نعم أخي الحبيب / الشاهين
لو كانت هذه الآثار في مكان آخر فلربما لم تأخذ حقها من الرعاية والاهتمام والذي وظفته الحكومة الأسبانية لصالحها لتكون ثاني دولة من حيث مدخولات السياحة بعد الولايات المتحدة الأمريكية , سابقةً جارتها فرنسا التي تحتل المركز الثالث.
ولكن يجب علينا العودة إلى الوراء , إلى ما بعد سقوط قرطبة في القرن الثالث عشر الميلادي (السابع الهجري ) ثم إلى ما بعد سقوط غرناطة آخر معاقل المسلمين في الأندلس التي سقطت في القرن الخامس عشر الميلادي ( التاسع الهجري ) ,عندما كانت أوروبا غارقة في غياهب العصور الوسطى تقبع في الظلام والجهل والإنحطاط , عندما بادرت إلى محي الثقافة الإسلامية بكل ما أوتيت من قوة , فهدمت المساجد وحولت مآذنها إلى أبراج لنواقيس الكنائس ومحت ما استطاعت عليه من علم المسلمين بل وأحرقت المكتبات.
كان في قرطبة وحدها 3877 مسجداً وقيل 1600 مسجد ولم يبقى منها سوى جامع قرطبة , لحصانة بناءه وروعة تصميمه الذي لم يسلم من التشويه حيث هدم جزء مهم فيه وبنيت مكانه كاتدرائية تقع تماماً في قلبه وشوهت مئذنته وبني حولها بناء يضم أجراس الكنيسة.
ولكن عندما تنبهت الحكومة الأسبانية إلى أهمية هذه الآثار الاقتصادية بادرت بترميمها وإعلانها أثرا قومياً بل شرعت في بناء تماثيل للعلماء العرب والمسلمين كابن حزم وابن رشد والطبيب محمد الغافقي وغيرهم تزين بها ميادين مدنها , حتى أن الثقافة التاريخية ارتفعت وتنورت لدى مواطنيها فقد تودد إلي أحد الأسبان مبتهجاً بمقابلة أحد أبناء العرب مبدياً سعادته بإدخال اللغة العربية كمادة اختيارية في التعليم العام واستعداده لتعلمها على نفقته.
شكراً أخي الشاهين على تشريفك لموضوعي , والمقارنة واردة جداً و دائماً ما تدور في ذهني , لما أرى من إهمال واضح للمعالم الأثرية لدينا.
المفضلات