المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ممدوح الجبرين
الأستاذ ممدوح الجبرين
نشكر لك سعة صدرك وسرعة ردك .. كما نشكر لك عرض البحث وإتاحة الفرصة للاطلاع عليه ، ولا شك أنه بحث بذلت فيه كثيرا من الجهد وحشدت كثيرا من الاستدلالات ، ولكن ما زال هناك .. ( لن أقول بعض الثغرات ) ولكن بعض الإشكالات التي تستعصي على فهمي منها
أولا
كما هو واضح في الاقتباس أن البحث كله منصب على معرفة اسم ليلة القدر ، واسم ليلة القدر ليس موضع اختلاف فاسمها معروف ولكن ما هو غير معروف هو موعدها
ثانيا
قلت في بحثك:
فليلة القدر هي ( ليلة واحدة ) و كما كانت أول ما كانت ستكون كذلك الى يوم القيامة ، فنزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار حراء بمكة في ( ليلة القدر ) هو ضبط توقيت النزول أنه في ليلة ، وهذه الليلة ليست ليلة على غار حراء فقط ولا على مكة المكرمة فقط ولا على جزيرة العرب فقط ، بل هي ليلة على كل الأرض ، وتكون كذلك في حالة واحدة فقط وهي أن كونها ( ليلة ) على مكة المكرمة هي كذلك وفي التوقيت ذاته ليلة على مشرق الأرض بأكمله متراً مترا ، من أقصاه الى غار حراء ، ولأن الليل يبدأ بغروب الشمس وينتهي بطلوع الفجر كما هو معـروف من التعـريف الشرعي واللغـوي ، فإن توقيت إبتداء نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار حراء هو فيما بعـد الساعة السادسة والنصف مساء بـتوقيت مكة المكرمة فيكون التوقيت في طوكيو في تلك اللحظة هو الثانية عشر والنصف ليلاً ، فبكون طلوع الفجر على طوكيو هو في الساعة الرابعة والنصف فجراً يكون التوقيت عند تلك اللحظة في مكة المكرمة هو تمام الساعة العاشرة والنصف ليلاً ، وبهذا ينحصرُ التوقيت التقريبي لنزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بين الساعة السادسة والنصف والساعة العاشرة والنصف ليـلاًً بتوقيت مكة المكرمة ، وهذا التوقيت هو فيما بين الساعة الثانية عشر والنصف ليلاً الى الساعة الرابعة والنصف فجراً بتوقيت طوكيو مثلا ً لمشرق ِالأرض . فلو كان نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار حراء بعـد طلوع الفجر على مشرق الأرض لم تكن ثمـّة ( ليلة ) كاملة على الأرض هناك ، ولم يكن ثمّـة ليلة قدرٍ في المشرق يتوافق توقيتها مع ليلة القدر على جزيرة العرب ، بل سيختلف توقيتها او إسمها
وأنت هنا تحاول أن تثبت أنها ليلة واحدة على كل الكرة الأرضية ولكن استدلالك بالتوقيت اقتصر على النصف الشرقي من الكرة مكة ـ طوكيو .. ولم تشر إلى النصف الغربي إطلاقا الذي يكون في هذا التوقيت نهارا وليس ليلا
ثالثا
يقول البحث :
من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم نعلم أن ليلة القدر لن تكون إلاّ في ليالي الوتر من العشر الأواخر من رمضان ،
فبإدخال شهر رمضان المبارك في ليلة الجمعة تكون ليلة القدر هي ليلة الثلاثاء ولكن تاريخها يكون هو السادس والعشرين من العشرالأواخر وهذا ما يتعارض مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم أن ليلة القدر هي في ( الوتر من العشر الأواخر ) ، فبهذا لن يدخل شهر رمضان على أهل الأرض إلى يوم القيامة بليلة الجمعة ،
وفي إدخال شهر رمضان المبارك في ليلة الأحد تكون ليلة القدر هي ليلة الثلاثاء ويكون تاريخها هو الرابع والعشرين من العشر الأواخر من رمضان وهذا ما يتعارض مع تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم للأمّة أن ليلة القدر هي في ( الوتر من العشر الأواخر ) وبهذا لن يدخل شهر رمضان المبارك على أهل الأرض في ليلة الأحد إلى قيام الساعة ...
نعم أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم تدل على أنها لن تكون إلا في ليالي الوتر .. ولكن الرسول لم يذكر أنها ليلة الثلاثاء تحديدا حتى يتعارض معها دخول رمضان بجمعة أو أحد .. هو يتعارض مع استنتاجك أنت .. و استنتاجك ما زال في طور التحقق منه والاقتناع به
رابعا
يقول البحث
طلوع الشمس صبيحة ليلة القدر ( لا شعاع لها ) ليس طلوعها على مكة المكرمة ولا على الحجاز ولا على جزيرة العرب فقط بل طلوعها على أهل الأرض كافة أكانوا في مشارق الأرض ام كانوا في مغاربها ستطلع الشمس صبيحة ليلة القدر على المسلم الذي في طوكيو وإن راقبها سيجدها ( لا شعاع لها ) وكذلك تكون على الصين ويراها من يراقبها انها تطلع لا شعاع لها ، ثم تكون كذلك على الباكستان ثم جزيرة العرب ثم بلاد المغرب العربي ثم على المحيط الأطلسي ثم على المكسيك وما حولها ثم على المحيط الهادي ... فهي ترى بالعين المجرّده ويجد الرّائي إختلافاً كبيراً بين طلوعها صبيحة ليلة القدر وطلوعها في صباحات أيام أُخرى أكان الرّائي مسلما ام غير مسلم ولكن توقيت الرؤية الفاصلة لمعرفتها هو ( طلوعها ) ثم ترتفع على الشرق ويشتدّ نورها عليهم لتطلع بنفس الصفة على من بعدهم ( لا شعاع لها ) ثم ترتفع على هؤلاء لتطلع على مكان آخر وهي بذات الحالة والصفة فكونها ضعيفة حمراء او لاشعاع لها عند طلوعها صفة ثابتة فيها مع انها تكون الساعة الثانية عشر ظهراً في سماء طوكيو وتكون في نفس اللحظة قد طلعت للتو على مكة المكرمة ويراها من يراقبها عند طلوعها أنها ( لا شعاع لها ) فصفة (ضعف نورها ) هي صفة للشمس وهي بالتالي تكون باقية كل ذلك اليوم ولكنها لا تكون واضحة كما هي لحظة طلوعها ...فهذه الخاصيّة لا تفارق الشمس حتى تُكمل الأرض دورتها لتغرب شمس اليوم الذي كان صبحُه صُبح ليلة القدر ولتنتهي عندئذ هذه الظاهرة الكونية العظيمة ليلة القدر وصبيحة ليلة القدر ، وهذه الظاهرة تعود بتوقيت في غاية الدقّة والإنضباط ، منذ صبيحة الليلة التي بعث فيها الرسول محمداً صلى الله عليه وسلم ، والثابت حقاً انها تكرّرت منذ أن بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم هادياً ومبشراً ونذيرا وداعياً الى الله بإذنه وسراجاً منيرا 1438 مرّة حتى صبيحة ليلة القدر في شهر رمضان الماضي في سنة خمس وعشرين وأربعمائة والف من الهجرة
وهذا يتطلب أن يكون دخول رمضان في يوم محدد على جميع سكان الكرة الأرضية ، وهو لا يكون فلكل بلد رؤيته والتحقق من ثبوته منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقد ورد في عهد عمر أن أهل الشام صاموا في يوم وأهل المدينة صاموا في اليوم التالي ، كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يذكر شيئا بشأن تحديد دخول رمضان وإنما قال صلى الله عليه وسلم ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا شعبان ثلاثين يوما ) ولفظة غم تدل على أن الهلال قد يظهر في بعض النواحي فيرونه أهلها ويغم على بعضها فلا يرونه وبالتالي سيختلف دخول الشهر بين تلك النواحي وسيختلف تبعا له أوتار العشر الأواخر من الشهر فالوتر في ناحية هو شفع في الناحية الأخرى
أستاذي الفاضل:
أنت تريد أن تلزم المسلمين جميعا بالصيام في يوم واحد ، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يلزمهم بذلك ، وتريد ألا يدخل رمضان في جمعة أو سبت وقد رأينا كثيرا من الرمضانات تدخل بهما ، وكل هذا من أجل إثبات نظريتك وهو تعسف في غير محله فالقاعدة الثابتة تخضع لقانون مستمر لا مجال فيه للاستثناءات المتعددة .. كما أن رصد طلوع الشمس في صبيحة ليلة القدر لست أو سبع أو حتى لعشرين رمضان ليس كافيا للدلالة على أنها يوم الثلاثاء فقط
ولو سلمنا بهذا الاكتشاف لصار لزاما علينا لتحديد دخول رمضان أن نحسب أولا الثلاثاء الموافقة للوتر وعلى ضوئها نحدد بداية الشهر وفي هذا تعارض مع حديث الرسول صلى الله عليه وسلم آنف الذكر
وعليه فإن بحثك ينقصه الكثير من الأدلة التي تهئ عقولنا للاقتناع به ، وأتمنى أن يفتح الله عليك وينور بصيرتك ويسدد خطاك وييسر لك طريق المعرفة للوصول إلى ما تصبو إليه وإذا وصلت فإن ذلك سيسعدنا بلا شك
ومن ذا الذي لا يسعد بمعرفة موعد ليلة القدر جعلنا الله وإياك ممن يكتب لهم رؤيتها
المفضلات