كما أن المقصر في عمله يستحق اللوم فأن المتقن عمله أيضا يحتاج إلى الشكر والتقدير ، ونحن لا نملك إلا أن ندعو لهذا الجندي الذي لا نعرفه بأن يبارك له الله في ماله وأهله وأولاده . وأن يجعله قدوة لزملائه .
وقد أحسن أخونا أبو تركي كعادته دائما في اصطياد مثل هذه السوانح العابرة وعرضها بأسلوب مبتكر ، وهذا الموقف قد يمر بكثير منا دون أن يلقي له بالا .. أما أبو تركي ـ ما شاء الله ـ فقد استطاع أن يحول المشهد العابر إلى قصة متكاملة البناء غنية بالشخوص والوقائع والمناخ والمشهد التراجيدي و استخلاص العبرة والخاتمة
فقد ذكر الزمان والمكان والفصل لينقل القارئ إلى المناخ ثم العابرين والسيارات والمكيفات ليدخل المتلقي في قلب الحدث ، ثم تقييم الموقف ثم الرمز إلى أنه يستحق الإشادة والتشجيع (فكرت أن أحضر له ماء) ثم الغفلة والتبلد الحسي المتمثل في انطلاق السيارات بعد فتح الإشارة وتجاوز المشهد المثير ثم الخاتمة القوية ( لماذا لم أحضر له ماء ؟ )
قصة قصيرة متكاملة الجوانب ، وله كثير ( أقصد أبو تركي ) من القصص مثلها يسترعي الانتباه ويبشر بمولد قاص جديد .

فقط تمنيت لو أنه اكتفى بـ :
(فكرت في أن أذهب إلى أقرب بقالة لأحضر له ماء )، واستغنى عن كلمة يشربه اتباعا للقاعدة اللغوية التي تقول ( حذف ما يعلم جائز ) وفي القصة القصيرة يكون حذف ما يعلم واجب ليترك للمتلقي جزءا من مهمة إكمال الصورة
وكذلك في الخاتمة الرائعة ( لماذا لم أحضر الماء من البقالة ؟) لو اكتفى بـ ( لماذا لم أحضر له ماء ؟ )
مزيدا من التألق أيها العزيز