مدينة الزهراء

مدينة الزهراء، المدينة العامرة في عهد الخليفة الأموي عبد الرحمن الناصر، ثم في عهد ابنه من بعده الحكم المستنصر إلى أن أهملت في عهد هشام المؤيد الذي تولى الخلافة وعمره لم يتجاوز العشر سنوات عندما بنيت مدينة الزاهرة على يد الملك المنصور الذي استبد بالحكم ونقل دواوين الدولة إليها.


تقع مدينة الزهراء على بعد تسعة كيلو متراً شمال غرب قرطبة وتصلها بمدينة قرطبة طريق مرصوفة بالحجارة، وقد شرع الخليفة الناصر في بناءها عام 325هـ وجلب إليها الرخام الأبيض من المرية والرخام المجزع من رية والرخام الوردي والأخضر من اسفاقس وقرطاجنة من إفريقيا، وأسس قصره الخلافي وكان يشتمل على مجالس منها المجلس الشرقي المعروف بالمؤنس، وقد زين بحوض منقوش مذهب جلب من القسطنطينية ونصب عليه اثني عشر تمثالاً من الذهب لأسد بجانبه غزال ثم تمساح ويقابل هذه التماثيل الثلاثة تمثال لثعبان وآخر لعقاب وثالث لفيل، وفي الجانبين تماثيل لحمامة وشاهين وطاووس ودجاجة وديك وحدأة ونسر.


أما المجلس الثاني المسمى بقصر الخلافة فكان سمك جدرانه من القراميد المذهبة والرخام الغليظ في جرمه الصافي في لونه، وكان يتوسط هذا المجلس اليتيمة التي أتحف بها ليون ملك القسطنطينية الخليفة الناصر، وقد نصبت في بركة مملوءة بالزئبق وكان ينفتح في كل جانب من هذا المجلس ثمانية أبواب انعقدت على حنايا من العاج والأبنوس المرصع بالذهب والجوهر، قامت على أعمدة من الرخام الملون والبلور الصافي، وكانت الشمس تتسلل من هذه الأبواب فينعكس شعاعها على جدران المجلس فيحدث من ذلك بريقاً يأخذ الأبصار. عمل في بناء الزهراء عشرة آلاف رجل من العمال وألف وخمسمائة دابة.



تم بناء جامع المدينة في ثمانية وأربعين يوماً، وكان ارتفاع المئذنة أربعين ذراعاً، وقد عدلت القبلة إلى الاتجاه الصحيح بخلاف جامع قرطبة التي انحرفت فيه القبلة إلى الجنوب. اكتمل بناء الزهراء عام 365 هـ في عهد الحكم.


اطلال مدينة الزهراء

خُرّبت مدينة الزهراء ونُهبت على يد الغوغاء والدهماء والعامة بعد سقوط الخلافة. ظلت أطلال الزهراء تتخذ حتى مطلع القرن الماضي محاجر غنية تستخرج منها الأحجار والرخام ومواد البناء, حتى تنبهت الحكومة الأسبانية إلى أهمية هذه المدينة الأثرية فأعلنتها أثراً قومياً ويجري ترميمها ً ببطءٍ شديد.

أما بالنسبة لمدينة الزاهرة فلم يعثر لها على أثر, ويجري التنقيب عنها حالياً.