هتان أبو عظمة - محمد المرعشي - جدة
تشير الاحصاءات الى ان عدد حوادث اعتداء الطلاب على المعلمين بلغت في العام الدراسي الماضي فقط اكثر من 34 حالة ، وتزايدت الظاهرة في الاونة الاخيرة بصورة باتت تقلق التربويين خصوصا والمجتمع على وجه العموم .
في الماضي القريب كانت حوادث الاعتداء على المعلمين نادرة الحدوث في مدارسنا ،اما الآن فقد اصبح الامر عاديا تماما حيث لا يكاد يمر يوم دون ان نسمع عن قضية مماثلة . اسباب تنامي الظاهرة والمعالجات الكفيلة بالحد منها ، محور هذا الاستطلاع الذي شمل عينة من المعنيين بالظاهرة من المعلمين والطلاب ، الذين حاولوا تشريح الاسباب ووضع المعالجات .
الطلاب الذين استقرت “المدينة” اراءهم استهجنوا مبدأ اعتداء الطالب على معلمه ، وقالوا ان ذلك اذا حدث فمرده الافتقار الى التربية السليمة ، او ان سوء تعامل المعلم يدفع احيانا ببعض الطلاب الى الاقدام على الاعتداء عليه ، وشدد الطلاب في هذا الاطار على ان ليس هناك اى مبرر يمكن ان يسوغ ضرب الطالب لمعلمه او الاعتداء على ممتلكاته كحرق سيارته او افراغ اطاراتها من الهواء او تهشيم زجاجها وغيرها من اشكال الاعتداء التي اعتاد بعض الطلاب على اقترافها في حق معلميهم .
المعاملة السيئة ورفقاء السوء
اورد الطلاب عبدالله الغامدي وأبي الحربي و بندر الغامدي ، جملة اسباب قد تقود الى اعتداء الطالب على معلمه رغم استهجانهم لهذا السلوك غير السوي . وفي مقدمة الاسباب الافتقار الى التربية السليمة بالنسبة للطالب الذي يجروء على الاعتداء على معلمه او الاضرار بممتلكاته ، وكذلك معاملة المدرس السيئة للطالب ، ومن ذلك هضم حقه في الدرجات كأن يعطيه درجات اقل مما يستحق ، فان ذلك يخلق عداوة شخصية بين الطالب وذلك المعلم مما يدفعه احيانا الى الاقدام على عمل غير لائق بحق معلمه .
ومن الاسباب كذلك - وفقا لوجهة نظر الطلاب - رفقاء السوء الذين يشجعون الطلاب للاعتداء على المعلم بوصف ذلك سلوكا رجوليا يجلب لهم احترام اقرانهم ، وفي هذا الصدد يقول بندر الغامدي : ان رفقاء السوء هم السبب فيما يحصل من إيذاء للمعلمين سواء كان إيذاءً جسدياً او متمثلاً في تعطيل سيارة المعلم ، وكل هذه الامور لا تحدث إلا في فترة الاختبارات النهائية و يعود ذلك إلى أن الطالب لم يذاكر مواده كما ينبغي ويرى أن الأسئلة صعبة لهذا يعتدي على معلم المادة .
واوصى الطلاب بايقاع عقوبات صارمة بحق من يقدم على الاعتداء على معلمه بأي شكل من الاشكال ، على ان تصل العقوبات الى حد الحرمان من الدراسة .
لا لعودة العقاب البدني
فيما رفض منصور السفار وبدري العتيبي فكرة إعادة الضرب في المدارس ، معبرين عن رأيهما في أن إعادة الضرب تثير مشكلة و تزيد في حالات ضرب الطلاب لمعلميهم خاصة و أن طلاب اليوم ليسوا كطلاب الأمس حيث ان أغلبهم يعرفون النظم و القوانين ، ففي السابق لم يكن الطالب يستطيع إخبار والده بما يحصل في المدرسة أما الآن فعندما يجد الطالب أي خطأ من مدرسته يذهب ليخبر والده ، والذي قد يبادر الى اعلام وزارة التربية والتعليم بهذا الخطأ وهذا ما يحاول المعلم تفاديه .
معاقبة الأب بدلاً من الطالب !!
المعلمون من جانبهم يرون ان للمشكلة اسبابا اخرى ، يقول المعلم زياد الغامدي : اصبح الأب والأم مشغولين في أمور الحياة وبعيدين عن متابعة ابنائهما ، فلو كان الأب حريصا و الأم مهتمة بأبنائهما و بتربيتهم لما أنتشرت ظاهرة اعتداء الطلاب على المعلمين ، واستشهد على غياب المتابعة بواقعة حقيقية حيث حضر أب يسأل عن ابنه في مدرسة إبتدائية ، بينما ابنه في واقع الامر يدرس في المرحلة المتوسطة !! مما يؤكد أن المتابعة معدومة تماماً في المنزل سواء من الأب أو الأم، ورأى الغامدي ان أسباب الاعتداء كثيرة ومنها صعوبة أسئلة الاختبارات وكذلك الاعتداء الجسدي من المعلم على الطالب مما يجعل الطالب يقدم على رد الاعتداء . وعبر عن رأيه في أنه لا يجب معاقبة الطالب على ضرب معلمه بل يتوجب معاقبة الاب لأنه السبب الرئيسي في هذه الظاهرة .
تكثيف مواد تقويم السلوك
ودعا المعلم محمد العيلان الى إعادة النظر في التعليم ككل خاصة وان هذه الظاهرة نتيجة عوامل متراكمة منذ الصغر ، وقال : إذا تم منع الضرب في المدارس يجب وضع بديل ناجع لحل الإشكاليات الناجمة عن بعض الطلاب خاصة و ان منع الضرب في المدارس جعل بعضهم يتجرأ على معلميهم مبيناً أن الحل يكمن في تكثيف مواد تقويم السلوك في المدارس وتوفير محاضرين يتحدثون عن المشاكل والأمور التي تهم الطالب للقضاء على جميع الظواهر السلبية .
عدوانية مكتسبة
ويقول المعلم علي الغامدي ان الاعتداء موجود في حياة الطالب منوهاً بان الإعلام يعتبر جزءا من المشكلة سواء بالافلام او بعض البرامج التي تحرك العنف لدى الطالب كما أن العاب التلفزيون التي انتشرت بين الطلاب كالمصارعة والعراك سبب رئيسي في نمو العداونية لدى الطالب حتى ان العنف أصبح في الرياضة ومن المفترض أنه عندما يشاهد الطالب أي برنامج يجب على الوالد توعيته بالأمور التي يشاهدها حتى لا تنعكس عليه في حياته . اما عمر باقراضة - امين مكتبة - فاكد أن رفقاء السوء أحد أبرز أسباب هذه الظاهرة بالاضافة إلى الفضائيات ويقترح لحل المشكلة إعادة النظر في اساليب التربية في المنزل و تطبيق مبدأ الثواب والعقاب .
عوامل متراكمة
ويرى يوسف الحمياني - مدير مدرسة - ان ضرب الطلاب للمعلمين ناتجة عن جملة اسباب وعوامل متراكمة تعود لثقافة الطالب خاصة و انه منذ صغره و هو معتاد على إيذاء الغير بالاضافة إلى ان هناك قناعات من التربية الأسياسية فمثلاً نجد أن الأب يقول “من يضربك أضربه” مشيراً إلى أن المجموعات هي ما تجعل الطالب يتجرأ للاقدام على اى عمل ممنوع فلا تجد أبداً ان طالباً واحداً يعتدي على مدرس بل مجموعة من الطلاب تعتدي على مدرس و هذا يؤكد أن الطالب لا يقوم بمفرده بأي عمل ممنوع ، واضاف الحمياني : كل أب في الوقت الراهن يحاول تربية أبنائه كما تربى هو من والديه و هذا خطأ حقيقي ، لانه من المفترض أن نجعل الطفل يعبر عما يريد و ليس معتادا أن يكون رأيه الصحيح و رأي الكبير هو الخطأ وهذا الامر قضى تماماً على شخصية الطالب التي تكون في أوج تشكلها ، ويقترح لحل هذه المشكلة بأن يتحاور المعلم مع الطالب . واختتم بالقول : نريد القضاء على عصر التفكير عن الغير .
صلف بعض المدرسين هو السبب
ويشير أحمد العمري مدير مدرسة الى أن السبب في اعتداء الطلاب على المعلمين يعود إلى أن بعض المدرسين يسيئون الأدب مع الطلاب خاصة اولئك الذين لا يعرفون كيفية استخدام الأسلوب التربوي مع الطلاب والتوجيه الصحيح لهم ، وقال العمري بعض المدرسين يستخدمون القوة مع الطلاب وبصلافة شديدة وهذا الأمر هو السبب الرئيسي لاستخدام العنف على المدرسين ، وقال العمري يجب أن يستخدم المدرس لغة الحوار مع الطالب ، مطالبا وزارة التربية والتعليم دورات للمدرسين في أسس التعامل الإنساني مع الطلاب بتوظيفه في العمل المدرسي اليومي ومعرفة كيفية التقرب من الطالب وطالب كذلك وزارة التعليم العالي إدخال مادتي طرق التربية و علم النفس في مناهج التدريس الجامعي وتدريسه للطلاب الراغبين في الالتحاق بالعمل التربوي في المستقبل وعلى المدرسين الإطلاع على آخر المستجدات في علم التربية الحديثة منبهاً الى انه يجب على المعلم معرفة الأسباب إذا كان للطالب توجه عدواني سواء نحو زملائه أو تجاه مدرسيه و بعد الحوار من المؤكد أن المدرس سيجد مشاكل لدى الطالب سواء مشاكل نفسية في منزله أو مع أحد والديه ، وانتقد العمري غياب دور المرشد الطلابي في المدرسة وقال ان أغلبهم تنقصهم الخبرة حتى أن الجهة المسؤولة تقوم باختيار الأشخاص وتقوم بتدريبهم ومن ثم تعينهم في المدارس و لا يعرف أي طريقه لامتصاص حماس الطلاب مبيناً أن كل سن وكل مرحلة لها ضوابط معينة في كيفية التعامل .
نقص توازن انفعالي
و قال اخصائي الصحة النفسية الدكتور عدنان مهنا ان علماء الصحة النفسية يروون أن مرحلة الشباب تمر بمشكلات لدى الفرد خاصة و أن هذه المرحلة تتميز بالانطلاقة و الحماس و الإقبال على الحياة ، مشيرا الى عدم النضج الكامل والبلوغ الجنسي دون التهيؤ له نفسياً وعدم التكيف مع الصحة النفسية وعدم إشباع الحاجات الاجتماعية والنفسية وعدم تنفيذ طلبات الشباب ، كلها عوامل تسبب المشكلات لدى الشاب الأمر الذي يؤدي إلى جعله يميل إلى خطة دفاعية نفسية ومنها الميل إلى التبرير والكذب والعدوانية بسبب عدم نضوجه انفعالياً ونقص التوازن الانفعالي مبيناً ان البئية المحيطة بالشاب لها تأثير مباشر على نفسيته ومن الأمثله عدم التوافق الأسري بين الوالدين أو مع زملائه في المدرسة أو حتى مع إخوته في المنزل ، ويرى د. المهنا ضرورة علاج الشاب نفسياً و ارشاده وهذه مهمة المدرسة والمسجد والمنزل والنادي والإعلام ويجب أن يكون هناك تعاون بين هذه المؤسسات لعلاج المشكلة مبيناً ان عدم قيام تلك المؤسسات بالدور كما ينبغي يؤدي الى تفاقم المشكلة .
نماذج .. وإحصائيات
وحسب آخر احصائيات تم نشرها في وسائل الإعلام ، فان عدد حالات اعتداء الطلاب على المعلمين بلغت 34 حالة اعتداء في العام الدراسي 1426 هـ / 1427 هـ ، توزعت كالتالي : 14 حالة في مدينة الطائف وتركزت على حالات تهشيم سيارات المعلمين و إفراغ الإطارات من الهواء و قطع أسلاك المحرك ، 11 حالة في جدة وتحتل المرتبة الثانية من حيث الاعتداءات التي تنوعت بين إدخال كمية من الرمل داخل محركات سيارات المعلمين و قطع أسلاك المحرك ، و8 حالات في العاصمة المقدسة ما بين اعتداءات باستخدام مواد كميائية لحرق سيارات المعلمين وخلافها ، وفي الدمام هشم طالب زجاج سيارة احد المعلمين .
اما في العام الدراسي الحالي ، فقد بلغ عدد الاعتداءات 4 حالات إلى الآن ، حيث اعتدى مجموعة من الطلاب بالضرب على معلم في احدى المدارس الثانوية بمحافظة أحد رفيدة ، كما اقدم طالب على “جلد” معلم بالعقال في مدينة الجوف ، و في نجران هشم طالب سيارة معلم ، و أخيراً وليس اخرا حادث الاعتداء الجماعي من قبل طلاب على بعض معلمي مدرسة المرامية .
المفضلات