وهذا الجزء الثاني من المقال الذي سطرة الرائع قينان الغامدي .....

قينان الغامدي
أتذكر أنني طالبت الحكومة عدة مرات في هذا العمود بالاستفادة من شركة "أرامكو السعودية" فيما يتعلق بآلية العمل وإدارته, فهي تتميز بنظام عمل دقيق, الفضل فيه لله سبحانه وتعالى, ثم للأمريكان الذين أسسوها وشغلوها إلى أن تسلمها السعوديون, تشغيلاً وإدارة, ولا أعرف كيف هي أحوال الشركة اليوم بعد أن أصبحت سعودية, لكن المعروف أن موظف "أرامكو" يعمل نحو اثنتي عشرة ساعة يومياً لا يستطيع أن يتأخر عن بدايتها دقيقة, ولا أن يغادر قبل نهايتها بدقيقة, ولا مجال أثناءها لقراءة صحيفة, أو أخذ غفوة, أو إحضار الزوجة والأولاد من المدارس, وهو بهذه الحال لا يعرف غير عمله الذي يستهلك نصف يومه, ومخدته التي تستضيفه ثلثي ما تبقى من وقت اليوم, ويتبقى له نحو 4 ساعات يذهب ثلثها وربما أكثر للطريق إلى العمل, ومنه إلى البيت, ولا أظن أحداً في طول السعودية وعرضها يستطيع أن يقول إن الوقت المتبقي لموظف "أرامكو" يكفية لأن يكون رب عائلة جيد, أو صاحب علاقات اجتماعية طيبة, مثله مثل غيره من الموظفين في الحكومة الذين لا يقضي أفضلهم في العمل الفعلي ما يوازي ثلث ما ينفقه موظف "أرامكو" مع وجود استثناءات قليلة, ويكفي أن نقول إنها استثناء من القاعدة, بل إن الشركات العملاقة والتي تأتي في المرتبة الثانية بعد "أرامكو" ليس فيها من الانضباط والدقة, والقسوة في تطبيق الأنظمة, ما في "أرامكو" ونحن لا شك سعداء بهذا, لأن "أرامكو" - كما قلت أمس - هي "العائل الأول" للشعب السعودي كله, فنحن نعيش بالدرجة الأولى على عائدات البترول, وهي التي تستخرجه وتبيعه, وأنا الآن لا يهمني كيف تبيع, وكيف تودع العائد في خزينة الدولة, الذي يهمني الآن موظفوها الذين يستخرجون النفط, ويودعونه الأنابيب والناقلات, هؤلاء الموظفون الذين تحدثت عن صفات عملهم اليوم, ألا يستحقون كما قلت أمس أن تشملهم الزيادة؟ بلى يستحقون, بل ويستحقون أفضل من هذه النسبة. فإذا كان موظفو الحكومة نالوها جميعاً دون تمييز بين مجد ومقصر, فإن موظفي "أرامكو" أجدر وأحق.