مافتئت أعود إلى هذه الكسرة وأكرر قراءتها يوميا منذ أن نزلت وزاد من متعة المتابعة الرد الموفق من أبو عماد
وحقيقة لا يستطيع متذوق أن يتجاهل شهوة الكتابة و التعليق على كسرة ينشئها أحمد عطا ..فكيف إن جاء الرد من ملك الرومانسية الطاغي طه بخيت .. وعندما يلتقي العمالقة يكون الموعد مع المتعة حاضرا
الكسرة كلها مواطن إبداع ومكامن جمال .. ولكن لفت نظري حسن استخدام الوصف في قول أبو تاج
( أجمل من الورد قبل القطف )
وهذا المعنى رغم جماله قليلا ماطرقه الشعراء فجمال الوردة يبدأ بالذبول فورا بعد القطف !
وهذا يذكرني بقول الشاعر الكبير مرسي جميل عزيز الذي أبدع في أغنية فيروز ( سوف أحيا )عندما قال :
ان اردت السر فاسأل عنه ازهار الخميلة
عمرها يوم وتحيا اليوم حتى منتهاه
كما أن الشاعر عبد الرحمن خطيب رحمه الله سبق أن توصل إلى هذا المعنى في كسرته التي تقول
الورد لا تلمسه يذبل .... يكفيك نظره على وردك
ولكن النصيحة المباشرة واللغة التقريرية هنا أفسدت المعنى قليلا .. أما أبو تاج فقد استخدم الفكرة بطريقة ذكية وجميلة ومعبرة
التقطها أبو عماد ومن مثله يستطيع أن يختطف المغزى ويشير إليه في تأكيد الحالة وحف النسايم والمطلع الشامي والتورية الجميلة في المعنى في قوله
( عمر الهوى ما يبطل لف )
فقد يكون المقصود الهوى نفسه وقد يتجه المعنى إلى واصف المشهد الذي أراد أن يصوره بغير حقيقته
إن الكسرة والرد عنوان للجمال والإبداع واللغة الراقية
وليس غريبا أن يوقف سلطان الكسرة أبو هاني كسرته وهو من يشاركهما الإبداع ليفسح المجال لهذا الجمال الذي لا نملك معه إلا أن نردد أن شعر الكسرة بخير طالما أن على هرمه هذين العملاقين يغردان بعيدا عن التنازع على المناصب والألقاب
حفظهما الله وبارك في عمرهما
المفضلات