وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا


قال تعالى: «و إن تحسنوا و تتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا» و هو موعظة للرجال أن لا يتعدوا طريق الإحسان و التقوى و ليتذكروا أن الله خبير بما يعملونه، و لا يحيفوا في المعاشرة، و لا يكرهوهن على إلغاء حقوقهن الحقة و إن كان لهن ذلك.

قوله تعالى: «و لن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء و لو حرصتم» بيان الحكم العدل بين النساء الذي شرع لهن على الرجال في قوله تعالى في أول السورة «و إن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة»: النساء: 3 و كذا يومىء إليه قوله في الآية السابقة «و إن تحسنوا و تتقوا» إلخ فإنه لا يخلو من شوب تهديد، و هو يوجب الحيرة في تشخيص حقيقة العدل بينهن، و العدل هو الوسط بين الإفراط و التفريط، و من الصعب المستصعب تشخيصه، و خاصة من حيث تعلق القلوب تعلق الحب بهن فإن الحب القلبي مما لا يتطرق إليه الاختيار دائما.

فبين تعالى أن العدل بين النساء بحقيقة معناه، و هو اتخاذ حاق الوسط حقيقة مما لا يستطاع للإنسان و لو حرص عليه، و إنما الذي يجب على الرجل أن لا يميل كل الميل إلى أحد الطرفين و خاصة طرف التفريط فيذر المرأة كالمعلقة لا هي ذات زوج فتستفيد من زوجها، و لا هي أرملة فتتزوج أو تذهب لشأنها.