الشيخ / عبد الحميد متابع لآخر المستجدات التي تحدث بين ظهرانينا
وقبل فترة ظهرت في وسائل الإعلام ما يسمى بـ (المذاهب الثمانية ) ؛؛ وذلك على خلفية
ما يـُطرح من موضوعات في أروقة جلسات الحوار الوطني.
وقد قرأت للشيخ / عبد الحميد مقالا ضمن مقالاته التي ينشرها على شبكة الإنترنت يوضح
فيه ملابسات بعض هذه المسميات ..وإليكم نص المقال :


المذاهب الثمانية
في الوقت الذي نجح فيه علماء الإسلام السلفيين إلى حد كبير في رد الأمة إلى معينها الصافي الكتاب والسنة وكذلك حققوا نجاحاً كبيراً في التضييق على أهل التعصب المذهبي والجمود الفقهي ، حتى غدا هؤلاء الجامدون لا قيمة لهم عند الشباب الإسلامي بل إن شباب المسلمين اليوم لا يقبلون إلا مذهب الكتاب والسنة ، ومع ذلك فقد ظهرت نعرة جديدة وغريبة ومريبة حيث صرنا نسمع : المذاهب الثمانية ويقصد بها المذاهب الأربعة المعروفة عند أهل السنة بالإضافة إلى أربعة مذاهب أخرى منها المذهب الإمامي المعتمد عن الرافضة والمذهب الإباضي المعتمد عند طائفة الإباضيين الخوارج القائلين بخلق القرآن وهكذا أصبحنا في حالة تذكر بالمثل العامي عند أهل الشام : كنا تحت المطر فصرنا تحت الميزاب ! فمن الذي وسع الدائرة وكيف تسربت مذاهب أهل البدع ومن الذي أعطها حق الدخول في المذاهب السنية ، وكيف حدث هذا وفي أي وقت حدث ؟ إنها نكسة أصابت مدارس الفقه الإسلامي بل إنها خيانة لهذا الفقه . هذه هي آفة التعصب المذهبي والتفرقة التي ما أنزل الله بها من سلطان . وأظن ــ والله أعلم ــ أن السبب الحامل لهؤلاء في إدخال مذاهب أهل البدع في دائرة الفقه هو غياب العقيدة الصحيحة عند هؤلاء فاختلافهم في العقيدة والمنهج أدى بهم إلى هذا الانحطاط والرضى بأهل الأهواء وكأن مدارس الفقه السنى التي بحاجة إلى أراء المبتدعة فهؤلاء الذين ينعقون اليوم بالمذاهب الثمانية إما أنهم من الفقهاء الجامدين على المذهب دون النظر في الدليل والغالب على هؤلاء البرود وضعف الغيرة على العقيدة الإسلامية بل كثير منهم يحارب العقيدة ويعادي أصحاب المعتقد الصحيح وينبزهم بالوهابية فلا عجب أن يفتح هؤلاء الأبواب لأصحاب البدع كالرافضة والإباضية وأمثالهم . وإما أن يكون هؤلاء ــ أعني دعاة المذاهب الثمانية ــ من الدكاترة والأساتذة الذين تربوا في محاضن جماعة الإخوان المسلمين ومعلوم أن جماعة الإخوان المسلمين ليست من أصولها معادات أهل البدع ولا تربي أتباعها على هذا المنهج السلفي . بل ترى في صفوفهم السني و الصوفى والرافضي والإباضي والقبوري والأشعري والعقلاني بل حتى النصراني . فمن تربى في محاضن هذه الجماعة أو مثيلاتها من الجماعات الأخرى ثم ( تدكتر ) في الشريعة لا يستغرب منه ولا يستنكر عليه الدعوة إلى المذاهب الثمانية ! وقد يكون هؤلاء الدعاة إلى المذاهب الثمانية بعض مشايخ السوء الذين يريدون إرضاء الحكام والمسئولين في بعض البلاد ، ومعلوم أن السياسة تقتضي أحيانا مثل هذه المرونة ! والمقصود أن كل من دعا إلى ما يسمى اليوم بالمذاهب الثمانية أو رضي به فهو منحرف إما في عقيدته وإما في منهجه وإما في ديانته وأمانته ، وأما العلماء الربانيون دعاة الكتاب والسنة وإتباع السلف الصالح فهم لا يرضون بالتقوقع في الأربعة فضلاً عن الثمانية ، ولا يرضون إلا بالاثنين : الكتاب والسنة ويقيدون ذلك بفهم السلف الصالح ، ولا خلاص ولا نجاة لهذه الأمة إلا بهذا المنهج الذي كان عليه أسلافنا . وأخيراً : أقول لدعاة الثمانية إن ثمانية قرون جاهد فيها علماء السنة حتى تخلصوا من أربعة محارب كانت منصوبة عند الكعبة المشرفة ! فكم سنحتاج من القرون لو تضاعفت ـ لا قدر الله ـ من أربعة إلى ثمانية !
الجمعة 27 / 5 / 1427 هـ