تعتبر مدينة ينبع من أقدم المدن التي اهتمت بصناعة السفن وصيانتها وبيعها وتصديرها وقد برز في هذا الجانب كثير من الصناع لعلنا نذكر منهم العم عرفة المعلم والعم خليل أبو جبل والعم عواد السويقي والعم معوض مرباص وكثير غيرهم من الصناع المهرة الذين يقصدهم مريدو هذه الصناعة من مختلف الدول .. وكانت صناعة قائمة لها شأنها وأنتجت الكثير من السفن التي ما زال بعضها موجودا وشاهدا على ذلك العصر الجميل .
وعندما ينشأ مثل هذا المصنع العملاق في هذه المدينة فإنما هو امتداد لصناعة قائمة وبعث لتاريخ زاخر ، وقد أحسن القائمون عليه صنعا في هذا الاختيار نظرا للموقع الجغرافي والبعد التاريخي .. أما لفتة الأستاذ عواد محمود الصبحي رئيس لجنة أصدقاء التراث بينبع في حفل افتتاح المصنع المتمثلة في عرض صور ونماذج لبعض السفن القديمة التي كانت تبحر قديما بين ينبع والسويس وينبع ومصوع وينبع وعدن ، وعرض بعض صناع هذه السفن القدامى ( العم معوض مرباص ) وقيامه بتعريف المحتفلين بهذه الصناعة بأساليبها التقليدية فقد كانت بحق لفتة رائعة ساهمت في ربط الماضي بالحاضر بطريقة مباشرة وأعطت الحضور فكرة متكاملة عن هذه الصناعة وأولوية مدينة ينبع بها مما يبعث على الفخر بهؤلاء الأجداد الذين سلموا هذه الصناعة للأحفاد وأوكلوا إليهم مهمة استمرارها وتطويرها ، كما سوف يفعل أبناء ناصر المكيرش وشركاؤه الكرام في هذا المصنع العملاق والذي أقترح عليهم من باب الوفاء أن يجعلوا لهؤلاء الأجداد حين ظهور المصنع إلى النور ذكرا بإبراز بعض من نماذج صناعاتهم وصورهم وسيرهم الذاتية بل وأولوية في توظيف أبنائهم لينشأ هذا المصنع العملاق وقد استند على أرضية صلبة من التاريخ العريق والوفاء الجميل وليكون ذلك جزءا من تاريخ المشروع

أما الحديث عن المصنع وهو يضم دائرة بناء السفن ودائرة اصلاح السفن والدائرة الهندسية والفنية و دوائر تطوير الاعمال والعقود الادارية والمالية والسلامة والصحة والبيئة، والبحوث والتطوير ، وورش الصيانة الميكانيكية وتصنيع وتركيب المواسير والوصلات والورش الكهربائية ولف الموتورات وإصلاحها وورش الجلفنة والطلاء الكهربائي.. فإنه حديث ناقص لا يمكن أن نوفيه حقه من الإحاطة والشمول فهو مشاريع عدة ومصانع عدة وإدارات عدة وكلها تصب في مصلحة الوطن و ريعها لصالح المواطن مما يدفعنا إلى زف البشرى لشباب هذا الوطن بمستقبل مشرق وغد واعد إن شاء الله

ولا شك أن القائمين على هذا المشروع قد استشرفوا هذا المستقبل واحتاطوا لهذا الأمر .. بإعداد الشباب للمرحلة القادمة عن طريق الاستقطاب والتهيئة والتدريب ولكننا من باب المساهمة والتذكير نتمنى أن يتم الإعداد لذلك منذ الآن بحيث لا ينتهي المصنع إلا والعاملون به جاهزون لتشغيله إما عن طريق افتتاح معهد خاص بالتدريب يلحق بالمصنع ويلتحق به الطلاب من الآن أو بطلب فتح هذه التخصصات في كلية ينبع الصناعية واعتبار الدارسين لهذه التخصصات موظفين وبهذا يحقق هذا المشروع الاكتفاء الذاتي من الكوادر الوطنية ويساهم في تنمية القوى البشرية

نسأل الله أن يبارك في هذا المشروع ، وأن تتحقق منه الفائدة المرجوة مع خالص الشكر لرواد هذه الصناعة قديما وحديثا