وهذا رد الامير سلمان بن عبدالعزيز على المقال
الإنسان إذا لم يكن وفياً لمسقط رأسه لا يكون وفياً لوطنه
سلمان بن عبدالعزيز
إشارة إلى مقال الكاتب صالح الشيحي المنشور في صحيفتكم يوم الاثنين الموافق 13/2/1427هـ المعنون بـ(ألسنا سعوديين مثلكم) والذي أشار فيه إلى خبر تضمن قيام أكثر من 30 طبيباً من أبناء محافظة الزلفي بزيارة تطوعية لمستشفى الزلفي العام للاطلاع على الأجهزة والآليات الطبية وانتقاده لهذه الزيارة ولاستقبال محافظ الزلفي لهم. وقول الكاتب إن هناك من يكرِّس المناطقية في وقت نحن أحوج ما نكون فيه للتلاحم والوحدة ونبذ التفرقة. ووصفه هؤلاء الأطباء بأنهم يكرسون المناطقية بأبشع صورها!
في الحقيقية.. الغرابة ليست في تلك الخطوة التي قام بها الأطباء، الغرابة في أن يتم وصف الوفاء والعمل الإنساني الذي قام به هؤلاء الأطباء بتهمة تكريس المناطقية والإقليمية. كما أن الغرابة تكمن في التركيز على هذه النغمة الجديدة وهي نغمة (المناطقية والإقليمية) ليس في مقال الكاتب المشار إليه فحسب، بل في مقالات ومواضيع سبق نشرها في صحيفتكم وهي محفوظة عندي في مكتبي، وأنتم تعلمون عن ذلك وهي أمور تكرس هذا المفهوم الخاطئ، ولسنا نعلم ما هو العيب في هذه الزيارة لهؤلاء الأطباء أو قيام محافظ الزلفي باستقبالهم فبدلاً من أن يتم شكر المحافظ على استقبالهم لما يقدمونه من عمل إنساني ينبع من وفائهم لمسقط رؤوسهم، يرى الكاتب أن يوجه له الانتقاد! هل يتوقع أن يقوم المحافظ بصد من يأتي للمنطقة للقيام بعمل خيري! هل يؤاخذ محافظ الزلفي عندما يستقبل أهل الخير! نحن نعلم أن أي كاتب أو صحفي يرى ملاحظة أو قصوراً في أي منطقة من مناطق المملكة ويكتب عنها وعن احتياجاتها تتجاوب معه الجهات المعنية وتؤخذ في الاعتبار ملاحظاته ونقده لهذه الأجهزة سواء كانت إيجابية أو سلبية.
الكاتب صالح الشيحي ينتقد في مقاله الإقليمية ويعيب على هؤلاء الأطباء زيارتهم لمحافظة الزلفي ثم يقول: لماذا لا يزورون مستشفى عرعر وحفر الباطن وطريف وسكاكا الجوف والقريات، هو هنا يؤكد الإقليمية التي يمقتها من خلال حديثه، وكان الأجدر به أن لا يحددها ولا يقصرها على مدن بعينها دون المدن الأخرى في المملكة إذا كان حقيقة ينتقد الإقليمية والمناطقية.
ومع هذا كله فهل عندما يقوم المواطن بعمل خيري لمسقط رأسه نمنعه من ذلك أو نصفه بالإقليمي والمناطقي؟ أم إن من باب أولى أن نشجعه على عمل الخير، هناك كثيرون في المملكة قاموا بأعمال خيرية وأنشؤوا جمعيات خيرية في مدنهم وقراهم مسقط رؤوسهم وساهم فيها مواطنون من مناطق أخرى من المملكة، هؤلاء يسعون لعمل الخير وتجدهم من كل أبناء المملكة فبلادنا والحمد لله تزخر بمثل هؤلاء الرجال الأوفياء الذين يقومون بعمل إيجابي في جميع المدن والقرى السعودية، ولكن لهم لمسات وفاء متميزة في مدنهم أو قراهم التي ولدوا فيها وتربوا في أحضانها ويقومون بهذه الأعمال الخيرية من باب الوفاء ورد الجميل لمسقط رؤوسهم، هل في ذلك عيب؟! فالإنسان إذا لم يكن وفياً لمسقط رأسه لا يكون وفياً لوطنه، ثم إنه لم يمنع أي مواطن من خدمة مسقط رأسه في أي مكان.
في اعتقادي أن الكاتب لم يوفق في طرحه، ولم توفق الصحيفة في نشر هذا المقال الذي لا يهدف إلا للإثارة وتوجيه التهم للآخرين من غير وجه حق.
إنني أتفهم لو أن الكاتب أثنى على هؤلاء الأطباء وزيارتهم لمسقط رؤوسهم وطلب من الآخرين أن يحذوا حذوهم، فهذا رأي حسن، ولكن أن يهاجمهم ويتهمهم بالإقليمية فهذا غير مقبول إطلاقاً من الكاتب ومن الصحيفة التي أجازت هذا المقال. وددت بهذا إيضاح ذلك ليس دفاعاً عن هؤلاء الأطباء الذين كان باستطاعتهم الرد على الكاتب الذي هاجمهم، ولكن إقحام اسم محافظ الزلفي في الموضوع جعلني أرى أن من واجبي إيضاح هذه الحقائق كون أي محافظ في المملكة من مهامه ومسؤولياته العمل على ما يخدم المحافظة من جميع النواحي بما فيها الشؤون الصحية وكان استقبال محافظ الزلفي لهؤلاء الأطباء جزءاً من مهامه.
بعد هذا كله فإن ردي وإيضاحي لهذا الموضوع ليس دفاعاً عن أحد معين بل دفاع عن الوفاء والعمل الخيري الذي قام به هؤلاء الأطباء، ونسأل الله التوفيق للجميع.
* أمير منطقة الرياض
المفضلات