من احزان الشاعر : فاروق جويده

لَــــــو انـــنـــا لــــــم نــفــتـــرق

لــــــو انـــنـــا لــــــم نــفــتـــرق

لبـقـيـتُ نـجـمـاً فــــي سـمـائــكِ ســاريــاً

و تـركــتُ عُـمــري فـــي لهـيـبـكِ يـحـتــرقْ

لــو انـنـي سـافــرتُ فـــي قـمــمِ الـسَـحـابْ

و عـــدتُ نـهــراً فـــي ربــوعــكِ يـنـطـلـقْ

لكنّـهـا الاحــلام تنثـرنـا سـرابـاً فـــي الـمَــدى

و تـظــلُّ ســـرّاً فـــي الـجَـوانــحِ يـخـتـنـقْ

***

كـانــتْ خـطـانـا فــــي ذهــــولٍ تـبـتـعـدْ

و تــــشــــدّنــــا أشــــواقــــنـــــا

فـنـعــودُ نـمـسِــكُ بـالـطـريــقِ الـمُـرتـعِــدْ

تلقـي بنـا اللحـظـات فــي صـخَـب الـزحـام كأنـنـا

جــســـدٌ تــنــاثَــرَ فــــــي جَـــسَـــدْ

جـســدانِ فـــي جـســدٍ نـسـيــر و حـولـنــا

كانت وجوه الناس تجـري كالريـاحْ فـلا نـرى منهـم أحـدْ

ما زلتُ أذكرُ عندما جاءَ الرحيلْ و صـاحَ فـي عينـي الأرقْ

و تعثّـرتْ انفاسنـا بيـن الضلـوع و عـادَ يشطرنـا القلـقْ

و رأيـــــتُ عُــمـــري فـــــي يــدَيـــكِ

ريـــــــاح صــــيــــفٍ عــــابــــثٍ

و رمــــاد احــــلامٍ و شـيـئــاً مـــــن ورقْ

هـــذا أنـــا ... عُـمــري ورَق ... حـلـمـي وَرَقْ

طفـلٌ صغيـرٌ فـي جحيـم الـمـوت حـاصَـرَه الـغَـرَقْ

ضـوءٌ طريـدٌ فـي عـيـون الافــقِ يطـويـهِ الشَـفَـقْ

نـجــمٌ أضـــاء الـكــون يــومــاً و احــتَــرَقْ

لا تسـألـي العـيـنَ الحزيـنـه كـيـف أدمتـهـا المُـقَـلْ

لا تسـألـي النـجـمَ البعـيـد بــأي ســرٍّ قــد أفَــلْ

مهمـا تـوارى الحلـم فــي عيـنـي و أرّقـنـي الأجَــلْ

مـا زلـتُ ألمـحُ فـي رمـاد العُمـر شيئـاً مــن أمَــلْ

فغـداً ستنبـتُ فــي جبـيـن الافــق نجـمـات عـديـده

و غـدا ستـورقُ فــي ليـالـي الـحـزن ايــام سعـيـده

و غـداً اراكِ علـى المـدى شمسـاً تضـيءُ ظـلامَ ايّامـي

و إنْ كــــــانــــــت بــــعــــيــــده

***

حمـلـتـكِ فـــي ضـجــرِ الـشــوارعِ فـرحـتـي

و الــخــوف يُلـقـيـنـي عــلــى الـطــرقــات

تتمايل الاحلام بين عيوننا و تغيب في صمـت اللقـا نبضاتـي

و الليلُ سكّيرٌ يعانقُ كأسه و يطـوف منتشيـاً علـى الحانـاتِ

و الضوء يسكبُ في العيون بريقه و يهيمُ في خجلٍ على الشرُفاتِ

كـنّــا نـعـانـقُ فــــي الــظــلامِ دمـوعـنــا

و الــــدربُ مـنـفـطـرٌ مـــــن الـعَــبَــراتِ

و توقّفَ الزمنُ المسافرُ في دَمي و تعثّرتْ في لوعـةٍ خطواتـي

و الــوقــتُ يــرتــعُ و الـدقـائــقُ تـخـتـفــي

فــنــطــاردُ الـلـحــظــات بـالـلـحــظــاتِ

ما كنتُ أعرفُ و الرحيلُ يشدّنا ... انّي اودّعُ مُهجتي و حياتـي

ما كانَ خوفي من وداعٍ قد مضى بل كان خوفي من فـراقٍ آتِ

لم يبقَ شيء منذ كان وداعنا غير الجـراح تئـنُّ فـي كلماتـي

لــــــو انـــنـــا لــــــم نــفــتـــرقْ

لبـقـيـتِ فـــي زمــــن الخـطـيـئـةِ تَـوبَـتــي

و جـعـلــتُ وجــهــكِ قِـبـلـتـي و صَــلاتــي

لــــــو انـــنـــا لــــــم نــفــتـــرقْ

لــــــــــــــــــــــــــــــــو

لـــــــــــــــــــــــــو