من أين إذن أتى مركز حرية الأديان بالمطبوعات المنسوبة إلى المراكز والجماعات الإسلامية في الولايات المتحدة بل وإلى الحكومة السعودية، لم يقف أي عضو في اللجنة عند هذا السؤال الذي كان ينبغي طرحه فور انتهاء بقالي من شهادته. فباستثناء الامتعاض الظاهر على وجه البروفيسور العجوز أنتوني كوردسمان فإن الجميع كانوا يهزون رؤوسهم في صمت حين يسمعون ما لا يحبون، وتتهلل وجوههم فرحاً حين يتحدث "خبراء" من نمط إيمرسون وشيا.
بعد ذلك بدأت الجولة الثانية من الأسئلة والإجابات، وقد كانت جلسة صعبة. فالسيدة شيا ـ مرة أخرى ـ تقول إن مناهج السنة الأولى الثانوية تعلم التلاميذ أن اليهود يدفعون بزوجاتهم إلى العمل فيما يجلسون هم كسالى، وأن مناهج الثالثة الثانوية تعلم التلاميذ أن مساعدة المسيحي حرام.
وأضاف إيمرسون أنه ومجموعته بذلوا جهداً كبيراً لجمع الكتب المدرسية والنشرات الدينية التي تصدر في السعودية وقاموا بترجمتها. وحين سأله السيناتور آلان سبيكتر عن تاريخ المطبوعات قال إنها تعود إلى التسعينات ومطلع عام 2000. وأضاف أن مجموعته اتصلت بأطراف في الشرق الأوسط من دون أن يحددها للحصول على الكتب المدرسية السعودية وترجمتها لإثبات أنها تحض على الكراهية.
وعلق كوردسمان حين سأله سبيكتر عن الأمر ذاته بقوله:" أيها السيناتور.. إنني لا أقوم بجمع الكتب المدرسية وترجمتها". وعاد كوردسمان إلى "امتعاضه" حين سأله السيناتور جون كيل عن تقدير وزارة الخزانة أن حصة من تمويل الإرهابيين تأتي من السعودية فرد قائلاً:" إنني بصراحة لا أتفق معك ولا أتفق مع هذه المداخلة( أي مداخلة وزارة المالية). فحين أقول إن هناك طائفة دينية ألمانية في بنسلفانيا وإنها إرهابية وتتلقى 13 مليار دولار من ألمانيا، وحين أكرر ذلك كثيراً، فهناك من يمكن أن يصدق ذلك في نهاية الأمر. والرد على ما قالته وزارة المالية هو أنه ينبغي معرفة الأمور بدقة أكبر وبصورة محددة وبدون تعميمات.. ولقد ركزت اللجنة على المدارس الإسلامية في باكستان مثلاً. وكان الرئيس ضياء الحق هو الذي شجع هذه المدارس لمعادلة أثر الحركات العلمانية في باكستان. وبدا لنا ذلك أمراً طيباً طالما كان يصب في قناة جهود إخراج السوفيت من أفغانستان آنذاك".
وقال كوردسمان إن هناك جهداً سعودياً كبيراً لتجفيف مصادر تمويل الإرهاب من السعودية، وأضاف أنه لا يمكن القول إن المال السعودي يمول الإرهاب لأن ذلك ليس صحيحاً "فإذا كنتم تتحدثون عن المصادر الأساسية لتمويل الإرهابيين وهو ما بدأتم به فإن هذه المصادر لن تكون مصادر سعودية".
وحين تحدث السيناتور تشارلز شوميرـ وهو يمثل دائرة ذات عدد واسع من اليهود النيويوركيين ـ فإنه بدأ بتوجيه قصف مركز إلى أنتوني كوردسمان على نحو لا ينبغي أن يثير الدهشة، فالسيناتور شومير معروف "بحساسيته" الشديدة تجاه قضايا الشرق الأوسط. فقد قال شومير لكوردسمان "إن ما يأتي من السعودية واضح مثل هذا الأنف في وجهك".. ثم سارع إلى إضافة "مثل الأنوف في وجوهنا جميعا". وكأنه شعر أنه تجاوز حدود اللياقة. ثم سأل "هل توافق على ما قاله ستيف إيمرسون من تطرف العقائد السعودية؟.
ورد كوردسمان" كلا يا سيدي. إنني لا أوافق. إن هناك أشياء متطرفة ولكنها هامشية. وبوسعي أن أسأل: هل أشاهد أمثلة مشابهة من التطرف من جماعات مسيحية، وهل ينبغي أن يقودني ذلك إلى التعميم واتهام كل التعاليم المسيحية في الولايات المتحدة؟".
بعد ذلك طلب السيناتور سبيكتر إدراج مقال كتبه دانييل بايبس ـ الذي يعد ستيف إيمرسون أحد تلامذته ـ في مضابط الجلسة، وأشار إلى "عريضة اتهام" ضد المنظمات الإسلامية بما في ذلك "كير"، وبما في ذلك مؤسسة عمر بن الخطاب في لوس أنجلوس لأنها أهدت المكتبات المدرسية في المنطقة300 نسخة من القرآن الكريم، وأضاف سبيكتر "أنه تم سحب النسخ من المدارس".
ودعا سبيكتر صديقه إيمرسون للحديث قائلاً:" السيد إيمرسون.. أعتقد أن لديك ما تقوله هنا عن تصريح للملك عبدالله؟" وكأن السيناتور سبيكتر "يقرأ الأفكار"، فقال إيمرسون"نعم"، ثم أخذ ينتقد القيادة السعودية لموقفها ضد الصهيونية، مدللاً بتصريحات رسمية ضد إسرائيل.
إلا أن كوردسمان طلب إذناً بكلمة أخيرة، وقال بعبارات واضحة إن القيادة السعودية أعلنت مراراً موقفاً بالغ الوضوح من قضايا التسامح والسلام الإقليمي والعالمي والتفاهم بين أتباع الديانات السماوية، وأن الملك عبدالله هو الذي طرح مبادرة عقد مؤتمر عالمي لمكافحة الإرهاب والتطرف. ثم أعلن كوردسمان أنه يرفض أي تشريع متعلق بمحاسبة السعودية وهو هدف اللجنة من الأصل