عام مضى وآخر مقبل

بعد ايامٍ قليلةٍ يطل علينا عام جديد، بأيام جديدة وعمر جديد، ويودعنا عام رحل من عمرنا، حُسب علينا من ربيع حياتنا أو من خريفها، ايامنا ندونها ونسجلها ونعدها يوماً بعد يوم وشهراً بعد شهر وعاماً بعد عام، وهي تحصد من اعمارنا اليوم تلو الآخر، فهل هناك من متعظٍ أو متأملٍ أو متفكر؟ لابد لنا ايها الأحبة من وقفةٍ صادقة وجادة مع النفس، نسترجع فيها اعمالنا وما قدمناه لانفسنا فيما مضى؟ وماذا سنقدم في حاضرنا وفيما هو قادم؟ وقفة ندرك من خلالها ان يوماً مضى لن يعود، وزمناً تولى وادبر لن يقبل من جديد، وان الغد في علم الغيب، لا نعلم عن خيره وشره وما قد يخبئه لنا، فكم من صحيح فاجأه الغد بمرض اقعده؟ وكم من إنسان داهمه الغد وافقده حبيباً كان يتمنى بقاءه؟ وكم من اسر واحبة تفرق شملهم بقدوم ذلك الغد؟ لست منفراً من القادم ولا متشائماً منه، بل واصفاً لاحتمالات قد تكون في انتظارنا ومذكراً اخوتي اننا لا نملك سوى يومنا الذي نعيشه، فما فات قد فقد، وما هو آتٍ لا نعلم بماذا سيقدم علينا؟ فلنحيا يومنا ولنعمل ما يسرنا غداً ان نراه امامنا، ولنسطر في صحائفنا ما يمحو بإذن الله سيئات ماضينا، فلنغتنم يومنا، ولنرسم فجرنا المشرق في يومنا الحاضر بعد ليل امسنا المفقود وقبل غدنا الغائب، انها دعوة صادقة لكل مفرط ان يعود عن تفريطه، ولكل ثابت على طريق الحق ان يعيد غرس اقدامه في ذلك الطريق أكثر واكثر، ولكل مقصر (وكلنا مقصر) تتجاذبه شهوات النفس لكي يحيد عن طريق الحق ويعيده نقاء فطرته، ليتخذ القرار وليثبت على مركب النجاة. وأسأل الله العلي القدير لي ولكم الاخلاص في القول والعمل وفيما نكتب ونسطر، وان يرينا واياكم الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وان يهدينا جميعاً إلى سواء السبيل، وكل عام ونحن واياكم على طريق الحق أقوى واثبت.