( 1 - 3 )
أشار إلي هذا الموضوع بداية أخي المشرف عيد سعيد ،
وقد أثار فضولنا فكان هذا الموضوع. فشكراً له
[poem=font="Simplified Arabic,5,,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
ألا من مبلغ فتيان فــُهـم = بما لاقيت عند رحابطان
بأني قد لقيت الغول تهوي = بسهب كالصحيفة صحصحان
فقلت لها كلانا نضو أرض = أخو سفر فخلى لي مكاني
فشدة شدة نحوى فأهوت = لها كفـّـى بمصقول يماني
فأضربها بلا دهش فخرت = صريعاً لليدين وللجران [/poem]
فهذا الشاعر الفحل تأبط شراً ( ثابت بن جابر بن سفيان) فقد تخيل هذه الحادثة وأودعها شعره لإبراز شجاعه ، ذكر أنه تعرض لها في موضع يسمى رحابطان وقد وجد الغول فطلب منها المسالمة فأبت فقتلها بثبات وشجاعة وبكل سهوله !! ويصور هذه الحالة ويتساءل عن من يبلغ فتيان فهم بما فعله ، وفهم القبيلة التي ينتمي لها الشاعر. (بتصرف من كتاب " علم المعاني" للدكتور بسيوني فيود) .
وهذا أبو عبيدة صاحب كتاب (مجاز القرآن ) بسبب مسألة تتعلق بالتشبيه إذ سأله سائل في مجلس الفضل بن الربيع عن التشبيه في قوله تعالى ( طلعها كأنه رءوس الشياطين) الصافات65 ، فقال أنما يقع الوعد و الإيعاد بما قد عرف مثله وهذا لم يعرف ، فأجاب أبو عبيدة ، إنما كلم الله تعالى العرب على قدر كلامهم ، أما سمعت قول امرئ القيس :
[poem=font="Simplified Arabic,5,,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
أيـقـتـلـنـي والمشرفى مضاجعي =ومسنونة ُزرقٍ كأنياب أغوالِ[/poem]
وهم لم يروا الغول قط ، ولكنهم لما كان أمر الغول يهولهم أوعدوا به. (بتصرف من كتاب علم البديع ص23 )
السعلاة / نوع من جنس الشياطين تعمل عملها ، قال السهيلي : هو حيوان يتراءى للناس بالنهار ، و يغول بالليل وأكثر ما يوجد بالغياض ، وإذا انفردت السعلاة بإنسان وأمسكته صارت ترقصه ، وتلعب به كما يلعب القط بالفأر ، قال : وربما صادها الذئب وأكلها ، وهي حينئذ ترفع صوتها وتقول: أدركوني فقد أخذني الذئب ، وربما قالت : من ينقذني منه وله ألف دينار ، وأهل تلك الناحية يعرفون ذلك فلا يلتفتون إلي كلامها. كتاب المستطرف ج2ص193
عندما تقول السعلية ( أدركوني فقد أخذني الذئب) لماذا أدعي أنها قالت الذئب؟
العرب تقول أن الذئب لا يرمش فيراها ولا تختفي عنه فيدركها !! أما الكلب – أعزكم العزيز– فإنه يراها ولكنه ما أن يرمش حتى تضيع منه !!.
يغلب على ظني أننا نطلق أسم ( الهول ) على الوصف الذي جاء به السهيلي ، أما السعلاة حسب ما رسخ لدى الناس أنها امرأة تأكل البشر والسعر له نفس حالها و الغول كذا.
موضوعنا النفي بأن الحيوان المصور هو السعلاة ولو قيل أنه هول لكان رأي آخر .
وسمعتم وسمعنا كثيراً عن قصص الهيلان في ينبع سواء الشرم أو العقدة أو في عدد من أودية ينبع النخل أو في المرخية أو الهيئة الملكية في الجابرية ، لا نجزم بصحتها ولا ننفيها ؟
لا ننس أن الشيطان - خزاه الله - يمتثل على كل شكل ويأتي بأي صورة كما يوسوس لبنى آدم ، ولا تخفي القصة ، فعندما أتفق كبار المشركين الاجتماع للنظر في موقف ضد الرسول ،أجمعوا لذلك واتعدوا أن يدخلوا في دار الندوة ليتشاوروا فيها في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم غدوا في اليوم الذي اتعدوا له وكان ذلك اليوم يسمى يوم الزحمة فاعترضهم إبليس في هيئة شيخ جليل ، عليه بتلة فوقف على باب الدار فلما رأوه واقفا على بابها ، قالوا : من الشيخ ؟ قال شيخ من أهل نجد سمع بالذي اتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون وعسى أن لا يعدمكم منه رأيا ونصحا ، قالوا : أجل فادخل فدخل معهم وقد اجتمع فيها أشراف قريش ، الخ ما ورد في السيرة ...
فمما ورد يقودنا القول إلي أن مثل هذه الغول والسعلاه والسعر ونحوها لهي لها منذ القدم قصص ، إذ يخـيّـل في نفوس الناس أن هناك مثل هذه المخلوقات القوية والخطيرة والخارقة، فأودعوا عددا من المواقف والروايات شعرهم ونثرهم ،مكمن ذكرها إبراز شجاعة أو تخويف أو تسلية أو أغراض أخرى بلاغية وخيالية وشاعرية لا تخفى ، فتواترت ينقلها الأجيال وتـحــسـّـن الألسن ذكرها بإمعان ، فتتلقفها القلوب بلهفة ، فتشوق كل سامع وتشد كل قارئ ، ويذكرها كل صبى ، فاستقرت في عقول البشرية ، فورثوها ولن تزول!.
صعب ، بل أصعب الصعاب أن تقنع أحداً من كبار السن أنها روايات ليس لها مع الحقيقة واصلة ، ولو حاولت لـدّآرئت معهم ، فعاشوا أزماناً يتناقلون ويسمرون على مثلها ويوقنون بها أيما إيقان فأنى لك أن تزحزحها من عقولهم!.
يا إخوان كم من السعالى بيننا ولجوا مجتمعنا لا نستطيع أن نميزهم فهم على شكل البشر ، ومثلنا يأكلون ويشربون، إندمجوا في المجتمع نراهم فلا نميزهم فلا لهم أمارات ، يسيحون هنا وهناك ، كل منهم له إختصاصه ، فسعالي سيارات ، وسعالي أراضى وعقار ، وسعالي كفالات ، وسعالي أسهم ، وكل يغنى لسعليه !! مع كامل الاعتذار للسعلية على التشبيه!!
ما يهمنا من هذا كله أن المسلم يجب عليه الحرص ، كل الحرص المحافظة على الأذكار في الصباح والمساء وفي كل حين ووقت ومكان فهي بعون الله الحافظ له من كل شر.
يـــتـــبـــع
المفضلات