يسرنا هنا أن نورد لكم على حلقات متتابعة الزاوية الشهيرة التي يكتبها الشاعر الكبير الأستاذ طه محمد حسن بخيت في جريدة البلاد الغراء ، بعنوان ( إبحار ) .
وذلك ، للاستمتاع والحفظ لمن أراد.
يسرنا هنا أن نورد لكم على حلقات متتابعة الزاوية الشهيرة التي يكتبها الشاعر الكبير الأستاذ طه محمد حسن بخيت في جريدة البلاد الغراء ، بعنوان ( إبحار ) .
وذلك ، للاستمتاع والحفظ لمن أراد.
متى قلت :
يا من تشوف الجفا أفضــل...... راجع معي جملة احســـــــابي
أخاف ذاك الندم يفضــــــل...... يألمــك أكثر من اعتــــــــــابي
****
من المفترض أن يقف الإنسان لحظة في كل لحظة على مدار الساعة ، بعد أن يجرد نفسه ويفرغها تماما من كل عواطفها ومصالحها ، وحتى انشغالاتها .. ليتساءل ..
كم هو العائد من المرابحة التي أبرمها فيما بين نفسه والآخرين ؟! .
ليحسب محصلة الحب من خلال التعامل اليومي فإن وجد لمؤشراتها ذلك التصاعد الإيجابي .. يمكنه ساعتها أن يضبط عليه مجموعة علاقاته بالناس ، أو ليعد صياغتها بما يحقق التصاعد المطلوب ، وليدرك أن خطأ ما ــ أدى إلى ظهور ذلك الهبوط في العلاقة وعليه تصحيحه .
فالصورة التي تظل عالقة بجدار الذاكرة لا يمكن إلا وأن يكون لها ذلك الوهج المبهر إلم يكن أسقطتها رياح الذاكرة إلى هاوية النسيان ..
دعوة أخالف بها أولئك الذين يلونون كل تعاملهم بطلاء من الحب الزائف المؤقت ويملكون القدرة على تمريره على وجدانيات تستطيع خلط كل الألوان بحسب الزمان والمكان ..
وفي كلمة تحسب لأخينا وكاتبنا المعروف (محمد الفايدي) قوله : (لست من البشر القادرين على الابتسام ودواخلهم تحترق ، ولا من الذين منحهم الله موهبة التصالح مع أنفسهم وذلك بقبولهم كل الألوان ) انتهى كلامه ولم تنته حالة التأمل عندي أحلق بها طائرا حول شفافية النفس تستنطق الكسرة في قول القائل:
لا زاد مــره على حاليــه..... مع طيب نفسي ووجــداني
بمدارسه لا احتمال ألغيـه..... اللي عــلى طـوف نسـياني
ليــه الغــرام الذي ناســيه..... يردنــي للهـــوى ثــــــاني
إل ذاكره من زمن صافيه......وحرقتــي فيه ووجنـــاني
ذلك الحب الذي يجب أن يظل لتظل الصورة في مكانها حالة من الوهج والإبهار .
..........................التواصل بين الشعراء...........................
(التواصل بين الشعراء مطلب ضروري لإنتاج أفضل) ..
شبيهة ــ تماما ــ لكثير من الجمل الدعائية التي نشاهدها في الإعلان عن أي منتج ..
من هنا تبدأ حكاية المد الشعري وكيف اخترق مشيمة العصور مؤكدا بقاءه في تلوينته الثابتة وأنماطه التي لم تتغير كهوية رغم تغير الملامح والأشكال بحسب الأزمنة والأمكنة التي توالد بها ..
وقديما قيل : النثر يمشي والشعر يرقص .. ولا يكون الرقص إلا في احتفالية من الإنشاد له والتغني به .
يقول المتنبي سيد الشعر :
( إذا قلت شعرا أصبح الدهر منشدا )
ونحن لا نريد الدهر بقدر ما نريد مجموعة من حولنا .. رسالة أتوجه بها إلى شعراء ينبع دعوة إلى التواصل والتقارب ولبناء جسورا من الصلة وهي التي خبرتها بين الشعراء الكبار يوم أن كان أحدهم يحرص على حضور الآخرين من الشعراء جميعا ويسأل عن حضورهم ولا يحلو له الشعر إلا مع ما يجده في شعرهم وبما يرقى به إلى شعر جميل وكلمة مقابلة لا تقل ندية وعذوبة تطرب ، حالة ما يسمى بالقبيل الند ، والقبيل الأستاذ أو المماثل ..
فالشاعر روح تتواصل ونفس يبعث بالمقابل صعودا وهبوطا وبحسب الجاذبية والإقناع بينهما وليتنا نعيش هذه الحقيقة ونحرص من خلالها على تأكيد هوية الحب صلة لاتنقطع ..
في غنائية الشعر عند ( الهادي آدم ) ..
أنا لولا أنت لم أحفل بمن راح وجاء
يا رجائي أنا كم عذبني طول الرجاء
لا وألف لا .. للحزازيات والمشاحنات التي لا نجني من ورائها ــ سوى ــ البكاء ــ في يوم ــ على موروثنا الرديح وفي مشهد جنائزي تضحك فيه القطيعة على أنها السبب .
خاتمة ..
الرديح الأخير أخالف فيه كل المتشائمين .. وذلك ..
بعد اطلعــــنا على التسجـــــيل......اللي مــــــدون لنا ارصــاده
وأتوجد معه ..
أبكي على ذكــريات الأمــس........أيــــام قلبي معه حســـاس
استبدل الأنس ذاك بعكـــــس........وخصــني فيه بين النــــاس
ولا ألاطف أحدا حينما يقول ..
داريت بملاطفــــــــه ما حس......وزاد المآسي أسى ما يقــــاس
قراءات تؤكد .. نجاحه من حيث الحضور الواعد والقوة في بعض ألحانه في ليلة كانت ليلة رديح بالفعل لا ينقصها إلا جمال من غاب عنها من الشعراء الكبار ليكتمل العقد .. والتفرد فيه لا يرقى به قدر ما يضره ليتنا ............. ! .
أيها الشاعر إني اعتذر
عوداً على بدء ..
أذكر بالخير شاعرنا وأديبنا الأستاذ عبدالرحيم مطلق الأحمدي ولأقول له .. أهديتني وردة ..
وأهديتك روح تطرب لإهدائك الجميل ..
(1) أهل الكسرة .. مشروع موسوعة لشعراء الكسرة .
(2) ومرويات ابن قابل .
كتابان حفلا بجهدك واستأثرا باهتمام القارئ المحب لهذا اللون ، واستميحك العذر في استعارتي لعنوان ديوانك الشعري الأنيق (أيها الشاعر إني اعتذر) لأكتب من خلاله اعتذار نفس تتعب أن توفيك هذه الاستجابة واللفتة الطيبة منك ، تزيلها بكسرتك المستوحاة عن شفافية نفسك وطيب معدنك ..
بــــعـد التـحـــيــات والتــقــديــر......أهــديــك مـــا راق مـــن همـي
وأبغــــاك تهــدينـــي التـــنـويــــر....فـي درب مســـكــون ومســمـي
ولا أجد أجمل من الرد بالقول ....
جـــات المـكـاتـيـب والتــصـديـــر........بـالــود عــنـوانـها يــمـي
ممــنون يـــا ريـــس التحـــريــــر........مشـكـور يلهج بــها فـمي
تواصلي إليك ..
أزرعه على دربك خطوات تعشب بالشوق ، وتندى بالأمل الدائم في أن تظل وأمثالك ممن أكسبهم ثمرة لحرفي وإشراقا لما تكتب .
وبالمناسبة إليك أخي خالد ناجي أنقل إعجابه بما كتبت (العلاقة بين الكسرة والزجل) وتمناه حديثا يطول في شفتينا ، أنقله عنه وأوقعه .
قد عرفناك باختيارك مذ كان........ دليلا على الحصيف اختيـــــاره
....................... محمد يوسف أبو كرسوم ................................
عندما يقول :
وين الصــــبر دلني ياعـيـــــن......أبغـــــــى منـه ضد لفـــــــراقي
لا أخاله يكتب الكسرة إلا تحت هذا المانشيت العريض :
اكتبيني لحظـــــــة تقـــــرؤني......أعين الورد وأنفاس الصباح
وفي طقوس يستروح من خلالها شيق الحرف وريعان الكلمة .
أغرتني للحديث عنه تلك التطريفة الجميلة عن آخر الموضوع الشيق الذي كتبه الأستاذ عطية عيد في مقاله (هوية الشعراء) ..
أثار كوامن الشجن الهاجع بالإعجاب يتأتى عن ترويسة الأمس ، غيبه اليوم هذا البعد بالكسرة عن الهندسة المطبوعة فأجده الحس الدافئ باختلاجات العاطفة تتموج بالمفردة تنويعات عذبة وسباحة توقيعية .. ما أجملها في قوله :
ويكنـــــما عطـرها بورود......تطعيم مثنى من الأشجـــار
ريحه لها شبه عطر العود...... وأرياح شتى من الأزهــار
يشدك معها هذا التوظيف للتركيبة الشعبية مع الفصيح (وي كأن) .. والقدرة لديه على تطريحة الغصن فينبت بالإخضرار المشتهى في مواسم الكسرات ..
اسمعه ..
يشدو سمعته حمام الأيك......على غصن في طوارف حوض
لـما رنـــا قــال لي لبيــك......قلت العفو يا حمـــــام الروض
وفي قوله :
سلام والفجــــــر لا لاحا......يطـــري عليّ الرفق وازهــــــم
وفي سياحة في اتجاه ما وقفت عليه من كسرات لشاعرنا المرحوم محمد يوسف أجد بأنه صاحب قاموس لفظي خاص به .. يتفرد من خلاله على غالبية شعراء عصره .
وفي قراءة لمناجاته الرافهة :
أناجي الورد في خديــك ........ عذبا عذي ما أتاه الخوض
تلمس نعومتها بما يستدعي الصورة الشاعرة عند الشاعر العباسي (علي بن الجهم) المستوحاة من ترف القصر (في عيون المها) .. وأرجع لأبحر معه شراعا لاهثا وراء صورته ..
تبخـــترت وانبعث تيـــــــــــــــار...... من عينــــــها ظبيـــــة الوادي
وأعود تأملات في :
حـــــوادث الود باستمـــرار......لكن لها ضد ما حصــلت
اسعى لها في دجى الأسحار......مهتم في شانها ما اهمـلت
كيف الوسـيله معــــه بانوار......حجــه لقدمتـــــها واصـلت
اهل الهوى خدع باستعمـــار......لو إن من الباقيات أفصلت
جملة من المفردات الموظفة في مكانها ، والمنتقاة كأجمل ما تكون الدقة وحسن الاختيار والمكنة اللفظية الثرية عنده .. بالوقوف عليها والتحليل لها يترسم عند القارئ أو السامع للوهلة الأولى أنه أمام شاعر غير عادٍ وبما يتوافق معي على أنه صاحب قاموس متميز ، وبصمة واضحة تتعقبه من خلالها .. تعرفه بمجرد الحس بها ، ولا يختلف عليه اثنان على أنه شاعر الورود ..
وردة وعشــاقها نعســــان.......ومن لذة النوم حارمتــــــه
لكن جفا والجفــا شتــــــان......بينــــه وما بيــــن ظالمتــه
*****
ويا ذات الأفكار ما هــذا......اللي جعل خاطري مذهل
هـاتـف هتفـــــلي ثم لاذا......رامي رمى صـايبه ما زل
نداء لا يأتي به إلا مثله من الشعراء المقتدرين على الكلمة في لحظة من الذهول العذب لمن يؤسس للكسرة لغة لها خصيصتها ..
أسست ساس الهوى صقلم وابذلت جهدي ولا قصرت
هذه هي الكسرة عنده في صورتها (الحكاية) وهذا هو شاعرنا .. تطلعات سبقت عصره ، تتوافق اليوم مع معطيات الطرح النقدي والتجديد المطلوب للمفردة والصياغة ..
وفي دعوة للصفحة وأخي ياسر الاهتمام به كشاعر أغفله الضوء ، لكنه استطاع أن يظل في ذاكرة الموروث علما من أعلام الكسرة في ينبع ..
دمعة في وداع عزيز ..
الموت سلطه على روحي......وسلطة الموت ما اقواها
كل ما تعزيت بجروحي......ايردها جــــــــداد واحياها
التعديل الأخير تم بواسطة أبو رامي ; 21-04-2002 الساعة 07:06 AM
................... دخيل الله بن مازن القبساني ...........................
وأعزف على وتر المشاجاة مقطوعة من النغم القديم تقرر حالة من التقارب الوجداني خلدت من القليل الكثير لشاعر تمرد على كل الذين ينظرون للكسرة ويكتبون عنها هو دخيل الله بن مازن القبساني .
يجسدها صورة لأحاسيس الأحاسيس ، وشعر المشاعر المرهفة ..
يا من فقلبي رسم له سـاس........ما غـــيرهم حي يشقيـنـا
القـلب للقـلب يعـطي ماس.........لـو إنـه البعــــــد ناحيـنا
ظل ذلك النغم المتفرد يكتب نفسه في ذاكرة الحس بالكسرة وسطر خلود حرفه على الشفاه المحبة لها .
في ليلة السؤال .. كيف يشق الهوى حجب النفس ليصل إلى شغاف القلوب ؟.. يسأله الكرنب ..
كيف الهوى سار له مسلك ....... يسعى المسا والصباح يطوف
والقــلب محجــوز ومــدرك.......بين العضا والضلوع صفوف
ليلغي مسألة الظن فيه إلى اليقين ..
ما آظن يخفــــى على مثلك.......الله خـلقــلك نــظـر وتشـــوف
إن كان مــاهي طبيعــة لــك.......يجري مجاري الدما فالجوف
صرخ ساعتها طبيب المدينة .. من علم هذا البدوي بالدورة الدموية .. لولا عبقرية البادية وفطنة (السويق) من ينبع النخل قريته التي ولد ونشأ فيها شاعرا ملأ جنبات الكسرة برقة معانيه وانطلاقة حرفه على مساحة شكلت في مضمونها القاسم الأكبر لرواج الكسرة وسريانها ..
شأنه شأن مجموعة من الشعراء العباقرة .. لم يمهله الموت توفي وهو في ريعان شبابه .. يذكرني بأبي القاسم الشابي من تونس ، والتيجاني بشير وإبراهيم الحجي ، أتعبته غربة الروح يختصر معاناتها ..
الكـــــل فــي ديــرتــه راقـي........وآنــا غــرامــي مــعــنــيني
ما ادري من العمر وش باقي........حتى الأمــل فيه يكفـــــيني
ومن ذلك قوله ..
لا وابي إلا نــحــو وانــحــــيت.......وبعـــد الملايـــــــم تنــاحيــنا
ونّــــوا وانا مثـــــلهم ونــيــــت......ومــن البــكــا كلنا ازريـــنــــا
رحلة مع الحرف سافرها الكثيرون ممن وقفوا على شعره .. ولعالم من الكسرة اجتمعت فيه خصيصة القوة وظاهرة التطريب ..
أبحر معه هنا وعلى مساحة اعتذر معها عن الإيجاز حوله لألم غربة شعره وشتات ما تناثر منه إبحارا لا أوفيه ...
متى قلت :
لا مواخذه يا زمـــان الحـــب.....ولاباس يا قـــلوب ملتـاعـه
في وقت رغم ازدهار الطب..... ما عطاك من حصته ساعه
ربما كنت مبالغا بعض الشيء في لحظة من التأسي المر على زمن الحب ، أفتش عنه لا أجده إلا خلافا تزكيه حدة التنافر بين الأقطاب الموجبة وبعضها ، والذي أحسست معه ذلك التوجد عليه .
أجده اليوم صوتا قادما من البعيد القريب في شيء من التطريب الرافه لقلمه الذي قلما يغيب عن الصفحات الشعبية .
أطير إليه حرفا ينعتق اليوم من ذلك التأسي ليخط حضوره هتافا من زمن الشعر الذي حمل إليه رسائله مرددا :
ألا يا حمام الأيك إلفك حاضر......وغصنك مياد ففيم تنوح
شكرا ((لبدر)) ...
وأقف معه في رسالته لأخي أحمد عطا لأصفق لها ، وألطم غباء السؤال نفسه عندي .
فمن قرب من نفسه اقترب من الآخرين !
ولكنها القلوب التي لا تعرف الراحة يهزها شيطان الشعر فتعود إليه وصديقنا وشاعرنا العذب يسكنه الشعر ولا يمكنه الابتعاد عنه ولا تغريه به لخسارتنا فيه لو فعل ، وليظل الألق الدائم في عيوننا .
* رسائلك الأخرى محطة وقوف نتأمل معها اختلاجات الحرف عندما يصل إلى محبيه صفاء يفترش القلوب فتذكره . وما أجمل الذكرى تعود بخاطري أرسمها لحظة من العشق الأبدي يتسور الحرف دالية من الحب عناء أسافر معه على جناح الشاعر الكبير (يحي السماوي) عندما يطلب ..
من ذا يعلمني الجحــــــود لعــلـنـــي.......سأتوب من عشقي فأوصد بابي
وجميل فيها ــ أن تحتفظ بالروعة والإبهار لكل (المبدعين) ويأتي أخونا أحمد الدبيش واحد من أولئك النفر المبدع يتواصل مع الكسرة تواصل المساء الجميل إلى الفجر فيشرق بالحرف الآخذ بالحس إلى منعطف آخر .
خاتمة ...
وأحمل الشكر حواسيس دواخلي بأن الشعر بخير ...
في ليل شكله بشـــاير عيد........ وزهـزهات الجمال اتبــان
من اوله يا عســـاه يزيــــد........ عذب الصفا لا يقولوا كان
في ساعة متأخرة من الليل دق جرس الهاتف ، فتناولت السماعة وإذا بصوت يمليني هذه الكسرة ...
كفـــي بـكا واستكفـي نــوح.......يا قلوب مالك معه صــــالح
لا توسعين الجروح اجروح.......ولا تعمقيـــنه مع الجـــارح
ويطلب مني التعليق عليها ، والإبحار معها في اتجاه عودة الرديح إلى لياليه الخالدة ، فطلبت منه مقابلتي صباحا على عنواني عنده ، بدعوة دعني أنظر إليك أتفرس ملامحك لمعرفة صدق توجهك .
ولأعلق بعدها بأكثر من حاسة ــ السمع والبصر ــ وهو ما يعمد إليه حديثا كأسلوب من الأساليب الجيدة المتبعة في الوصول إلى حقيقة ما .
ولأقرأ في خطوطه قول الشاعر :
ولي من طموحي عناء كبير........أســاريــر وجهــي بــه ناطــقــه
وجاءني في الموعد ، فأدركت ما يرمي إليه ، وبما أسمح لنفسي التعليق عليه بالقول ..
ليت أنـّا تعيـــــدنا الأسبــــاب........المســــاء الجميــــل والأحبــــاب
وانتهت المقابلة ، ولا أدري مدى قناعته ، ولكن الشيء الذي عرفته وأدركته أنه خرج متمما بالقول ..
عازف وشـــاعر وبحـــريه..........من دونهم ما يتكامل لعـــب
بالعون حــــــاله كماليــــــه..........نريـــدها بالمصـــافى حــب
بعد أن ترك رسالة موجهة حـمـّـلني أمانة الوصول بها ، وطلب مني التصريح لا التلميح ، وقد كفاني الشاعر الكبير نزار قباني مشقة إيرادها وأجدها ملخصة في ثنايا بيته الخالد ..
أنا مع الحب حــين يقتــلني........متى تخليت عن عشقي فليس أنا
........أحتاج إليك وأهرب منك .. وأرحل بعدك عن نفسي ".........
غنائية جميلة استمعت إليها فتذكرت معها إحدى كسراتي البعيدة عني لبعد مناسبتها.
لحظة كنت فيها أحوج ما أكون إلى الشعر فوجدته البعيد المتمرد .
وهي الحالة الغريبة التي يرحل فيها الشعر فيرحل فيها الشاعر عن نفسه . لا يدري إلى أين ، ولكنه يغيب ليحضر شيطانه معه بعد لحظة من الصمت يعود وكأن شيئا لم يكن .
صورة عن الحالة التي لا يعرف الشعراء أنفسهم تفسيرا لها ، وربما كانت الإخلاء لصور وتراكيب لعوالق الشعور السابق تنتفض في لحظة من الصمت للقدرة بعده على الإتيان بتواليف جديدة ومبتكرة لحالة الشعور القادم ومعايشة جديدة مع النفس .
تذكرت الكسرة :
شيطان شعري تناحى ومال.....................
.........................عني وانا قلت : يارياحه
واليوم لما تصــــــــافى قال......................
.........................يا قلوب ما تعرف الراحه
ليسجل معه على درب العودة إلى السيد الشعر عناء خطواتي معه. تستكتبني حالة من الشعور المر :
سلام والقــــــــاك فين وفين...................
.......................ألقى مثيلك جميل اسلوب
أطرب منه واشتكي له عين
........................تردني للهـــوى ما اتوب
افتح ملف القضـــــــيه اثنين....................
........................اللي على لفها مكــــتوب
أكبر حـــــدث في سنة ألفين...................
........................لملاوعه والضحيه قلوب
هكذا يظل الشعر هاجسا لا يغيب وإن غاب فسرعان ما يحضر لغة ترصد بعيون من الشفافية جلوة المشاعر في مناسبات أفراحها وأحزانها المختلفة .
مقدمة لخاتمة ربما كانت الأصعب عندما يفضحك الشعر حالة رغبتك إلى الصمت :
مين يكتب الليل في عيوني........................
.......................ضحك الصباح الذي نشتاق
ويســــــــافره حلم بجفوني........................
.......................رجفة قلم وارتعـاش أوراق
......................أملج عزيزة على نفسي...............................
كان استهلالا جميلا للسلام الذي تغنى به شعراء من ينبع في ليلة من ليالي الرديح التي أقيمت بمدينة أملج صيف هذا العام .
لا ألومك في معزتها ، ولا أعتب عليك في سبقك بهذا التعبير الجميل . . ولكني أجد في نفسي شيئا من التقصير نحوها علني أتلاحقه حرفا يعزف على أوتار نفسي بواعث مشاجاتك مقطعا من النغم الذي لا يغيب عن ذاكرة الحس بها والمعزة لأهلها . حبا أحفظه .... وإن تمطر بالشعر اليوم فالغرابة فيه إنكار البعض عليها .
فأملج من يومها شاعرة ساحرة بشعرائها ممن كتبوا خلود شعرها بروعة البحر وانتشاء الجبل خطوطا تتموج مع انثيالات رملها قراءات شعرية جميلة من زمن بعيد . تقربه اليوم هذه الكوكبة الشابة وهي تتجذر عن أصل ثابت للكسرة عطش الشعر عندها يستبق الباب إلى رواته أجواء حافلة ، وأنفاسا تلهث وراء الحرف الجميل تبثه الشجون والشؤون في احتفالية تسجل ميلادا جديدا لمعشوقنا ( الرديح ) .
أكتبه في انتشاء من الود لا أنساه لها ، والصنيع الذي أتملاه في رعشة الخطو الأول إلى رحابة العمل ـ المعلم ـ في إحدى مدارسها في الثمانينات الهجرية يومها .
أذكر بالخير من شعرائها الشاعر الكبير حامد عطية الصيدلاني وأخيه عبد الله عطيه ، والحساني ، والشيخ عابد شاهين ، ودخيل الله العلوني كما كنت أسمع عن سعد الفقيه يرحمهم الله جميعا .
وإن أعجب بشعرائها اليوم أعجب مع الشكر بشابها الدؤوب الأستاذ / محمد حامد السناني الذي حمل على عاتقه ونهض بمشروع تسجيل موروثها في كتابه الجميل " شعراء من الحوراء ". وأتمنى عليه أن يتواصل مع الجديد . كما أواصل في مشاعري واحتفائي بها لأجد أن لذة الشعر فيها هي تلك المشاعر التي تحتضنك مع أول زيارة لها لتكتب الود على صفحات من القلوب المحبة على لسان من يقول :
ما الومـكم في معزتها..........ولا على الحـب ليا عتاب
املج متى جات سيرتها.........عذب الكلام الذي ينساب
مثل العسل في مودتها.........واحلى من الشهد والعناب
من يومها في حلاوتها.........ومن يومنا والقلوب احباب
.................................الوجه الآخر للكسرة..............................
كنت أحد المنافحين وبقوة ضمن الفريق الذي يرفض المقولة بأن الكسرة " نص سماعي " . وإن كنت أرى تأثر الكسرة بمعاملين ـ معامل الكتابة ومعامل القراءة . فالكتابة بلغة الكسرة تخرج بها أحيانا عن القاعدة الإملائية شأنها في ذلك شأن كل الشعر العامي ـ وهو شعر مكتوب ومدون ـ والحال نفسه عند القراءة ، فالذي يحصل أن القارئ الملتزم وغير المتدرب على موسقة الكسرة ومن لا تتوفر لديه دربة القراءة بلغتها يقرؤها بشئ من الجرح السماعي للمتلقي .
وألوم على من يطالب بتسجيلها وتداولها "مادة مسجلة " لما فيه من عدم التوثيق لها وتركها على مفترق الضياع الذي أفقدنا الكثير من الموروث الجميل .
وفي الوقت الذي أنتصر فيه للرأي المخالف على أنها " نص سماعي " أرى ضرورة إعادة النظر في كتابتها والعمل على مقاربة ذلك ما أمكن وأن يكون هناك نوع من التوفيقية الممكنة والقاعدة الكتابية الصحيحة بما يحفظ للكسرة جرسها الموسيقي وللكتابة سلامتها من الخطأ . ولا يغيب بالقارئ عن النطق بالمفردة وفق لغة الكسرة ، وفيه دعوة إلى تلافي الأخطاء الشائعة عند كتابتها .
ومما أرى الأخذ به مثلا عند كتابة النص التالي :
ليلك تحرّى النهار وجاه.............يبغى الصفا يكتمل بالأنس
أن يعمد إلى كتابة ( وجاه ) بالشكل ( او-جاه ) على اعتبار ( او ) صوتا للعطف على الفعل (تحرّى )
وبذلك يمكن القارئ أن يلفظ الغصن صحيحا قائما ، ويسلم مما يقع فيه الكثير عند قراءتها ( وجاه ) وبما يحدث الخلل في الوزن والموسيقى الداخلية للغصن .
ومنه أيضا عند قراءة :
" ما أحد درى عن مدى ودي " يلزم القارئ أن يقفز عن إظهار الهمزة بعد ( ما ) لأنه متى ما أكد على إظهارها ظهر بذلك الكسر في الغصن .. والمطلوب هنا تسارع الإيقاع والذي لا يتأتى إلا بالتخفيف والأخذ به في التقاء بعض الأحرف بالكلمات .
ومن الأمثلة أيضا عند القراءة :
( في البال ولاّ على الخاطر ) لابد من إحداث الرمل المقصود لحرف الجر والطرق عليه بشئ من الخفة الممارنة لإحداث التناص اللفظي والتجاذبي فيما بينه وبين الكلمة التي بعده كما لو كانت كتابته على الشكل :
( فـ البال ولاّ على الخاطر ) حالين من الكتابة والقراءة للتدوين المطلوب .
ولا أغفل بحال جانب الخطأ المطبعي الذي يتكرر في كثير من حالات النشر . وهو حلقة من حلقات المراجعة المفقودة أطلبها ولا أغيبها كثيرا لما يتركه ذلك من تشوهات على الوجه الجميل للكسرة والتي يخدشها ويجرح رقتها ونبرتها الشاعرة الزيادة أو النقص بها . وقد تتغير الكسرة لمجرد تغيير كلمة أو زيادة حرف في غير محله ، وكذلك عدم الفهم للمعنى كإيراد كلمة ( ذوق ) بدلا من كلمة ( لوق ) وهو ما حصل عند نشر أحدى الكسرات في عدد سابق .
خاتمة :
ولولا أخاف الخطأ نفسه
لأسرجت نبض الحرف أشرعة تسافر للجديد
وأقلب الإبحار أي مساحة تبقى وأي خطى أريد
ولقلت بما تمنيت معه أن يظل ذلك الاشتياق هو الوقد الباعث إلى مزيد من الشعر
طبيب الأشواق شوقي كم..........أعالـجـــه كم وآخذ فيه
اللي احتـرق من برودة دم..........اللي على حرقـته ناسيه
........سمعت في شطك الجميل......ما قالت الريح للنخيل..............
حديثا لا يخلو من العتب
أسمعه بوحا يشكل ذلك التوجد
وهمسا يرسم كلماته على دائرة الشمس ليحرق كل الذين غيبوا أو تناسوا ذلك الصوت الغائب . وليؤكد أن للنخيل رائحته الغائبة عن أجواء الكسرة منذ فترة تغيب لتترك على شفاه محبيها سؤلا حائرا يدور عطشا إلى الارتواء.
ويسافر رضوى ليبحث عن الشموخ المعتد بالكلمة الهامس في ليل صيفه رجع ذلك الكيان الصابح على رائحة الفل وأنداء الفاغية يجوب من قرية إلى قرية في تحديات شعرية الغلبة فيها للشعر ، والود للقلوب الآنسة بالمعنى الصادحة على اللحن يسافر البحر حضورا مميزا وأبهة حاضرة في ليل الرديح .
إن يغب فغيابه يعني مقدمة السفر بهذا الموروث إلى بداية النهاية ، تكتبها تدخلات وأهواء الاجتهاد الخاطئ . ويظل كل من شعرائه المعروفين ـ ولا يمكن بحال أن نغفلهم أو نتجاهل مكانتهم ودورهم في إثراء هذه اللعبة من أمثال : الشاعر الكبير وعميد الشعر ( محمد أبو مازن القبساني ) ، وموسوعته الشاعر (عواد عليثه الجريسي) وصاحب أجمل صورة القائل :
"تجاهلوا جانب جروحي...........وحاسبوني على اللي فات "
(عطية الله الفدعاني) . ومرجعه (حمود الشطيري ) ، والكثير من اولئك المبدعين الراسمين على ساحته أروع إبداعات الكلمة وأحلى تجليات الحرف المبلل بأنداء الأخيلة السامقة كالنخيل ، والحالمة كالفجرالمعطر بأنسامه .
أسماء ـ تظل كبيرة بخبرتها ـ كبيرة بممارستها يمثلون قواسم مشتركة بين جيلين
ووقفات من الاقتدار الماكن لليال خالدة لا تغيب عن الذاكرة .
وتأتي الدعوة إلى حضورهم ومشاركاتهم من منطلق الإحساس بهم والجميل لهم وعلى اعتبارهم الملح الغائب ـ يشكلون مع صف ينبع وقد اطمأن إلى قيادته توأمه وصنو لياليه الخالدة .
خاتمة
لا غاب نجمه عن انجومه.........ليل الصفا لا دعا داعيه
عن غيبـــته وفرة اقسومه........ بالطيب واللي لهم ندعيه
المفضلات