[poem=font="Simplified Arabic,5,,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
بان الخليط
جرير



بَانَ الخَلِيطُ ولو طُوِّعْتُ ما بَانَا *** وقَطَّعُوا مِنْ حِبَالِ الوَصْلِ أقْرَانَا
حَيِّ المَنَازِلَ إذ لا نَبْتَغِي بَدَلاً *** بالدارِ داراً، ولا الجِيرانِ جِيرانا
قد كنتُ في أَثَرِ الأظْعانِ ذا طَرَبٍ *** مُرَوَّعاً مِنْ حِذارِ البَيْنِ مِحْزانا
يا رُبَّ مُكْتَئِبٍ، لو قد نُعِيتُ لهُ *** باكٍ، وآخَرَ مَسْرورٍ بِمَنْعَانا
لو تَعْلَمينَ الذي نَلْقَى أَوَيْتِ لنا *** أو تَسْمَعِينَ إلى ذي العرشِ شَكْوَانا
كَصَاحِبِ المَوْجِ إذ مَالَتْ سَفِينَتُهُ *** يَدْعُو إلى اللهِ إسْرَاراً وإعْلانا
يا أيُّها الرَّاكِبُ المُزْجي مَطِيَّتُهُ *** بَلِّغْ تَحِيَّتَنا، لُقِّيتَ حُمْلانا
بَلِّغْ رَسَائِلَ عَنَّا خَفَّ مَحْمَلُهَا *** على قَلائِصَ لَمْ يَحْمِلْنَ حِيْرانا
كَيْمَا نَقُولَ -إذا بَلَّغْتَ حَاجَتَنا-: *** أنتَ الأمِينُ، إذا مُسْتَأمَنٌ خَانَا
نُهْدِي السَّلامَ لأهْلِ الغَوْرِ من مَلَحٍ *** هَيْهاتَ مِنْ مَلَحٍ بالغَوْرِ مُهْدَانا
أَحْبِبْ إليَّ بذاكَ الجِزْعِ مَنْزِلَةً *** بالطَّلْحِ طَلْحاً وبالأعطانِ أعْطَانا
يا ليتَ ذا القلبَ لاقَى مَنْ يُعَلِّلَهُ *** أو ساقِياً فَسَقَاهُ اليومَ سُلْوَانا
أو لَيْتَها لَمْ تُعَلِّقْنَا عَلاقَتَها *** ولَمْ يَكُنْ دَاخَلَ الحُبَّ الذي كانا
هَلاَّ تَحَرَّجْتِ مِمَّا تَفْعَلِينَ بِنَا *** يَا أَطْيَبَ النَّاسِ يَوْمَ الدَّجْنِ أَرْدَانَا
قالت: أَلِمَّ بنا إنْ كُنْتَ مُنْطَلِقاً *** ولا إخَالُكَ بَعْدَ اليومِ تَلْقَانَا
يَا طَيْبَ! هَلْ مِنْ مَتَاعٍ تُمْتِعينَ بِهِ *** ضَيْفاً لكمْ بَاكِراً، يَا طَيْبَ، عَجْلانا
ما كُنْتُ أوَّلَ مُشتاقٍ أَخَا طَرَبٍ *** هَاجَتْ لهُ غَدَوَاتُ البَيْنِ أَحْزَانا
يا أُمَّ عَمْرٍو! جَزَاكِ اللهُ مَغْفِرَةً *** رُدِّي عَلَيَّ فُؤَادِي مِثْلَمَا كانا
ألَسْتِ أحْسَنَ مَنْ يَمْشِي عَلَى قَدَمٍ ! *** يا أمْلَحَ الناسِ كُلَّ الناسِ إِنْسَانا
يَلْقَى غَرِيمُكُمُ مِنْ غَيْرِ عُسْرَتِكُمْ *** بالبَذْلِ بُخْلاً وبالإحْسَانِ حِرْمَانا
لا تَأْمَنَنَّ، فإني غَيْرُ آمِنِهِ *** غَدْرَ الخَلِيلِ، إذا ما كانَ أَلْوَانا
قد خُنْتِ مَنْ لَمْ يَكُنْ يَخْشَى خِيَانَتَكُمْ *** ما كُنْتِ أَوَّلَ مَوْثُوقٍ بهِ خَانَا
لقد كَتَمْتُ الهَوَى حَتَّى تَهَيَّمَنِي *** لا أستطيعُ لهذا الحُبِّ كِتْمَانا
كادَ الهَوَى يَوْمَ "سَلْمَانَيْنَ" يَقْتُلُنِي *** وكادَ يَقْتُلُنِي يوماً بِبَيْدَانا
وكادَ يومَ "لِوَى حَوَّاءَ" يَقْتُلُنِي *** لو كُنْتُ مِنْ زَفَرَاتِ البَيْنِ قُرْحَانَا
لا بَارَكَ اللهُ فِيمَنْ كانَ يَحْسِبُكُمْ *** إلاَّ على العهدِ حتى كانَ ما كانا
مِنْ حُبِّكُمْ؛ فاعْلَمِي للحُبِّ مَنْزِلَةً، *** نَهْوَى أمِيْرَكُمُ، لو كانَ يَهْوَانا
لا بارَكَ اللهُ في الدُّنيا إذا انْقَطَعَتْ *** أَسْبَابُ دُنْيَاكِ مِنْ أَسْبَابِ دُنْيَانا
يا أُمَّ عَمْرٍو إنَّ الحُبَّ عَنْ عَرَضٍ *** يُصْبِي الحَلِيمَ ويُبْكِي العَيْنَ أحيانا
ضَنَّتْ بِمَوْرِدَةٍ كانت لنا شَرَعاً *** تَشْفِي صَدَى مُسْتَهَامِ القَلْبِ صَدْيَانا
كيفَ التَّلاقِي ولا بالقَيظِ مَحْضَرُكُمْ *** مِنَّا قَرِيبٌ، ولا مَبْداكِ مَبْدَانا؟
نَهْوَى ثَرَى العِرْقِ إذ لمْ نَلْقَ بَعْدَكُمُ *** كالعِرْقِ عِرْقاً ولا السُّلاَّنِ سُلاَّنا
ما أَحْدَثَ الدَّهْرُ مِمَّا تَعْلَمِينَ لَكُمْ *** للحَبْلِ صُرْماً ولا للعَهْدِ نِسْيَانا
أُبَدِّلَ الليلَ لا تَسْرِي كَوَاكِبُهُ *** أمْ طالَ حتى حَسِبْتُ النَّجْمَ حَيْرَانا
يا رُبَّ عَائِذَةٍ بالغَوْرِ لو شَهِدَتْ *** عَزَّتْ عليها بِدَيْرِ اللُّجِّ شَكْوَانا
إنَّ العُيُونَ التي في طَرْفِهَا حَوَرٌ *** قَتَلْنَنَا ثُمَّ لَمْ يُحْيِينَ قَتْلانا
يَصْرَعْنَ ذا اللُّبِّ حتى لا حَرَاكَ بِهِ *** وَهُنَّ أَضْعَفُ خَلْقِ اللهِ أَرْكَانا
يا رُبَّ غَابِطِنَا لو كانَ يَطْلُبُكُمْ *** لاقى مُبَاعَدَةً مِنْكُمْ وحِرْمَانا
أَرَيْنَهُ المَوْتَ حتى لا حَيَاةَ بِهِ *** قد كان دِنَّكَ قَبْلَ اليومِ أَدْيَانا
طارَ الفُؤَادُ مَعَ الخَوْدِ التي طَرَقَتْ *** في النَّوْمِ طَيِّبَةَ الأَعْطَافِ مِبْدَانا
مَثْلُوجَةَ الرِّيقِ بَعْدَ النَّومِ وَاضِعَةً *** هَمَّ الضَّجِيعِ فلا دُنيا كَدُنْيَانا
تَسْتَافُ بالعَنْبَرِ الهِنْدِيِّ قَاطِعَةً *** عَنْ ذِي مَثَانٍ تَمُجُّ المِسْكَ والبَانَا
ظَنِّي بكم حَسَنٌ من خِبْرَةٍ بِكُمُ *** فلا تكونوا كَمَنْ قد كانَ أَلْوَانا
بِتْنَا تَرَانَا كَأَنَّا مَالِكُونَ لها *** يا ليتَهَا صَدَّقَتْ بالحَقِّ رُؤْيَانا
قالت: تَعَزَّ، فإنَّ القومَ قد جَعَلُوا *** دُونَ الزِّيَارَةِ أَبْوَاباً وخُزَّانا
لمَّا تَبَيَّنْتُ أَنْ قد حِيْلَ دُوْنَهُمُ *** ظَلَّتْ عَسَاكِرُ مِثْلُ المَوْتِ تَغْشَانا
ماذا لَقِيْتُ مِنَ الأَظْعَانِ يَوْمَ قَنًى *** يَتْبَعْنَ مُغْتَرِباً بالبَيْنِ ظَعَّانا
أَتْبَعْتُهُمْ مُقْلَةً إنسانُها غَرِقٌ *** هَلْ يا تُرَى تَارِكٌ للعَيْنِ إنْسَانا؟
كَأَنَّ أَحْدَاجَهُمْ تُحْدَى مُقَفِّيَةً *** نَخْلٌ بِمَلْهَمَ، أو نَخْلٌ بِقُرَّانا
يا أُمَّ عَمْرٍو! ما تَلْقَى رَوَاحِلُنا *** لو قِسْتِ مُصْبَحَنا مِنْ حَيْثُ مُمْسَانا
يا حَبَّذا جَبَلُ الرَّيَّانِ مِنْ جَبَلٍ! *** وَحَبَّذا سَاكِنُ الرَّيَّانِ مَنْ كَانا
وحَبَّذا نَفَحَاتٌ مِنْ يَمَانِيَةٍ *** تَأْتِيكَ مِنْ قِبَلِ الرَّيَّانِ أَحْيَانا
هَبَّتْ شَمَالاً فَذِكْرَى ما ذَكَرْتُكُمُ *** عِنْدَ الصَّفَاةِ التي شَرْقِيَّ حَوْرَانا
هَلْ يَرْجِعَنَّ، وَلَيْسَ الدَّهْرُ مُرْتَجِعاً *** عَيْشٌ بها طَالَمَا احْلَوْلَى ومَا لانا
أَزْمَانَ يَدْعُونَنِي الشَّيْطَانَ مِنْ غَزَلِي *** وَكُنَّ يَهْوَيْنَنِي إذ كُنْتُ شَيْطَانا
مَنْ ذا الذي ظَلَّ يَغْلِي أَنْ أَزُورَكُمُ *** أَمْسَى عَلَيْهِ مَلِيكُ الناسِ غَضْبَانا[/poem]