قوله تعالى: «و سخرنا مع داود الجبال يسبحن و الطير و كنا فاعلين» التسخير هو تذليل الشيء بحيث يكون عمله على ما هو عليه في سبيل مقاصد المسخر - بكسر الخاء - و هذا غير الإجبار و الإكراه و القسر فإن الفاعل فيها خارج عن مقتضى اختياره أو طبعه بخلاف الفاعل المسخر - بفتح الخاء - فإنه جار على مقتضى طبعه و اختياره كما أن إحراق الإنسان الحطب بالنار فعل تسخيري من النار و ليست بمقسورة و كذا فعل الأجير لمؤجره فعل تسخيري من الأجير و ليس بمجبر و لا مكره.
و من هنا يظهر أن معنى تسخير الجبال و الطير مع داود يسبحن معه أن لهما تسبيحا في نفسهما و تسخيرهما أن يسبحن مع داود بمواطاة تسبيحه فقوله: «يسبحن» بيان لقوله: «و سخرنا مع داود» و قوله: «و الطير» معطوف على الجبال.