بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أقدم تقديري للأخ الأستاذ أبو ثامر، على أفكاره الطيبة في طرح مثل هذه البرامج للنقاش مع جميع فئات المجتمع في هذه المدينة الساحرة بجمال أهلها قلباً وقالباً.
إن وزارة المعارف حينما خطت هذه الخطوة باستحداث برنامج الأسبوع التمهيدي لاستقبال التلاميذ المستجدين بالصف الأول الابتدائي، كان الهدف الرئيس منه إيلاف هذا الطفل الوديع للجو المدرسي الجديد وإخراجه من بوتقة الحب والعطف والرحمة التي كانت تنصب عليه من جميع أفراد أسرته إلى جو يجد نفسه مع مجموعة من أقرانه ينصب عليهم حب وعطف ورحمة شخص واحد هو معلمهم.
من هذا المنطلق يبدأ الدور من وزارة المعارف التي ترسل لإدارة التعليم الخطوط العريضة فقط في كيفية تنفيذ البرنامج، ثم يبدأ دور قسم التوجيه والإرشاد في وضع البرنامج المستمد من تلك الخطوط العريضة. بعد ذلك يبدأ الدور الأهم وهو دور إدارة المدرسة التي تقوم بدراسة ملفات المعلمين وسيرتهم خلال سنين عملهم وتكوّن لجنة باختيار الأفضل لتنفيذ هذا البرنامج. علماً بأن لإدارة المدرسة كامل الصلاحية في تغيير عناصر البرنامج بما يتناسب لمساعدة الطفل على التكيف مع الجو المدرسي الجديد وابعاد شعور الخوف لديه، وبث الطمأنينة في نفوس الآباء بأن ابنائهم محل الرعاية والإهتمام من قبل الجميع.
من خبرتي في حقل التوجيه والارشاد وأخص الأسبوع التمهيدي لاحظت التالي:
[1] بعض المدارس لم تكوِّن لجنة لاستقبال هذه الفئة بحجة أن هذا الأسبوع يربك عمل المدرسة لوجود جميع طلاب المدرسة بجميع صفوفهم ووضعت جميع التلاميذ في غرفة واحده يقف عليهم معلم من سلالة عنترة بن شداد وفي يده وسيلة من وسائل العقاب أو أنه يستخدم كلمات التوبيخ والتأنيب.
[2] بعض المدارس قام بتكوين لجنة باختيار دقيق قبل بداية العام الدراسي بأسبوعين كما قامت بتجهيز المكان المناسب لاستقبالهم ووفرت لهم معظم وسائل التسلية المحبِّبة لهذا الجو الجديد واستعانت ببعض المؤسسات الخاصة والأفراد في توفير بعض مستلزمات تنفيذ البرنامج.
[3] بعض المدارس طلبت إدارة التعليم توفير بعض الأجهزة المسلية وهم يعلمون تماماً أن الإدارة ليس لديها الإمكانات لتوفير هذه الأجهزة، فيقول "وفروا لنا ونحن نشتغل".
[4] رأيت عدداً من مدارس قطاع ينبع البحر خلال الأعوام السابقة قامت بتنفيذ البرنامج بطريقة أبهرتني، فجميع العاملين دون استثناء حتى العمّال كانوا عطوفين بشكل يفوق الوصف إضافة إلى برنامج أكثر من جميل في تنسيقه وتعدد مستلزماته ومنها مدرسة الملك خالد ومدرسة طارق بن زياد ومدرسة الشاطىء ومدرسة رضوى وغيرها.

فهل تنتظر تلك المدارس الشاذة سلباً في تنفيذ البرنامج متابعة مستمرة من إدارة التعليم ممثلاً في قسم التوجيه والإرشاد وتعاون الإشراف التربوي لأن حياتهم وتعاملهم الظاهر لنا هو انعكاس لشخصياتهم التي بدأت معم في حياتهم الأولى؟؟!. ألا يوجد ضمير أو خوف من الله أو على الأقل الشعور بالرحمة تجاه أبنائنا البراعم الجميلة الناعمة التي سيقوم على أكتافها هذا الوطن ؟؟!. أيجب عليهم تربية جيل مع غرس بعض العقد النفسية في صدورهم لتظهر في تعاملاتهم مع الآخرين مستقبلاً؟؟!. إن هذه السن هي من أخطر وأهم فترة عمرية في تكوين شخصية الفرد مستقبلاً، فما يُغرس الآن يظهر غداً. وإليكم بعض خصائص النمو للطفل في هذه المرحلة العمرية:
يبدأ الطفل دراسته في المرحلة الإبتدائية في بداية السنة السابعة من عمره، ويكون في هذه السن قد بدأ فعلاً الدخول إلى مرحلة الطفولة المتوسطة، حيث تستمر دراسته في هذه المرحلة حتى نهاية مرحلة الطفولة المتأخرة التي تمتد حتى نهاية السنة الثانية عشر من عمره. وتُعتبر هذه مرحلة الطفولة المتوسطة ومرحلة الطفولة المتأخرة مرحلتا إتقان ما سبق إكتسابه من خبرات ومهارات. وتعتبر هذه المرحلة فترة ثبات لطفل من الناحية الإنفعالية، فهو في نهاية هذه الفترة يميل إلى الواقعية في معاملاته وتكوين علاقات إجتماعية معهم، ويغلب عليه ميل إلى إقتناء الأشياء وتنظيمها. والطفل في هذه المرحلة يكون مفرطاً في حب التجول والمخاطرة وحب الإستطلاع والإهتمام بمعرفة العالم الخارجي المحيط به، كما أنه يميل إلى تكوين صداقات مع أقرانه.
الناحية النفسية تظهر لدى الطفل بعض القدرات العقلية فيصبح قادراً على التفكير المجرد والقيام بعدد من العمليات العقلية العليا كالإنتباه المقصود والإدراك والتذكر والتخيل، ويعتمد الطفل في هذه المرحلة على الخبرات الحسية المباشرة، والصورة الذهنية التي تجمعت عنده. فهو لا يتذكر شيئاً مالم يكن لديه مدلول حسّي يؤكده، ولا يقرأ إلاّ إذا استرجع صورته في ذهنه. ويتجه الطفل نحو الواقعية في تفكيره ويزداد ميله نحو الإبتكار، وتتكون عنده القدرة على فهم الحقائق العلمية البسيطة التي لاترتبط مباشرة بحسه، فيصبح قادراً على الرسم من الخيال والقيام بعمليات حسابية وفهم بعض الأحداث التاريخية وفهم العلاقات بين الرموز الكتابية وبين ما يقوله وما يفعله. وينمو لدى الطفل حب التملك للأشياء ويظهر في جمعه لقطع العملة أو العلب الفارغة أو الزهور ويحتفظ بها في حقيبته. والمدرس الماهر هو الذي يجعل من المدرسة مجالاً طيباً لإستخدام هذه القدرات العقلة ويستفيد منها في تدريب الطالب وتوجيهه وتنمية قدراته وتغيير سلوكهوذلك من خلال ميل الطالب إلى المعرفة وحب الإستطلاع والتجول والرغبة في المغامرة وحب الإثارة. كما يستطيع المعلم الإستفادة من نمو قدرات الطالب على التصور في تدريبه على الرسم، والإستفادة من ذلك في منح الطفل وسيلة للتعبير عن تصوراته ومشاعره، والتنفيس عما بداخله تلقائياً.
القدرات العقلية تظهر في مقدرة الطالب في إدراك موضوعات العالم الخارجي من حيث علاقاتها ببعضها، ويكون إدراكه لها في صورة كلّية خالية من التفاصيل. ويتميز الطالب بعدم قدرته على تركيز ذهنه لمدو طويلة في موضوع بعينه، وهذا ما يجعله بطيء التعلم وسريع النسيان ويكون من الصعب عليه التفكير المجرد خاصة في بداية المرحلة. ولذلك ينبغي على المعلم أن يستعين في توصيل المعلومات إلى طلابه بالصورة البصرية للأشياء التي يشرحها وأن يستخدم كثيراً الوسائل التعليمية، ويعلمهم بالطريقة الكلية والربط بالخبرات الحيّة. وهنا يفكر الطالب بشكل يجعله قادراً على إدراك العلاقات البسيطة القائمة بين الأشياء مستخدماً في ذلك الوصف والتفسير، كما أنه يستطيع إدراك أوجه الشبه وأوجه الإختلافالموجودة بين الأشياء. أما انتباه الطفل فيبدأ بطيئاً مع بداية المرحلة الإبتدائية ثم تزداد سرعته فيستطيع الإنتباه الإرادي، ويستطيع تركيز انتباهه حول موضوع أو عدة موضوعات. أما تذكر الطالب فهو ينمو بشكل مطرد من دخوله المدرسة. وفي هذه المرحلة يميل الطالب إلى الحفظ دون معرفة الأسباب وذلك عن طريق الترديد، ثم تبدأ قدرته على الحفظ بواسطة الفهم.
السلوك الإجتماعي ينمو وتظهر لديه الرغبة في المشاركة في خبرات جماعية مختلفة، ويُقبل على اكتساب الأصدقاء والدخول في أنماط متنوعة من السلوك الإجتماعي، ويظهر لديه صفات إجتماعية لم تكن موجودة من قبل، كالرغبة في التعاون والميل إلى المنافسه والقيادة، وتسيطر عليه رغبة الحصول على حبّ الآخرين، ويتقبل المعايير الإجتماعية، ويتسم سلوكه بالوداعة والهدوء، ويؤثر الآخرين على نفسه، ويظهر ولاءً شديداً للجماعة التي ينتمي إليها، ويقلّ اعتماده على والديه ويميل للإستقلال الذاتي.
النمو الجسمي يتميز بالسرعة من حيث الوزن والطول، وتزداد قدرته على التآزر الحركي العضلي، كما تزداد قدرته على التحكم في العضلات الدقيقة فيميل إلى الأعمال التي تتطلب مهارة عضلية، ويُقبل على الألعاب التي يستخدم فيها عضلاته. أما حاستي الإبصار والسمع فتكونا في طريقهما إلى الكمال. وكلما كانت بيئة المدرسة تسمح بممارسة ألوان النشاط المختلفة وتُشجع عليه وتثير في التلميذ الحيوية والنشاط، كان لذلك أثره الإيجابي في نمو الطفل جسمياً وعقلياً. كما أن الحالة الصحية التي يكون عليها الطالب لها دور هام في نشاطه وحيويته. والمدرس الحاذق هو الذي يُبصّر طلابه بضرورة الإهتمام بغذائهم نوعاً لا كماً، كما يُبصّرهم بالعادات الصحية في الغذاء. كما ينبغي عليه توفير النشاط الذي يقوّي عضلات الطلاب لأن النشاط الحركي للطالب يميل إلى الإنتظام والدقة فيزيد هذا من نمو عضلاته الدقيقة ويبدوا واضحاً في استخدام الطالب ليديه وقدميه. ومع إحساس الطالب بنمو عضلاته وقدرته على استخدامها يظهر لديه ميل إلى فك الأشياء وتركيبها، ويولع بالأعمال التي يعتمد فيها على التآزر الحركي والبصري، والأعمال التي تتطلب منه تخيلاً وتصوراً كما يجد لديه لذة كبيرة في التمثيل.
النمو الإنفعالي يظهر عندما تتسع دائرة الطفل الإجتماعية ويتصل بأفراد متعددين ومختلفين، مما يجعله لايتحكم في عواطفه وانفعالاته تجاه موضوع واحد أو شخص واحد، بل يحاول توزيعها تجاه كل الذين يتعامل معهم، مما يجعل انفعالاته تتميز بالثبات والإعتدال والإستقرار الإنفعالي. كما إن ذهاب الطالب إلى المدرسة يتيح له التنفيس عن انفعالاته في مجالات النشاط والمنافسة المنَظّمة التي توفرها المدرسة، كالمنافسة في تعلم القراءة والكتابة أو الألعاب الأخرى التي تتوفر في المدارس الإبتدائية. أيضاً تزداد ثقة الطالب بنفسه في إشباع بعض حاجاته وتتسم علاقاته الإجتماعية بالإستمرارية والتنظيم، ويُصبح سلوكه مبنياً على مجموعة من الإتجاهات العاطفية والميل إلى المنافسة.


أقدم خالص شكري وتقديري لزملائي وإخواني في هذا المنتدى التربوي الجميل، كما أقدم كل الحب مقروناً بالإعتذار على طول الرد ولكن الموضوع يهمني جداً من وجهة نظر نفسية وإنسانية. والسلام وعليكم ورحمة الله وبركاته.