غرناطة , العاصمة الأخيرة

[أبو عمرو]

وآخر معاقل المسلمين في الأندلس .

كانت ( إغرناطة , في الأصل ) مدينة صغيرة قرب مدينة إلبيره ( Elvira ) , عاصمة كورة إلبيره في جنوب الأندلس , وتقع على وادي شنَّنيل أحد فروع نهر الوادي الكبير.

في عهد المسلمين , وبمرور الزمن توسعت مدينة غرناطة ( Granada ) على حساب مدينة إلبيره لتحل محلها عاصمةً للولاية , ثم تطورت لتصبح قاعدةً لإحدى إمارات الطوائف إلى أن أصبحت حاضرة مملكتها (مملكة غرناطة ) .

ضمت مملكة غرناطة ( الأندلس الصغرى ) , أيام بني الأحمر ( بني نصر ) , جنوب نهر الوادي الكبير إلى البحر المتوسط , حيث الجزيرة الخضراء وجبل طارق , ومن لورقة في ولاية مرسية شرقاً إلى البحر المتوسط , ومن الشمال حتى قلعة يحصب في ولاية جيَّان , إلى شدونة في ولاية قادس غرباً , وبذلك فقد ضمت مملكة غرناطة ثلاث ولايات كبيرة هي ولاية غرناطة وولاية المرية وولاية مالقة.

بقيت مملكة غرناطة صامدةً ـ في ظل توسع أسبانيا النصرانية ـ قرنين ونصفاً من الزمان بعد سقوط مدن المسلمين الرئيسية كقرطبة سنة 633هـ وإشبيلية سنة 646هـ .

لا غالب إلا الله

شعار بني الأحمر , آخر حكّام الأندلس من المسلمين , حيث يرجع نسبهم إلى سعد بن عبادة الأنصاري رضي الله عنه , أحد كبار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان نقيباً , شهد العقبة وبدراً.

عند سقوط مدن المسلمين في الأندلس بيد النصارى , بقيت أعداداً من المسلمين تحت حكمهم , سُمِّي هؤلاء بالمدجَّنون ( Los Mudejares ) في حين هجر بعضهم تلك المدن , متجهين إلى المدن التي بقيت تحت حكم المسلمين وبالتالي كان آخرها غرناطة .

اعتبرت غرناطة ملاذاً آمنا للمسلمين فوصلت بفضل هؤلاء المهجَّرون مرحلة عالية من الحضارة , فكثر فيها أهل المهارات والكفايات من الرجال والنساء.

قصر الحمراء

قصر الحمراء ينتصب على تلة حصينة , وتظهر في الخلف جبال سييرا نِفادا

بلاط أمراء بني الأحمر في غرناطة , بناه محمد بن الأحمر ( الغالب بالله ) مؤسس مملكة غرناطة سنة 635هـ وزيَّنه خلفاؤه , تعتبر قاعاته , وباحاته , تحفاً رائعةً ومثالاً لجمال العمارة الإسلامية وسموّ حضارتها في الأندلس , رُشح مؤخراً ليكون أحد عجائب الدنيا السبع , التي سيعاد ترتيبها من جديد وستعلن في 7/7/2007 م.

وأخرى يظهر فيها شخصي المتواضع , من ( مطّل ) الحي العربي القديم.


أحد بوابات قصر الحمراء


أحد مداخل قصر الحمراء, حيث يظهر شعار بني الأحمر ( لا غالب إلا الله )




باحة الأسود التي تتوسطها إثنا عشر أسداً تمج الماء من أفواهها مكونةً نوافير بديعة




قبة قاعة السفراء حيث تظهر النقوش الأسلامية والزخارف العربية والتهوية والإضاءه الطبيعية


باحة إحدى القاعات البديعة ويظهر أعلى بناء في القصر


جنّة العريف , حيث يسكنها الخلفاء في فصل الصيف طلباً للمناخ المعتدل


أحد الممرات في قصر الحمراء حيث يظهر ترف البناء وفخامته

كانت لدول المغرب العربي أيادي بيضاء في بقاء هذا الجزء من الأندلس تحت حكم المسلمين , ابتداءً من المرابطين مروراً بالموحدين وانتهاءً ببني مرين , حيث كثيراً ما قاموا بنجدة إخوانهم في الأندلس لصد عدوان وأطماع الممالك النصرانية.

وعند ضعف دولة بني مرين توحدت قوتين في أسبانيا النصرانية بزواج ( فرناندو ) بـ ( إيزابيلا ) ملكي أراغون وقشتالة , في حين انقسمت صفوف المسلمين بسبب الاقتتال على السلطة , الذي اتخذه العدو سبيلاً للوصول إلى غاياته وقد كانت تلك الخلافات بإيعاز منه, فقد أقتتل أبو عبد الله الصغير مع عمه أبو عبد الله الزغل على السلطة مما دعى الأخير للإستعانة بالنصارى وتسليمهم بعضاً من أراضي المسلمين قابضاً ثمنها ذهباً أحمر , ثم غادر الأندلس متجهاً إلى تلمسان بالجزائر إلا أن أمواله سلبت هناك وسُمِلت عيناه جزاءً لفعلته الشنيعة .

حوصرت مدينة غرناطة حصاراً شديداً , وخربت الزروع والمحاصيل , إلى أن وقَّع أبو عبد الله الصغير حاكم غرناطة المتخاذل , معاهدة التسليم مع ملكي قشتالة في 21 محرم سنة 897 هـ الموافق لـ 25 تشرين الثاني 1491 م .

غادر أبو عبد الله الصغير , غرناطة في طريقه إلى المغرب , ووقف في موضعٍ عند شجرة ملقياً نظرته الأخيرة عليها , ثم أجهش باكياً , فقالت له أمه مقولتها الشهيرة ( أبك كالنساء على ملكٍ لم تحافظ عليه كالرجال ) في مكان سمي فيما بعد بـ ( زفرة العربي الأخيرة ) (el último suspiro del Moro) .

ويبقى لنا من تاريخنا نَظْر , وفِكَرْ , ويجب علينا أخذ العِبَرْ .

كانت هذه هي الحلقة الأخيرة , من سلسلة تاريخ أهم مدن الأندلس الإسلامي المجيد , بدأتها بـ ( قرطبة , عاصمة الخلافة ) ثم ( إشبيلية , العاصمة الأولى ) وأنهيتها بـ ( غرناطة , العاصمة الأخيرة )

تلك المدن التي زرتها , ووقفت على أطلالها , حباً في تاريخنا المجيد وتراثنا الخالد .

حكم الأندلس ثلاثة من رجالات جهينة القضاعية , في عهد الدولة الأموية , هم عنبسة بن سحيم الكلبي (قدم والياً على الأندلس عام 102 هـ إلى أن أستشهد في أحدى المواقع عام 107هـ , بعد أن افتتح مدن قرقشونة ووادي نهر ردونة و نيمة و أتون , أوزه و فيفييه و فالانس و ليون و ماسون و شالون و ديجون و بيز و لانجر في أقصى شمال أسبانيا الحالية وجنوب فرنسا اليوم ) و أبو الخطار الحسام بن ضرار الكلبي ( الذي سمي عسكره , عسكر العافية ودانت له الأندلس بعد أن جمع كلمة المسلمين بعد الفرقة ) و يحيى بن سلمة الكلبي.

أتمنى من الله العلي القدير بأن أكون قد وفقت في طرح هذا الجزء المختصر جداً من تاريخ الأندلس , الذي راعيت في طرحه بأن القارئ ملول , فأوجزت إيجازاً اعتقدت بأنه لا يخل بالحدث.

تمنياتي لكم بقضاء أسعد الأوقات وأجملها .

[ناصر]

أهلا أخي الحبيب أبو عمرو...

أنتظرنا مواضيعك الرائعة طويلا, فأتيت بما عوض ذلك الغياب, بقدر ماهو ثري بقدر ماهو محزن موضوعك هذا أخي الغالي, العنوان وحده يحمل الكثير من الحزن والأسى على ماض تليد وعز زائل ضاع بأيدي أجدادنا وذهب لمن لا يستحقونه...

من لقائاتي معك أكتشفت أنك متخصص في الشأن الأندلسي وقد شوقتني لزيارة تلك البلاد والكنوز العربية الضائعة بقصورها وقلاعها ونوافيرها ونقوشها الجميلة ويحق لك أن تجعل توقيعك صورة لأحد تلك الكنوز...

كما أشكرك كثيرا على الكم الهائل من المعلومات التي أثريت بها مجالسنا حقا ومن ضمنها ما أوردته عن الحكام من جهينة القضاعية وكذلك المدجنين... وأيضا تلك الصور المعبرة والتي تحكي الكثير من الحكايا والعبر.

أكاد أعرف شعورك وأنت تتجول في تلك الأماكن الجميلة ويعتصرك الحزن ويكابدك الأسى ممتزجان بكثر من الفخر والإعتزاز...

أكرر شكري لك أخي الغالي وندائي بعرض ما تبّقى من مواضيع شيقة وممتعة...

كن بخير

*

[المعلم]

أبو عمرو
المشرف القدير
شكرا على هذا الإثراء للمنتدى بهذه المعلومات
المختصرة المفيدة والصور الجميلة والرائعه
ضعفنا أفقدنا الكثير فإلى الله المشتكى
تحيتي وتقديري لك

[أبو عمرو]

أهلا أخي الحبيب أبو عمرو...

أنتظرنا مواضيعك الرائعة طويلا, فأتيت بما عوض ذلك الغياب, بقدر ماهو ثري بقدر ماهو محزن موضوعك هذا أخي الغالي, العنوان وحده يحمل الكثير من الحزن والأسى على ماض تليد وعز زائل ضاع بأيدي أجدادنا وذهب لمن لا يستحقونه...

من لقائاتي معك أكتشفت أنك متخصص في الشأن الأندلسي وقد شوقتني لزيارة تلك البلاد والكنوز العربية الضائعة بقصورها وقلاعها ونوافيرها ونقوشها الجميلة ويحق لك أن تجعل توقيعك صورة لأحد تلك الكنوز...

كما أشكرك كثيرا على الكم الهائل من المعلومات التي أثريت بها مجالسنا حقا ومن ضمنها ما أوردته عن الحكام من جهينة القضاعية وكذلك المدجنين... وأيضا تلك الصور المعبرة والتي تحكي الكثير من الحكايا والعبر.

أكاد أعرف شعورك وأنت تتجول في تلك الأماكن الجميلة ويعتصرك الحزن ويكابدك الأسى ممتزجان بكثر من الفخر والإعتزاز...

أكرر شكري لك أخي الغالي وندائي بعرض ما تبّقى من مواضيع شيقة وممتعة...

كن بخير

*

عزيزي الغالي / أبو محمد

دائماً , ما تأسرني بعذب خطابك وجميل خصالك , فلك مني خالص الود والمحبة .

وكأنك برفقتي وتصف حالي , ولا أخالك ستغادر تلك الحالة , عندما تزور تلك الأماكن.

لك ما تريد أخي العزيز , مع أطيب المنى.

[أبو عمرو]

أبو عمرو
المشرف القدير
شكرا على هذا الإثراء للمنتدى بهذه المعلومات
المختصرة المفيدة والصور الجميلة والرائعه
ضعفنا أفقدنا الكثير فإلى الله المشتكى
تحيتي وتقديري لك

بارك الله فيك أيها المعلم الفاضل

وبورك بعلمك وبعزيمتك.

ممرتم على المشاركة , فعطرتموها أريجاً عابقاً.

تمنياتي لكم بحياة سعيدة هانئة.

[فارس الغربيه]

الى ابو عمرو
عزيزي الغالي الف شكر لك لتقديم مثل هذه المواضيع التي والله نحن المسلمين نفتقر اليها وقدلا يعلم بعضنا امجاد اجدادنا وها انت تعيد لنا تاريخنا المجيد فجزاك الله الف خير .
واتمنى ان لا تحرمنا من ان تعرفنا عن ما نجهله من الاندلس المفقود
محبك فارس الغربيه

[أبو عمرو]

الى ابو عمرو
عزيزي الغالي الف شكر لك لتقديم مثل هذه المواضيع التي والله نحن المسلمين نفتقر اليها وقدلا يعلم بعضنا امجاد اجدادنا وها انت تعيد لنا تاريخنا المجيد فجزاك الله الف خير .
واتمنى ان لا تحرمنا من ان تعرفنا عن ما نجهله من الاندلس المفقود
محبك فارس الغربيه

عزيزي / فارس الغربية

لا نملك إلا الدعاء والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى بأن يعيد لأمتنا عزها وكرامتها , وكذلك بذل الجهد , للنهوض بها , كلٌ من مكانه.


وهذه روابط لمواضيع سابقة عن الأندلس المفقود.

http://www.alhejaz.net/vb/showthread.php?t=37166

http://www.alhejaz.net/vb/showthread.php?t=38923

تقبَّل خالص تمنياتي بالتوفيق مع أطيب المنى.

[أبو عمرو]

الشرق الأوسط
الاحـد 16 محـرم 1428 هـ 4 فبراير 2007 العدد 10295
مدريد: صبيح صادق
صوّت العاهل الاسباني الملك خوان كارلوس والملكة صوفيا لصالح اختيار القصر العربي (قصر الحمراء) في غرناطة، جنوب اسبانيا، ضمن مجموعة عجائب الدنيا السبع الجديدة التي يجري الاقتراع عليها حاليا في جميع انحاء العالم.
وكان الملك خوان كارلوس وعقيلته قد زارا جناح مدينة غرناطة ضمن مهرجان السياحة العالمي، المقام حاليا في العاصمة الاسبانية مدريد، وافتتح يوم الاربعاء، حيث نصب فيه عدد من الكومبيوترات للتصويت، فبادر الملك خوان كارلوس الى المشاركة في التصويت واختار قصر الحمراء.

وقد علق رئيس بلدية غرناطة خوسيه توريس، وكان من بين الحضور، «سألنا صاحب الجلالة الملك عن كيفية التصويت، فوضحنا له الطريقة التي يتم من خلالها الاختيار، فقام هو والملكة باختيار قصر الحمراء»، وما ان صوّت الملك خوان كارلوس حتى قال للحاضرين «أنا سعيد بأن اصوّت لقصر الحمراء».

بعد ذلك قامت مسؤولة ادارة قصر الحمراء مار بيجافيركا باهداء الملكة صوفيا زيتونا من حدائق جنة العريف، حدائق قصر الحمراء. وقد علقت مسؤولة قصر الحمراء بأن: «الملكة أخذت الزيتون بيدها وقالت بأنها تريد تذوقه حالما تسنح الفرصة لها».

يشار الى ان مدينة غرناطة تسعى حاليا كي يفوز قصر الحمراء العربي باختياره ضمن عجائب الدنيا السبع الجديدة، وهي الفكرة التي اطلقها السويسري Bernardo Weber صاحب مؤسسة New Open World Foundation في محاولة لاختيار سبع عجائب جديدة، غير العجائب السبع المعروفة، ويمكن لجميع مواطني العالم الاشتراك في التصويت على هذه المباني، عن طريق الانترنت على موقع www.new7wonders.com حتى يوم 7 يوليو (تموز) من هذا العام، وستفوز المباني التي تحصل على اكثر عدد من الاصوات.

معلوم ان «بنو نصر» ملوك غرناطة كانوا قد بدأوا بانشاء قصر الحمراء منذ القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي، على هضبة الحمراء المجاورة لمدينة غرناطة، وأخذ كل ملك من ملوكهم يضيف جناحا أو صالة جديدة، تعتبر كلها اليوم اروع ما خلفه الفن الاسلامي في اوروبا، مثل قاعة السفراء، وقاعة الاختين وبهو الريحان وبهو السباع، ونقشت على جدران القصر وممراته عبارة تتكرر في كل مكان من القصر وهي «لا غالب إلا الله»، كما نقشت قصائد لأبرز شعراء غرناطة، مثل لسان الدين بن الخطيب وابن زمرك وابن الجيّاب، حتى غدا القصر ديوانا شعريا مكتوبا على الجدران.