( 2 )




أوغل كثيرا في الصحراء ..
والهم الذي ساورني أصبح متفاقما كلما دخلنا أكثر ..
الصحراء في الصيف تأخذ إجازة طويلة .. وتنام .. بعد أن تكون قد تبرأت من كل شيء ..
الأغنية تزداد صخبا ..
ما ذا يريد في الصحراء ؟
ماذا يريد أن يفعل ؟
لا .. لا ..
حمود إنسان محترم ..
منذ تعرفت عليه وهو لا يؤذيني بشيء ..
بل إنه يحاول إسعادي في كل شيء ..
لأرى ..
وصلنا شجرة كبيرة في واد صغير ..
لحظات سريعة محتدمة ..
وجهه يقترب من وجهي ..
هجم علي !
ابتعدت بسرعة ..
هل هو يمزح ؟
هل هو حمود ؟
صارحني بما يريد ..
ورفضت بشدة ..
كان متوددا أول الأمر .. وحينما رأى رفضي الشديد .. تحول إلى شيطان مارد ..
نعم .. الإنسان تحت تلك الشجرة تحول إلى شيطان .. شيطان ضخم وبذيء ..
كل شيء توقعت حدوثه غير الذي حدث ..
كان عمري أصغر من أن يحتمل موقفا كبيرا كهذا ..
الصحراء خالية ..
دافعت بشدة ..
هل أستطيع الهرب ؟
اختطاف ؟
صورة الإختطاف في نظري مرتبطة بما يحدث في الأفلام فقط !
قبض سريع .. توثيق الأطراف .. ربط الفم .. ومحاولة جادة في الهرب للمختطف ..
هل أنا مختطف الآن ؟
الذءب يعوي بلا رحمة ..
الفريسة تتلوى بين المخالب ..
صور متداخلة .. كلها بشعة ..
رأيت مسدسا .. وسمعت فحيحا ..
و رأيت وجها مكفهرا ..
ورأيت أشياء قبيحة لايحتملها بشر ..
عندما عدنا ..
كنت صامتا طوال الطريق .. ولكن صدري يضج بالصراخ ..
صرخات القرف .. واللوم .. والتأنيب .. والقهر .. والبكاء ..
كنت متأثرا جدا ..
وعندما دخلت البيت رن هاتف الجوال برسالة من حمود : (إذا علم أحد بما حصل فإنك ستندم ) !!
فهمت منها أنه سيترك الأمر سرا بيني وبينه ..
قطعت على نفسي بأن أنهي العلاقة مع هذا الشيطان الوقح .. وأن أطوي صدري على الشوك ..
مرارة الموقف كانت قاسية جدا ..
لو قدر لي أن أتحدث للشباب الذين هم في مثل عمري لقلت لهم : إياكم وأول الطريق ..
السيجارة الأولى .. سأجرب ..
الركوب الأول .. سأجرب ..
الرحلة الأولى .. سأجرب ..
السهرة الأولى .. سأجرب ..
الحبة الأولى .. سأجرب ..
لاتجرب ..
الناس في آخر الطريق يصيحون بك : لاتجرب ..
ليس في هذه الطرق تجارب ..
التجارب هنا تعني أشياء كثيرة من الهم والأرق والبؤس والقضبان والمرض
وإذا حصل لك وخطوت الخطوة الأولى فعد من أول الطريق
سألني خالد : كأنك لاتحب الذهاب معي أنا وحمود ؟
اكتفيت بهز رأسي ..
خلال ذلك الأسبوع كنت متوترا إلى أبعد الحدود ..
في البيت .. في الفصل .. في الشارع ..
لم يكن الوضع طبيعيا بالنسبة لي ..
وفي آخر الأسبوع رن الهاتف برسالة من حمود : ( انتظرني بعد العشاء )
ماذا يريد هذا المجرم ؟
تركت الرد على رسالته ..
وعزمت على نسيانها .. ونسيانه ..
وبعد العشاء .. اتصل بي فلم أرد عليه ..
اتصل أخرى .. وثالثة .. فلم أرد ..
رن جوالي برسالة وسائط ..
وحين فتحتها ..
صعقت ..
أصبت بالدوار ..
الغثيان يعصف بي ..
تهاويت ..
رن هاتفي برسالة وسائط أخرى ..
وثالثة ..
عندما فتحتها جميعا تمتمت بلا وعي .. مجرم .. وقح .. حقير ..
صورتي عاريا عند سيارته ومن خلفها الشجرة وأنا أجمع ملابسي ..
صورة أخرى وأنا ألبس ..
وصورة ثالثة قبيحة ..
ضربات قلبي تزداد ..
الدنيا من حولي تحولت إلى دوائر سوداء قاتمة ..
ورن هاتفي برسالة من حمود : ( أنا عند الباب ) !!



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ

رويدكم علي .. فكتابة القصص بهذا السرد ليست بالأمر الهين
وسأكمل القصة حتى آخرها إن شاء الله





.