المطرفي
11-05-2009, 04:33 PM
أعواد الطعام كما رأيت
كنا نسمع بأعواد الطعام وكأنها بمثابة (الملاعق)المعروفة عند العرب ... وقد قيل لنا ستأكلون بالأعواد عند ذهابكم للصين اولكن حاولنا ولكن دون جدوى ورجعنا بالأيادي نأكل حتى نشبع وبالملاعق في المناسبات (بالاتكيت) المصطلح المعروف في السلك الدبلوماسي وكما عرفناها في الدورة الدبلوماسية ... ولكن استوقفنا عند محاولاتنا الأكل بالأعواد المتنوعة في الأشكال والألوان والأحجام ... وقد تم تسجيل هذا التقرير من واقع حياة الصينين التي نشاهدها ونعايشها وذلك خلال حديثي مع رجل يبلغ من العمر السبعين عاماً تقريباً برفقة ابنه طالب الجامعة المثقف وكان حلقة وصل بيني وبين والده الذي استوقفني عدة ساعات للحديث عن عادات تاريخية ثقافية أخرى والتي سوف يكون للمجالس نصيب الأولوية في عرضها ... وإليكم هذا التقرير .
معلومة سألت عنها وتأكدت بالمراجعة والتحقيق وهي : يقال إنه في العالم ثلاثة أساليب لتناول الأطعمة. ويستخدم الأربعون بالمائة من الناس أيديهم لتناول الأطعمة مباشرة، ويستخدم الثلاثون بالمائة منهم السكاكين والشوكات بينما يستخدم الثلاثون بالمائة منهم (العود لتناول الأطعمة).
ويعتبر العودان اختراعا كبيرا لدى الصينيين. ويسمى العودان ب"كواي" باللغة الصينية الآن. ووفقا للسجلات الوثائقية القديمة، بدأ الناس يسمونهما (بتشو) أو (جيا) في عهد أسرة ينشانغ الملكية قبل أكثر من ثلاثة آلاف سنة. ثم سموهما بجين خلال القرنين السادس والسابع الميلاديين. وجاء في الوثائق التاريخية أن المراكبية في نهر اليانغتسي في جنوب الصين بدأوا يستبدلون اسم "تشو" بـ "كواي". ثم سموهما ب"كواي" بصورة رسمية في عهد أسرة سونغ الملكية منذ القرن العاشر الميلادي.
كيف اخترع العودان؟ وفقا لتكهنات الخبراء، عندما كان يشوى شخص في التاريخ القديم طعامه، كان يقطع عشوائيا غصنين من الشجر أو قضيبين من البامبو ليلتقط الطعام بهما للأكل. وبفضلهما، يمكن أكل الطعام اللذيذ الساخن وتذوقه بدون إحراق يديه بالنار. فتطور الغصنان أو القضيبان الى العودين. إن شكلهما بسيط للغاية، أي عصاتان رفيعتان صغيرتان. وإن الجزء الأعلى المربع لكليهما أغلظ من الجزء الأسفل المستدير. وبفضل مزايا شكلهما، يسهل حملهما وتجنب سقوطهما من اليدين. كما يصعب تحركهما أو تدحرجهما إذا وضعتهما على الطاولة. ولا يمكن جرح الشفتين واللسان عندما تأخذ أطعمة الى فمك بطرفي العودين المجلوين الناعمين. وبعد انتشار "العودين" في اليابان، بدأ اليابانيون يصنعونهما بشكل مخروطي. لأنهم يفضلون أكل الأطعمة النية والباردة مثل شرائح الأسماك النية وما أشبه ذلك، فمن السهل استخدام هذا النوع من العودين.
مع أن العودين شيء بسيط، غير أن الصينيين يولون اهتماما كثيرا لاختيار المواد الخام والنقوش والزخارف عليهما. وكانت في الصين عيدان مصنوعة من عاج الفيل والنحاس قبل أكثر من ألفي سنة. ومنذ القرنين السادس والسابع، كانت البلاط الإمبراطوري وأجهزة السلطات وعوائل الأغنياء تستخدم العيدان المصنوعة من الذهب والفضة، والمنقوشة والمزخرفة باليشم والمرجان، كما كانت العيدان الفاخرة مرصعة برأس فضي بقصد كشف الأطعمة المسمومة، وإذا كانت الأطعمة مسمومة، فسيصبح لون الرأس الفضي أسود أو أخضر فورا.
ويلعب العودان دورا هاما في عادات الصينيين الشعبية. وفي بعض المناطق، من اللازم ضمن الأجهزة التي تجلبها العروس إلى بيت العريس زوجان من الطاسات والعيدان المعدة للعروسين والمربوطة بخيط أحمر والمسماة بطاسات الأبناء والأحفاد الأمر الذي يرمز إلى أن الزوجين الجديدين سيعيشان معا منذ ذلك الحين. ويشبه لفظ كلمة "العودين" بلفظ كلمة "السرعة" في اللغة الصينية، لذلك، فإن إهداءهما للعروسين يعني ضمنيا التمنيات لهما بإنجاب طفل في أسرع وقت ممكن. رغم أن العودين مجرد عصاتين رفيعتين صغيرتين، لكنك لا بد أن تبذل جهودا معينة من أجل استخدامهما بمهارة.
وكثيرا ما جذبت مهارة الصينيين في استخدام العودين انتباه الأجانب، حتى تأسست في الدول الغربية مراكز تدريبية خاصة لتعليم الناس أساليب استخدام العودين. ويرى بعض خبراء الطب أن استخدام العودين يحرك أكثر من ثلاثين مفصلا وأكثر من خمسين عضلة للإنسان ويساعد على زيادة براعة اليدين وذكاء الذهن. وتعتبر الصين موطن العودين، لكن قيل إن أول متحف " للعيدان" في العالم أنشئ في ألمانيا ويعرض فيه أكثر من عشرة آلاف زوج من العيدان المصنوعة من الذهب والفضة واليشم وعظام الحيوانات وغيرها من المواد. وجاءت هذه العيدان من مختلف الدول والمناطق عبر مختلف عهود التاريخ، فيمكن القول إنه معرض عظيم.
تحياتي وأشواقي
أبو تميم من (بكين)
كنا نسمع بأعواد الطعام وكأنها بمثابة (الملاعق)المعروفة عند العرب ... وقد قيل لنا ستأكلون بالأعواد عند ذهابكم للصين اولكن حاولنا ولكن دون جدوى ورجعنا بالأيادي نأكل حتى نشبع وبالملاعق في المناسبات (بالاتكيت) المصطلح المعروف في السلك الدبلوماسي وكما عرفناها في الدورة الدبلوماسية ... ولكن استوقفنا عند محاولاتنا الأكل بالأعواد المتنوعة في الأشكال والألوان والأحجام ... وقد تم تسجيل هذا التقرير من واقع حياة الصينين التي نشاهدها ونعايشها وذلك خلال حديثي مع رجل يبلغ من العمر السبعين عاماً تقريباً برفقة ابنه طالب الجامعة المثقف وكان حلقة وصل بيني وبين والده الذي استوقفني عدة ساعات للحديث عن عادات تاريخية ثقافية أخرى والتي سوف يكون للمجالس نصيب الأولوية في عرضها ... وإليكم هذا التقرير .
معلومة سألت عنها وتأكدت بالمراجعة والتحقيق وهي : يقال إنه في العالم ثلاثة أساليب لتناول الأطعمة. ويستخدم الأربعون بالمائة من الناس أيديهم لتناول الأطعمة مباشرة، ويستخدم الثلاثون بالمائة منهم السكاكين والشوكات بينما يستخدم الثلاثون بالمائة منهم (العود لتناول الأطعمة).
ويعتبر العودان اختراعا كبيرا لدى الصينيين. ويسمى العودان ب"كواي" باللغة الصينية الآن. ووفقا للسجلات الوثائقية القديمة، بدأ الناس يسمونهما (بتشو) أو (جيا) في عهد أسرة ينشانغ الملكية قبل أكثر من ثلاثة آلاف سنة. ثم سموهما بجين خلال القرنين السادس والسابع الميلاديين. وجاء في الوثائق التاريخية أن المراكبية في نهر اليانغتسي في جنوب الصين بدأوا يستبدلون اسم "تشو" بـ "كواي". ثم سموهما ب"كواي" بصورة رسمية في عهد أسرة سونغ الملكية منذ القرن العاشر الميلادي.
كيف اخترع العودان؟ وفقا لتكهنات الخبراء، عندما كان يشوى شخص في التاريخ القديم طعامه، كان يقطع عشوائيا غصنين من الشجر أو قضيبين من البامبو ليلتقط الطعام بهما للأكل. وبفضلهما، يمكن أكل الطعام اللذيذ الساخن وتذوقه بدون إحراق يديه بالنار. فتطور الغصنان أو القضيبان الى العودين. إن شكلهما بسيط للغاية، أي عصاتان رفيعتان صغيرتان. وإن الجزء الأعلى المربع لكليهما أغلظ من الجزء الأسفل المستدير. وبفضل مزايا شكلهما، يسهل حملهما وتجنب سقوطهما من اليدين. كما يصعب تحركهما أو تدحرجهما إذا وضعتهما على الطاولة. ولا يمكن جرح الشفتين واللسان عندما تأخذ أطعمة الى فمك بطرفي العودين المجلوين الناعمين. وبعد انتشار "العودين" في اليابان، بدأ اليابانيون يصنعونهما بشكل مخروطي. لأنهم يفضلون أكل الأطعمة النية والباردة مثل شرائح الأسماك النية وما أشبه ذلك، فمن السهل استخدام هذا النوع من العودين.
مع أن العودين شيء بسيط، غير أن الصينيين يولون اهتماما كثيرا لاختيار المواد الخام والنقوش والزخارف عليهما. وكانت في الصين عيدان مصنوعة من عاج الفيل والنحاس قبل أكثر من ألفي سنة. ومنذ القرنين السادس والسابع، كانت البلاط الإمبراطوري وأجهزة السلطات وعوائل الأغنياء تستخدم العيدان المصنوعة من الذهب والفضة، والمنقوشة والمزخرفة باليشم والمرجان، كما كانت العيدان الفاخرة مرصعة برأس فضي بقصد كشف الأطعمة المسمومة، وإذا كانت الأطعمة مسمومة، فسيصبح لون الرأس الفضي أسود أو أخضر فورا.
ويلعب العودان دورا هاما في عادات الصينيين الشعبية. وفي بعض المناطق، من اللازم ضمن الأجهزة التي تجلبها العروس إلى بيت العريس زوجان من الطاسات والعيدان المعدة للعروسين والمربوطة بخيط أحمر والمسماة بطاسات الأبناء والأحفاد الأمر الذي يرمز إلى أن الزوجين الجديدين سيعيشان معا منذ ذلك الحين. ويشبه لفظ كلمة "العودين" بلفظ كلمة "السرعة" في اللغة الصينية، لذلك، فإن إهداءهما للعروسين يعني ضمنيا التمنيات لهما بإنجاب طفل في أسرع وقت ممكن. رغم أن العودين مجرد عصاتين رفيعتين صغيرتين، لكنك لا بد أن تبذل جهودا معينة من أجل استخدامهما بمهارة.
وكثيرا ما جذبت مهارة الصينيين في استخدام العودين انتباه الأجانب، حتى تأسست في الدول الغربية مراكز تدريبية خاصة لتعليم الناس أساليب استخدام العودين. ويرى بعض خبراء الطب أن استخدام العودين يحرك أكثر من ثلاثين مفصلا وأكثر من خمسين عضلة للإنسان ويساعد على زيادة براعة اليدين وذكاء الذهن. وتعتبر الصين موطن العودين، لكن قيل إن أول متحف " للعيدان" في العالم أنشئ في ألمانيا ويعرض فيه أكثر من عشرة آلاف زوج من العيدان المصنوعة من الذهب والفضة واليشم وعظام الحيوانات وغيرها من المواد. وجاءت هذه العيدان من مختلف الدول والمناطق عبر مختلف عهود التاريخ، فيمكن القول إنه معرض عظيم.
تحياتي وأشواقي
أبو تميم من (بكين)