الحمراء - الأندلس
نزار قبانى
-------------------------
فـي مـدخـل الحـمـراء كــان لقـاؤنـا
مــــا أطــيــب الـلـقـيـا بــــلا مـيـعــاد
عيـنـان ســوداوان فــي جحريهـمـا
تـتــوالــد الأبـــعـــاد مــــــن أبـــعـــاد
هـــل أنـــت إسـبـانـيـة؟ سـاءلـتـهـا
قـالــت: وفــــي غـرنـاطــة مــيــلادي
غرنـاطـة؟ وصـحـت قــرون سبـعـة
فـــي تـيـنـك العيـنـيـن.. بـعــد رقـــاد
وأمـــيـــة رايــاتــهـــا مــرفــوعـــة
وجــيــادهـــا مــوصــولـــة بــجــيـــاد
مـا أغـرب التاريـخ كـيـف أعـادنـي
لـحـفـيـدة ســمــراء مــــن أحــفــادي
وجــــه دمـشـقــي رأيــــت خــلالــه
أجــفــان بـلـقـيـس وجــيـــد ســعـــاد
ورأيــت منزلـنـا الـقـديـم وحـجــرة
كـانــت بـهــا أمـــي تــمــد وســــادي
والياسمـيـنـة رصـعــت بنـجـومـهـا
والــبــركـــة الـذهــبــيــة الإنـــشــــاد
ودمشق، أيـن تكـون؟ قلـت ترينهـا
فـي شعـرك المنسـاب ..نـهـر ســواد
في وجهك العربي، في الثغر الـذي
مــا زال مخـتـزنـاً شـمــوس بـــلادي
في طيب "جنات العريـف" ومائهـا
فـي الفـل، فـي الريحـان، فـي الكـبـاد
سارت معي.. والشعر يلهث خلفها
كـسـنـابـل تــركــت بـغـيــر حــصـــاد
يـتـألـق الـقــرط الـطـويـل بجـيـدهـا
مـثــل الـشـمــوع بـلـيـلـة الـمـيــلاد..
ومشيـت مثـل الطفـل خلـف دليلتـي
وورائــــي الـتـاريــخ كــــوم رمـــــاد
الزخرفـات.. أكــاد أسـمـع نبضـهـا
والزركشـات علـى السـقـوف تـنـادي
قالت: هنا "الحمراء" زهو جدودنا
فـاقــرأ عــلــى جـدرانـهــا أمــجــادي
أمجادهـا؟ ومسـحـت جـرحـاً نـازفـاً
ومـسـحـت جـرحــاً ثـانـيـاً بــفــؤادي
يـا ليـت وارثتـي الجميـلـة أدركــت
أن الـــذيــــن عـنــتــهــم أجـــــــدادي
عـانـقـت فـيـهـا عـنـدمــا ودعـتـهــا
رجــلاً يسـمـى "طــارق بــن زيـــاد"
المفضلات