد عاصرنا معلمين شديدين في تعاملهم مع الطلاب ورغم ذلك يبادلهم طلابهم الحب والاحترام والسبب العدالة التي كانوا عليها لا يفرقون بين طالب وطالب ولا يجاملون هذا على حساب ذاك وعلاقاتهم بالطلاب محدودة بما تفرضه سلوكيات مهنة التربية و التعليم .. والمراقب لهذه العلاقة يستغرب كيف أن بعض الطلاب يفتعلون المشاكل مع معلمين بذاتهم دون معلمين آخرين وأن بعض المعلمين يقضي طوال عمره الوظيفي دون أن تصدر من طالب أي مشكلة تجاهه !! إذا شخصية المعلم واستعداده الفطري لعملية التربية والتعليم والخبرة المكتسبة هي الفيصل في هذه العلاقة

كنت مديرا لمدرسة ابتدائية ونقلت إدارة التعليم إلينا عالما أزهريا فاضلا كبيرا في السن يفوق علمه ما يحتاجه تلميذ المرحلة الابتدائية .. هذا المعلم العالم جاء للتدريس في معهد المعلمين ثم نقل إلى إحدى الثانويات ثم إلى أخرى وأخرى ثم نقل إلى مرحلة متوسطة وكان سبب نقله في كل مرة أن الطلاب يثيرون الفوضى في حصته ولا يتقبلون ما يقوله فرأوا أن ينقلوه تقديرا لمكانته العلمية .إلى مدرسة ابتدائية فهو أب وهم أطفال وتستفيد الإدارة من وجود عالم مثله
فرحنا به كثيرا ولكنه لم يكد يمضي يومه الأول حتى لاحظنا أن الفوضى تدب بالصف الذي هو فيه و يسود الهرج والمرج وهو مستمر في إلقاء درسه .. بعض الأطفال يخرج ويعود وجاءني مرة أحد الأطفال وقد قضم هذا المدرس أذنه لم أر أثرا للعضة ولكن بعض الأطفال شهدوا بذلك استدعيت المعلم وسألته قال نعم ولكنه يعتبرهم كأبنائه وهذا التصرف يحدث منه مع أولاده دائما ( على خفيف ) من باب المزاح وتلطيف الجو !!
وفي مرة زرته في الفصل .. فوجه للطلاب سؤالا ولم يرفع أحد من الطلاب يده للإجابة فقلت لهم أمعقول أنه لا يوجد في الفصل طالب واحد يعرف الجواب ولاحظت أنهم مترددين .. اختار المعلم واحدا منهم فأجاب إجابة صحيحة بنسبة 80% وانتظرت المعلم أن يشكره على ذلك ويخبره بالنقص الذي لم يكمله وإذا به يقول له يا فاشل أهذا الذي علمتكم إياه ؟ ألم أقل لكم كذا وكذا ؟ أنتم كسالى ولا تصلحون للتعليم و... و... عرفت حينها أن جميع الطلاب يعرفون الإجابة ولكنهم لا يجرؤون على الكلام خوفا من التوبيخ
الغريب في الأمر أن هذا الشيخ المسن الفاضل العالم قد تعرض للاعتداء من طالب في الصف الثالث الابتدائي .. نقل على أثرها ثم ألغي عقده بينما حصل هذا الطالب على الترتيب الأول بدرجة امتياز عندما نجح من الصف السادس ولم نعهد عليه تصرفا مثل هذا لا قبله ولا بعده

هل نلوم مثل هذا الطالب ؟ أم نلقي عليه محاضرة في احترام العلم والعلماء أم نبحث عن الخلل في العملية ونصلحه .. طبعا نحن نقر بوجود بعض المشاغبين من الطلاب ولكنهم ولله الحمد قلة .. وحتى هؤلاء المشاغبين لا يمكن أن يعتدوا إلا على من يفتح لهم الباب على نفسه بل أنك تجد منهم احتراما وتقديرا وإجلالا ومهابة لكثير من المعلمين

الحل في نظري يكمن في اختيار المعلم الذي يستطيع التعامل مع طلابه بمهارة وفن وينقل إليهم علمه بحرافة وإتقان ويجعل الطالب حريصا على الاستفادة منه ..ومن هم على شاكلة هذا المعلم كثيرون وكثيرون جدا في كثير من المدارس أما من لم يستطع فليحول إلى عمل آخر لا علاقة له بالطلاب أو بالاحتكاك بهم