الحلقة الثانية

بنيه :
للآن باب الأمل ماتدار = ساعة من الود نرجيها
لجل المودة قانون وكار = ماهو من السهل يلغيها

فبرغم الحزن الساكن في أعماق أعماقه مازال يرقب للأمال اشراقا ،
مازال يرجو وصل الحبيب حتى ولو برهة من الوقت وهو هنا لم يزل مستحضرا لحكمة القريشي الرائعة لذا نجده يبرر هذا الأمل وهذا الرجاء بما يحفظ له كبرياءه المجروح وذلك بقوله :

لجل المودة قانون وكار = ماهو من السهل يلغيها

إنه هنا يبرر رسمه للأمل وترقبه لساعة الوصل لأن المودة والهوى ليس من السهل أن تلغى في لحظة واحدة وتنسى 0 وهنا يأتي دور الشاعر الكبير عايد القريشي ليضع لوحة النهاية الجميلة لهذه المحاورة مصدرا حكمه الحاسم بقوله :

ماينفع اللين فالجبار = اللي سلك درب راضيها
وانته مخير فما تختار = أدرى بنفسك وما فيها

ولعلنا نلحظ في هذا الرد قوة فائقة تعكس شاعرية القريشي وحكمته الجليلة فالقريشي يؤكد هنا أن جميع المحاولات لن تجدي مع الذي اختار
طريقه بنفسه وسلكها وهو هنا يستخدم (ما) النافية للجنس والفعل المضارع ( ينفع ) كما يستخدم صيغة الماضي في الغصن الثاني ( سلك
, راضيها ) وذلك ليؤكد معناه الذي ذهب إليه والذي يشير إلى استحالة
جميع المحاولات في أمر قد إنقضي وانتهى0

ولايفوت على الشاعر القريشي أن يستدرك في لوحة الختام وفي الغصنين الأخيرين بالذات حيث يترك الباب مفتوحا للمشتكي لتقرير أمره بنفسه لأنه الوحيد الذي يعلم خباياها وحقيقتها فلربما مالت نفسه إلى
استمرارية المحاولات دون اكتراث بكرامتها ولربما استفاد من النصح وتوقف ، وهنا نجد أن القريشي قد حشد أكثر من ضمير للخطاب لتأكيد المعنى الذي ذهب إليه مثل ( انت ) والكاف في ( نفسك ) تأكيدا على
أن القرار قراره هو فقط 0

وهكذا ــ عزيزي القارئ ــ نصل إلى مرافي الختام بعد وقفة مع أحد لحون الرديح التي سكنت في الوجدان قبل الذاكرة ، بعد ماكتسب حلة تميس قوة وجمالا وتتأنق شدوا وغناء0

مع ملاحظة أن ماسبق لايعدو كونه اجتهادات متواضعة لإضاءة اللحن
من خلال النص والنص فقط راجيا أن يكون له صداه الإيجابي لدى القارئ الكريم

ومع لحن آخر في الحلقة الثالثة من (وقفة مع الروائع )