بسم الله الرحمن الرحيم
اخواني الاعزاء
أنزلت هذه الكسره في ( ملتقى مدينه بدر )
وطلبت من الاستاذ خالد حسين الصبحي وهو شاعر واستاذ فاضل في اللغه العربيه
أن يقرأها وينقدها لما لمست منه من خلال مشاركاته ومداخلاته بأنه لايميل الى المجامله
وتشرفت برده واللذي أضعه أمامكم لانه يستحق القراءه فعلاً
وبلا شك بأنني أستفدت من نقده وله جزيل الشكر .
[poem=font=",6,white,bold,italic" bkcolor="purple" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
دام الأمل فالنفوس يدب = احرص على اسباب تحقيقه
حتى اللذي في غياهب جب= يفرح بعد مانشف ريقه
تحيتي=[/poem]
أهلا بك اخي الكريم
و يشرفني قراءة كسراتك
و اعلم اخي الكريم أن الشاعر نصفه ناقد و يزداد بالمطالعة و التمرين
الكسرة هذي رائعة لعدة أسباب فنية
- بداية الشرط فيها ( دام ) تخرجها من نسق التكرار بمعنى أسلوب غير مطروق كثيرا في الكسرة
- المعنى ذاتي عام أي هو نابع من ذات الشاعر و يصلح للجميع ، و يبدو فيه الشاعر في البيت الأول ناصحا او قائل حكمة ، لكن البيت الثاني يكشف الذاتية أو التجربة الشخصية من تقييد البيت الأول العام .
- دبيب الأمل متوافق مع جدا مع اقتراب اليأس الذي توحيه البيتين ، دبيب حالة ضعف ، أي الأمل كاد أن يتوقف لكنه لازال يدب بإصرار .
- غياهب جب ، إشارة رائعة لقصة يوسف بكل تجلياتها النفسية في ذهن القارئ
- لا يبدو أن الظمأ هنا هو الهم رغم حضوره الظاهري من كلمة جب التي تجلب معها الماء ، و من كلمة نشف ريقه التي تشير للظمأ
- نشف ريقه أرى أنها تعني طول المشوار المتعب بطرقها الشعبي حين نقول : نشف ريقي و راك . أي تعبت وراك
- كنت سأعتبر كلمة ( يفرح ) في غير محلها لو أخذت بمعنى الظمأ لأن كلمة يروى حينها تكون ابلغ ؛ لكن وجودها بهذا اللفظ يعزز فرضية التعب و الحزن .
- غياهب تشير للظلام و تكرار المعاناة لذلك جاءت جمع تكسير مشيرا للكثرة
- أيضا البقاء في الجب مع نشافة الريق تزيد المعاناة لقرب النقيضين ، الماء و يباس الريق ، و هي إشارة لتوازي الحزن و التعب مع الفرح ( النتيجة ) و الطريق ( الوسيلة ) . و كأن الثاني نتيجة للأول أو العكس .
- ( غياهب جب ) معرّف بالإضافة ، رغم أنها لو فصلت تكون نكرة مما يستلزم اقترانهما في ذاكرة الشاعر و أنه جب معروف لديه ، بل هو مقيم فيه حتى الحزن .
- أروع مافي الكسرة أنها تعني الحزن بدون ذكره ، و تشير لليأس بدون نطقه فيما يمكن تسميته مرآة المعنى المضادة للفظ ، و هذه قدرة لغوية رائعة فعلا ، و ذلك بنطق الفرح لمعنى الحزن و نطق الأمل بلوعة اليأس .
- من الجمل التي حدّت من اكتمال الكسرة فنيا - في نظري - القالب الجاهز ( احرص على اسباب تحقيقه ) و هو قالب مطروح بكثرة لم يتعب الشاعر في نقضه و محاولة تجديده ، و لا أعني هنا أنه قيل لفظا من قبل ، و لكن أعني أن الأسلوب مكرر ، و لو حاول الشاعر تعميق الصورة بتغيير كلمات النصح المباشرة مثل ( احرص ، أسباب ) لاكتملت الكسرة .
- ربما يجيب أحدهم بقول أن الكسرة تميل للبساطة و سهولة الوصول لمعانيها ، و هذا صحيح ، لكني أميل للتجديد و جعل كل شطر من الكسرة يحمل صورة تعضد المعنى الكلي ، خاصة و أنها قصيرة و المعنى متسع .
- من المفترض - في نظري - إكمال الشطر الثاني من البيت الأول لصورة دبيب الأمل في الشطر الأول أو بصورة تمهد للبيت الثاني و الشاعر قادر على ذلك بقليل من التأمل .
- التأمل في الكسرة بعد نفثها من الروح و إنتاج الصور الجديدة بتغيير الألفاظ لا يعيب الشاعر أبدا ، بل على العكس سيبث الحيوية في لغة الشاعر و كسراته .
- احرص على اسباب تحقيقه ، جملة تقريرية مكتبية جافة ، تمنيت لو تعمقت في تصويرها
- النفوس تشير لوجود طرف ثاني مخاطب لم يعلن عنه في الكسرة لكنها تخاطبه بحزن ، ربما هي انقسامات الشاعر في حيرته ، أو هو طرف التجربة الآخر ، الذي قد يكون معنى مجرد أو إنسان .
- كلمة ( الذي ) مع كثرة استخدامها تحدّ من توهج الكسرة و الأنسب تبديلها بلفظة تزيد الصورة اشتعالا مثل كلمة الفتى أو الهوى أو المدى ..... الخ حسب ما يعتمل في نفس الشاعر .
- الكسرة بمجملها رائعة .
- القوالب الجاهزة خطر على كل شاعر و خاصة في الكسرات ، و لابد للشاعر المتميز من الانتباه لها و تجاوزها بالتجديد مهما بدت الكسرة غامضة أو غريبة .
- بقي القول أن الكسرات لا تصنع تجربة شعرية للتاريخ ، صحيح قد تخلك كسرة ، لكنها لا تشبع روح الشعر الجائعة ، و موهبة بمثل موهبتك من الخسارة بقاءها على ساحل الكسرة ، بينما محيط الشعر الهادر يتماوج أمامها .
- الشعراء الشباب غير معذورين في ضحالة الاطلاع على تجارب غيرهم من الشعراء ، و الآداب ، شعرا فصيحا و شعبيا و قصة و كسرات ، و ذلك لتوفر الانترنت المليء بكل معرفة و معلومة على عكس الجيل السابق الذي كانت المعلومات بعيدة عنه و لا يسهل الوصول إليها .
- أخيرا الشعر بمجمله و منه الكسرة حمّال أوجه ، و يحتمل تأويلات عدة لذلك لا ضير لو تفجأ القراء بقراءتي .
- ما كتب أعلاه وجهة نظر صاحبها تحتمل الخطأ و الصواب و هي ليست تنزيلا .
- ما كتب لا ينقص من قدر الشاعر شيئا بل هو يزيده تألقا في قادم إبداعه .
- النقد يشبه تعديل العراجين الثقيلة على جريد النخل ، و يجب على أي شاعر أخرج أوراقه من درجه و نشرها أن يكون مستعدا للتعديل و ربما القطع ، فلم تعد قصيدته ملكا له بعدما نشرها بل هي للقارئ
أشكرك أخي فيصل على حسن ظنك بأخيك و أعتذر أن كان فيما كتب شيء مزعج
للجميع تحياتي
المفضلات