المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفاروق عمر... لـ شاعر النيلين حافظ إبراهيم



اللهذام
06-11-2009, 02:59 PM
حسب القوافي و حسبي حين ألقيها =أني إلى ساحة الفاروق أهديها

لا هم هب لي بيانا أستعين به =على قضاء حقوق نام قاضـيها

قد نازعتني نفسي أن أوفيها = وليس في طوق مثلي أن يوفيها

فمر سري المعاني أن يواتيني = فيها فإني ضعيف الحال واهيها


(مقتل عمر –رضي الله عنه-)

مولى المغيرة لا جادتك غادية = من رحمة الله ما جادت غواديها

مزقت منه أديما حشوه همم =في ذمة الله عاليها و ماضيها

طعنت خاصرة الفاروق منتقما = من الحنيفة في أعلى مجاليها

فأصبحت دولة الإسلام حائرة = تشكو الوجيعة لما مات آسيها

مضى و خلـّفها كالطود راسخة = و زان بالعدل و التقوى مغانيها

تنبو المعاول عنها وهي قائمة =والهادمون كثير في نواحيها

حتى إذا ما تولاها مهدمها =صاح الزوال بها فاندك عاليها

واها على دولة بالأمس قد ملأت =جوانب الشرق رغدا في أياديها

كم ظللتها و حاطتها بأجنحة =عن أعين الدهر قد كانت تواريها

من العناية قد ريشت قوادمها =و من صميم التقى ريشت خوافيها

و الله ما غالها قدما و كاد لها =و اجتـث دوحتها إلا مواليـها

لو أنها في صميم العرب ما بقيت =لما نعاها على الأيام ناعيها

يا ليتهم سمعوا ما قاله عمـر =والروح قد بلغت منه تراقيـها

لا تكثروا من مواليكم فإن لهم =مطامع بَسَمَاتُ الضعف تخفيها


(إسلام عمر)

رأيت في الدين آراء موفقـة =فأنـزل الله قرآنـا يزكيـها

و كنت أول من قرت بصحبته =عين الحنيفة و اجتازت أمانيها

قد كنت أعدى أعاديها فصرت لها =بنعمة الله حصنا من أعاديها

خرجت تبغي أذاها في محمدها =و للحنيـفة جبـار يواليـها

فلم تكد تسمع الآيات بالغة =حتى انكفأت تناوي من يناويـها

سمعت سورة طه من مرتلها =فزلزلت نية قد كنت تنويـها

و قلت فيها مقالا لا يطاوله =قول المحب الذي قد بات يطريها

و يوم أسلمت عز الحق و ارتفعت =عن كاهل الدين أثقالا يعانيها

و صاح فيها بلال صيحة خشعت =لها القلوب ولبت أمر باريها

فأنت في زمن المختار منجدها =و أنت في زمن الصديق منجيها

كم استراك رسـول الله مغتبطا =بحكمـة لـك عند الرأي يلفيـها


(عمر و رسول كسرى)

و راع صاحب كسرى أن رأى عمرا=بين الرعية عطلا و هو راعيها

و عهده بملوك الفرس أن لها =سورا من الجند والأحراس يحميها

رآه مستغرقا في نومه فرأى =فيه الجلالة في أسمى معانيها

فوق الثرى تحت ظل الدوح مشتملا =ببردة كاد طول العهد يبليها

فهان في عينه ما كان يكبره =من الأكاسر والدنيا بأيديها

و قال قولة حق أصبحت مثلا =و أصبح الجيل بعد الجيل يرويها

أمنت لما أقمت العدل بينهم =فنمت نوم قرير العين هانيها


(مثال من رحمته)

و من رآه أمام القدر منبطحا =و النار تأخذ منه و هو يذكيها

و قد تخلل في أثناء لحيته =منها الدخان و فوه غاب في فيها

رأى هناك أمير المؤمنين على =حال تروع لعمر الله رائيها

يستقبل النار خوف النار في غده =و العين من خشية سالت مآقيها


(مثال من تقشفه و ورعه)

إن جاع في شدة قومٌ شركتهم =في الجوع أو تنجلي عنهم غواشيها

جوع الخليفة و الدنيا بقبضته =في الزهد منزلة سبحان موليها

فمن يباري أبا حفص و سيرته =أو من يحاول للفاروق تشبيها

يوم اشتهت زوجه الحلوى فقال لها =من أين لي ثمن الحلوى فأشريها

لا تمتطي شهوات النفس جامحة =فكسرة الخبز عن حلواك تجزيها

و هل يفي بيت مال المسلمين بما =توحي إليك إذا طاوعت موحيها

قالت لك الله إني لست أرزؤه =مالا لحاجة نفـس كنـت أبغـيها

لكن أجنب شيأ من وظيفتنا =في كل يوم على حـال أسويـها

حتى إذا ما ملكنا ما يكافئـها =شـريتـها ثـم إنـي لا أثنـيها

قال اذهبي و اعلمي إن كنت جاهلة =أن القناعة تغني نفس كاسيها

و أقبلت بعد خمس و هي حاملة =دريهمات لتقضي من تشهيها

فقال نبهت مني غافلا فدعي =هذي الدراهم إذ لا حق لي فيها

ويلي على عمر يرضى بموفية =على الكفاف و ينهى مستزيدها

ما زاد عن قوتنا فالمسلمين به =أولى فقومي لبيت المال رديها

كذاك أخلاقه كانت و ما عهدت =بعـد النبـوة أخلاق تحـاكيها


( الخاتمة )

هذي مناقبه في عهد دولته =للشاهدين و للأعقـاب أحكيـها

في كل واحدة منهن نابلة =من الطبائع تغذو نفـس واعـيها

لعل في أمة الإسلام نابتة =تجلو لحاضرها مـرآة ماضيـها

حتى ترى بعض ما شادت أوائلها =من الصروح و ما عاناه بانيها

وحسبها أن ترى ما كان من عمر =حتى ينبه منها عين غافـيها

(حافظ إبراهيم)