في بعض الأحايين التي أشعر فيها بخيبة الأمل والصدمة عندما أحاول توصيل أفكارى ومشاعري فاجد أنها تقابل بعدم الفهم أو سوءه . مما يجعلني اشك في قدرتي على التوصيل وأعقد العزم على أن أحتفظ بأفكاري لنفسي وألا أعود لإفهام ينالني منه سوء عاقبة أو سوء ظن لأن من أسوأ الأمور أن تخاطب من لا يفهمك أو يشكك في نواياك .
يخرج لي من وسط ركام اليأس مقال كهذا الذي كتبه المثقف الأنيق ( ينبع اليوم ) أوالمقال الذي سبقه ( إنني إنسان ) بما يبعث الاطمئنان ويعيد الأمل بأن الدنيا ماتزال بخير وأن الأفكار متقاربة بين الكثير من الخيرين .. ولقد استفدت من مقاله السابق واعتبرته أحد الدروس القيمة في البرمجة العصبية اللغوية التي يجب علي أن أطبقها لأعيش بسلام واطمئنان وهناك الكثير من الأعضاء على نفس المنوال نحمد الله على أن عرفنا بهم واطلعنا على أفكارهم منهم من استشهد بهم الأستاذ ( ينبع اليوم ) سعد المجالس وأبو ثامر ومنهم من يخرج لنا بالكلمة الطيبة والنصيحة الخالصة كلما ادلهم خطب أو جار زمن أو خان صديق
ولا أستطيع حصرهم فهم كثير أسأل الله أن يبارك فيهم ويسدد خطاهم
وهذا الموضوع صادف هوى في نفسي ورغبة في الفضفضة لأنه مس دون قصد قضية أصدقاء لنا كنا ننزلهم في الشغاف من قلوبنا ونحمل لهم من الود والتقدير الشئ الكثير لم يشب علاقتنا معهم أي شائبة ولم يعكرها أي معكر إلا ما كان من اختلاف في الرأي الذي قالوا أنه لا يفسد للود قضية
كنا معهم في السراء والضراء وكنا معهم في الخير والشر ولم نختلف إلا في رؤيتنا لبعض الأمور القابلة للتقريب .. نحن نرى أن من النقاش ينبثق النور وأننا يجب أن نفسح المجال لمزيد من الحوار حتى يتضح الحق .. وكانوا يقولون لنا أي حق تريدونه أن يتضح ؟ الحق معنا فقط .. احذفوا هذا الموضوع فورا واشطبوا هذا العضو دون مراجعة ..
وغاب عنهم أن من يملك الحق لا بد أن يملك القدرة على الدفاع عنه لا الهروب منه والحق أحق أن يتبع وأن أي حق سيتضح سيكون لديننا وثوابتنا فيه النصيب الكبير فلم الخوف ؟ ..
كنا نستغرب منهم هذا الإقصاء ونقول لهم ما هكذا تورد الإبل فالإسلام لم ينه عن الجدال وإنما أمر به حيث قال : "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" وقال : " قل هاتوا برهانكم " ، والله عز وجل لم يأمر نبيه موسى عليه السلام بترك سحرة فرعون والابتعاد عنهم وإنما قال له : " وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى "
أما منهج الإقصاء والهروب فهو منهج الكفار فاقدي الحجة والبرهان الذين قالوا : "لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون " وللكفار العذر في ذلك فهم يعلمون أن القرآن غالب غير مغلوب ولذلك يأمرون أنصارهم بعدم السماع أما المسلم الذي يمشي على المحجة البيضاء فما الذي يمنعه من إظهار الحق إن تهيأ له أو الاستعانة بمن هو أقدر منه على تجليته
ولم نكن نتخيل أن اختلافا طبيعيا كهذا سيجعلهم يناصبوننا العداء ويبادروننا بالشتائم التي ما زلنا نستغربها إلى اليوم فما عهدناهم بهذا الخلق وما علمنا عنهم إلا كل خير والأمر لا يستدعي كل هذا فبيننا من الصداقة ما ينبغي أن نحافظ على عراها متينة حتى لودب بيننا خلاف والحكمة تقتضي هذا يقول المثل :
أحبب حبيبك هوناً ما فعسى أن يكون خصيمك يوماً ما. وابغض خصيمك هوناً ما فعسى أن يكون حبيبك يوماً ما
ولا يجب على الصديق أن يسرف على نفسه في حال الرضا أو الغضب فلكل من الحالتين نهاية
ولكننا للأسف الشديد لم نلحظ هذه الحكمة في تصرفاتهم فقد صعدوا الأمر إلى أعلى المستويات واستعدوا علينا السلطات ورفعوا الأمر للقضاة واصدروا أحكامهم على الملأ بأننا قوم خارجون عن الإسلام معادون للصالحين من عباد الله وأن منتدانا سيغلق وأننا سنسجن ونجلد !!
ولم يدر بخلدهم أن تهمة المروق من الإسلام تهمة عظيمة نربأ بهم أن يقعوا في حبائلها ونشفق عليهم منها وظللنا متمسكين برباطة جأشنا وبما بقي في ذاكرتنا من أواصر الصداقة والأخوة التي عشناها ..والحمد لله أنهم عادوا أخيرا وقالوا أننا عدنا إلى الإسلام وأننا تبنا وأنبنا !!
هم أخرجونا سامحهم الله وهم أعادونا جزاهم الله خيرا ولله في خلقه شؤون !
ياإخوان لا يوجد في الدنيا أسوأ من تضخيم الذات ، و الإدعاء بأنني صالح والبقية فاسدون . وأنني مكلف بإصلاح الخلق هذه لم تكن حتى للرسول صلى الله عليه وسلم
فقد قال له الله عز وجل : (ليس عليك هداهم ولكن الله يهدى من يشاء) وقال له : ( إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله بهدى من يشاء ) وقال ( ما عليك من حسابهم من شىء وما من حسابك عليهم من شىء ) وقال : (وما جعلناك عليهم وكيلا)
فكيف يظن العبد الضعيف الممتلئ بالنقائص والعيوب والذنوب أنه وكيل على خلق الله وأنه مكلف بإصلاحهم ؟
بل كيف يكون الإصلاح ؟ هل هو بالشكاية والسباب والشتيمة ؟
على أية حال .. هي مرحلة أراد الله بها أن يمتحن قلوبنا وأن يختبر صبرنا ، و يعرفنا على أصدقائنا وقد استفدنا منها وخرجنا بما يجعلنا أصلب عودا وأكثر قدرة على تحمل الإساءات وما زلنا ماضون في نفس الطريق الذي ارتضيناه لأنفسنا من تعزيز الثقة بالنفس ، والاستمرار على نفس النهج في هذا المنتدى من الحوارات الهادفة والنقاشات المفيدة دون حجر على أحد ودون إقصاء لرأي وسنعتبر المنهج الذي لخصه الأستاذ ( ينبع اليوم ) في مشاركته هذه هو منهجنا ومسيرتنا ومسيرة كل الصادقين مع أنفسهم
وسامح الله كل من أساء إلينا بقصد أو بغير قصد
المفضلات