المانع وزيرا وكاتبا والعجَلَة: ليت عاشور ألغى وزارة الصحة
قينان الغامدي
قال الدكتور حمد المانع في لقاء أو حوار نشرته صحيفة "عكاظ" الإثنين قبل الماضي: "إن الدكتور أحمد عاشور صديقي، وهو معي في دورية الآن مع مجموعة منسوبي وزارة الصحة نلتقي كلما حانت الفرصة، لكني كنت مضطرا لإعفائه من إدارة مستشفى الملك فهد بجدة، لإعادة المستشفى إلى أملاك وزارة الصحة، وحماية المستشفى منه، لأن المستشفى تردّى بصورة غير لائقة بمدينة جدة"! وفهمت أن الدكتور "عاشور" كان يريد -لا سمح الله- تأسيس وزارة موازية لوزارة الصحة، وإلغاءها من الوجود وليته فعل!! لكنّي أريد أن أقول للدكتور المانع أمرين مهمين جداً، ولكن بعد أن أوضح أن الدكتور المانع قد انتهى من المنصب وأصبح كاتبا متميزا في هذه الصحيفة "الوطن"، وهو مجيد للكتابة الصحفية ولما هو أعمق، ومع الأسف أن كتاب مذكراته الذي لقي احتفاء كبيرا لم أظفر به ولم أقرأه حتى الآن، وهو ببراعته في الكتابة -مع اختلافي مع بعض آرائه- يذكرني بالدكتور غازي القصيبي أو عبدالعزيز خوجة، أو الدكتور محمد عبده يماني، والأستاذ إياد مدني، وغيرهم كثر من الوزراء الأدباء والمبدعين والمتميزين، وإنما ذكرت هذه الأسماء تحديدا لأني أعرفهم معرفة شخصية أكثر من معرفتي الشخصية بالدكتور المانع الذي تشرفت بلقائه عدة مرات حين كان وزيرا للصحة، رحم الله من توفي منهم، وأطال في أعمار الباقين ومتعهم بالصحة.
المهم سأخبرك يا دكتور حمد بالأمرين:
الأول: أنني أحترمك شخصيا، وأهم من ذلك، أنني أقدر دورك كوزير صحة، كنت من النادرين المتميزين الذين مروا على هذه الوزارة المستعصية على الإصلاح والتطوير، لكنك حاولت، ونجحت في بعض محاولاتك، وأهمّها برنامج "الحزام الصحي" الذي مات، وأنكره خلفك آنذاك، بل قال: لم أسمع به ولا وجود له!! مع أنك شرحته عدة مرات، وقلت: إنه يمثل مستشفيات متخصصة كبيرة في كل مناطق المملكة، وإنه اعتمد رسميا!! لكن لا عليك، فكثيرون اليوم -مع الأسف- ينكرون فضل -ملوك-، وليس وزراء فقط، وأحدهم قال في مقال شهير، إن عهد الملك عبدالله كان "حقبة مظلمة"، وإنه -رحمه الله- لم يكن يعلم أن الديوان الملكي -نعم ديوانه-!! كان يكيد للدين والمتدينين والملك لا يعلم!! وأظنك يا دكتور حمد لو قلت هذا الكلام لملحد في أوروبا أو أميركا، لقال لك فوراً: هذا كذب صريح، فمن المستحيل أن يعمل ملك سعودي ضد الدين والتدين!! فما بالك بوزير!!
الأمر الثاني:
أن "د. أحمد عاشور" صديقي -أيضا- والأهم أنني لم أتعرف عليه جيداً ويصبح صديقي، إلاّ بعد أن أعفيته من إدارة مستشفى الملك فهد، حيث أصبح حراً، متفرغا للأصدقاء والعائلة والمحبين، لكن كنت أعرف المستشفى أيام إدارته وتعاملت معه، وتوسطت عند الدكتور "عاشور" نفسه، وعند أصدقائه، لخدمة مرضى مواطنين محتاجين، لم يكن المستشفى قادرا على استيعابهم وخدمتهم، لكثرة الناس المحتاجين لخدمات المستشفى.
وللحق فقد كان الدكتور "عاشور" كاتبا ومثقفا قبل أن يصبح طبيبا وموظفا في الحكومة، وما زال، لكنه كان فوق ذلك إداريا حازما، وصاحب علاقات واسعة نافذة، سخرها لخدمة المستشفى، فقد كان يجمع التبرعات المالية، ويحث القادرين -بعلاقاته- على تكثيف التبرع والدعم للمستشفى في ظل عجز وفساد -وزارة الصحة- حتى جعل المستشفى أنموذجا للمستشفيات الراقية، بل أصبح التنويم للمرضى المحتاجين فيه، مطلباً ملحّاً أكثر من المستشفى التخصصي بجدة أو الرياض آنذاك، فكيف تصفه بالتردي!؟
أنت أعفيته بدون مقدمات، إرضاء وانسجاما مع موقف سلفك -الذي نقدره ونحترمه- ولا نتفق مع أسلوبه الإداري، ولا نظراته للآخرين -خاصة مرؤوسيه- مطلقا، -وبالمناسبة هو صديقي حتى الآن إن لم يكن هذا المقال ختام صداقتنا-، ولو أنك -يا دكتور حمد- تأنيت قليلا لوجدت في "د. عاشور" ما ينقذ وزارتك كلها في تلك الأيام، لكن قاتل الله العجلة، وقاتل طغيان شخصية ونفوذ "د. عاشور"، مع أنه طغيان خدمه وخدمنا وخدم مستشفى الملك فهد بجدة الذي فقد كل تلك المميزات التي كسبها من إدارة عاشور، وعاشور هذا رأيته بنفسي وهو يداوم في "بدروم المستشفى" وسط موظفيه حتى ساعات متأخرة من الليل آنذاك، وفي أيام كثيرة كنت أتردد على المستشفى لزيارة أصدقاء أو التوسط لآخرين، وعلى كلٍّ الحمد لله، طويت تلك الصفحة، وبقي تردي مستشفيات وزارة الصحة عنوانا لما فيها من فساد يطل برأسه بين الحين والآخر في صورة كارثة!! أما عاشور فهو الآن متفرغ لخدمة أسرته وصحته وراحته!!
نقلا عن الوطن
المفضلات