مع الشكر للأخ بيبرس على هذا الموضوع الهام وأرى اليوم موضوعا مماثلا في جريدة المدينة للكاتبة ( فاطمة مشهور ) وبعد أربع أيام من مناقشته في منتدى المجالس الينبعاوية بهذا العنوان :


هل تحولت مراسم العزاء إلى مناسبات للتباهي والتفاخر؟

فاطمة مشهور- جدة

انتشرت في الآونة الأخيرة بعض مظاهر المبالغة في مراسم العزاء والمآتم عبر إقامتها في فنادق وقاعات فخمة، وتخصيص السرادقات الضخمة لاستقبال المعزين.

هذه المظاهر هل هي امتداد لسباق التباهي الذي طال كل شيء ،وأصبح سمة بارزة للمجتمعات الاستهلاكية؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه تصرفات شاذة للبعض ولا يرقى ليصبح ظاهرة تستحق التعليق والدراسة؟

المدينة استطلعت عددا من المشاهدات حيال هذه المسألة وأردفت ذلك برأي الشرع وعلم الاجتماع فكان التحقيق التالي:

مرطبات وحلوى

عبدالله هاشم يحكي قصته مع أحد تلك المناسبات فيقول:"توفي أحد أصدقائي فذهبت إلى العزاء وإذا بسرادق كبير وفاخر يقوم عليه عدد من المستخدمين الذين يرتدون ملابس أنيقة وموحدة ويقدمون المرطبات والشاي والقهوة والحلوى،وحين استفسرت عن ذلك قيل لي ان أهل المتوفى تعاقدوا مع مؤسسة خاصة بتقديم هذه الخدمات استفسرت عن ذلك قيل له بأن ذوى المتوفى قد تعاقدوا مع مؤسسة خاصة بتقديم هذه الخدمات وهي مؤسسات تتعلق خدماتها بمثل هذه المناسبات".

عزاء في فندق !

أما ناصر الأحمدي أيضاً فيبدي استغرابه الشديد لقيام البعض بتنظيم مناسبات العزاء وفق مظاهر تنافس مناسبات الزواج والأفراح فيقول:" لا بأس أن يستعين هؤلاء بأشخاص يساعدونهم في مصيبتهم كقيامهم بخدمات وغيرها مثل طلب مساعدة الجيران والأقارب ولكن لا تصل الأمور إلى درجة المظاهر في مثل هذه الظروف الصعبة والمؤلمة لاسيما أن المظاهر مكروهة حتى في حفلات الزواج فهي من الإسراف المذموم وقد نهانا شرعنا الحنيف عنها ويضيف :"بالنسبة لي فقد تعرضت لموقف لازلت أذكره حدث قبل شهرين فقط حينما علمت بوفاة أحد أقاربي – فلما استفسرت عن العزاء قيل لي بأنه مقام في أحد الفنادق الفاخرة ذات الخمسة نجوم . فهل يجوز ذلك؟

عزاء أم عرس ؟

فاطمة المحمادي تقول:"كانت هناك مناسبة عزاء تتعلق بشخص نعرفه انتقل إلى رحمة الله تعالى إثر مرض فطلبت من زوجي أن نذهب للعزاء وكان يقام في حي آخر مجاور للحي الذي نسكنه فلما وصلنا إلى هناك هالنا ما شاهدناه . فقد كان هناك سرادق فاخر – أقيم للرجال وآخر أقيم للنساء وهو أشبه بتلك السرادقات التي تقام فيها الأعراس أو مناسبات الانتخابات وغيرها من المناسبات الرسمية .وفي البداية ترددنا كثيراً في أن يكون هذا الموقع هو موقع العزاء ولكننا شاهدنا ذلك فعلاً ومن الغريب أن الخدمات التي كانت تقدم إلينا في سرادق النساء – كانت من النوع الفندقي ذو الخمسة نجوم حيث كانت هناك مجموعة من المستخدمات المتخصصات اللواتي كن يرتدين أزياء خاصة بالفنادق.

ضرب من الجنون

عدد من الأخصائيات الاجتماعيات يصفن هذه الظاهرة التي بدأت تنتشر في المجتمع وهي المباهاة بمراسيم العزاء – وصفوها بأنها ضرب من الجنون.الأستاذة ليلى الصالح أخصائية اجتماعية وصفت ذلك مستندة إلى المثل القائل ( موت وخراب ديار) فتقول:"لقد بدأت ظاهرة المباهاة في مراسيم العزاء تطفو على السطح وتمثل مشكلة فعلية بعد أن بدأ الجميع يتنافس في هذا المجال وما نخشاه أن تنشأ شركات متخصصة لهذا الغرض – تقوم بتأمين كل شئ بما في ذلك الأجهزة والمعدات والمستخدمين وحتى الباكين !

وتضيف المحمدي إننا مطالبون بالعودة إلى تعاليم ديننا الحنيف لأن فيه مخرج من مثل هذه الممارسات الخاطئة فنتجنب المظاهر الخادعة والخاطئة وقد يكون السبب في ذلك نقص الوازع الديني – فإذا كان الإسلام الحنيف قد حثنا بالابتعاد عن التبذير والإسراف والمباهاة والتفاخر الزائد حتى في حفلات الأعراس فكيف بنا نفعل ذلك في مصائبنا .وتصف هذا السلوك بأنه نوع من الأمراض النفسية التي تصيب صاحبها بالغرور والتعالي – حيث البعض مصاب بالغرور وبالتالي يدفعه هذا السلوك إلى المباهاة في كل مناسباته بما في ذلك الأحزان لا سمح الله .

وتطالب بضرورة تصحيح الوضع والابتعاد عن مثل هذه الممارسات الخاطئة وضرورة تجنبها وذلك بالإقتراب من الله عز وجل والعمل بالتمسك بأهداب شريعتنا الحنيفة السمحاء .

رأى الدين

الدكتورة زينب الحربي –تخصص شريعة تقول عن هذا الموضوع :إذا كان شرعنا الحنيف قد طالبنا بضرورة تجنب الإسراف والتبذير في أمور حياتنا وحثنا على الترشيد ووصف المبذرين بأنهم أخواناً للشياطين – وحث على التمسك بتعاليم شرعنا الحنيف حتى في حفلات الزواج والمناسبات السعيدة والسكن والطعام من ناحية الإسراف وعدم التبذير فكيف بهؤلاء يبالغون في الإسراف على مناسبات العزاء وكأنما هي مناسبات فرح .وتضيف:"إننا مطالبون بالعودة إلى تعاليم ديننا الحنيف وشريعتنا السمحاء في تطبيقات حياتنا بما فيها مراسيم العزاء.لقد حدثتني صديقة لي قائلة أنها تعرف أسرة أقامت مراسيم عزاء لمتوفى لديها استمر لأسبوع منها ثلاثة أيام في أحد الفنادق الفاخرة ذات الخمسة نجوم – ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد فقط بل أنها تحتفل سنوياً بذكرى وفاة قريبها هذا فتقيم احتفالاً خاصاً بذلك في أحد الفنادق أو بأحد قصور الأفراح .

وليعلم هؤلاء أن ذلك مخالف لتعاليم ديننا الحنيف ومن هنا لابد من العودة إلى شرعنا الحنيف والتمسك بشريعتنا السمحاء في محاربة هذه الظواهر المشينة ولنترحم على موتانا وبدلاً من أن نغدق في هذه المناسبات المؤلمة لنحيلها إلى ما يشبه الأعراس والحفلات فلنستبدل ذلك بالصدقات على المحتاجين .

تقليعات غريبة

يقول الدكتور محمد النجيمي عضو المجمع الفقهي في المملكة العربية السعودية:في هذا الزمن انتشرت تقليعات غريبة الشأن في المجتمع أبعدت البعض منا عن تعاليم ديننا الحنيف ومن تلك المظاهر الغريبة ما يحدث خلال مراسيم العزاء – حيث نشاهد البعض يقيم السرادقات الفاخرة أو إقامة مراسيم العزاء في قصور الأفراح أو الصالات وكأنما هي مناسبة سعيدة يحتفل بها، وهذا بالطبع مخالف لتعاليم شرعنا الحنيف ولا خلاص من ذلك إلا بالعودة إلى نصوص الشرع الحنيف .

لا بأس من الاستعانة بأي شئ ولكن لا يجوز المبالغة في ذلك إلى حد المباهاة والتفاخر الزائد . فإن كنا ندرك أن ذلك مخالف للشريعة الإسلامية في حال مناسبات الزفاف فكيف هو الحال بالنسبة لمناسبة حزينة مثل المآتم والعزاء.