هنا تتحمل الشركة ورئيس مجلس ادارتها ممدوح إسماعيل ونجله عمرو نائب رئيس مجلس الادارة المسئولية الأولي في عدم الابلاغ عن اختفاء السفينة منذ وقت مبكر من مساء يوم الخميس، وعدم الابلاغ عن غرقها بعد عدم وصولها في الموعد المحدد في الثانية والنصف صباحا، وعدم ابلاغ هيئة الموانئ بغرقها بعد علم عمرو ممدوح إسماعيل بذلك من قائد الباخرة سانت كاترين في السابعة صباحا. وابلاغ اللواء محفوظ طه رئيس هيئة موانئ البحر الأحمر بأن الباخرة مختفية فقط ثم العودة وإبلاغه بغرق الباخرة في السابعة وخمس واربعين دقيقة.. وأيضا رفضه الموافقة علي ارسال لنشين تابعين للشركة للانقاذ .
لماذا رفض قبطان 'سانت كاترين' إنقاذ الضحايا؟ عندما اختفت الباخرة 'السلام 98' وغرقت في الواحدة وعشر دقائق من صباح يوم الجمعة قبل الماضي، كان القبطان صلاح جمعة قائد الباخرة 'سانت كاترين' وهي ايضا إحدي البواخر المملوكة لممدوح إسماعيل كان ينتظر وصول 'السلام 98' التي لم تصل في موعدها في الثانية والنصف صباحا، رغم أن موعد مغادرة سفينته كان في الثانية صباحا. رحلة سانت كاترين كان مقررا لها المغادرة بمجرد وصول الباخرة 'السلام 98'، لم تصل الباخرة في موعدها ولم يشعر هو بأي قلق، فقد كانت المعلومات غائبة عنه، فقط ممدوح إسماعيل ونجله عمرو هما اللذان كانا علي علم بالتطورات من الحرائق وحتي انقطاع الاتصال مع 'السلام 98' .
في هذا الوقت كانت هناك نصائح قد وجهت إلي القبطان صلاح جمعة قائد سانت كاترين بعدم المغامرة والسفر في هذا الموعد، فالأمواج عاتية والرياح شديدة وحياة 1800 شخص يمكن أن تتعرض للخطر، إلا أن تعليمات ممدوح إسماعيل كانت واضحة لابد أن تغادر. لم تصل الباخرة 'السلام 98' في موعدها فاضطرت 'سانت كاترين' إلي المغادرة في نحو الثانية و45 دقيقة باتجاه ميناء 'ضبا'، وكان القبطان يشعر بالخطر وكان الركاب ايضا في قلق شديد نتيجة سوء الأحوال الجوية .
توقع القبطان صلاح جمعة أن يتلقي رسالة من زميله القبطان سمير عمر قائد 'السلام 98' اثناء تقابلهما لضمان المرور الآمن في منطقة الميناء إلا أن ذلك لم يحدث فغادر ميناء سفاجا دون أن يتلقي أي اتصال في المقابل، عاد ليتصل بادارة الشركة إلا أن ممدوح إسماعيل تخوف من ان كشفه لأمر السفينة 'السلام 98' يمكن أي يصيب قائد 'سانت كاترين' بالقلق، فقال له لا تقلق حتما سيعود امض انت في طريقك. بعد ذلك قام القبطان صلاح جمعة بفتح القناة 16 وهي قناة دولية للاتصالات بين السفن إلا انه ظل يوجه نداءاته ولم يتلق أية ردود من قائد الباخرة 'السلام 98'. في السادسة وسبع وخمسين دقيقة فوجئ القبطان صلاح جمعة باستجابة لنداءاته من ضابط ثان العبارة 'السلام 98' والذي كان يصارع الأمواج علي متن قارب انقاذ في البحر، سأله ماذا جري فأجاب الضابط أن السفينة 'السلام 98' غرقت في الواحدة صباحا ونطلب منك انقاذنا .
بعدها قام القبطان صلاح جمعة بالاتصال بعمرو ممدوح إسماعيل نائب رئيس مجلس إدارة الشركة وابلغه بما جري واخبره بغرق السفينة ووفقا لحديث نشرته صحيفة الأهرام يوم الثلاثاء الماضي قال صلاح جمعة حرفيا: 'اجريت اتصالا بادارة شركة السلام وأخبرتهم بغرق السفينة واثناء المكالمة معهم عرفت ان رئيس مجلس ادارة الشركة ممدوح إسماعيل طلب ابلاغي بالمواصلة في رحلتي حتي لا تتحول الكارثة إلي كارثتين
إلي هنا وانتهت واقعة سانت كاترين ودورها الذي تخلت عنه.. ورغم أن هيئة موانئ البحر الأحمر اصدرت قرارا بوقف القبطان عن العمل والتحقيق معه إلا أن موقف القبطان يمثل انتهاكا للقانون وتخليا عن المهمة الانسانية التي كان يتوجب عليه القيام بها وهو بذلك شارك في الجريمة التي وقعت. والقانون هنا يقول إن أي ربان يخفق في عملية المساعدة وكان لديه علم بالاستغاثة وليس لديه اسباب تمنعه أو تعرض سفينته للخطر فهو يكون بذلك قد ارتكب فعلا جنائيا يحاكم عليه. وكان يفترض وفقا للعرف السائد لو كانت هناك اسباب تمنعه أو تعرض سفينته للخطر أن يقف في مكانه ويحول سفينته إلي غرفة عمليات لابلاغ جميع المراكب والموانئ القريبة. وربما لهذا السبب قدم 12 من طاقم البحارة العاملين علي متن العبارة 'سانت كاترين' استقالاتهم بسبب عدم استجابة القبطان لاستغاثة العبارة المنكوبة .
من يحمي صاحب العبارة الغارقة؟!
يبدو أن ممدوح إسماعيل لم يكن شخصا عاديا.. لقد تحول إلي قوة تسيطر وتهيمن يسنده الكبار ويفتحون أمامه الطرق، يكفي القول إنه احتكر خط سفاجا * ضبا وحده، وأصبح له نفوذه الذي يخافه الجميع، بل واختير عضوا بمجلس الشوري بالتعيين، وهو أمر لا يتم إلا لقبطي يتم اختياره أو لشخصية متميزة تضيف إلي المجلس. اختيار ممدوح إسماعيل بالتعيين لعضوية مجلس الشوري يؤكد كل الشائعات التي انطلقت والتي هي أقرب إلي الحقائق، فالرجل استطاع التحايل علي كافة القوانين ونجح، احتكر حجاج القرعة ونجح، حاز علي حصة تبلغ 700 ألف راكب من مجموع حوالي مليون و300 ألف راكب وحده ونجح، بل حتي سفن الشحن أصبح هو وحده المتحكم في عمليات الشحن من داخل خط سفاجا* ضبا
لقد كسب ممدوح إسماعيل مئات الملايين من وراء احتكاره للخطوط وتجاوزه للقوانين، لقد كان يحصل علي ثمن الباخرة فقط في ستة أشهر وكانت نسبة الاشغال لديه دوما 100 % ، لكنه كان يتعمد شراء السفن المتهالكة وعدم الحرص علي أرواح البشر بسبب الإهمال المتعمد والذي عبر عن نفسه أيما تعبير في كارثة السفينة (السلام 98)
لقد ظهرت الأزمة جليا أمام التكدس الحالي الذي يعيشه ميناء سفاجا تحديدا بعد منع بواخر شركة السلام من السفر وقيام السعودية بإعادة الباخرة 'السلام 94' دون ركاب من ميناء ضبا فالدولة لا تستطيع أن تحل الأزمة لأنها باختصار لم تعد تمتلك في ظل الخصخصة سوي مركبين هما (دهب ووادي النيل) وكانت قد قامت بتأجيرهما للقطاع الخاص. لقد تكاتفت مراكز القوي التي تساند ممدوح إسماعيل خلال الساعات القليلة الماضية.. بهدف إجبار هيئة موانئ البحر الأحمر بالسماح لسفن شركة السلام باستمرار رحلاتها، وتمارس حاليا ضغوطا شديدة بل وتهدد بعزل محفوظ طه رئيس هيئة موانئ البحر الأحمر بعد أن رفض التصريح لهذه السفن بالسفر. لقد منح المفتشون صباح الخميس تصريحا لإحدي بواخر ممدوح إسماعيل للسفر علي ذات الخط سفاجا ضبا إلا أن محفوظ طه طلب معرفة الترخيص وطلب مراجعة وضع التريلات في العبارة واختبار الطاقم ومهندس أول السفينة والاتزان الخاص بالسفينة. وعلي الفور بدأت الضغوط من كل اتجاه بهدف إجبار محفوظ طه علي التسليم والسماح لسفن ممدوح إسماعيل بالسفر واستمرار رحلاتها. لقد وصلت إلي مجلس الوزراء برقية موجهة إلي د. أحمد نظيف تقول بالنص: 'بالإضافة إلي جريمة قتل ألف شخص، هيئة موانئ البحر الأحمر توقف الصادرات المصرية بسبب قيامها بمنع سفن السلام من السفر'. قطعا هي وسيلة من وسائل الابتزاز لإرغام كل من يحاول أن يتصدي ويعمل القانون بأن مصيره سيكون الإقالة علي الفور. إن السؤال المطروح الآن بعد كل ما جري: هل يفلت ممدوح إسماعيل وعصابته من العقاب؟ وهل يبقي من ساندوه طلقاء لا يستطيع أحد الاقتراب منهم؟! الحلقة المفقودة.. لماذا لم يستخدم القبطان أجهزة الاستغاثة من المؤكد أن القبطان قد استغاث أكثر من مرة خلال الحرائق المتتالية والتي بدأت منذ العاشرة مساء الخميس وحتي غرق السفينة في الواحدة وعشر دقائق من صباح الجمعة. لقد أكد كثير من الناجين الذين كانوا علي مقربة من القبطان خاصة طاقم السفينة أن القبطان أجري اتصالات عدة عبر تليفون الستالايت مع رئيس مجلس إدارة الشركة ممدوح إسماعيل ونجله عمرو، إلا أن التعليمات كانت واضحة لا تبلغ أحدا، وامض بسفينتك حتي النهاية وستصل بالسلامة. إن الغريب في كل ذلك أن هناك محطات V.T.S تتابع حركات السفن وإن إحداها يوجد علي جبل في ميناء سفاجا ومهمتها متابعة البواخر حتي نهاية وصولها ودور هذه المحطة هو إبلاغ جمع السفن المحيطة لممارسة دورها في عملية الانقاذ وهذا لم يتم إطلاقا كما هو واضح حتي الآن. وهناك جهاز 'إيرب' مرشد الطوارئ اللاسلكي وهو يكون مثبتا علي جانبي السفينة ويتركها بطريقة آلية في في حال غرق السفينة وله بطارية تكفي لمدة 48 ساعة وغير قابل للغرق وهو يرسل إشارات استغاثة إلي الأقمار الصناعية لتبثها إلي محطة الإنقاذ البرية بمجرد ملامسته للماء محددا موقع السفينة واسمها، والسؤال لماذا لم تتلق أي من الجهات المعنية هذه الإشارة باستثناء ما أعلن عن استقبال أحد مراكز لندن لهذه الاستغاثة؟ إن كافة المؤشرات تؤكد أن أجهزة الاستغاثة كانت معطلة، أو أنه لم يستخدمها عامدا متعمدا بفعل التعليمات الصادرة، وفي كل الأحوال فهي جريمة لا تغتفر .
المفضلات