القناص
19-05-2009, 11:03 AM
الهزات تطول 5 أحياء في المدينة وإجلاء طوعي في أملج
بعثة «عكاظ» ـ محمد طالب الأحمدي، خالد الشلاحي، علي الحربي ـ العيص محمد السلمي ـ ينبع
تأثرت خمسة أحياء في المدينة المنورة بالهزات الأرضية التي ضربت حرة الشاقة في العيص «على بعد 300 كلم» البارحة الأولى، والتي وصلت قوة إحداها إلى 4,78 على مقياس ريختر، وتلقت غرفة عمليات الدفاع المدني 400 بلاغ من سكان في أحياء العوالي، الدعيثة، البحر، الجرف والعيون، يفيدون فيها بتعرض منازلهم للاهتزازات. وقال مدير عام الدفاع المدني في منطقة المدينة المنورة اللواء صالح المهوس لـ «عكاظ»: «إن ما حدث يأتي نتيجة ارتداد بسيط لما يحدث في العيص»، مؤكدا عدم إخلاء أي مواطن رغم جاهزية الدفاع المدني للحدث وفق الخطط المعدة سابقا.
وشكلت تلك الهزة اللحظة الحاسمة التي استنفرت كافة الجهات الحكومية الرسمية. واضطرت مئات الأسر إلى مغادرة منازلها؛ تجنبا لتأثيرات تصاعد حدة الهزات الأرضية، بعد رصد تضرر العديد من المنازل في كافة قرى مركز العيص ومحافظة أملج خلال الأيام الماضية.
«عكاظ» رصدت لحظات الحدث خطوة بخطوة من بداية الهزة الأولى التي استنفرت السكان، ورصدت مغادرة مئات المركبات من مركز العيص إلى المدن المجاورة. فالهزة الأولى التي وقعت عقب صلاة العشاء استنفرت الأهالي لتسجيل أسمائهم لدى الدفاع المدني؛ استعدادا للنزوح.
والبعض كان على استعداد للمغادرة فور حصوله على الموافقة، بينما البعض الآخر، اعتبروا هذا الإجراء مجرد تأمين تحسبا لوقوع أي حدث طارئ.
وأثناء لقاءاتنا مع الأهالي في مركز الدفاع المدني وقعت الهزة الثانية بعد ساعتين من الأولى.
وتلقى مواطن كان يصطف في طابور التسجيل اتصالا من أحد الجيران، يفيد بسقوط بيته على أهله. وعلى الفور أبلغ الدفاع المدني، وتوجه إلى منزله في حالة من الهلع.
ووصلت «عكاظ» معه قبل وصول فرق الدفاع المدني التي استنفرت فرقها للتواجد هناك.
المواطن اكتشف أن جاره بالغ في وصف الحدث، وأن البيت لم يسقط فالهزة أدت فقط إلى تصدعه.
وفي حين دوت صافرات الإنذار التي أطلقها الدفاع المدني في قرى الهدمة، العميد، والقراصة رافقت «عكاظ» فرق الدفاع المدني، وهي تجوب تلك القرى لإبلاغ الأهالي بمكبرات الصوت بضرورة الخروج من منازلهم، وهي تردد عبارات «يلا يلا يامواطنين» و«أخرجوا من بيوتكم».
وتكرر المشهد داخل شوارع وأزقة ومداخل القرى، الأمر الذي أثار نوعا من الهلع والخوف لنا والأكيد للأهالي أيضا.
وتحولت العيص صباح أمس إلى مدينة مهجورة.
كانت الساعات الأولى التي أعقبت الهزة أشبه بحالة نزوح جماعي، واصطفت عشرات المركبات المحملة بالأمتعة أمام محطات الوقود للمغادرة إلى المدينة المنورة وينبع، حيث تم توفير مساكن لمئات العائلات في الفنادق والشقق المفروشة، فيما وفر المستودع الخيري في العيص كمية عاجلة من الخيام لإسكان الأهالي. كانت الرحلة قد بدأت وتحول هدوء العيص وقراها إلى حركة غير طبيعية من الهلع والخوف والتوتر. وتسارعت الأحداث بعد ذلك لتبلغ الذروة. فالأهالي غادروا بما سهل حمله وخف وزنه، والمقيمون افترشوا الأرصفة والمستودع الخيري، بينما جابت الدوريات الأمنية الشوارع لرصد الحركة في الشوارع التجارية والأماكن العامة.
القراصة والهدمة والعميد
وتلقينا اتصالات تفيد بأن القراصة سيتم إخلاؤها، فكنا مع سكانها لحظة الإخلاء، ثم الهدمة فالعميد.
وكذلك تلقينا اتصالات أخرى تفيد بأن عددا من القرى في أملج يتم إخلاؤها، فتوجهنا إلى هناك مرورا بعدد من القرى التي كان الدفاع المدني يحاول إخلاءها من سكانها تحسبا لأي طارئ. ووصلنا إلى مخيم قصر عليثة في الرويضات، حيث الاستعدادات على أكمل وجه من سفلتة وإنارة وتجهيزات أخرى، مما جعلنا نقارن هذا التنظيم الجيد بمخيم إيواء قرية الفقعلي، الذي تنعدم فيه الإنارة ووسائل النظافة ولا توجد فيه عيادة ميدانية.
دخلنا أملج الساعة الثالثة والنصف فجرا، وتجولنا في أرجائها فوجدنا السكان نائمين عند مداخل المدينة وفي السيارات وعلى الشواطئ، حتى وصلنا للمخيم المقام في حديقة الاحتفالات، الذي تم إنشاؤه بجهود ذاتية داخل حديقة كبيرة. وكان من اللافت جهود الشباب وهم ينصبون الخيام، فمناظر العائلات والأطفال يجلسون خارج الخيام، والهلع الذي انتابهم جراء الهزة زاد خوفهم من أسئلة ماذا بعد ذلك؟ وإلى متى؟ وهل التجهيزات كافية؟
كنا نعرف أن جولتنا التي كان الأهالي ينتظرونها حتى وقت متأخر من الليل ـ وتأخرت بسبب أحداث العيص ـ لم تكن ستنتهي إلا بكم هائل من المطالب التي تتراوح مابين توفير حمامات عامة وخصوصا للنساء والتكييف داخل الخيام.
وأوضح مدير عام الدفاع المدني في منطقة تبوك العميد سليمان الحويطي أن إجلاء السكان إلى أربعة مخيمات في أملج وقراها كان إجلاء طوعيا ولم يكن بالقوة، واعتبر ذلك دليلا على وعي الأهالي الذين ذهبوا لتلك المخيمات طوعا وقت شعورهم بالخطر.
كنا خططنا أن نعود للعيص عند موعد بداية الدراسة؛ لرصد الأجواء بعد أول يوم من خروج أهلها قسرا، فصلاة الفجر في بعض مساجد القراصة لم تقم، والمعلمون والطلاب لم يحضر منهم إلا عدد قليل وتم صرفهم، إضافة إلى إغلاق المدارس باكرا.
والسكون كان يعم العيص، والعاملون في المحلات التجارية جلسوا خارج محلاتهم بلا مشترين، والوقود نفد من المحطات بعد ليلة صاخبة بالخوف، والمشاريع البلدية متوقفة رغم نفي مدير المجمع القروي مدني محمود الجهني.
وفي ينبع، نزح أكثر من 800 مواطن من قرى وهجر العيص أمس خوفا من تزايد قوة وعدد الهزات الأرضية، واستقبلت ينبع الدفعة الأولى من النازحين في ثمانية فنادق وعمارات شقق مفروشة حددتها إدارة الدفاع المدني في اجتماع طارئ فجر أمس ضم منسوبي الإدارات الحكومية.
وتواصلت التطورات البارحة حتى مثول الصحيفة للطبع، إذ أخلي مستشفى العيص العام، وفتح صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن ماجد أمير منطقة المدينة المنورة، خطا ساخنا في حال نقص الخدمات، فيما استعانت هيئة المساحة الجيولوجية بخبراء أجانب، وضاعفت عدد مراصد الهزات.
بعثة «عكاظ» ـ محمد طالب الأحمدي، خالد الشلاحي، علي الحربي ـ العيص محمد السلمي ـ ينبع
تأثرت خمسة أحياء في المدينة المنورة بالهزات الأرضية التي ضربت حرة الشاقة في العيص «على بعد 300 كلم» البارحة الأولى، والتي وصلت قوة إحداها إلى 4,78 على مقياس ريختر، وتلقت غرفة عمليات الدفاع المدني 400 بلاغ من سكان في أحياء العوالي، الدعيثة، البحر، الجرف والعيون، يفيدون فيها بتعرض منازلهم للاهتزازات. وقال مدير عام الدفاع المدني في منطقة المدينة المنورة اللواء صالح المهوس لـ «عكاظ»: «إن ما حدث يأتي نتيجة ارتداد بسيط لما يحدث في العيص»، مؤكدا عدم إخلاء أي مواطن رغم جاهزية الدفاع المدني للحدث وفق الخطط المعدة سابقا.
وشكلت تلك الهزة اللحظة الحاسمة التي استنفرت كافة الجهات الحكومية الرسمية. واضطرت مئات الأسر إلى مغادرة منازلها؛ تجنبا لتأثيرات تصاعد حدة الهزات الأرضية، بعد رصد تضرر العديد من المنازل في كافة قرى مركز العيص ومحافظة أملج خلال الأيام الماضية.
«عكاظ» رصدت لحظات الحدث خطوة بخطوة من بداية الهزة الأولى التي استنفرت السكان، ورصدت مغادرة مئات المركبات من مركز العيص إلى المدن المجاورة. فالهزة الأولى التي وقعت عقب صلاة العشاء استنفرت الأهالي لتسجيل أسمائهم لدى الدفاع المدني؛ استعدادا للنزوح.
والبعض كان على استعداد للمغادرة فور حصوله على الموافقة، بينما البعض الآخر، اعتبروا هذا الإجراء مجرد تأمين تحسبا لوقوع أي حدث طارئ.
وأثناء لقاءاتنا مع الأهالي في مركز الدفاع المدني وقعت الهزة الثانية بعد ساعتين من الأولى.
وتلقى مواطن كان يصطف في طابور التسجيل اتصالا من أحد الجيران، يفيد بسقوط بيته على أهله. وعلى الفور أبلغ الدفاع المدني، وتوجه إلى منزله في حالة من الهلع.
ووصلت «عكاظ» معه قبل وصول فرق الدفاع المدني التي استنفرت فرقها للتواجد هناك.
المواطن اكتشف أن جاره بالغ في وصف الحدث، وأن البيت لم يسقط فالهزة أدت فقط إلى تصدعه.
وفي حين دوت صافرات الإنذار التي أطلقها الدفاع المدني في قرى الهدمة، العميد، والقراصة رافقت «عكاظ» فرق الدفاع المدني، وهي تجوب تلك القرى لإبلاغ الأهالي بمكبرات الصوت بضرورة الخروج من منازلهم، وهي تردد عبارات «يلا يلا يامواطنين» و«أخرجوا من بيوتكم».
وتكرر المشهد داخل شوارع وأزقة ومداخل القرى، الأمر الذي أثار نوعا من الهلع والخوف لنا والأكيد للأهالي أيضا.
وتحولت العيص صباح أمس إلى مدينة مهجورة.
كانت الساعات الأولى التي أعقبت الهزة أشبه بحالة نزوح جماعي، واصطفت عشرات المركبات المحملة بالأمتعة أمام محطات الوقود للمغادرة إلى المدينة المنورة وينبع، حيث تم توفير مساكن لمئات العائلات في الفنادق والشقق المفروشة، فيما وفر المستودع الخيري في العيص كمية عاجلة من الخيام لإسكان الأهالي. كانت الرحلة قد بدأت وتحول هدوء العيص وقراها إلى حركة غير طبيعية من الهلع والخوف والتوتر. وتسارعت الأحداث بعد ذلك لتبلغ الذروة. فالأهالي غادروا بما سهل حمله وخف وزنه، والمقيمون افترشوا الأرصفة والمستودع الخيري، بينما جابت الدوريات الأمنية الشوارع لرصد الحركة في الشوارع التجارية والأماكن العامة.
القراصة والهدمة والعميد
وتلقينا اتصالات تفيد بأن القراصة سيتم إخلاؤها، فكنا مع سكانها لحظة الإخلاء، ثم الهدمة فالعميد.
وكذلك تلقينا اتصالات أخرى تفيد بأن عددا من القرى في أملج يتم إخلاؤها، فتوجهنا إلى هناك مرورا بعدد من القرى التي كان الدفاع المدني يحاول إخلاءها من سكانها تحسبا لأي طارئ. ووصلنا إلى مخيم قصر عليثة في الرويضات، حيث الاستعدادات على أكمل وجه من سفلتة وإنارة وتجهيزات أخرى، مما جعلنا نقارن هذا التنظيم الجيد بمخيم إيواء قرية الفقعلي، الذي تنعدم فيه الإنارة ووسائل النظافة ولا توجد فيه عيادة ميدانية.
دخلنا أملج الساعة الثالثة والنصف فجرا، وتجولنا في أرجائها فوجدنا السكان نائمين عند مداخل المدينة وفي السيارات وعلى الشواطئ، حتى وصلنا للمخيم المقام في حديقة الاحتفالات، الذي تم إنشاؤه بجهود ذاتية داخل حديقة كبيرة. وكان من اللافت جهود الشباب وهم ينصبون الخيام، فمناظر العائلات والأطفال يجلسون خارج الخيام، والهلع الذي انتابهم جراء الهزة زاد خوفهم من أسئلة ماذا بعد ذلك؟ وإلى متى؟ وهل التجهيزات كافية؟
كنا نعرف أن جولتنا التي كان الأهالي ينتظرونها حتى وقت متأخر من الليل ـ وتأخرت بسبب أحداث العيص ـ لم تكن ستنتهي إلا بكم هائل من المطالب التي تتراوح مابين توفير حمامات عامة وخصوصا للنساء والتكييف داخل الخيام.
وأوضح مدير عام الدفاع المدني في منطقة تبوك العميد سليمان الحويطي أن إجلاء السكان إلى أربعة مخيمات في أملج وقراها كان إجلاء طوعيا ولم يكن بالقوة، واعتبر ذلك دليلا على وعي الأهالي الذين ذهبوا لتلك المخيمات طوعا وقت شعورهم بالخطر.
كنا خططنا أن نعود للعيص عند موعد بداية الدراسة؛ لرصد الأجواء بعد أول يوم من خروج أهلها قسرا، فصلاة الفجر في بعض مساجد القراصة لم تقم، والمعلمون والطلاب لم يحضر منهم إلا عدد قليل وتم صرفهم، إضافة إلى إغلاق المدارس باكرا.
والسكون كان يعم العيص، والعاملون في المحلات التجارية جلسوا خارج محلاتهم بلا مشترين، والوقود نفد من المحطات بعد ليلة صاخبة بالخوف، والمشاريع البلدية متوقفة رغم نفي مدير المجمع القروي مدني محمود الجهني.
وفي ينبع، نزح أكثر من 800 مواطن من قرى وهجر العيص أمس خوفا من تزايد قوة وعدد الهزات الأرضية، واستقبلت ينبع الدفعة الأولى من النازحين في ثمانية فنادق وعمارات شقق مفروشة حددتها إدارة الدفاع المدني في اجتماع طارئ فجر أمس ضم منسوبي الإدارات الحكومية.
وتواصلت التطورات البارحة حتى مثول الصحيفة للطبع، إذ أخلي مستشفى العيص العام، وفتح صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن ماجد أمير منطقة المدينة المنورة، خطا ساخنا في حال نقص الخدمات، فيما استعانت هيئة المساحة الجيولوجية بخبراء أجانب، وضاعفت عدد مراصد الهزات.