الاكتتاب في ينساب ، . واختبار الورع عن الشـــبهات ...ونصيحة الفوزان


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ...فوا الله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت لمن كان قبلكم فتتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم ) رواه البخاري .

أيها الإخوة الكرام لقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يخشى علينا الفقر ، وإنما الخوف كل الخوف من التنافس في الدنيا حين بسطها ، و قد خشي صلى الله عليه وسلم أن تهلكنا كما أهلكت من كان قبلنا.

وعن أبي عبدالله النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الحلال بيّن والحرام بيّن ، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام ، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ، ألا وأن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله محارمه ، إلا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب ) رواه البخاري و مسلم .

وكفى بقوله صلى الله عليه وسلم ( فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ) واعظاً لمن كان حريصاً على دينه .

وفي مثل هذه المشتبهات وجّه النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى سلوك مسلك الورع ، وتجنب الشبهات ؛ فقال : ( فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ) ، فبيّن أن متقي الشبهات قد برأ دينه من النقـص ؛ لأن من اجتنب الأمور المشتبهات سيجتنب الحرام من باب أولى ، كما في رواية أخرى للبخاري وفيها : ( فمن ترك ما شبّه عليه من الإثم ، كان لما استبان أترك ) ، أما من لم يفعل ذلك ، فإن نفسه تعتاد الوقوع فيها ، ولا يلبث الشيطان أن يستدرجه حتى يسهّل له الوقوع في الحرام ، وبهذا المعنى جاءت الرواية الأخرى لهذا الحديث : ( ومن اجترأ على ما يشك فيه من الإثم ، أوشك أن يواقع ما استبان ) ، وهكذا فإن الشيطان يتدرّج مع بني آدم ، وينقلهم من رتبة إلى أخرى ، فيزخرف لهم الانغماس في المباح ، ولا يزال بهم حتى يقعوا في المكروه ، ومنه إلى الصغائر فالكبائر ، ولا يرضى بذلك فحسب ، بل يحاول معهم أن يتركوا دين الله ، ويخرجوا من ملة الإسلام والعياذ بالله ، وقد نبّه الله عباده وحذّرهم من اتباع خطواته في الإغواء فقال عز وجل في محكم كتابه : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }النور21 ، فعلى المؤمن أن يكون يقظاً من انزلاق قدمه في سبل الغواية ، متنبهاً إلى كيد الشيطان ومكره .

وفيما سبق ذكره من الحديث تأصيلٌ لقاعدة شرعية مهمة ، وهي : وجوب سد الذرائع إلى المحرمات ، وإغلاق كل باب يوصل إليها .

وقد تكلم بالأمس فضيلة الشيخ عبدالعزيز الفوزان في قناة المجد عن حكم الاكتتاب في شركة ينساب ، و تألم لما رآه من جرأة الشركة عن الإعلان والمجاهرة بإقدامها على القروض الربوية ، وأيضاً إعلانها أنها ستضع المساهمات في حساب ربوي .

وقد وعظ فضيلته مؤسسي الشركة عن الجرأة على محاربة الله بالربا ، فليتعظ أيضاً الإخوة الذين يسعون للكسب الحلال ، وليتقوا الله لا يطعموا أولادهم وأهليهم إلا حلالاً ، وليخشوا عقاب الله ونقمته ، وقد قالت امرأةٌ صالحةٌ من الأولين لزوجها وهو ذاهبٌ ليتكسب لهم : «اتق الله فينا، ولا تطعمنا إلا حلالاً، فإننا نصبر على الجوع في الدنيا، ولا نصبر على النار في الآخرة».

أسأل الله أن يلهمنا وإخواننا المسلمين ذكره وشكره وطاعته ، والبعد عن معاصيه ، والحذر من الاقتراب من الحرام وسبله ، وأن يعيذنا من الربا وكبائر الذنوب .