المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشرك والمعاصي من أسباب [ الزلازل ] ! سماحة الإمام الوالد عبد العزيز بن عبد الله بن ب



السندباد
28-05-2009, 11:14 PM
سماحة الإمام الوالد عبد العزيز بن عبد الله بن باز :الحمدلله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحابته ومن اهتدى بهداه ،

أما بعد : فإن الله - سبحانه وتعالى - حكيم عليم فيما يقضيه ويقدره ، كما أنه حكيم عليم فيما شرعه وأمر به ، وهو - سبحانه - يخلق ما يشاء من

الآيات ، ويقدرها تخويفًا لعباده وتذكيرًا لهم بما يجب عليهم من حقه ، وتحذيرًا لهم من الشرك به ومخالفة أمرهوارتكاب نهيه كما قال الله - سبحانه - :

﴿وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا﴾ . [ الإسراء : 59 ]، وقال - عز وجل - : ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِيالآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ

أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ . [ فصلت : 53 ]، وقال تعالى : ﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ

بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ﴾ . [ الأنعام : 65 ] . الآية .

وروى البخاري في " صحيحه " عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : لما نزل قول الله تعالى : ﴿قُلْ

هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ﴾ . قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أعوذ بوجهك قال : ﴿أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾


. قال : أعوذ بوجهك .

وروى أبو الشيخ الأصبهاني عن مجاهد في تفسير هذه الآية : ﴿قُلْ هُوَالْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ﴾ . قال : الصيحة والحجارة والريح

. ﴿أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾ . قال : الرجفة والخسف

ولا شك أن ما حصل من الزلازل في هذه الأيام في جهات كثيرة هو من جملة الآيات التي يخوف الله بها - سبحانه - عباده . وكل ما يحدث في الوجود

من الزلازل وغيرها مما يضر العباد ويسبب لهم أنواعًا من الأذى ، كله بأسباب الشرك والمعاصي ، كما قال الله - عز وجل - : ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ

فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ . الشورى : 30 ، وقال تعالى : ﴿مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ﴾ . النساء : 79

، وقال تعالى عن الأمم الماضية : ﴿فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ

أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ . العنكبوت 40


فالواجب على جميع المكلفين من المسلمين وغيرهم ، التوبة إلى الله - سبحانه - ، والاستقامة على دينه ،والحذر من كل ما نهى عنه من الشرك

والمعاصي ، حتى تحصل لهم العافية والنجاة في الدنيا والآخرة من جميع الشرور ، وحتى يدفع الله عنهم كل بلاء ، ويمنحهم كل خير ،كما قال -

سبحانه - : ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواوَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) . الأعراف : 96 ،

وقال تعالى في أهل الكتاب : ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَاأُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾ . المائدة : 66 ، وقال

تعالى : ﴿أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ . أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ . أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ

إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ . الأعراف : 97 - 99


وقال العلامة ابن القيم - رحمه الله - ما نصه : ( وقد يأذن الله - سبحانه - للأرض في بعض الأحيان بالتنفس فتحدث فيها الزلازل العظام ، فيحدث من

ذلك لعباده الخوف والخشية ، والإنابة والإقلاع عن المعاصي والتضرع إلى الله - سبحانه - ، والندم كما قال بعض السلف ، وقد زلزلت الأرض : " إن

ربكم يستعتبكم " .

وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وقد زلزلت المدينة ، فخطبهم ووعظهم ، وقال : " لئن عادت لا أساكنكم فيها " ... . انتهى كلامه - رحمه

الله - .

والآثار في هذاالمقام عن السلف كثيرة .

فالواجب عند الزلازل وغيرها من الآيات والكسوف ، والرياح الشديدة ، والفيضانات البدار بالتوبة إلى الله - سبحانه - ، والضراعة إليه وسؤاله

العافية ، والإكثار من ذكره واستغفاره كما قال - صلى الله عليه وسلم - عند الكسوف : ) فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره).

ويستحب - أيضًا - رحمة الفقراء والمساكين والصدقة عليهم لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( ارحموا ترحموا )،( الراحمون يرحمهم الرحمن ،

ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( من لا يرحم لا يرحم ) .

وروي عن عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - : أنه كان يكتب إلى أمرائه عند وجود الزلزلة : أن يتصدقوا .

ومن أسباب العافية والسلامة من كل سوء ، مبادرة ولاة الأمور بالأخذ على أيدي السفهاء ،وإلزامهم بالحق وتحكيم شرع الله فيهم ، والأمر بالمعروف

والنهي عن المنكر كما قال - عز وجل - : ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ

وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ . التوبة : 71 ، وقال - عز وجل - : ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ

لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ . الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُاالزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ﴾ . الحج : 40 - 41 ،

وقال - سبحانه - : ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ . الطلاق : 2 - 3 والآيات في

هذا المعنى كثيرة .

وقال - صلى الله عليه وسلم - : (من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته . ( متفق على صحته ، وقال - عليه الصلاة والسلام - : (من نفس عن

مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلمًا ستره الله

في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه . ( رواه مسلم في " صحيحه " . والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .

والله المسؤول أن يصلح أحوال المسلمين جميعًا ، وأن يمنحهم الفقه في الدين ، وأن يمنحهم الاستقامة عليه ، والتوبة إلى الله من جميع الذنوب ،

وأن يصلح ولاة أمر المسلمين جميعًا ، وأن ينصر بهم الحق ، وأن يخذل بهم الباطل ، وأن يوفقهم لتحكيم شريعة الله في عباده، وأن يعيذهم وجميع

المسلمين من مضلات الفتن ، ونزغات الشيطان ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .