الطائف - احمد حسن الزهراني: جريدة الرياض 29/7/1428هـ
أكثر من عشرة آلاف زائر وزائرة استقبلهم سوق عكاظ التاريخي منذ افتتاحه في الأسبوع الماضي وقد شهد السوق عدداً كبيراً من الزائرين من مختلف مناطق المملكة ودول الخليج العربية والدول الإسلامية وعدد من ابناء الجاليات بالمملكة.
وسوق عكاظ الذي يقع في شمال شرق مدينة الطائف بين الأتيداء والعبلاء والحريرة ووادي الاخيضر هو سوق تاريخي بني عام 500ميلادية واستمر حتى صدر الإسلام إلى عام 129ه وهدم على يد الخوارج.
وقد شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سوق عكاظ في صباه محارباً ومتسوقاً ثم بعد الوحي داعياً إلى الله وقيل إنه ظل لعشر سنوات يحضر مواسم سوق عكاظ وسوق محينة وسوق ذي مجاز - حيث تؤم الحجاج هذه الأسواق الثلاثة - يدعوهم إلى الإسلام ويبلغ رسالة ربه عز وجل.
وفي أسواق عكاظ ابان العصر الجاهلي استجار الرسول صلى الله عليه وسلم ببني عامر فأجاروه وقد وقف عمر بن الخطاب قبل الإسلام في عكاظ مصارعاً لأقرانه. وقديماً كان يرتاد سوق عكاظ حكام العرب أمثال أكثم بن صيفي وابن زرارة والأقراع بن حابس وغيرهم من سادة اليمن والبحرين وعمان ومندوب النعمان بن المنذر ملك الحيرة وحكماء عرب أمثال قس بن مساعدة وغيرهم وينزل بعكاظ القرشيون وخزاعة وغطفان وهوازن وعصل والمصطلق والأحباش وطوائف مختلفة من الشرق والبحرين واليمن واليمامة وعمان.
وتدل بعض الاحصائيات ان سوق عكاظ يرد إليه في كل عام أكثر من تسعين ألفاً من شتى القبائل وتتم في عكاظ الحلول السياسية والحكم في المخاصمات والقضاء، وكان في بني تميم وممن تولى القضاء عامر بن الظرب العدواني وسعد بن زياد مناة، ولما جاء الإسلام كان يقضي في عكاظ محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم حيث كان أبوه قاضياً في عكاظ وأصبحت ارثاً لهم في الإسلام وكان آخر من تولى القضاء منهم هو الأقرع بن حابس.
أما في ميدان الخطابة والشعر فقد كان عكاظ ملتقى ثقافياً مهماً لجميع النابغين في الشعر والخطابة وبرزت في سوق عكاظ المعلقات السبع التي كانت تعلق في اشجار عكاظ وتسمى بالمشجرات ثم علقت على ستر الكعبة فسميت بالمعلقات كما سميت السموط ومن ألقابها المذهبات.
وفي ميدان التجارة كان سوق عكاظ يجمع بين وظيفتي الثقافة والتجارة وترد السوق جميع مستلزمات العرب والعجم قديماً من اليمن والجزيرة العربية وعمان والشام والعراق وخصص لها يوما الأحد والجمعة.
ويجلب في السوق السمن والألبان والأجبان من البوادي والموشاة والأدم وأنواع الطيب والبخور والاسلحة والألبسة من الحرير والصوف والأحذية والمسير والعدني وجميع المعادن والمسك الذي يبعثه النعمان بن المنذر على ظهور الجمال ويستقدمها أحد أشراف العرب ويبيعها.
وتباع الجلود المدبوغة التي تشتهر بها الطائف والثياب المطرزة فكانت تعد من أهم مصادر التجارة للعرب.
وفي عكاظ كان يتم تبادل الأسرى بين القبائل حسب حكم قبائلي وتدفع فيه الديات خاصة من كان لهم ديات ولم تدفع يقف في عكاظ ويطلب دفعها حتى يجبر اخصامه بدفعها بالحكم القبائلي.
ومن الظواهر الغريبة كان ملك باليمن يرسل سيفاً يمانياً وأثواباً فاخرة ومركوباً فارهاً فيقف رسوله ينادي هذه يأخذها أعز العرب، وكان كسرى ايضاً يرسل بسيف قاطع وفرس رائع هدية يشتري بها ود أحد اشراف العرب حتى يتم التعرف إلى اشرف العرب وأعزهم فبكسب ودهم.
وبيعت في عكاظ حلة ذي يزن اشتراها حكيم بن حزام ليهديها للنبي صلى الله عليه وسلم ولكنه رفضها واشترى ابنا الحجاج حلتين من لطيمة كسرى وكان يبيع الفارس في عكاظ اسلابه ومغانمه وكثيراً ما أدى ذلك إلى كشف أمره.
ورغم ذلك حافظت عكاظ على أخلاقيات العرب الحميدة فلا تباع المسروقات والبضائع المجهولة.
وعكاظ اليوم يعيد وهجه التاريخي والثقافي والتجاري وسط اهتمام القائمين عليه وفي بداية مشواره هذا العام بعد توقف دام أكثر من 1300سنة يعود برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين وافتتاح سمو أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل ومتابعة معالي محافظ الطائف الأستاذ فهد بن معمر وشهد اقبالاً منقطع النظير إذ يتضمن برنامجه هذا العام أكثر من عشرين أمسية ومحاضرة وندوة للجنسين يفد إليها في كل ليلة أكثر من ألف رجل وامرأة وسط تنظيم متكامل.
المفضلات