المؤسسات الدينية المصرية تحذر من الدعوة الإيرانية لـ “تسييس الحج”
السبت, 31 أكتوبر 2009
القاهرة
حذر رموز المؤسسات الدينية في مصر من دعوى «تسييس» الحج التى أطلقها قادة ايرانيون ، مؤكدين أن شعيرة الحج فرضت للعبادة والروحانية والتقرب إلى الله عز وجل وليس لرفع الشعارات السياسية والمذهبية. وأشاروا فى تصريحاتهم لـ «المدينة» إلى أنه لو الحج ساحة للبراءة من المشركين والمظاهرات السياسية ضد أعداء الأمة لكان أولى الناس بفعل ذلك الأمر هو الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، وإنما كانت خطبة حجة الوداع لحث الناس على أمور العبادة وليس الخوض في المشاكل السياسية وملاحقة أعداء الأمة، مطالبين بضرورة مقاومة هذه الفتن لبث جو من الوحدة والروحانية المطلوبة بين المسلمين أثناء أدائهم لفريضة الحج.
ورفض د. محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر محاولات تسييس الحج التي ترتكبها بعض العناصر المغرضة من عام إلى آخر، واستغلال الفريضة لخدمة أغراض سياسية أو تحقيق مآرب لا علاقة لها بمقاصد الحج الشرعية التي فرضها الله سبحانه وتعالى، وبناءً عليها كانت أهمية فريضة الحج كركن خامس من أركان الإسلام، واعتبر شيخ الأزهر أن تسييس الحج هو عبارة عن تعطيل مبطن للحج ومحاولة للتشفي أو خدمة مصالح لا علاقة لها بالدين. وأكد د.طنطاوي أن الحج من أعظم شعائر الدين وركن من أركان الإسلام، وهي سنة نبي الله إبراهيم وكذلك النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وسائر الأنبياء فهي تؤدى فريضة كعبادة لله بخضوع وخشوع يرجى من ورائها الأجر، أما اتخاذ هذه الفريضة لإثارة الفتن الطائفية أو رفع شعارات سياسية فإن ذلك إخراج لهذه الشعيرة عن مقاصدها التي هي من أجلها فرضت، فالواجب على المسلمين شكر الله عزوجل ويجب أن يتأدب الحجاج بآداب الحج، وألا يستغلوا هذه الفريضة لإثارة الفتن، مشدداً على أن الحج عبادة محضة ولا يمكن أن يعتبر مناسبة سياسية أبداً أو أن يستغل لإثارة الفتن أو لتصفية حسابات طائفية أو عرقية.
وثمن شيخ الأزهر جهود المملكة المبذولة سنوياً لخدمة ضيوف بيت الله الحرام، وقال إن دور المملكة في خدمة الدين ورعايتها للحرمين لا يمكن الشك فيه أو المزايدة عليه، فهو عمل ظاهر للعيان رآه العالم كله ويشهد به كل منصف.
رفض تام للشعارات السياسية
ويقول الشيخ علي عبدالباقي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر إن الحج عبادة ذات منافع متعددة الأبعاد، سياسية وثقافية واقتصادية واجتماعية وتربوية، ولايجب أبداً استغلال الحج والطاقات والإمكانات التي في الحج والقيام بعكس وضد هدف الحج الركن الخامس من أركان الإسلام، ورفض الدعوة إلى استخدام شعارات سياسية أو مظاهرات أثناء أداء فريضة الحج وقال إنها تخل بالعملية الأمنية والهدف الديني للحج، وهي فتنة والفتنة نائمة لعن الله من أيقظها، كما أنه لا ينبغي إثارة المصطلحات السياسية أو المظاهرات البشرية أو عناوين الشغب في الحج أو استغلال المناسبات الدينية كالحج لتحقيق أهداف ومآرب إقليمية وعرقية، وهذا أمر نرفضه جميعاً، لكن لا مانع من أي عمل مفيد عن طريق المنظمات الإسلامية المعتمدة لخدمة العالم الإسلامي كمنظمة المؤتمر الإسلامي ويكون تحت مظلة الحكومات، مؤكداً أن هدف الحج هو العبادة وبعد ذلك تأتي المنافع الأخرى والأهداف الاقتصادية والثقافية والتربوية قال تعالى «ليشهدوا منافع لهم».
ويشيد الشيخ عبدالباقي بالعناية المستمرة التي توليها المملكة لضيوف الرحمن من حجاج ومعتمرين، وزوار منذ عهد مؤسسها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود وتوفير جميع الخدمات اللازمة التي تمكنهم من أداء نسكهم في أجواء آمنة مطمئنة، وإن هذه الأعمال الإسلامية المتواصلة لضيوف الرحمن تسجل لمؤسس هذه البلاد المباركة، وللملك عبدالله بن عبدالعزيز وإخوانه ممن سبقوه أنهم فعلاً خدموا الحرمين الشريفين، وجعلوا الحج ميسراً غاية في التيسير وآمناً غاية في الأمان ، مؤكداً ان حكومة المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تقدم لضيوف الرحمن خدمات راقية عالية انفقت فيها ملايين الملايين من الريالات، وهذا الإنفاق فعلاً كان لوجه الله، وكان دالاً على كرم الضيافة وخصوصاً لضيوف الرحمن، وأن المملكة نجحت نجاحاً باهراً في كل هذا من الناحية العلمية والبحثية، والدينية، والأمنية، ومن ناحية بناء الهياكل الأساسية، الطرق وغيرها، والناحية التنظيمية، ومن كل النواحي ضربت المثال الراقي لتمكين هذا العدد غير المسبوق في تاريخ المسلمين من أداء الفريضة أن يزور البيت الحرام في وقتٍ واحد وفي أيام معدودة.
التسييس .. معول هدم
وشدد د. أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر على أن الحج مناخ متعدد المنافع، والسياسة طبيعتها الاختلاف، والحج طبيعته الوحدة، وتوحد المسلمين يكون في أمور أولها تخلصهم من الشركيات في الحج، وتوحدهم كذلك في النية والمظهر الخارجي بلبس الإحرام الأبيض ومن أكبر معالم الحج التوحيد، وحذر رئيس جامعة الازهر من تسييس الحج باعتباره المعول الأول فى هدم الصف الإسلامي وتفريق وحدة المسلمين ومن ثم لن تكون هناك وحدة وسيكون هناك اختلاف، وفي خطبة يوم عرفة للرسول صلى الله عليه وسلم، ركز على التأصيل الشرعي للإسلام وأركانه، ولو كان الحج حدثاً سياسياً لخطب الرسول صلى الله عليه وسلم في أعداء الإسلام آنذاك وحول الحج إلى تظاهرة للمسلمين ضد أعدائهم، كما يريد أن يفعل الايرانيون الآن وهذا أمر ترفضه الشريعة، فالحج عبادة روحية خالصة اختص الله بها أمة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، لتكون علامة على وحدتهم وطاعتهم لخالقهم، وهو فريضة وعبادة، مناسبة عظيمة بتدبير إلهي تنفرد به الأمة الإسلامية دون غيرها من الأمم لتدارس أحوالها في أمن وسلام وطمأنينة، ولايجب أبداً تكدير هذه المناسبة تحت أي شعارات أو لافتات.
وأكد د. الطيب أن جهود المملكة في تسخير جميع إمكاناتها لتسهل على الحجاج أداءهم للنسك لاينكرها إلا جاحد ، وهذه الجهود السعودية المبذولة في القيام على شؤون الحرمين وتوسعة وتطوير ورعاية الزوار والوافدين يقدرها المسلمون في العالم كله، والشهود على ذلك بعدد من يفدون إلى بيت الله الحرام في كل عام من الحجاج والمعتمرين، ولعل من رحمة الله عز وجل بهذه الأمة وبهذه الملة أن جعل لهذا المكان حرمة وأن جعل القائمين عليه هذه العصبة الطيبة.
الحج .. سلام وطمأنينة
ومن جانبه قال الشيخ شوقي عبداللطيف وكيل أول وزارة الأوقاف المصرية لشؤون المساجد والدعوة إن الحج لايجب أن يستخدم في تصفية الحسابات الطائفية أو العرقية، فمثلاً هناك خلاف سياسي بين السنة والشيعة في العراق ولبنان وهناك أناس مع، وأناس ضد، فتخيل شكل الحج لو نقلت هذه الخلافات إليه، سيتحول إلى مكان لإبداء الآراء السياسية والتجمعات المخالفة للشريعة والتي هي خلاف مقاصد الحج.
واكد أنه لا يجب مطلقاً اتخاذ مبدأ «البراءة من المشركين» كذريعة لتسييس الحج، أو للترويج لأفكار بعينها، أو لمذهب على وجه التحديد، فالحج أولا وأخيرا هو الركن الخامس من أركان الإسلام لمن استطاع إليه سبيلا، فالحج هو رمز للوحدة الإسلامية، وهو فوق المؤسسات الرسمية والأجناس والأعمار والمذاهب والتقسيم الطائفي، والحج لا يجب أن يتحول لأداة للترويج لقضية بعينها أو لاستغلال الحالة النفسية التي تمر بها الأمة،
المفضلات