المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : انطباعاتي عن الشاعر حسن عبد الرحيم القفطي



أبو رامي
10-03-2009, 12:20 AM
مقدمة

في عام 1383 هـ أعارني الصديق تنيضب عوادة الفايدي ( دكتور في التربية الآن ) كتابا اسمه ( أدب من رضوى ) تأليف الأستاذ عبد الكريم محمود الخطيب .. في هذا العام وما قبله وقليل من الأعوام بعده كانت ينبع تعيش في سبات ثقافي عميق ولم تكن تصلنا أية مطبوعة سوى الصحف التي تصل إلى بعض الإدارات الحكومية أو بعض المشتركين وتأتينا متأخرة عن وقت صدورها ثلاثة أيام على الأقل وكنا لا نعدم الوسيلة في الحصول على بعضها وقراءته .. أما أخبار ينبع أو حتى ذكر اسمها فقلّ أن نجد له أثرا في أية مطبوعة وإن وجدناه نفرح به أيما فرح حتى لو كان في عبارة لا تخص ينبع كعبارة ( ينبع نهر النيل من أواسط أفريقيا ) .

في هذه الأجواء وقع في يدي كتاب ( أدب من رضوى ) وأثار فضولي واستغرابي وإعجابي أنه يتحدث عن ينبع في معظم موضوعاته وكان أشد ما أعجبني في الكتاب قصيدة تتحدث عن ينبع وتباهي بحبها وتذكر حاراتها لشاعر مصري استوطنها وشغف بها ذلكم هو الشاعر حسن عبد الرحيم القفطي .. فاشتد تعلقي بالكتاب وبالكاتب وتنامى إعجابي بالقصيدة حتى أنني حفظتها عن ظهر قلب ولكنني لم أعثر له عن غيرها لا قبلها ولا بعدها حتى بعد أن توفرت مصادر البحث وتعددت سبل استدعاء المعلومة

إلى أن زرت الصديق الأستاذ صالح عبد اللطيف السيد ذات مساء وأنا عادة ماأزوره في منزله أحيانا للاستفادة من مجالسته والاستماع إلى طيب حديثه والاستزادة من غزارة معلوماته ودقة توثيقه .. وهو اسم لا يمكن إغفاله إن ذكرت الثقافة أو عد المثقفون في ينبع هو و عبد الرحيم الزلباني و عواد الصبحي و سعد سعيد الرفاعي و إبراهيم الوافي وطه بخيت وعبد الرحمن الذبياني وغيرهم ممن لا تحضرني أسماؤهم

أما الأستاذ صالح السيد مدار الحديث فقد أهدى المكتبة العربية سلسلة ( ملامح من تاريخ ينبع ) في أربعة أجزاء جامعة مانعة ولديه مكتبة عامرة زاخرة بالكتب النفيسة مفتوحة لكل من أراد الاطلاع والبحث وكانت أكثر زياراتي له بهدف الاطلاع على ما في هذه المكتبة من كنوز ..
وقع بصري على كتاب ( شاعر من ينبع ) للأستاذ عبد الكريم الخطيب وما أن تصفحته حتى أدركت أنه ما كنت أبحث عنه من أمر الشاعر حسن عبد الرحيم القفطي . أنهمكت في قراءته وعقدت العزم على أن اعود في مرات قادمة للاستزادة من قراءته وإذا بالأستاذ صالح ( على غير العادة ) يقول لي وكأنه قرأ ما في نفسي : خذه معك ورده بعد أن تنتهي من قراءته .. لم أصدق ما سمعت فخرجت من عنده أحمل الكتاب وطفقت أسابق عجلات سيارتي وأسترق النظر إلى الكتاب كلما توقفت عند إشارة مرور .. ثم حولت وجهتي إلى أحد محلات النسخ وطلبت أن تصور لي نسخة منه لآحتفظ بها وأعدت الكتاب إلى صاحبه

الكتاب يحوي الكثير من القصائد الجميله التي تصف حنين الشاعر إلى ينبع ولهفته إلى العودة إليها ورغبته في العيش فوق ثراها وقضاء بقية العمر فيها .. وليت شعري ما الذي حال بينه وبين ذلك

سأحاول إن شاء الله في هذه الانطباعات أن أعرض لكم ما خرجت به من هذا الكتاب وما عرفته عن الشاعر حسن عبد الرحيم القفطي مع شكري لابن ينبع البار الأستاذ عبد الكريم الخطيب الذي تابع البحث والتنقيب وعانى مشقة السفر والوصول إلى مسقط رأٍس الشاعر يمصر والتقاء حفيده والعثور على نسخة من ديوانه ليخرج لنا هذه الصفحات المطويات من تاريخ ينبع فله منا كل الشكر والتقدير


الحلقة الأولى

حسن عبد الرحيم القفطي
شاعر من ينبع


الشاعر حسن عبد الرحيم القفطي ولد ببلدة القصير في مصر علم 1252 هـ وكان والده من كبار تجارها وله تجارة واسعة في ميناء ينبع فأرسل ولده ليساعد أخاه في أعمال التجارة ، فأحب ينبع واستوطنها وانعقدت هناك صداقة بين الشاعر وابن والي ينبع زارع ابراهيم باشا عواد حاكم ينبع في ذلك الزمان ، وهو من عائلة لا تزال موجودة في ينبع تسمى عائلة القاضي ، وتعلم وصاحبه العروض على يد رجل يسمى سالم باسودان ، وما زالت عائلة باسودان موجودة في ينبع ، وأصبحا شاعرين ، وعين الشاعر القفطي مساعدا لولاية ينبع زهاء عشر سنوات ، وفي عام 1288 هـ قصد الشاعر زيارة أهله الذين هجروا القصير لفقدان أهميتها بعد فتح قناة السويس ، وفي تلك الظروف توفي والد الشاعر فرفض إخوانه أن يعودوا إلى ينبع فعاش بقية حياته معهم في قفط في الصعيد المصري وفي مساء الثلاثاء الثامن من شعبان من عام 1321 هـ توفاه الله . ولكن حنينه لينبع لم يتوقف فقد أحبها حبا لا يعادله حب . له ديوان شعر يكاد يكون مفقودا في عصرنا الحاضر يقع في مائتي صفحة من القطع المتوسط طبع بمطبعة الشافعي حسن بالفيوم عام 1357 هـ . طبعه ابنه محمد .

نماذج من شعره

السفينة


إلى الفلك فانهض واغنم السير في البحر= إذا فزت بالإمكان من فرصة الدهر
وكن بالجواري المنشآت وسيرها =خبيرًا متى هبت رياح السـرى فاسر
وبادر لهاتيك السفينة واغتنم= سرى الليل أو فاستغنم السير في الفجر
ويمم بها نحو الحجاز وعج بها =على مـنبع الخيرات في "ينبع البحر "
هي البلدة المشتاق قلبي لمن بها= ويحلو لسمعي ذكرها طيب النشر
أميل لمن فيها بقلب تقلبت= حشاشته من لوعة الشـوق في الجمر
وإن ذكرت يومًا أهيم بذكرها= وأسقى وهاد الأرض بالأدمع الحمر
وقد لامني قومي إذا قمت في الدجى= أئـن كما أنّ الأسيرُ من الأسر
يقولون أقطار الحجاز بعيدة = فإن شئت فاستبدل بها قطرنا المصري
فقلت أما تستغفرون إلهكم = أمن بعد إيماني أميل إلى الكفر؟
فكيف أبيع الجوهر الحر بالردي = وأستعوض الأحجار يالكوكب الدري
وأسلو هوى واد تراءت قبابه = على أرضه أزهى من الأنجم الزهر
وكم فيه من خود ضياء جبينها = إذا ما بدا بالليل يغني عن البدر
أيا عرب وادي " ينبع البحر " إنني = على عهدكم باق مدى العمر والدهر
ملكتم فؤادي مذ سكنتم ببيته = وأدخلتم وجدي وأخرجتم صبري
نأيتم ولا زلتم مقيمين في الحشا= وبنتم وما بنتم عن البال والفكر
أما وظباء في رياض دياركم = يميسون كالأغصان في الحلل الخضر
لقد سبقت لله فيكم محبة = فصار " ابن عواد " لكم والي الأمر
كثير الندا رب الصنيعة في العدا = طويل المدا وافي الجدا واحد العصر
كريم حوى في بطن راح يمينه = سبيلا بها الأرزاق تنساب كالتبر
سخي إذا ما الغيث سح بودقه = يسيح لنا من جوده وابل القطر
على المال بذلا سلط الله كفه = فلم يبق منه في الديار سوى الذكر
وإن جئت تبغي منه أية حاجة = رأيت محياه تهلل بالدر
فمن وجهه تبدو السماحة للورى = ومن كفه للناس أمن من الفقر
مضت لي أويقات بها كنت أجتني = ثمار الهنا من روض أيامه الغر
وكنت أنا الأوفى لتحرير نطقه = وكنت أمين القول في السر والجهر
أروح أجر الذيل تيها بعزة = وأغدو قرير الطرف منشرح الصدر
أما لو وهبت الروح شكرا لفضله = لما قمت بالمعشار من واجب الشكر
ولن أنسى طول الدهر حسن صنيعه = إذا عشت أو إن ضمني اللحد في القبر
فكم غمرتني بالنوال يمينه = وكم توجتني بالمهابة والبر
فنذرا إذا جاد الزمان بعودتي = ونوديت بالترحيب من جانب القصر
لأدخل من أبواب ساحة جوده = وأملأ من أصناف أمواله حجري
وأرفل بعد الفقر في حلل الغنى= وأغمد سيف اليسر في هامة العسر
ألا أن " عوادا " تعود كلما = تجلى له وجه السعادة في الدهر
تمنى على الرحمن نسلا مباركا = فجاء بـ " إبراهيم " في ليلة القدر
فطين بما يأتي بصير بما أتى = خبير بما يجريه في النهي والأمر
رؤوف على المسكين يبدي بشاشة = ويعظم في عين الذي تاه بالكبر
ويعفو عن الجاني المسئ تكرما = ويقبل أعذار الذي جاء بالعذر
إذا رام أمرا هم فيه بهمة = وعزم قوي جل عن قوة الصخر
لقد حاز بالإجمال كل فضيلة = وفصل في أحكامه حسبما يدري
فلولاه ما كانت " جهينة " تهتدي = إلى الحكم والأحكام في البر والبحر
ولولا أناة فيه عزت لأوقدت = " قبائل حرب " زفرة الحرب بالجمر
يقود زمام العرب باللين والسخا = ومن لم يقد باللين ينقاد بالجبر
ومن يستحق البر أولاه بره = ومن يستحق الزجر وافاه بالزجر
ألا إن " إبراهيم " ساس أمورهم = وألف بين الشاة والذئب في البر
وقدم إنصاف الضعيف على القوي = وقام بنصر العبد رغما من الحر
وقد جد في إصلاح كل قبيلة= وكف أكف المعتدين عن الشر
فأمست به عين الزمان قريرة = كما دهره أضحى به باسم الثغر
ألم تر أن الله ثبت قوله = ونجاه ممن كاد يرميه بالغدر
مضى كهلال الأفق من أرض " ينبع " = وقد جاء من " أم القرى " وهو كالبدر
وما راح إلا كارها شر فتنة = وما عاد إلا بالثناء وبالنصر
ولم يلتفت بالبغض يوما لمبغض = ولم يخف مكرا للمصر على المكر
ولم ينتقم ممن تفوه بالأسى = ولم يدر عمن مات بالغيظ والقهر
على أنه كالطود لم يكترث لما = يراه من الأهوال في مدة العمر
تعلمت نظن الشعر قصدا لمدحه = ففقت جريرا وامرأ القيس في شعري
فإن رمت فيه المدح جادت قريحتي = بما تزدري بالدر في النظم والنثر
أما آن لي وقت أرى فيه موقفي = تجاهك في ناد به مصدر الأمر
فما ضر " إبراهيم " يوما لو أنه = بمجلسه أجرى على فمه ذكري
ليعلم من في الشرق والغرب أنني=لشاعره أزداد فخرا على فخري
وخذ بنت فكر في مديحك أقبلت = يفوق عبير المسك منها شذا العطر
نسجت لها بالمدح فيك ملابسا = وقلدتها بالوصف من جوهر الفكر
فقدم لها مهر القبول تكرما = فما ثم من بكر تفض بلا مهر
وما مهرها إلا لديك قبولها = إذا ما بدت تختال كالناهد البكر
تقول وقد وافتك بالمدح والثنا = وقد أقبلت تسعى على قدم الشكر
لمدحك أوقات السعادة أرخت = بدا سعد " إبراهيم " في ليلة القدر


في الحلقة القادمة
نقدم لكم إن شاء الله القطيرة والمجاديف

مهندس شكري حجازي
10-03-2009, 07:46 AM
تحياتي استاذنا
واهدي اليك قصدة لشاعرنا بعد عودة ينبع مرة ثانية
الشاعر حسن عبدالرحيم القفطاوي


أحب أهل المنجارة =من أهل ينبع وأهل القاد
وأحب حتى الحمارة =وأحب بياع المجلاد
أكل الدشيشة بالتمرة =وصلب حوته مشوية
ألذ من شرب المية= على الدجاج المشوية
حلفت إن ربي عدل لي= وعدت في ينبع ثاني
لا عدس على الحوت المقلي= وامشي عليه من غير عاني
واحالف الحوت الفارس= واغزي على صفحة معدوس
لو كان عليها ألفين فارس= وإلا عليها قطع الروس
واغمس بكمي فيها غمس= ولقمتي كبر الحلة
واشبع وسكن حلة عبس= واعمل أنا شيخ الحلة
واصبح بها وأمس فرحان =واشرب على طيب العيشة
في قهوة الشامي فنجان =قهوة وتعميرة شيشة
قهوة وتعميرة دخان= وأقول لحامد ولع لي
وإن خس مصروفي يا فلان= زارع أفندي يدفع لي

أبو رامي
10-03-2009, 09:17 PM
الحلقة الثانية

القطيرة


أمن تذكر أكل الحوت بالرطب = أعرضت عن لذة العناب والعنب
أم شوق نفسك " للمعدوس" أورثها =كراهة التين والرمان والقصب
أما ترى النيل في تلك البطاح جرى = فجاء من رؤية الأزهار بالعجب
فكيف تحزن بالأرياف من أسف = على ديار شراء الماء والحطب
نعم أميل لهاتيك الديار ولو = أصبحت فيها عديم المال والنسب
أحبها وأحب القاطنين بها = وإن جفوني بلا ذنب ولا سبب
أما وحرمة ما في البحر من سمك = وما حوى الحوت من رأس ومن ذنب
ما النيل عندي سوى نيل الترشف من = ماء " العصيلي " إذا ما صب في القرب
شوقي إلى "القاد " في الأحشاء يوقد من = نار اشتياقي إلى " منجارة " العرب
ومهجتي في رصيف " البنط " ما برحت = رهينة لم تحل عنه ولم تغب
وصورة " الصور " في الأحشاء صورها = قلبي و " حلة عبس " غاية الطلب
وفي " الخريق " فؤادي ضاع وآسفي =على الخريق بذاك الحي في لهب
قد شاب رأسي ولو إني نظرت إلى = " باب الشبيبي " لكان الرأس لم يشب
أهوى الوقوف لدى " باب الحديد " لكي = أرى مصابيح " سوق الليل " كالشهب
في " رقعة السمن " لي قصد ولي غرض= وعند "سوق الفواتي " منتهى أربي
يا فوز من كان موجودا هناك إذا = قام الحراج وصار البيع في الرطب
والمشترون له حازوه وانقلبوا = بنعمة في الفواتي خير منقلب
ياأهل ذاك الحمى كيف السبيل إلى= قلبي الذي نشأ في حبكم وربي
ناديته يوم ترحالي أحدثه = بإنني راحل عنه فلم يجب
من ذا يلوم على شوقي إلى بلد =العيش في غيره للقلب لم يطب
ما عاقني عن رجوعي في أماكنها= إلا تراكم أحزاني بموت أبي
ما بال دهري إذا ما رمت نجدته = في مطلب ساءني بالعكس في طلبي
من لي برد أويقات لنا سلفت = في ينبع الخير والآمال والأدب
خير البلاد وأرجاها وأقربها = نفعا وأرجحها كسبا لمكتسب
وكيف لا وهي من دون البلاد غدت = بابا لبلدة طه المصطفى العربي
أرجو وآمل أن الله يجعلني = فيها مقيما مدى الأيام والحقب

العصيلي ماء خارج ينبع أما الآن فإنه من أكبرأحياء ينبع
القاد ، والمنجارة ، الصور ، حلة عبس ، الخريق كلها أحياء قديمة في ينبع
رصيف البنط : الميناء
باب الشبيبي : صهريج قديم لخزن مياه المطر في ينبع
باب الحديد : شارع قديم بينبع
رقعة السمن : موضع في السوق يباع فيه السمن والعسل
سوق الفواتي : موضع في السوق يباع فيه الرطب

المجاديف

المجداف الأول


لي بجرعاء " ينبع البحر " قلب = فارق الجسم يوم حان الرحيل
اسألوا أهل " ينبع البحر " عنه= هو حي بأرضهم أم قتيل

المجداف الثاني


لا رعى الله مركبا حملتني = من ربا " ينبع " لأرض الصعيد
لو تملكتها لقلت ذروها = إنها مستحقة للوقود

المجداف الثالث


ياغزالا بات يوقدني = في لظى هجري وإبعادي
كيف تسعى في هلاك فتى = وهو محسوب " ابن عواد "

المجداف الرابع

مد من أرض الصعيد يدا = تبتغي من " ينبع " رطبا
فاجتنى من حيث ما طلبت = نفسه واستدرك الطلبا

المجداف الخامس

خرجنا نبتغي التمرة = بذاك الحي والوادي
ولما أن نظرناها = أكلنا ألف مجلاد

المجداف السادس

من عاش في كنف " ابن عواد " رقى = أوج الكمال وعاش في عيش الهنا
ما في الورى شخص فقير أمه = إلا وبعد الفقر أصبح في غنى


ابن عواد : هو إبراهيم عواد باشا والي ينبع في عهد العثمانيين


هذه القصائد (السفينة والقطيرة والمجاديف ) تعمدت أن أضعها في المقدمة لأن لها قصة سيأتي ذكرها لاحقا ولكن الملاحظ أن الشوق إلى ينبع والرغبة في العودة إليها هي المشاعر المسيطرة على هذه القصائد ويظهر الشوق جارفا يهز كيان الشاعر في كل أبيات القصائد تقريبا وهو يصف ويتذكر ويتحسر ويقول بحرارة وصدق :


هي البلدة المشتاق قلبي لمن بها= ويحلو لسمعي ذكرها طيب النشر
أميل لمن فيها بقلب تقلبت= حشاشته من لوعة الشـوق في الجمر
وإن ذكرت يومًا أهيم بذكرها= وأسقى وهاد الأرض بالأدمع الحمر
وقد لامني قومي إذا قمت في الدجى= أئـن كما أنّ الأسيرُ من الأسر

و حتى عندما يرد على من يقول له استبدل بينبع مصر بلد العناب والعنب والتين والرمان والقصب .. تصل به المبالغة في الحب مداها ويدعوهم إلى الاستغفار وكأنهم يدعونه إلى الكفر !!


يقولون أقطار الحجاز بعيدة = فإن شئت فاستبدل بها قطرنا المصري
فقلت أما تستغفرون إلهكم = أمن بعد إيماني أميل إلى الكفر؟

بل أنه في المجداف الثاني بدا حانقا على المركب التي حملته من ينبع إلى مصر وتمنى أن تحترق قبل أن تغادر أرض ينبع


لا رعى الله مركبا حملتني = من ربا " ينبع " لأرض الصعيد
لو تملكتها لقلت ذروها = إنها مستحقة للوقود


أخي مهندس شكري حجازي / شكرا لك على التفاعل والإثراء .. ولكن الشاعر لم يعد إلى ينبع بعد خروجه منها وسيأتي تفصيل ذلك لاحقا



في الحلقة القادمة نماذج أخرى

أبو عمرو
10-03-2009, 11:30 PM
شكراً مشرفنا القدير على هذا الجهد المميز في التعريف بأحد الشعراء الأوفياء لينبع ، وليس ذلك بغريب فأنت دائماً المعطاء وليس غريباً كذلك على شاعرنا هذا الحس ، فمن أستنشق عبير ينبع وتنفس هوائها لن يرضى بغيره بديلا .
شكراً للأوفياء.

أبو رامي
11-03-2009, 02:05 PM
الحلقة الثالثة

أخي أبا عمرو / شكرا لمداخلتك ولا شك أن شاعرنا القدير يستحق الاهتمام والدراسة فقد ترك لينبع تراثا خالدا


نماذج من شعر حسن عبد الرحيم القفطي

ياقلب دعني


يا قلب دعني في الذي أنا فيه=إن كان لي عيش به أو فـيه
والحق بأهلك بالحجاز وخلني=أبدي لأهلي السر أو أخفيه
واختر من البلدان فيه" ينبعًا "=فملاعب الغـزلان في واديه
بلد إذا ما رمت وصف ملاحه=حدث بما قد شئت عن أهليه
إذ لو توارت عنه شمس نهاره=أضحـت وجوه مـلاحه تغنيه
كم فيه من ظبي كحيل نافر=أحـوى حوى الدر الثمين بفيه
أو شمس حسن بالهلال تدملجت=وبدت كـبرد في سماء التيه
وغدت تجر ذيول حلة أطلس = حمرا كوجنتها لدى التشبيه
رقت لطافة جسمها حتى ولو = مر النسيم بخدها يدميه
يهوى زيارتها مناما صبها = فيرى عقارب صدغها تؤذيه
ولكم محب فيه أمسى حائرا = لم يلق مأوى في الحمى يأويه
إن لم يصب فيه بطعنة فارس = فلرب طعنة مقلة ترميه
أمسى بها طورا هناك تميته = نار الغرام وتارة تحييه
حتى إذا لم يسقه ماء الحيا = فدموع أرباب الهوى تسقيه
يهوى المحب بأن يباع لأهله = بالبخس لكن أين من يشريه
حرم به حجت قلوب ذوي الهوى = ولديه أحرم كل من يأتيه
ما حل فيه محرم بصبابة = إلا وطاف بكل بيت فيه
ثغر حوى بجوار طه المصطفى = شرفا على شرف بلا تمويه
أولم تر الرحمن أولى أهله = عز الجوار كرامة لبنيه
فأعاد صولة " آل عواد " له = وأقام فيه " زارعا " كأبيه
مولى أقر العدل فيه بعدما = كادت مظالم غيره تفنيه
مرآة والده وبهجة أهله = وسراج عترته وبدر ذويه
حبر إذا لهج اليراع بوصفه = وافته ألسنة الثنا تمليه
يقضي بحق عدوه وصديقه = حتى لو إن الحق عند أخيه
ما في الأفاضل منه أشرف رتبة = كلا ولا في الفضل من يحكيه
لو أن للشمس المنيرة ماله = من رفعة لتخطرت بالتيه
أو لو أتت في كفه يوم الندى = لم يعتبرها درهما يعطيه
أو لو تزوجت الثريا ليلة = بالبدر ما حملت له بشبيه
فطن حوى من كل فن لبه = وروى العلوم وفاق كل بنيه
ما عطر النادي بطيب حديثه = إلا وفاح المسك من ناديه
أو لو سرى في الليل حادثة يرى = نورا بدا من نوره يهديه
فالفضل يعرفه ويشهد أنه = هو عز دولته وفخر ذويه
يا حبر هذا العصر يا مفضاله = يا " زارع " المعروف في أهليه
إذ أنتم كلفتم فكري به = = فغدا بطيب مديحكم ينشيه
الله حسبك حيث قد أنقذتني = من لوعة الشوق الذي أنا فيه
برسالة تشفي العليل كأنها = ريح القميص أتى به ملقيه
ونثرت لي ذكرا علا من بعدما = كاد الحسود بزعمه يطويه
فالشعر فني غير أني قاصر = عما إليك قريحتي تهديه
دمع اعترافي بالقصور وما أنا = فيه من الخجل الذي أبديه
هذي رسول لي إليك وليتني = كنت الرسول لها لمن تأتيه
فاستجلها بكرا أتى تاريخها = البأس صار لـ " زارع " وأخيه

عودوا لينبع


عودوا بنا لنواحي ينبع عودوا=فعيشها قد صفا والعود محمود
وزودوا القلب من ذكر الرحيل لها=فكم له غرض فيها ومقـصود
خير البلاد الذي ما اختاره وطنًا=إلا فتى بجـنان الحسن مـوعود
أعظم به بلدًا ناهيك من بلد=أمضى الصوارم فيه الأعين السـود
تشكو الأسود الضواري فيه مظلمة=من الظبا وأمير الحسن موجود

طال شوق المتيم


طال شوق المتيم الولهان = وهو ما بين ربما وعساني
وانقضى العمر في الرجا والتمني = عل يوما يكون فيه التداني
يا أهيل الحجاز هل من سبيل = لاجتماعي بكم ونيل الأماني
عظم الله أجركم في اصطباري = وأدام انشراحكم في التهاني
قسما سادتي بحفظ هواكم = وخضوعي لعزكم وهواني
ما تسليت عنكم بسواكم = لا ولا غاب ذكركم عن لساني
يا رعى الله سادة لي بواد = كنت في حبهم أسير افتتان
بين حور يزلن أستار نور= عن بدور من الوجوه الحسان
أرغد العيش في الحجاز ولكن= دونه الفــتك من عيون الغواني
صاح قم للسرى على بنت ريح= هي مــثل الطيور في الطـــــيران
حيث تجري بمن بها فوق موج = كاد يعلو الجبال كالطوفان
كلما صفقت لها الريح غنت = لها على الرقص آلة " الفرمان "
وتوسط بها " الفجوج " وحاذر = من " ظهار " " الجدير " و " الحساني "
سم باسم الإله في مجريها= من مرسي "القصيـر" قبل الأذان
ريثما تشرق الغزالة أو في =" ينبع البحر" مــرتع الغــــــــــــزلان
وافش مني تحية وسلاما = ثم عرض بذكر ما قد دهاني
قل محب لكم على نيل مصر = باع في نيل وصلكم كل دان


زمان يابن لافي


زمان يا " ابن لافي " غير وافـي=ووقت ليس فيه العيـش صافـي
وأيـام تـمـر بـنـا ولـكـن=مـآل الأمـر فيـه غيـر خافـي
أتذكر حيـن نرتـع فـي سـرور=ونمـرح فـي مياديـن القوافـي
مع الخل الصديق " ابن النقادي "=حليف المكرمات اخـي العفـاف
قضى ذاك الفتى ومضـى وولـى=وبالفـردوس حـل بـلا خـلاف
وصرت أنـا بـواد بيـن قومـي=على أسف يطول بـه انشغافـي
وأنت " بينبع " لـم تبـك يومـا=لبعـد أخ وفـقـد أخ مـوافـي
فقدت الصاحبين وعشـت فيهـا=كفاقد ساعديـه لـدى الزحـاف
تمر علـى ربـوع الحـي ليـلا=فلم تدر الحجاب مـن السجـاف
ولا الربع المنيـر بنـور حسـن=من الربـع المزخـرف للزفـاف
أمـا والنـازلات بـه قـصـورا=لها في الفلـب نازلـة ارتجـاف
وما فوق " الجوادر " مـن ظبـاء=وما تحـت المحابـس واللحـاف
لئن أنت بـه "جرسـان حقـو "=لأسمعهـا علـى بعـد الفيافـي
وأكلي صفحة " المعدوس " فيـه=أحب إلـي مـن أكـل الخشـاف
وشربي فيه من ماء " العصيلي "=ألذ إلـي مـن رشـف السـلاف
فإن عاد الزمـان وعـدت فيـه=كما قد كنت فـي زمـن ائتلافـي
فلا أنعـي هنـاك علـى شيـوخ=سواك من المشائخ يا " ابن لافي "
فأنت الشيخ مقري الضيف مجري=سيـول دم الذبائـح للصـحـاف
عهدتـك حافظـا ودي ولـكـن=أراك أخذت عنـي فـي انحـراف
لقد أنسـاك أكـل الحـوت ودي=وأكـل التمـر علمـك التجافـي
بحقـك إن دعـوت القـوم ليـلا=لشرب الشاي في حرم التصافـي
لأني قـد مرضـت إليـه شوقـا=وشرب الشاي للأمـراض شافـي
أميل لـ" زارع " المعروف حتـى=ولو زرع الجمائـل فـي خلافـي
فسلـم لـي عليـه سـلام عبـد=إليـه يقـاد منتعـلا وحـافـي
أود لـقـاءه أبــدا ولـكــن=زمان يا " ابن لافي " غير وافـي

أبن لافي : هو الأستاذ محمود لافي أحد شيوخ ينبع في تلك الفترة كان شهما كريما
ابن النقادي أحد الأ علام المعروفين في ينبع
السجاف : الستائر
الجوادر بلغة أهل ينبع القديمة : المراتب
المحابس : أغطية الوجه للنساء
جرسان الحقو : الحقو حلية قديمة يضعها النساء في ينبع قديما على خصورهن .تارة تكون بأجراس وتارة بغيرها
المعدوس : وجبة مفضلة في ينبع قديما
العصيلي : بئر ماء في ينبع قديما أصبح الآن حيا من أشهر أحياءها بعد أن اندثر البئر

إلى كم أقاسي


إلى كم أقاسي بأرض الصعيد=من البعد أهوال يوم الوعيـد
ولسـت أريـد بهـا موطنـا=ولكن فـي ينبـع مـا أريـد
ألا من سبيـل إلـى عـودة=لـ"باب الشبيبي "و"بـاب الحديـد "
و"حلة عبس" وما قـد حـوت=بذاك الحمى من غوان وغيـد
وأنظر إلى كـل خـود بهـا=كما للظبا من عيـون وجيـد
وفي كل ظبـي حـوى وردة=على صفحة الخد في يوم عيد
وإن مت فـي ينبـع مغرمـا=أموت بحب شريـف شهيـد
وكيـف أمـوت قتيـلا بهـا=ولي عزوة من خيار الصعيد
رجال إذا احتزمـوا للوغـى=أداروا رحاها بحرب شديـد
وسلوا سيوفـا إذا أومضـت=يراها لدى ومضها ابن الرشيد
أيا سعد إن جئت فـي حيهـم=بسوق تـراه تجـاه "المسيـد "
وقام الحراج بـه وانقضـى=وبان الشقـي بـه والسعيـد
وسيق الذيـن اتقـوا ربهـم=لـ"سوق الفواتي" لأكل الحريـد
وقد قيل هـلا اكتفيتـم بمـا=رزقتم فقالوا وهل من مزيـد
فلا غـرو أن أكلـوا نخلـة=ومالوا لأكل النوى والجريـد
أؤلئـك قـوم إذا أبـصـروا=صحافا من الرز أومن ثريـد
ترى كلبهم عندهـا باسطـا=ذراعيه حرصا بباب الوصيد
أما لو تمكنـت مـن حيهـم=وجـاد إلهـي بعمـر جديـد
لأخطـف مـن بينهـم صفحة =وأمضي بها نحـو واد بعيـد
وإن نازعوني لـدى خطفهـا=فسيف ابن لافي يقد الحديـد
فتى بـاع كل الغنـى واشتـرى=به للثنـا كـل ذكـر حميـد
ففاق على أهل ذلـك الحمـى=بسيف صقيـل ورأي سديـد
فإن طال فـي ينبـع عمـره=فمنه الهدايا ومنـي القصيـد

المسيد / المسجد بلهجة أهل ينبع وأظن أنه يقصد مسجد ابن عطاء

أخا الندمان


أخا الندمان إن رمت التصافي = فحاذر في زمانك من تصافي
ولا تصفو لمن في الناس يبدي = له ودا بقلب غير صاف
ألم تر كلما استخلصت خلا = لمحض الود قابل بالتجافي
وإن تصحب فصاحب كل حر = أخا همم " كمحمود بن لافي "
فتى في المهد أرضع ثدي عزم = وظل عن المراضع في انحراف
وحالفه السلاح فكان منه = بمنزلة الحسام من الغلاف
ولازمه الكمال فشب فيه = على التقوى وشاب على العفاف
وقد دام الوقار له ولفت = عمامته عليه بلا خلاف
وأليس ثوبه " المحرود "تيها = على ثوب من الإجلال صاف
وجر إذا مشى في الأرض ذيلا = من " الفيلان " مسبول الحوافي
فتاه على الشيوخ وراح يبغي = مسامرة الضيوف على الصحاف
وإن يشكو الضعيف إليه ظلما = من الأعدا تعهد بالكفاف
فصفه بالكمال ولا تغالي = على ما فيه من حسن اتصاف
أيا من فاق ذكرا عن " بدين " = وشبه في سماحته " بلافي "
وجرد سيفه في الحي ليلا = فأومض برقه بين الفيافي
وهز الريح في اليمنى فأضحت = به أركان " رضوى " في ارتجاف
فلا برحت تروح لنا وتغدو = هداياه من التحف الطراف
لقد أوليتني نعما وإني = ببعض حقوق شكرك غير واف
كثير ما بعثت به إلأينا = وبعض الشئ من جدواك شاف
فمن لي أن أقوم ببعض جزء = يوازي بعض صنعك أو يكافي
ومن لي أن أعود إلى حماكم = ولو أني أعيش بلا احتراف
ومن " باب الحديد" وما يليه = إلى " باب الشبيبي " أمر حافي
ودونك يا " ابن لافي " بنت فكر = تهز إلأيك أرداف القوافي
لها وجب الصداق عليك خمس = من الحاجات حيث الدفع واف
" قزاز " و " الدمالج " ثم " حقو " = يساق مع الخزانة واللحاف
فلا تملك عليها عند قاض = كقاضي ينبع كنز العفاف
يراودها وإن لم يحظ منها = فضى حتما بتحريم الزفاف
فقابلها بوجه الصفو دوما = أخا الندمان إن رمت التصافي

لا ومن أنشأ الجواري


لا ومن أنشأ الجواري المنشآت = وقضى فيه لنوح بالنجاة
واصطفاها سفنا تجري بنا = فوق موج كالجبال الراسيات
ما تسابقنا إلى واد بها = مثل وادي " ينبع" خير الجهات
بلد إذا لم أعش فيه فلا = عيش لي يهنو وإن طالت حياتي
قد تغانى عن سما شمس الضحى = بضياء من وجوه الغانيات
فيه قوم حالفوا سمر القنا = منذ كانوا في بطون الأمهات
فتية قد طال ما شادوا البنا = فوق أطراف القنا للفتيات
وأباحوا دونه سفك الدما = وحموا ذاك الحمى بالمرهفات
ما نحوا عن نار حرب أو قرى = برهة إلا لأوقات الصلاة
بيد أني كنت فيهم آمنا = لم أخف إلا العيون الناعسات
من غوان بين جرعاء الحمى = مسلمات مؤمنات قانتات
كم به من شمس حسن قلدت = جيدها شهب النجوم النيرات
ذي عيون بحشا مضنى الهوى = فاعلات فاعلات فاعلات
لي فؤاد فيه قد غادرته = ضاع مني بين أيدي الظبيات
يا أهيل " الصور " و" القاد " ويا = عرب وادي " ينبع " وادي المهاة
من لقلب ضاع في ينبعكم = منبع الحسن ودار الحسنات
قد أخذتم نحوكم قلبي فما = ضر لو ألحقتموه الكليات
ويح قلبي هل له في حيكم = ملجأ يرجو به ماء الحياة
حل في " حلة عبس " أم غدا = في بيوت " الصور " مأسور البنات
أو لنحو " القاد " من جور الظبا = راح منقادا لأسباب الوفاة
ليت شعري هو حي لم يزل = أو قضى الحب عليه بالممات
ما لأبناء الصعيد احتجبوا = عن دمي حتى أضاعوا واجبات
يا بني عمي وقومي ويا = عزوتي من كل ماض لي وآت
ما عهدت الجبن في أخلاقكم = بل ولا التسويف عند الأزمات
ما عليكم لو أخذتم بدمي = من ذوات الحسن حمر الوجنات
لو بذلتم نقد دمعي رشوة = لقضاة الحب من جور الولاة
أو ثبتم يا لقومي قتلتي = في الهوى شرعا لدى قاضي القضاة
" زارع " المعروف في روض الندى = كافل الحاجات وافي الضمنات
بدر أفق الشرع مصباح القضا = منهج التقوى ومنهاج التقاة
لج بحر الفضل صافي دره = تاج هام الفخر قاموس اللغات
آمر ناه مطاع أمره = نافذ الأحكام ماضي الكلمات
خير قاض ولي الأحكام في عصره أو في العصور الماضيات


وبعد فهذه القصائد ليست كل ما قاله شاعرنا حسن عبد الرحيم القفطي رحمه الله ولكنها نماذج نستبين من خلالها المنحى الذي يسير علبه .. فهو شاعر مجيد خلد اسم ينبع وكانت قصائده وثائق تاريخية للأماكن والرجال والملابس والثقافة السائدة وكان تأثره بأهل ينبع كبيرا وكل متتبع لشعره يدرك ذلك
فالعصيلي والقاد ، والمنجارة ورصيف البنط والصور وحلة عبس والخريق وباب الشبيبي وباب الحديد ورقعة السمن وسوق الفواتي كلها أسماء أماكن في ينبع
والسفينة والقطيرة والمجاديف والفرمان مصطلحات بحرية لوسائط النقل في ينبع
والفجوج والظهار والجدير والحساني أسماء مراسي
وزارع وابراهيم عواد ومحمود لافي وابن النقادي شخصيات ينبعية معروفة
والدشيشة والتمرة والمجلاد والمعدوس أنواع من الأكل
والمحرود والفيلان والمحابس أنواع من اللباس
والقزاز والحقو والدمالج حلية
والسجاف والجوادر والخزانة واللحاف أثاث للعروس

إذن هو تراث ينبعي لو لم يضمنه قصائده لما خلد في أذهان الناس .. وشاعر مثله حري بأن نحتفي به وأن ندرس شعره وأن نغوص في أعماق شخصيته لنصل إلى سر هذا الحب الذي كان يكنه لينبع
ولقد دفعني إعجابي به أن أتوجه لرئيس بلدية ينبع قبل ثماني سنوات بطلب تكريمه إما بتسمية أحد شوارع ينبع باسمه أو بالبحث عن ديوانه وطباعته أو بأي صفة يكون فيها التكريم .. كان ذلك على الرابط

http://www.alhejaz.net/vb/showthread.php?t=7094

وأتمنى أن يتحقق ذلك في القريب العاجل





في الحلقة القادمة هل كان القفطي تاجرا ؟

أبو رامي
12-03-2009, 08:01 PM
الحلقة الرابعة

قلت في الحلقة السابقة أن هذا الشاعر قدم لينبع يدا لا تنسى من الفضل فقد تغنى بها وتشوق إليها وأحب أهلها وتمنى أن يعيش فوق أرضها وأن يدفن في ثراها .. وإنني عرضت اقتراحا بتكريمه

وقد تلقيت رسالة من أحد أقرباء الشاعر من مصر هو الأستاذ أحمد زين الدين يشكرني على مطالبتي بتكريمه واسمه الكامل أحمد زين الدين حامد محمود عمر أحمد زين الدين يلتقي مع الشاعر القفطي في الجد زين الدين .. فرحت برسالته وتبادلنا الرسائل بعدها وكنت أريد أن أعرف أي شئ عن هذا الشاعر الذي شغفني حبا وقد عرفت منه أن للشاعر ديوانا في دار الكتب المصرية غير موجود في الأسواق اسمه ديوان القفطي .. هذا الديوان أعرفه فهو الذي تحصل الأستاذ عبد الكريم الخطيب على نسخة منه من حفيده محمد

أما عائلة الشاعر حسن عبد الرحيم القفطي فهم موجودون في مدينة قفط بمحافظة قنا وبمدينة القصير بمحافظة البحر الاحمر وفي مدينة القصير كان يوجد منهم الاستاذ كمال الدين حسين الشهير بهمام رحمه الله عضو مجلس الشعب وهو ابن أخ الشاعر الراحل و من الشخصيات المرموقه في محافظة البحر الاحمر وله كثير من المؤلفات منها بونابرت والقصير وكتاب عن القطب وأبو الحسن الشاذلي يجيد من اللغات ستة وعمل مديرا بشركة الفوسفات بالبحر الاحمر.

أما احفاد الشاعر الراحل فيوجد منهم الاستاذ عبده محمد حسن عبد الرحيم علي زين الدين بقفط وهم من الانصار وينتمون الي المدينه بأراضي الحجاز وبالتحديد قبيلة الخزرج ويطلق عليهم في قفط ال الخطيب ويتكون ال الخطيب من عدة عائلات علي رأسها آل أبو علي وآل عبد النور وآل عمر وال الاقرع

وعندما سألته عن حفيد الشاعر محمد محمد حسن عبد الرحيم ناظر مدرسة قفط الذي قابله الأستاذ عبد الكريم الخطيب وأخذ منه نسخة من ديوان جده قال أنه هو نفسه عبده ولكنه الآن مريض وقد تفاقم مرضه بعد وفاة ابنه نسأل الله له الشفاء والعافية

وبدا لي أن الأستاذ أحمد زين الدين لا يعلم عن الفترة التي قضاها جدهم في ينبع شيئا ولكنه أوعدني أن يجمع المعلومات حول حياة جده وعمله في ينبع وأن يوافيني بها وأنا في انتظار ذلك

أما الآن فلا يوجد عندنا لسبر أغوار هذه الشخصية إلا ما كتبه الأستاذ عبد الكريم الخطيب عنه وقصائده التي أثبتها ولذلك سيكون اعتمادنا عليها في تتبع سيرته

تقول السيرة أن والد الشاعر كان من كبار تجار القصير وله تجارة واسعة في ميناء ينبع فأرسل ولده ليساعد أخاه في أعمال التجارة فأحب ينبع واستوطنها ..وهذا القول محل نظر من عدة نواح

1ـ السيرة تذكر أن هناك صداقة قد انعقدت بين الشاعر وابن والي ينبع زارع ابراهيم باشا عواد حاكم ينبع في ذلك الزمان وتعلم وصاحبه العروض على يد رجل يسمى سالم باسودان . والانشغال بالتجارة لا يتيح وقتا لتلقي التعليم هذا أولا

2ـ الشاعر عين مساعدا لولاية ينبع زهاء عشر سنوات وهو يذكر هذا في بعض قصائده التي يمدح بها والي ينبع

مضت لي أويقات بها كنت أجتني = ثمار الهنا من روض أيامه الغر
وكنت أنا الأوفى لتحرير نطقه = وكنت أمين القول في السر والجهر
أروح أجر الذيل تيها بعزة = وأغدو قرير الطرف منشرح الصدر

إذن هو موظف حكومي أمين سر وليس تاجرا وأنا لا أقصد عدم نظامية الجمع بين التجارة والوظيفة وإنما كيف يوفق بين عمله في الدولة وتجارته الخاصة وهما ضدان لا يجتمعان

3ـ القصير ليست بلد تجارة ولا تقوم بنفسها فضلا عن التصدير إلى ينبع وإنشاء تجارة واسعة بها بشهادة الشاعر

كل النواحي والبلدان = صارت مداين معمورة
إلا القصير فاضل خربان = وأغلب بيوته مهجورة
ما في القصير غير أكل الحوت = للأغنياء والفقرية
وشرب قهوة أبو نبوت = شرب الجماعة البحرية
ناس القصير ناس المعدوس = والرز والحوت الناشف
لكن على الواحد ملبوس = تقول عليه ملبوس كاشف
من كل واحد صاحب حوش= نصب على صاحب دكان
وخذ وفصل خالي بوش = وجر في كم القفطان
من كل واحد في دكان = من الجماعة صاحب بيت
ما يمتلك غير الميزان = وأربع " صفاري " فيهم زيت
من كل واحد جاي مدكوم = وكان مسافر في جدة
والأصل فيه بحري معدوم = وصنعته جر " المدة "
وعند قهوة أبو نبوت = يقعد ويشخط في " البوري"

ويقول فيها أيضا


مافي القصير بلح ولا رطب = وليس فيه قصب ولا عنب
مافيه غير الفحم زاخرا والحطب= وماؤه المأسون من دبغ القرب
يسعى إليه من طلوع الفجر=
مهدم الأركان والبيوت = وليس في أسواقه من قوت
سوى " الصرنباق" ولحم الحوت = وقهوة عند " أبي نبوت "
يشربها الجوعان بعد العصر =
تجارة القصير في الحلافي = وماله في البخس والإتلاف
وكيله يا صاح غير وافي= وأهله من شدة التجافي
قد عاملوا سواهم بالضر =
إن القصير بلد التكاسل = وملجأ للفتية التنابل
وهل رأيت في الورى من عاقل = يبدل الأرياف بالسواحل
ويرتجي بسكنه في القفر =


إذن ما التجارة التي تصدرها القصير إلى ينبع في ذلك الوقت وهي كما وصفها الشاعر ؟ فالفحم والحطب موجودان في ينبع وكانت تصدرهما إلى مصر وكذلك الصرنباق والحوت ووصف الشاعر للقصير في تلك الأيام بهذا الوصف الدقيق لا يؤهلها لأن تصدر شيئا لأي بلد في الدنيا

ولقد تتبعت قصائد الشاعر فلم أجد فيها بيتا واحدا يشير إلى التجارة لا من قريب ولا من بعيد وهذا أمر لا يعقل من شاعر تحدث عن كل شئ في ينبع إلا العمل الذي يمارسه .. بينما هو قد تطرق إلى عمله في أمانة سر الولاية

هذه الاستنتاجات تنفي أنه كان يعمل بالتجارة إضافة إلى ما سوف يأتي من حزنه على الرحيل عن ينبع وإصراره على العيش فيها واشتياقه إلى الشاهي الذي كان يشربه في بيت " ابن لافي "
وهذا ما سوف نواصل البحث فيه إن شاء الله



في الحلقة القادمة هل كان القفطي يحب ينبع حقا ؟

اغلى من الالماس
12-03-2009, 09:37 PM
جزاك الله خير يا ابو رامي

أبو رامي
14-03-2009, 02:12 AM
شكرا على التفاعل .. يا أغلى من الألماس

الحلقة الخامسة


المتتبع لإنتاج الشاعر يلاحظ دون عناء أن كل قصائد الشاعر التي يذكر فيها ينبع ويصور فيها حرارة الشوق ولواعج الاشتياق والتحسر على أيامه الماضية فيها وحنينه إلى العودة إليها ماهي إلا مدخل لمدح أمير ينبع إبراهيم باشا عواد أو نجله زارع أو أديبها الكبير محمود لافي
هذا الملحظ موجود في كل القصائد دون استثناء ففي قصيدة السفينة بعد أن مر على ذكر ينبع والشوق إليها خلص إلى المديح والإطراء لوالي ينبع


لقد سبقت لله فيكم محبة = فصار " ابن عواد " لكم والي الأمر
كثير الندا رب الصنيعة في العدا = طويل المدا وافي الجدا واحد العصر
كريم حوى في بطن راح يمينه = سبيلا بها الأرزاق تنساب كالتبر
سخي إذا ما الغيث سح بودقه = يسيح لنا من جوده وابل القطر
على المال بذلا سلط الله كفه = فلم يبق منه في الديار سوى الذكر
وإن جئت تبغي منه أية حاجة = رأيت محياه تهلل بالدر
فمن وجهه تبدو السماحة للورى = ومن كفه للناس أمن من الفقر
مضت لي أويقات بها كنت أجتني = ثمار الهنا من روض أيامه الغر
وكنت أنا الأوفى لتحرير نطقه = وكنت أمين القول في السر والجهر
أروح أجر الذيل تيها بعزة = وأغدو قرير الطرف منشرح الصدر
أما لو وهبت الروح شكرا لفضله = لما قمت بالمعشار من واجب الشكر
ولن أنسى طول الدهر حسن صنيعه = إذا عشت أو إن ضمني اللحد في القبر
فكم غمرتني بالنوال يمينه = وكم توجتني بالمهابة والبر
فنذرا إذا جاد الزمان بعودتي = ونوديت بالترحيب من جانب القصر
لأدخل من أبواب ساحة جوده = وأملأ من أصناف أمواله حجري
وأرفل بعد الفقر في حلل الغنى= وأغمد سيف اليسر في هامة العسر
ألا أن " عوادا " تعود كلما = تجلى له وجه السعادة في الدهر
تمنى على الرحمن نسلا مباركا = فجاء بـ " إبراهيم " في ليلة القدر
فطين بما يأتي بصير بما أتى = خبير بما يجريه في النهي والأمر
رؤوف على المسكين يبدي بشاشة = ويعظم في عين الذي تاه بالكبر
ويعفو عن الجاني المسئ تكرما = ويقبل أعذار الذي جاء بالعذر
إذا رام أمرا هم فيه بهمة = وعزم قوي جل عن قوة الصخر
لقد حاز بالإجمال كل فضيلة = وفصل في أحكامه حسبما يدري
فلولاه ما كانت " جهينة " تهتدي = إلى الحكم والأحكام في البر والبحر
ولولا أناة فيه عزت لأوقدت = " قبائل حرب " زفرة الحرب بالجمر
يقود زمام العرب باللين والسخا = ومن لم يقد باللين ينقاد بالجبر
ومن يستحق البر أولاه بره = ومن يستحق الزجر وافاه بالزجر
ألا إن " إبراهيم " ساس أمورهم = وألف بين الشاة والذئب في البر
وقدم إنصاف الضعيف على القوي = وقام بنصر العبد رغما من الحر
وقد جد في إصلاح كل قبيلة= وكف أكف المعتدين عن الشر
فأمست به عين الزمان قريرة = كما دهره أضحى به باسم الثغر

وبعد أن فرغ من ذكر ينبع في قصيدة " يا قلب دعني " خلص إلى مدح "زارع " أبن إبراهيم عواد


أولم تر الرحمن أولى أهله = عز الجوار كرامة لبنيه
فأعاد صولة " آل عواد " له = وأقام فيه " زارعا " كأبيه
مولى أقر العدل فيه بعدما = كادت مظالم غيره تفنيه
مرآة والده وبهجة أهله = وسراج عترته وبدر ذويه
حبر إذا لهج اليراع بوصفه = وافته ألسنة الثنا تمليه
يقضي بحق عدوه وصديقه = حتى لو إن الحق عند أخيه
ما في الأفاضل منه أشرف رتبة = كلا ولا في الفضل من يحكيه
لو أن للشمس المنيرة ماله = من رفعة لتخطرت بالتيه
أو لو أتت في كفه يوم الندى = لم يعتبرها درهما يعطيه
أو لو تزوجت الثريا ليلة = بالبدر ما حملت له بشبيه
فطن حوى من كل فن لبه = وروى العلوم وفاق كل بنيه
ما عطر النادي بطيب حديثه = إلا وفاح المسك من ناديه
أو لو سرى في الليل حادثة يرى = نورا بدا من نوره يهديه
فالفضل يعرفه ويشهد أنه = هو عز دولته وفخر ذويه
يا حبر هذا العصر يا مفضاله = يا " زارع " المعروف في أهليه
إذ أنتم كلفتم فكري به = = فغدا بطيب مديحكم ينشيه
الله حسبك حيث قد أنقذتني = من لوعة الشوق الذي أنا فيه
برسالة تشفي العليل كأنها = ريح القميص أتى به ملقيه
ونثرت لي ذكرا علا من بعدما = كان الحسود بزعمه يطويه
فالشعر فني غير أني قاصر = عما إليك قريحتي تهديه
دمع اعترافي بالقصور وما أنا = فيه من الخجل الذي أبديه
هذي رسول لي إليك وليتني = كنت الرسول لها لمن تأتيه
فاستجلها بكرا أتى تاريخها = البأس صار لـ " زارع " وأخيه

وفي قصيدة " زمان يابن لافي " يمدح محمود لافي بعد وصف حنينه إلى ينبع طبعا


فإن عاد الزمـان وعـدت فيـه=كما قد كنت فـي زمـن ائتلافـي
فلا أنعـي هنـاك علـى شيـوخ=سواك من المشائخ يا " ابن لافي "
فأنت الشيخ مقري الضيف مجري=سيـول دم الذبائـح للصـحـاف

وفي القصيدة الأخرى " أخا الندمان " كذلك



وإن تصحب فصاحب كل حر = أخا همم " كمحمود بن لافي "
فتى في المهد أرضع ثدي عزم = وظل عن المراضع في انحراف
وحالفه السلاح فكان منه = بمنزلة الحسام من الغلاف
ولازمه الكمال فشب فيه = على التقوى وشاب على العفاف
وقد دام الوقار له ولفت = عمامته عليه بلا خلاف
وأليس ثوبه " المحرود "تيها = على ثوب من الإجلال صاف
وجر إذا مشى في الأرض ذيلا = من " الفيلان " مسبول الحوافي
فتاه على الشيوخ وراح يبغي = مسامرة الضيوف على الصحاف
وإن يشكو الضعيف إليه ظلما = من الأعدا تعهد بالكفاف
فصفه بالكمال ولا تغالي = على ما فيه من حسن اتصاف
أيا من فاق ذكرا عن " بدين " = وشبه في سماحته " بلافي "
وجرد سيفه في الحي ليلا = فأومض برقه بين الفيافي
وهز الريح في اليمنى فأضحت = به أركان " رضوى " في ارتجاف

وهكذا في كل القصائد الخاصة بينبع وتكاد هي أكثر ماأثبته الأستاذ عبد الكريم الخطيب من قصائده

وقد يقول قائل : وما العيب في هذا ؟ فالمدح باب كبير من أبواب الشعر العربي وطرقه كثير من الشعراء العظام ولولاه لما عرفنا حياة أكثر الشخصيات الممدوحة
وهذا القول صحيح بالنظر إلى هدف الممدوح فإن كان القصد منه الثناء على أرباب الفضل وأصحاب المعالي دون النظر إلى مكسب شخصي فلا بأس به بل أنه مطلوب كما كان يفعل زهير بن أبي سلمى في مدح هرم بن سنان والإشادة بدوره في الصلح بين عبس وذبيان حتى لو ناله شيئ من العطاء بعد ذلك فإنه لم يطلبه ولم يكن هو هدفه

"قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لابن هرم بن سنان: أنشدنى ما قال فيكم زهير: فانشده فقال: لقد كان يقول فيكم فيحسن! قال: يأميرالمؤمنين و كنا نعطيه فنجزل قال: ذهب ما أعطيتموه و بقى ما أعطاكم"

وهذا كلام حق وينطبق على شاعرنا القفطي فقد خلد ينبع في قصائده وبقي مدحه لإبراهيم وزارع ومحمود لافي ,, وذهب ما وهبوه له من الأموال

نحن لا نتحدث عن هذا ولكن نتحدث عن التكسب بالشعر والاتجاه إلى المدح طمعا في المال والأستاذ الرائد محمد حسن عواد كان يصف شعراء المدح بحملة المباخر وأن شعرهم لا يعبر عن أهداف الشعر وإنما يلبس لكل حالة لبوسا .. وهذا ما كان يعاب على شاعر العربية الكبير المتنبي .. لايعيب الشاعر فنيا ولكنه يقدح في مروءته وينقص من كرامته الشخصية أما فنيا فقد يتقمص الحالة ويكسبها صدق العاطفة وحرارة المشاعر تبعا للقدرة والتمكن الشعري وهو ما كنا نلحظه في مدائح المتنبي وفي مدائح شاعرنا القفطي
ولو قارناها بمدائح زهير لهرم بن سنان وهي مدائح صادقة لا تهدف إلى التكسب كما ذكرنا لوجدنا أن مدائح المتنبي ومدائح شاعرنا القفطي تفوقها بمراحل رغم أنها ليست صادقة

أقول ليست صادقة لأن كل مديح ينتهي باستجداء صريح دون تردد فإنما يعبر عن حالة ليست صادقة حتى لو استطاع الشاعر ببراعته أن يلبسها صدق العاطفة وحرارة المشاعر
أنظر في " السفينة " بعد الفراغ من المدح ماذا قال


فنذرا إذا جاد الزمان بعودتي = ونوديت بالترحيب من جانب القصر
لأدخل من أبواب ساحة جوده = وأملأ من أصناف أمواله حجري
وأرفل بعد الفقر في حلل الغنى= وأغمد سيف اليسر في هامة العسر

وقد بدا الهدف من المدح جليا (أملأ من أصناف أمواله حجري ) ولفظة أمواله هنا تحدد الهدف تماما فهو لم يقل أفضاله أو كرمه أو ما شابهها
وفي المجداف السادس يقول :


من عاش في كنف " ابن عواد " رقى = أوج الكمال وعاش في عيش الهنا
ما في الورى شخص فقير أمه = إلا وبعد الفقر أصبح في غنى

ومن قصيدة طويلة يمدح فيها زارع إبراهيم عواد ويطلب منه أن يتوسط له عند والده يختمها بما يلي :


فاذكره با " زارع "الخيرات فيه لدى = أعتاب والدك السامي على الرتب
وقل لناظمها الراجي مكارمكم = أقبل وأرخ تجد ما شئت عند أبي


وقصيدة إلى كم أقاسي التي يمدح فيها محمود لافي يختمها بهذا البيت الذي يدل على أنه لا يقدم القصائد دون ثمن


فإن طال فـي ينبـع عمـره=فمنه الهدايا ومنـي القصيـد

وقصيدة أخا الندمان يشبهها بالعروس التي تحتاج إلى صداق ويحدد الصداق ( خذ وهات ) وذلك بعد أن يفرغ من مدح ابن لافي


ودونك يا " ابن لافي " بنت فكر = تهز إليك أرداف القوافي
لها وجب الصداق عليك خمس = من الحاجات حيث الدفع واف
" قزاز " و " الدمالج " ثم " حقو " = يساق مع الخزانة واللحاف
فلا تملك عليها عند قاض = كقاضي ينبع كنز العفاف
يراودها وإن لم يحظ منها = فضى حتما بتحريم الزفاف
فقابلها بوجه الصفو دوما = أخا الندمان إن رمت التصافي

والقصيدة الزجلية التي أوردها أخونا المهندس شكري حجازي يختمها بهذه الأبيات التي يصف فيها جلوسه في قهوة الشامي والطلب على حساب زارع أفندي

قهوة وتعميرة ودخان = وأقول لـ " حامد " ولع لي
وإن خس مصروفي يا فلان = " زارع " أفندي يدفع لي

وهو يطلب أي شئ حتى الشاهي إذا اشتهاه


بحقـك إن دعـوت القـوم ليـلا=لشرب الشاي في حرم التصافـي
لأني قـد مرضـت إليـه شوقـا=وشرب الشاي للأمـراض شافـي

هذا مالا حظته في كل قصائده التي تبدأ بذكر ينبع ثم تفضي إلى المدح ثم تنتهي بالسؤال وهو يفرط أحيانا في السؤال فيحدد ما يريد بالضبط دون أن يضع اعتبارا لشخصيته أو كرامته وتأمل معي الخضوع المذل في آخر قصيدة زمان يابن لافي وهو يطلب منه أن يبلغ السلام إلى زارع


فسلـم لـي عليـه سـلام عبـد=إليـه يقـاد منتعـلا وحـافـي

وهذه النماذج من الاستجداء المتواصل تؤيد ما توصلنا إليه في الحلقة الماضية بأن القفطي لم يكن تاجرا وإنما كان يتكسب من الشعر أليس هو القائل:


تعلمت نظم الشعر قصدا لمدحه = ففقت جريرا وامرأ القيس في شعري
فإن رمت فيه المدح جادت قريحتي = بما تزدري بالدر في النظم والنثر




في الحلقة القادمة هل غادر الشاعر ينبع بطوعه واختياره ؟
وما الذي منعه من العودة

أبو رامي
15-03-2009, 05:01 PM
الحلقة السادسة

تذكر السيرة أن الشاعر حسن عبد الرحيم القفطي غادر ينبع في عام 1288هـ بقصد زيارة أهله وأنه ترك في ينبع ابنتيه ( خديجة وربيعة ). ومعنى هذا أنه غادر ينبع بطوعه واختياره وأنه عازم على العودة إليها عما قريب فما الذي منعه من العودة ؟ يقال أن السبب كان وفاة والده في هذه الظروف كما ذكر في قصيدة القطيرة


ما عاقني عن رجوعي في أماكنها= إلا تراكم أحزاني بموت أبي

ولكن هذا القول لا يستقيم بالنظر إلى عاطفة الأبوة التي ستدفعه حتما إلى الإسراع بالعودة إلى ابنتيه اللتين تركهما وحيدتين في ينبع ومهما كان من أمر حزنه على أبيه فإنه سوف يسلاه بعد حين والأمر الأخر أنه كان يتحسر ويتمنى رد أوقاته التي سلفت في ينبع ويسأل عن السبيل للعودة إليها



ياأهل ذاك الحمى كيف السبيل إلى= قلبي الذي نشأ في حبكم وربي
ناديته يوم ترحالي أحدثه = بإنني راحل عنه فلم يجب
من ذا يلوم على شوقي إلى بلد =العيش في غيره للقلب لم يطب
ما عاقني عن رجوعي في أماكنها= إلا تراكم أحزاني بموت أبي
ما بال دهري إذا ما رمت نجدته = في مطلب ساءني بالعكس في طلبي
من لي برد أويقات لنا سلفت = في ينبع الخير والآمال والأدب

المسألة يسيرة يقطع أحزانه ويحزم حقائبه ويعود حيث لا توجد في ذلك الزمن عوائق بين البلدان ولاتأشيرات خروج ولا عودة .. وكما غادر بطوعه واختياره يعود بطوعه واختياره وليس هناك ما يوجب الحسرة أو السؤال عن سبل العودة ولكن يبدو أن الأمر أكثر تعقيدا من ذلك فهناك من يقف حائلا أمام رغبته في العودة .. وهذا يدفعنا إلى أن تظن أن خروجه من ينبع لم يكن باختياره ويؤيد هذا الظن قول الشاعر


أحبها وأحب القاطنين بها = وإن جفوني بلا ذنب ولا سبب
ياأهل ذاك الحمى كيف السبيل إلى= قلبي الذي نشأ في حبكم وربي
ناديته يوم ترحالي أحدثه = بإنني راحل عنه فلم يجب


إذن هناك جفوة من أهل ينبع لايجد لها سببا فهم لم يردوا على ندائه عندما قال لهم أنه راحل .. وهذا يعني أنه خرج منها مكرها .. بل أنه تمنى أن تحترق المركب التي حملته من ينبع كما قال في المجداف الثاني


لا رعى الله مركبا حملتني = من ربا " ينبع " لأرض الصعيد
لو تملكتها لقلت ذروها = إنها مستحقة للوقود

وأمر آخر يؤكد أن الجفاء متبادل بين الشاعر وبين أهل ينبع وليس كما قال لايجد له سببا فهو قد غادر ينبع في عام 1288 هـ وانقطعت أخباره تماما إلى أن جاء عام 1299هـ عند ذلك تذكر ينبع وهاجه الشوق إليها وأرسل أول رسالة إلى والي ينبع إبراهيم عواد وهي الرسالة التي حملت السفينة والقطيرة والمجاديف ثم توالت الرسائل بعدها ولكن بعد مرور أحد عشر عاما وهي مدة ليست باليسرة على أب يعاني لوعة فراق ابنتيه ولم نجد طوال هذه الفترة قصيدة واحدة تشير إلى ينبع أو من يسكن ينبع فما الذي جعله يتذكرها بعد كل هذه الفترة هذا ما سوف نعود له في المبحث القادم .. أما الآن فسأعرض عليكم ما كتبه في رسالته بعد هذا الانقطاع بعد أن قدم القصيدة بما يلي

" يقول راجي عفوه الكريم حسن بن عبد الرحيم أنه قد سبق لي الإقامة في ينبع البحر وقطعت بها مدة من الدهر وكنت إذ ذاك سابحا في بحر جود من شملني بنعمته الوافية وألبسني من ملابس العز ما يفضل ثوب العافية وهو والي هاتيك البلدة ومشيرها ومدير إدارة أحكامها وخبيرها . والجامع بين فضيلتي الشرع والسياسة الأجدر بما يفوق هاتيك الرئاسة المؤيد بتأييد الدولة العلمية والقائم بحقوق الأمارة الجليلة الملكية عين أعيان الأمجاد صاحب السعادة إبراهيم باشا عواد فأقمت ببابه أياما هنية في عيشة راضية مرضية ثم تشوقت لزيارة والدي والإخوان فالتمست إذنه في ذاك الأوان
واتجهت إليهم بقطار الصعيد وأقمت بينهم ولم أكن على نعمته ببعيد بل أني لم أفتر عن ذكر طيب عيشه السالف ولم أزل أستنشق الأخبار عنه من كل خبير وعارف ولما طال شوقي للثم يديه ولم يساعد الوقت على ترحالي لسدة ناديه تلطفت بنظم قصيدة مادحا بها حضرته الفخيمة وشاكرا بها أياديه العميمة وأسميتها السفينة الينبعية وقد أردفتها بقطيرة تجري من خلفها مشتملة على ذكر الديار ووصفها وجعلت للقطيرة ستة مجاديف فصارت من أبدع كل شئ لطيف وبعثت بها لحضرة المومأ إليه راجيا إكرامها بالقبول لديه "

ثم كتب في الرسالة

"المعروض لسعادتكم أنه مرسل به لحضرتكم السفينة الينبعية وقطيرتها ومجاديف القطيرة أما السفينة فهي لبنتين في ينبع البحر إحداهما صبية والأخرى رضيعة وهما إبنتاي "خديجة " و "ربيعة" فأردت أن أستودعهما عندك إدخارا لهما وكسبا لئلا يتناولهما من يأخذ كل سفينة غصبا وأما قطيرتها فلو تأملتها بعين فطنتك الشهيرة لقلت يا ويلتي ما لصاحيها لا يغادر صغيرة ولا كبيرة
فأسألك بحق نجليك ( زارع وياسين ) ومن يليهما من البنات والبنين ألا تدع قبل الراحة وتشوقي لتقبيل عتبات الساحة كيف لا وأنا أناديك وأتمنى وقوفي بسدة ناديك ....
فليت شعري متى أعود كما كنت مقيما وأشكر فضل أياديك حادثا وقديما وأحظى برؤية خديجة وربيعة وأشكر الله وإياك على هذه الصنيعة إذ هما في مدينتك التي لا زلت ترعاها بعين الإنصاف وأنا لا زلت أكابد شوقي لهما بأودية الأرياف فأسألك الله السميع المجيب أن تجمعني بهما في ظل نعمتك عن قريب"

والرسالة موجهة لوالي ينبع إبراهيم عواد فهل نفهم منها أنه هو الذي يقف في طريق عودته إلى ينبع ؟ أو لربما أنه هو من أمر بإبعاده . ذلك أمر واضح فكل التوسلات ورسائل الاسترحام وطلب الوساطات موجهة إلى إبراهيم عواد .. تابع معي من أشعاره



أما آن لي وقت أرى فيه موقفي = تجاهك في ناد به مصدر الأمر
فما ضر " إبراهيم " يوما لو أنه = بمجلسه أجرى على فمه ذكري



ألست يا "آل عواد" بعثت لكم = مدحا ولكنه من أعجب العجب
عهدي بكم لم أغب عن ظل نعمتكم = إلا بعثتم رسول الجود في طلبي
فما لكم قد نسيتم عهد مرتكزي = ببابكم وصرمتم حبل مغتربي
فتى مقيم بأودية الصعيد لكم = على الدعاء مدى الأيام والحقب
عزيز قوم به لكن معيشته = في غير ساحة " إبراهيم " لم تطب
حتى متى أتمنى أن يعود إلى = أعتاب أبوابكم سيري ومنقلبي



طال شوق المتيم الولهان = وهو ما بين ربما وعساني
وانقضى العمر في الرجا والتمني = عل يوما يكون فيه التداني
يا أهيل الحجاز هل من سبيل = لاجتماعي بكم ونيل الأماني
عظم الله أجركم في اصطباري = وأدام انشراحكم في التهاني
قسما سادتي بحفظ هواكم = وخضوعي لعزكم وهواني



إلى كم أقاسي بأرض الصعيد=من البعد أهوال يوم الوعيـد
ولسـت أريـد بهـا موطنـا=ولكن فـي ينبـع مـا أريـد
ألا من سبيـل إلـى عـودة=لـ"باب الشبيبي "و"بـاب الحديـد "
و"حلة عبس" وما قـد حـوت=بذاك الحمى من غوان وغيـد

نخرج من ذلك إلى أن أمر عودته مرهون بموافقة والي ينبع إبراهيم باشا عواد وإنه أبعد عن ينبع قسرا والشاعر نفسه ذكر ذلك في هذا الموال الجميل الذي أتمنى أن يصدح به فنان ينبع صاحب الصوت الشجي عبد الله الهومي


جرحي اتسع في حشايا واتساعه زاد=
أصبحت من لوعتي صايم ما اذوق الزاد=
يا ناس ياللي سكنتم في "الخريق والقاد"=
أنا عملت أيه يا اسيادي بواديكم ؟=
يوجب لطردي وبعدي عن أراضيكم=
إن كان غيابي وطول البعد يرضيكم=
أمري لمولاي ومسير الغريب ينعاد =

إذن هو مطرود ! ولكن العجيب أن هذه الاسترحامات والاستعطافات والشكوى والفراق والشوق إلى موطن الأحباب ووصف الديار وأماكنها وأهلها لم تشب في فؤاد الشاعر إلا بعد مرور أحد عشر عاما من رحيله عن ينبع فهل هناك من سبب ؟ نعم !!



في الحلقة القادمة نواصل البحث في سبب إبعاد
الشاعر القفطي عن ينبع

ينبع
15-03-2009, 07:06 PM
يا سلام
إما كذا مواضيع وإلا فلا
موضوع جميل تقرأه ولا تشبع منه

نعم بمثل هذه المواضع يسطع وهج المجالس

موضوع متعوب عليه ويظهر فيه جهد أبو رامي
ننتظر الحلقة القادمة
دمتم بخير

مهندس شكري حجازي
15-03-2009, 07:52 PM
يا سلام
إما كذا مواضيع وإلا فلا
موضوع جميل تقرأه ولا تشبع منه

نعم بمثل هذه المواضع يسطع وهج المجالس

موضوع متعوب عليه ويظهر فيه جهد أبو رامي
ننتظر الحلقة القادمة
دمتم بخير
صدقت اخي

بروفيشنال
15-03-2009, 09:06 PM
شكرا ابو رامي على هذا الابداع وكما عهدناك منذ زمن بعيد عملاقا في كل شيء ادبا وخلقا وعلما قرائتي لابيات ذكرتني بالماضي الجميل خاصة وانني ابن هذه المدينة الحبيبة ولكن ظروف الحياة ابعدتنا عنها0 دمت بخير ولاتحرمنا من مثل هذه المواضيع الممتعة0

مشعل الشريف
16-03-2009, 12:27 AM
أستاذي الكريم
تحليل ووصف رائع بروعة شعر القفطي
لي عودة حتماً

أبو رامي
16-03-2009, 10:43 PM
إخواني الكرام
ينبع / شكرا لك حسن ظنك بأخيك وهذا ما عهدته فيك
مهندس شكري حجازي / أشكر لك هذا التفاعل المتواصل
بروفيشنال / أشكرك على هذا الإطراء وما توفيقي إلا بالله
مشعل الشريف / طلتك تسعدني جدا وأنا بانتظار عودتك

الحلقة السادسة

قلت أنني أرجح أن القفطي خرج من ينبع مطرودا وليس عندي ما يؤيد قولي إلا ما ذكره الشاعر نفسه ولكن مثار التساؤل هنا :

ما الأسباب التي كانت وراء إبعاد الشاعر عن ينبع ؟

بعد التنقيب في قصائد الشاعر التي وصلت إلينا أستطيع أن أضع عدة احتمالات وقد يكون أحدها أو كلها هي السبب

الاحتمال الأول / ضلوع أمير ينبع في مؤامرة على أمير مكة

قلنا في الحلقة السابقة أن الشاعر القفطي غادر ينبع في عام 1288هـ على أمل أن يعود سريعا لأنه أبقى في ينبع ابنتيه خديجة وربيعة ولكنه لم يعد ,,
وفي عام 1297هـ ألقي القبض على بعض أعيان الحجاز ومنهم إبراهيم آل عواد حاكم ينبع وأرسلوا مقيدين إلى الاستانة بدعوى أنهم ضالعون في مؤامرة ضد الشريف عبد الله بن عبد المطلب أمير مكة وحكم عليهم بالقتل ثم عفي عنهم
ولقد وجدت خلال بحثي عن هذه الحادثة وثيقة عثمانية تنص على ما يلي :

بناء على ما أبداه دولة سيادة أمير مكة المكرمة جناب عبدالمطلب أفندي من حاجة سياسية، فإن الأشخاص الذين أرسلهم إلى إستانبول، ووضعوا في السجن العام بصفة مؤقتة، ونظرًا للاستدعاء المشفوع بالواسطة المقدمة منهم، فقد أخليت سبيلهم، وهم: قائمقام ينبع الأسبق أمير الأمراء إبراهيم عواد باشا، والشيخ ضيف الله والشيخ جابر، وشيوخ عربان البدو القاطنين في منطقة الطائف. وبناء على أن إعادتهم في الوقت الراهن إلى مكة المكرمة لا يوافق المصلحة العامة، كما أن وقايتهم من الوقوع في ضنك من العيش لا يلائم شأن جناب السلطان؛ ولذلك فقد تقرر منح إبراهيم عواد باشا مبلغ ألف وخمسمئة قروش، والشيخ ضيف الله والشيخ جابر مبلغ خمسمئة قروش لكل واحد منهما، على أن يستوفي ذلك من الخزينة الجليلة شهرًا بشهر، بعدهم ضيوفًا، ويصرف لهم المبلغ المذكور راتبًا مؤقتًا طيلة بقائهم في إستانبول، ويسلم لهم شخصيًا من خلال إدارة المراسم السلطانية بالديوان الهمايوني، حيث صدر بذلك المرسوم السلطاني. والأمر والفرمان لحضرة من له اللطف والإحسان.

على رضا 5 ذو القعدة 1299هـ

والملاحظ في هذه الوثيقة أن المذكورين قد أودعوا في السجن بإستانبول مدة من الزمن بشكل مؤقت، ثم أخلى سبيلهم، على أن يعودوا إلى موطنهم الحجاز؛ غير أن الباب العالي وقبل أن يسمح لهم بالعودة قام بإبداء رأي أمير مكة المكرمة في الموضوع، فأظهر اعتراضه على عودتهم بحجة عدم مواءمة ذلك للمصلحة العامة. فبقي المذكورون في إستانبول بعد ذلك منفيين لمدة سنتين ، دون المكوث في السجن. فقيض لهم الباب العالي راتبًا شهريًا لكل واحد منهم. ثم عادو بعد ذلك

نعود إلى قصة شاعرنا حسن عبد الرحيم الذي غادر ينبع عام 1288هـ أي قبل إلقاء القبض على إبراهيم عواد باشا بتسع سنين ! ولم يتصل أو يسأل عن الأمير أو عن ابنتيه إلا بعد مرور أحد عشر عاما على خروجه من ينبع أي في عام 1299هـ وهو العام الذي أفرج فيه عن إبراهيم باشا عواد وعاد إلى ينبع

ألا يوحي هذا بأن الشاعر حسن عبد الرحيم كان على علم بهذه المؤامرة (إن لم يكن ضالعا فيها )بحكم عمله أمين سر الأمير إبراهيم عواد وأنه غادر ينبع خشية افتضاح أمره وأيضا فإن تركه لابنتيه يحتمل أمرين إما أنه تركهما ليوحي لأمير ينبع أن عودته ستكون سريعة وأن انتقاله لم يكن نهائيا وإما أن الأمير نفسه هو الذي احتجزهما عنده ليضمن بذلك عودته واحتمال احتجاز الأمير لهما هو الأرجح لأن القفطي لم يتصل بالأمير أو يسأل عن ابنتيه إلا بعد أحد عشر عاما وبعد إن اطمأن إلى نفي إبراهيم عواد ثم عودته مبرأ .. لأنه كان يسأل عنه ويستنشق الأخبار من كل خبير وعارف كما أشار في مقدمة قصيدته " السفينة " وهي أول قصيدة يرسلها إلى والي ينبع بعد هذه الفترة الطويلة
وتاريخ إرسال السفينة والقطيرة والمجاديف غير مدرج ولكنا عرفناه من الأبيات التي يشير فيها الشاعر إلى هذه الحادثة


ألم تر أن الله ثبت قوله = ونجاه ممن كاد يرميه بالغدر
مضى كهلال الأفق من أرض " ينبع " = وقد جاء من " أم القرى " وهو كالبدر
وما راح إلا كارها شر فتنة = وما عاد إلا بالثناء وبالنصر
ولم يلتفت بالبغض يوما لمبغض = ولم يخف مكرا للمصر على المكر
ولم ينتقم ممن تفوه بالأسى = ولم يدر عمن مات بالغيظ والقهر
على أنه كالطود لم يكترث لما = يراه من الأهوال في مدة العمر

ثم توالت بعدها رسائل الاسترحام والاستعطاف التي تصف شدة الشوق إلى ينبع وحسرته على فراقها وليت شعرى ماالذي أخفى هذه المشاعر أحد عشر عاما
من هنا ندرك أن سر تجاهل الأمير لرسائله وعدم الموافقة على رجوعه .إما لأنه أدرك أنه ضالع في الوشاية به أو أنه غاضب عليه لأنه لم يعد سريعا بعد الاطمئنان على أهله كما ادعى أو أنه اكتشف فيه صفة عدم الوفاء لانقطاعه عن التواصل معه طيلة هذه الفترة
بينما عادت علاقة الصداقة بعد هذه الفترة بينه وبين إبن والي ينبع زارع أفندي وكانت بينهما رسائل شعر متبادله ولكنها لم تصل بزارع إلى الجرأة على أن يتوسط له عند والده رغم طلب الشاعر وإلحاحه في ذلك


الاحتمال الثاني / الغزل السافر

ينبع مدينة صغيرة وأهلها محافظون وقد لا يتقبلون بعض الغزل المباشر الذي كان يبثه الشاعر في قصائده ويتعرض فيه إلى وصف الحسان وشوقه إليهن


وكم فيه من خود ضياء جبينها = إذا ما بدا بالليل يغني عن البدر
أيا عرب وادي " ينبع البحر " إنني = على عهدكم باق مدى العمر والدهر
ملكتم فؤادي مذ سكنتم ببيته = وأدخلتم وجدي وأخرجتم صبري
نأيتم ولا زلتم مقيمين في الحشا= وبنتم وما بنتم عن البال والفكر
أما وظباء في رياض دياركم = يميسون كالأغصان في الحلل الخضر

أو


شوقي إلى "القاد " في الأحشاء يوقد من = نار اشتياقي إلى " منجارة " العرب
ومهجتي في رصيف " البنط " ما برحت = رهينة لم تحل عنه ولم تغب
وصورة " الصور " في الأحشاء صورها = قلبي و " حلة عبس " غاية الطلب
وفي " الخريق " فؤادي ضاع وآسفي =على الخريق بذاك الحي في لهب

أو


واختر من البلدان فيه" ينبعًا "=فملاعب الغـزلان في واديه
بلد إذا ما رمت وصف ملاحه=حدث بما قد شئت عن أهليه
إذ لو توارت عنه شمس نهاره=أضحـت وجوه مـلاحه تغنيه
كم فيه من ظبي كحيل نافر=أحـوى حوى الدر الثمين بفيه
أو شمس حسن بالهلال تدملجت=وبدت كـبرد في سماء التيه
وغدت تجر ذيول حلة أطلس = حمرا كوجنتها لدى التشبيه
رقت لطافة جسمها حتى ولو = مر النسيم بخدها يدميه
يهوى زيارتها مناما صبها = فيرى عقارب صدغها تؤذيه
ولكم محب فيه أمسى حائرا = لم يلق مأوى في الحمى يأويه
إن لم يصب فيه بطعنة فارس = فلرب طعنة مقلة ترميه
أمسى بها طورا هناك تميته = نار الغرام وتارة تحييه
حتى إذا لم يسقه ماء الحيا = فدموع أرباب الهوى تسقيه
يهوى المحب بأن يباع لأهله = بالبخس لكن أين من يشريه
حرم به حجت قلوب ذوي الهوى = ولديه أحرم كل من يأتيه
ما حل فيه محرم بصبابة = إلا وطاف بكل بيت فيه

هذا الغزل المباشر في الأنثى لم يتعود عليه سكان ينبع بل أنه يعتبر أمرا معيبا في حق من يقوله أو حق من يقال فيه وكان التعبير عن الجمال والحب موجها للقيمة الجمالية المطلقة منفصلة عن الحالة أما الأنثى فإنه لا يمكن الإشارة إليها لا تصريحا ولا تلميحا .
ومما يزيد الطين بلة أن يذكر الشاعر اسم الحارة التي فيها من يحبه في بلد ما زال يضع للحارة قيمة اعتبارية ويغار عليها رجالها غيرة شديدة


لي فؤاد فيه قد غادرته = ضاع مني بين أيدي الظبيات
يا أهيل " الصور " و" القاد " ويا = عرب وادي " ينبع " وادي المهاة
من لقلب ضاع في ينبعكم = منبع الحسن ودار الحسنات
قد أخذتم نحوكم قلبي فما = ضر لو ألحقتموه الكليات
ويح قلبي هل له في حيكم = ملجأ يرجو به ماء الحياة
حل في " حلة عبس " أم غدا = في بيوت " الصور " مأسور البنات
أو لنحو " القاد " من جور الظبا = راح منقادا لأسباب الوفاة

وقد يقول قائل أن هذه الغزل المباشر لم يقله الشاعر إلا بعد أن غادر ينبع .. ربما ولكن ربما أيضا أن هناك شعرا غيره قيل ولكنه لم يبلغنا .. وقد يكون أسوأ .. فنحن لم يصلنا شئ من شعره في الفترة التي كان فيها في ينبع إلا أربع قصائد لا تتجاوز كل منهما ستة أبيات واحدة يهنئ فيها إبراهيم باشا عواد على الانتقال إلى داره الجديدة والثلاث الأخريات تهان بمناسبات الأعياد


الاحتمال الثالث / التعريض ببعض الشخصيات

وهذا التعريض يأتي غالبا من باب المزاح والمداعبة ولكن المزاح مع علية القوم لا ينبغي أن يصل إلى درجة رفع الكلفة معهم والتعدي عليهم ببعض الألفاظ ولا بد لمن يغشى مجالس مثل هؤلاء القوم أن يعرف حدوده وأن يضع له حدا فاصلا لا يتجاوزه
ويبدو أن شاعرنا غفر الله له يخرج عن هذا الخط أحيانا فمن قصيدة بعثها إلى العالم الأديب محمود لافي يقول فيها


عهدتـك حافظـا ودي ولـكـن=أراك أخذت عنـي فـي انحـراف
لقد أنسـاك أكـل الحـوت ودي=وأكـل التمـر علمـك التجافـي

وهو كلام لا يليق بحق عالم وأديب كابن لافي أو القصيدة التي يقول فيها


وقد قيل هـلا اكتفيتـم بمـا=رزقتم فقالوا وهل من مزيـد
فلا غـرو أن أكلـوا نخلـة=ومالوا لأكل النوى والجريـد
أؤلئـك قـوم إذا أبـصـروا=صحافا من الرز أومن ثريـد
ترى كلبهم عندهـا باسطـا=ذراعيه حرصا بباب الوصيد

أو ثالثة الأثافي القصيدة التي يعرض بها بالأستاذ محمد مصطفى الخطيب وهو من الأعلام والشخصيات الاعتبارية في ينبع والتعريض به ولو على سبيل المزاح لا ينبغي بأي حال من الأحوال


رجل فقيه فاضل = فطن ومفضال أديب
ما إن ترى لصديقه = في الأكل عنده من نصيب
قل ما تشا فيه إذا = طلب العشا قبل المغيب
فهناك عقل خطيبكم = عن كل دائرة يغيب
ومن العجائب أنه يصبو إلى القد الرطيب
أكرم به إذ أنه = أهدى لنا شايا غريب
ما قر في جوف امرئ= إلا وعالجه الطبيب
قولوا له إن رمت أن = تحظى بعيش يستطيب
فاجعل شرابك حامضا = أولى من اللبن الحليب
أو قهوة البن التي = في الدمس طال بها اللهيب

مزاح سخيف مع رجل مفضال وأمثلة أخرى مع أناس آخرين يبدو أنه استمرأ معهم هذا اللون من الدعابه دون أن يفطن إلى أن مثل هؤلاء القوم لا يستسيغونها

هذه الاحتمالات الثلاثة استنبطتها من بين ثنايا قصائده قد يكون أحدها أو كلها سببا في إبعاد الشاعر عن ينبع ومنعه من العودة إليها .. إذ أنه لا يتصور المرء الذي يقرأ هذه الأشعار السلسة الممتلئة بالعواطف الجياشة والمشاعر الصادقة والاستعطاف والاسترحام والوساطات المتكررة ثم لا يستجيب لرغبة الشاعر إلا رجل عرف عن الشاعر أمورا تخفى علينا





في الحلقة القادمة إن شاء الله آخر الانطباعات

أبوعرب
17-03-2009, 12:07 AM
بارك الله فيك مشرفنا العزيز/أبا رامي
جميل ورائع دائما مواضيعك مميزة
نحن ننتظر آخر الانطباعات

أبو رامي
17-03-2009, 01:33 PM
أخي أبو عرب / شكرا لك على هذا الحضور المتألق وشكرا على الثناء الطيب بارك الله فيك

الحلقة الأخيرة


مهما يكن من أمر هذه الانطباعات فإنها لا تقلل من شأن شاعرنا الكبير حسن عبد الرحيم القفطي ولا تنقص من مكانته في نفوسنا ولا ما نضمره له من حب في قلوبنا .. بل أننا نحمد الله على أن الأمير إبراهيم باشا عواد أمر بطرده أو أنه لم يسمح بعودته فهذه الحادثة هي حجر الزاوية في مسيرة شاعرنا وهي التي فجرت الإبداع فلولاها لما اضطرمت في صدره نيران الأشواق ولا تحركت لواعج الفراق ولما سمعتا بهذه القصائد الصادقة في عاطفتها القوية في سبكها المتينة في حبكها .

هذه القصائد التي أصبحت فيما بعد تاريخا موثقا لتراث ينبع وثقافتها وعاداتها وتقاليدها وأماكنها ومنجما غنيا لكل بحث تأريخي لم نكن لنسمع بها لولا حادثة الطرد التي صهرت المشاعر وفجرت مكامن الإبداع وكونت من الشاعر نابغة جديدا .. وهناك وجه شبه لا يخفى بينه وبين الشاعر العربي الكبير النابغة الذبياني الذي لم نكن لنسمع بشعره لولا غضب النعمان بن المنذر عليه وطرده وإهدار دمه عتدها فقط نبغ النابغة وسمعنا بشعره وأخذنا نتابع معاذيره ونستمتع بما يقول مما دفعه الخوف لقوله حتى حق عليه عبارة :

" الشعراء أربعة أمرؤ القيس إذا ركب ، وزهير إذا رغب ، والأعشى إذا طرب والنابغة إذا رهب "

وتأمل معي جمال الاعتذار في هذه القصيدة للنابغة موجهة للنعمان بن المنذر ملك الحيرة :


أتاني أبيت اللعن أنك لمتني = وتلك التي أهتم منها وأنصب
فبت كأن العائدات فرشن لي = هراسا به يعلو فراشي ويقشب
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة = وليس وراء الله للمرء مذهب
لئن كنت قد بلغت عني خيانة = لمبلغك الواشي أغش وأكذب
ولكنني كنت امرأ لي جانب = من الأرض فيه مستراد ومذهب
ملوك وإخوان إذا ما أتيتهم = أحكم في أموالهم وأقرب
كفعلك في قوم أراك اصطنعتهم = فلم ترهم في شكر ذلك أذنبوا
فلا تتركني بالوعيد كأنني = إلى الناس مطلي به القار أجرب
ألم تر أن الله أعطاك سورة = ترى كل ملك دونها يتذبذب
فإنك شمس والملوك كواكب = إذا طلعت لم يبد منهن كوكب
ولست بمستبق أخا لا تلمه = على شعث أي الرجال المهذب
فإن أك مظلوما ؛ فعبد ظلمته = وإن تك ذا عتبى فمثلك يعتب

وقارنها بما شئت مما كان يوجهه شاعرنا القفطي لأمير ينبع إبراهيم عواد باشا وستشعر أنك يمكن أن تضيف للعبارة المشهورة
(والقفطي إذا اشتد به الشوق )

أصبحنا نقرأ له بعد هذه الحادثة شعرا ناضجا صادقا حارا ملتهبا يحرك المشاعر ويهيج الأشجان ولو نقلت لكم نصوص القفطي قبل حادثة الطرد ونصوصه بعدها لأدركتم الفرق الواضح والبون الشاسع بين المرحلتين كان قبل حالة الطرد مقلا وكان أكثر شعره في الأزجال والمواويل أما بعدها فقد قدم لنا شعرا جميلا راقيا

ومما لا شك فيه أن من حظ ينبع أن تحصل للشاعر هذه الحادثة حتى نحظى بهذا التوثيق الدقيق للناس وللمواضع وللشخصيات وإنني والله لا أعرف شاعرا لا سابقا ولا حاليا قدم لينبع مثلما قدمه القفطي

ونحن عندما نغوص في شخصيته ونسبر أغوار نفسيته فإن دافعنا إلى ذلك الحب الذي استوطن قلوبنا والإعجاب بما تركه لنا وهذا هو الباقي والخالد في ذاكرة الزمن كما أشار إلى ذلك سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه .. أما هو فلم يبق له إلا الدعاء بالرحمة والمغفرة

وليت شعري أين ابنتاه الآن خديجة وربيعة ؟ في أي بيت شبا وعلى أي أرض استقرا ؟ ومن تزوجهما ؟ ومن أولادهما وأحفادهما ؟ أعتقد أن ذريتهما في ينبع ولكن من يعرفهم ؟
ولقد سألت عنهما أخي الأستاذ أحمد زين الدين وأفاد بانهم لا يعرفون من أمرهما شيئا .

وفي ختام هذه الانطباعات لا أملك إلا أن أجدد الدعوة لتكريمه إما بتسمية شارع باسمه أو بتسمية موضع من المواضع التي ذكرها والقريب إلى ذهني الآن ( سوق الليل ) الذي قامت الهيئة العامة للسياحة والآثار بالتعاون مع لجنة أصدقاء التراث بإعادة تأهيله كيف لا وهو الموضع الذي كان يهوى مشاهدته ويرتاح لرؤيته


أهوى الوقوف لدى " باب الحديد " لكي = أرى مصابيح " سوق الليل " كالشهب

وفي الختام أسأل الله له المغفرة والرحمة إنه سميع مجيب

تمت والحمد لله رب العالمين

المواساة
18-03-2009, 10:56 AM
ماذا أقول لأستاذنا الرائع أبو رامي
هذه هي المجالس التي تشدنا بموضوعاتها وتفردها وتميزها
شكرا على المجهود الكبير في كتابة النصوص والقصائد
جعلتنا في الصورة الواضحة لهذا الشاعر الوفي يرحمه الله
ولا يستغرب هذا منك يا أستاذ فأنت عضو فاعل في لجنة أصدقاء التراث
وكأني قرأت اقتراحا هنا بأن يسمى شارع في ينبع باسمه لا أتذكر
ولكن يجب على المجلس البلدي أن يعمل شيئا للشاعر القفطي في مثل هذه المواقف
الثقافية والتوثيقية .

الترباني
18-03-2009, 02:05 PM
شكرا لك أستاذنا العزيز أبو رامي ........ مجهود رائع

وليتك تسعى في إعادة طباعة هذا الكتاب القّيم .

أبو رامي
25-03-2009, 11:12 AM
أخي حاضر
شكرا لحضورك البهي .. نعم الاقتراح بتسمية أحد الشوارع باسمه افتراح جيد والمجلس البلدي يستطيع أن يدعم هذا الرأي

أخي الترباني
أشكرك .. وأنا سعيد بمشاركتك

فواز الميلبي
15-06-2009, 01:04 AM
شكراً "" أبو رامي ""

على هذا العمل الجبار وهذه الخدمة الكبيرة للمنتدى وهذا العرفان للشاعر الكبير " حسن عبدالرحيم القفطي "

دٌمت شامخاً

أبو عمار

جداوي محب لينبع
15-06-2009, 11:00 AM
اشكرك اخي (( ابورامي ))

على مابذلت من مجهود

الله يعطيك الف الف الف الف الف عـــــــــــــــــــــــــــافية


وتقبل تحيتي &&&&

صالح محسن الجهني
24-11-2009, 05:57 PM
استاذنا الفاضل ابو رامي
نعم تمت والحمد لله هذه الدراسة الكبيرة المبنية على البحث العلمي لشخصية مميزة وصادقة المشاعر الشاعر الكبير حسن القفطي ووالله الذي لا إله إلا هو لم أطلع على هذا البحث إلا ليلة البارحة ومن محاسن الصدف كنت أبحث عن عدد عيون ينبع فوجدت بموقع ( منتديات قصيمي نت ) مقال بعنوان ( ينبع البحر في سطور ) ومن ضمن القراءة أعجبتني أبيات نسبت إلا الشاعر القفطي دليل على محبة هذه الأرض بنفوس أهلها ومن عاشوا بها ..

أمن تذكر أكل الحوت بالرطب=أعرضت عن لذة العناب والعنب
ما النيل عندي سوى نيل الترشف من=ماء "العصيلي" إذا ما صب بالقرب
*=*
لقد أنساك أكل الحوت ودي=وأكل التمر علمك التجافي


فظننت أنني قد وجدت شئيا لم يسبقني إليه أحد فكتبت أسم الشاعر وإذا بي أمام دراسة وافية وشافية ولمن لأستاذي واستاذ الجميع أبو رامي فلله درك وعظم أجرك وحفظك من كل مكروه وتغمد هذا الشاعر الكبير بواسع مغفرته ورضوانه ونؤيدكم بما تفضلتم به وجميل أن تحمل أحد المعالم التاريخية بينبع أسم هذا الشاعر وإليك أهدي هذه الخاطرة المتواضعة ..




يا ينبع اللي يحبونك=ما ألومهم لو بكوا فرقاك
او ماتوا من قبل يصلونك=او عاشوا ذكرى بعد لقياك
لأن ارضك ومضمونك=الخير من خيرة الأملاك
عالي و(مكه) وسط نونك=نسيم (طيبه) عبير حماك
من صافي المزن مخزونك=شامخ كما الشهب والأفلاك
والبحر يجري بمكنونك=الدرّ سبحان من سواك
بعيد واستمتع فنونك=قريب وقلوبنا تهواك
الله يحيي لك عيونك=تسعة وتسعين عين اعطاك
أبو محسن=



تقبلوا والجميع التحية والتقدير " وكل عام وأنتم بخير "

أبو رامي
02-02-2010, 06:11 AM
أخي فواز الميلبي
أخي جداوي محب لينبع
لقد شرفتموني بالحضور والمشاركة أشكركما كثيرا

أخي صالح محسن
أشكرك أخي الشاعر الكبير صالح محسن على هذه القصيدة الجميلة التي تفيض حبا وإبداعا والحمد لله على البحث الذي قادك إلى هذه الصفحة بما أعتبره من محاسن الصدف فما أجمل أن ينثر قلمك هذه الشذرات الأدبية والمعلومات الثرية لتساهم في تعطير هذه الصفحة عن شاعر عاش في ينبع وتشرب حبها وخلد تراثها .. ولم نقدم له إلى الآن ما يوازي هذا الحب وهذا التخليد

ونحن وإن اختلفنا في بواعث هذا الحب لدى الشاعر من خلال هذه الدراسة إلا أننا نتفق على أنه قدم لينبع خدمة لم يقدمها شاعر أو كاتب إلى الآن

أكرر شكري لك وأتمنى لك التوفيق والسداد في كل الأمور

giantjudge
07-05-2010, 01:23 AM
نحمد الله على نعمه وان وفقك امثالك في الاجتهاد والبحث والتقصي.
لدي النسخة الاصلية لديوان الشاعر عبدالرحيم القفطي الذي أحب ينبع وعاش بين أهلها في كنف الاجداد رحمهم الله، وجزى الله الاستاذ عبدالكريم الخطيب خيرا على الوقت والجهد الذي بذله لتوثيق تاريخ ينبع الحديث.

أبو رامي
31-05-2010, 07:18 PM
أخي giantjudge (http://www.alhejaz.net/vb/member.php?u=26946)
أشكرك على المداخلة .. وإذا كان ذلك ممكنا أرجو السماح لي باستعارة الديوان
بارك الله فيك

بنت القفطى
06-06-2010, 04:21 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اخ ابو رامى -لك منى الف تحية على مجهودك أعرفك بنفسى أنا بنت محمد يوسف محمد حسن عبد الرحيم القفطى ولن اعلق على مقالك الا عند الانتهاء من قرائته للنهايهلان لى كلام كثير احب ان اعلق به ولكن لمانة الكلمة يجب ان انهى مقاللك اولاً وشكرا لك
هذا رابط ديوان القفطى على الموقع الاكترونى لمكتبة الاسكندرية بمصرhttp://dar.bibalex.org/#BookDetails-76984

أبو رامي
06-06-2010, 09:13 PM
أختي بنت القفطي
أهلا ومرحبا بك .. وأنا سعيد بانضمامك وأبحث عن كل من يمت للشاعر حسن عبد الرحيم رحمه الله بصلة أو قربى
وكانت وما زالت لي مراسلات مع حفيده احمد زين الدين حامد محمود في مصر الهدف منها البحث عن الحقيقة لأنه لا توجد لدينا الآن إلا قصائده الشعرية وما نتوصل إليه من سيرته نستنبطه من خلالها وهناك جوانب كثيرة مجهولة وبالأخص عن ابنتيه خديجة وربيعة

أختي
مقالي عن الشاعر أنتهى .. وأرحب بما لديك من معلومات إن شئت عن طريق المنتدى أو عن طريق التواصل المباشر بالهاتف أو الإيميل فالبحث عن الحقيقة هو ما نريد وفقك الله

بنت القفطى
06-06-2010, 10:45 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ الفاضل ابو رامى فى رسالتى السابقة عرفتك بنفسى اننى حفيدة الشاعر حسن عبد الرحيم القفطى وعذرا كنت لم اقراء كل الإنطباعات فآثرت قرائتها قبل الرد --- اولا اشكرك كثيرا لاهتمامك بجدى وإجتهادك لسرد إنطباعاتك التى لى مآخذ عليها وعلى بعض الصفات التى وصفت بها جدى برغم حبك له واعتزازك بشعره وحبه لينبع كما تقول ولكن نعتك له ان شعره كان مقابل المال وانه انتقص من كرامته الشخصية وتذلل للوالى حتى يرجع لينبع كل هذا يقدح فى حبك وإحترامك له دون تيقن من مصدر واضح غير شعره وانت تعرف ان الشاعر حين يستفيض وينسجم فى شعره قد يذل لسانه بعبارات لا تعبر عن حقيقة الواقع ولكن حتى يجارى سجع وسياق القصيدة بشكل او بآخر يتفهمه الشعراء ووالدى شاعر عندما اسمع اشعاره اجده شخص آخر غير الذى اعرفه وبالرغم انه يعمل بالمحاماه لكنه كشاعر لايمت بصلة لعمله من خلال شعره ولا تستشعر حاله المادى الميسور ايضا من خلال اشعاره فهو محامى متيسر ماديا وله شان اخر عندما يكون شاعر ساعةغنى وساعة فقير وساعة محب وساعه كاره وساعه مادح وساعة يذم ويكره فالشاعر فنان يجيد كل الادوار واظن قد فهمت قصدى من هذا التوضيح فجدى حسن عبد الرحيم يرجع نسبه الى قبيلة الخزرج التى سكنت المدينة وينبع واشتغل بنوها الادنون - وكانوا أسرة وجهاء-بالتجارة فى البحر الأحمربين بلاد العرب وصعيد مصر والسودان وقد حدت التجارة بجده الأكبرأن ينزح من المدينة المنورة ويستوطن اولا بالقصير وبعد ان فقدت قيمتها التجارية بفتح قناة السويس انتقلوا لقفط بمحافظة قنا وكان والده كبير تجار القصير وميسور الحال واسع الغنى فتربى الشاعر فى فسحه من اليسار ولين العيش وتعلم القراءة والكتابه وبعدها ارسله والده ليساعد اخوه الاكبرفى أعماله التجارية بينبع وهناك اتصل بزارع ابن ابراهيم بك وتكونت الصداقة القويه ونبغا فى الشعر وتعلما العروض على يد (بوسيدان)واذكر ذلك لأفسر لك ان من نشاء فى لين العيش ويسر الحال لماذا يقول الاشعار مقابل المال ويتذلل وهذا مايتنافى مع اصله الكريم
اما بالنسبه لذكره حال بلدة القصير فربما يكون وصفه لها بهذا الحال بعد زوال اهميتها التجارية كما ذكرت لكم
اما استجدائه الوالى للرجوع فلا اعلم للأمانه شيئا عن هذه القصة واكيد اننى سارجع لوالدى واعمامى لاعرف الحقيقة واوعدك اننى ساحاول معرفة قصة بناته وغيرها عندما اسافر مصر بعد شهر حيث اننى اقيم مع زوجى الطبيب بالسعودية من 7سنوات لم اكف خلالها عن البحث من خلال الانترنت عن باقى قبيلتى من الانصار لتواصل الرحم وبالصدفة قراءت انطباعتك على هذا الموقع التى انضممت اليه بدافع حبى وشغفى بموطن اجدادى وبالتحديد المدينة التى اعشقها وينبع التى اتشوق لروءيتها-----واخيرا اشكرك مرة ثانيه وارجو الا تغضب من ردى لانها الحقيقة ---كما اوجه شكرى للكاتب عبد الكريم الخطيب الذى يحتفظ والدى بكتابه عن شعراء ينبع واشكر اجتهاده بمقابلة اقاربى بمصر وعذرا لعدم مقابلة عمى محمد محمد حسن(عبده


) لسوء حالته الصحية لوفاة ابنه عماد واخيرا لو قدر لوالدى ان ياتى العام المقبل للاشتراك فى الجنادرية كما يأمل فسارتب لقاء لك معه يحدثك اكثر عن جدى حيث ان والدى من اشهر شعراء محافظة البحر الاحمر بمصر وله كتاب مطبوع فى السوق باسم ابو العريف واخر به بعض الاشعاراسمه احاسيس واصداء وقد فاز بالمركز الاول فى الشعر على مستوى مصر وعلى فكرة لو سمعت ابى لما فرقت بين شعره وشعر جده حسن فقد ورث نفس الحس الفكاهى المرهف احيانا واللاذع احيانا---عذراً للإطالة

أبو رامي
07-06-2010, 12:49 AM
أختي الغالية
أنا سعيد جدا بمداخلتك .. ولن أغضب من ردك أبدا ولو لم تغضبي فأنت غير جديرة بأن تكوني حفيدة للشاعر العظيم .. ولكني أرجو ألا يغيب عن بالك أن ما كتبته هنا لا يعدو أن يكون انطباعات خاصة بي استخلصتها من فهمي لشعره وإعجابي به قد يوافقني غيري فيها وقد يخالفني وأنا أشكر كل من وافق أو خالف .. وما أصل إليه من استنتاجات ليس بالضرورة أن تكون كلها صحيحة .. وإشارتي إلى ما يوصلني إليه تفكيري لا يضير الشاعر في شئ فهو قد ترك إرثا خالدا ومن حقنا أن ننقب فيه وأن نستدل على سيرته من خلاله . وأن نختلف فيه أو نتفق . أما المدح فهو باب من أبواب الشعر كبير طرقه كثير من الشعراء العظام وما زال .. بيد أن النظرة إليه في الأدب الحديث قد تغيرت بدعوى عدم الصدق مع النفس فيه وهو ما أشرت إلى طرف منه
ولا أخفيك أنني تلقيت رسالة طويلة جدا من الناقد السوداني محمد جميل أحمد يقول فيها :

اللافت في شعر القفطي هو أنه شعر مهم جدا بمقياس التعبير الشعري في ذلك الزمان ؛ فلو كان هذا الشعر منتشرا في بعض مراكز الثقافة العربية كالقاهرة مثلا ، لعد من كبار المجددين في الشعر العربي ، ولكان موازيا لمحمود سامي البارودي الذي كان معاصرا له تقريبا . ولهذا فإن في نشر مثل هذا البحث هو بالطبع تسجيل لمثل هذه الحقيقة بصورة من الصور .

إلى أن يقول :

في شعر الشاعر ما يحيل باستمرار على عاطفة صادقة جدا هي اليوم أكثر صدقا على حبه لينبع لقوة المعاني التي عبر عنها الشاعر وبطريقة دالة على صدقها لدى كل متلق لنصه .
لا أنكر أهمية استخلاص بعض المعاني والدلالات من شعر الشاعر فيما يتصل بحياته ولكن يظل هذا الأمر مرهونا بنسبية كبيرة جدا لاسيما في عدم وجود وثائق على الأقل فيما يبدو بين يديك . وربما كان حتى في مجرد عدم حضور أي ذكر لابنتيه عن الحياة الاجتماعية في ينبع ولو من طرف بعيد ما يشير إلى صعوبة استخلاص بعض جوانب حياة الشاعر في ينبع .
إشارتك إلى التسول الذي ربطته بمديح الشاعر ربما هو فكرة من المهم كثيرا أن تخضع لإعادة النظر من حيث الطبيعة النسبية في تقديرنا للمواهب فإذا كانت المواهب والمهارات مثلا هي الشرط الضروري لحياة الإنسان في كسبه لعيشه في الغالب الأعم كالمهارة الفنية للاعب الكرة ، وكالصوت للمغني ، وكالقوة الجسدية للحمال فإن قدرة الشاعر على خلق الكلام الجميل الذي يعجز غيره عنه تندرج في هذا المعنى . ومنذ زمن بعيد كان الشعراء يدركون هذا المعنى وكانت حاجة الممدوحين إلى كلام جميل يبقى بعد رحيلهم كالشعر مما يجعلهم يجدون مبررا لنظير المال الذي يبذلونه للشعراء . ما عنيته هنا هو أنه لا ينبغي أن يكون هناك استغراب لعلاقة البدل حين يكون المال مقابل الشعر لا سيما المديح . المهم هنا أن يكون الشعر جزلا وجيدا من ناحية وأن لا يكون فيه خروجا عن الآداب العامة . ولا يعني ذلك أن سمة المديح ترتبط بالنفاق ضرورة فقد كان المتنبي وغيره من الشعراء يدرجون صفة المديح كفن من فنون لشعر في علاقته بالمجتمع دون أن يكون ذلك بالضرورة خاصية نفسية سالبة في صفات الشاعر .
ولقد قال محمود درويش ذات مرة في تعريف الشعر بأنه (فن الكسل الجميل) أي أن طبيعة الشاعر ذي الموهبة الكبيرة لا تخلو من كسل في الحياة يكون سببه انصرافه للشعر والتفكير فيه وما يقتضيه ذلك من ذهول وشرود وسكون ـ وهذا معروف في سير الشعراء ـ . أحببت أن أتوقف في هذه النقطة لأن كثيرين يرون في فن المديح سببا للتسول لا سيما في تأثر البعض بآراء الدكتور عبد الله الغذامي حين وصف المتنبي بأنه شحاذ كبير بطريقة فيها الكثير من المبالغة والتعسف . ...

والرسالة طويلة لا مجال لنشرها كاملة ولكني اجتزأت منها ما يتعلق بظاهرة المديح التي هو يعارضها مثلك وأرجو أن يتم النظر إليها في إطار الانطباعات الخاصة


وإني حقيقة أعول عليك في إضافة الكثير من المعلومات لهذه الانطباعات .. بيد أنه أشكل علي في مداخلتك قول أنه كان محاميا .. لا أدري هل تقصدين أباك أم جدك .. فإن كنت تقصدين جدك حسن عبد الرحيم فلا أظن ذلك فليس هناك ما يشير إلى هذا العمل في سيرته ولم تكن المحاماة من المهن المعروفة في ذلك الزمان . أما بقية ما ذكرتيه فإنه معروف لدي وهو بعض ما كتيه الأستاذ عبد الكريم الخطيب عنه

بالنسبة لمن تسألين عنهم من الأنصار فقد توصلت من خلال البحث والتقصي أن هناك ثلاث عوائل منهم الآن هي عائلة عبد القادر في المدينة المنورة وعائلة عبد الواحد في ينبع وعائلة زين الدين في القصير في مصر .. ولو قدر الله لنا أن نلتقي فسأجمعك بأحد أفراد هذه العائلة بإذن الله إن كانوا هم من تبحثين عنهم



أكرر شكري لك وسعادتي بالالتقاء بوالدك في أي وقت

بنت القفطى
07-06-2010, 02:28 PM
اخى الفاضل ارجو ن تلتمس لى العذرلأنى فخورة بجدى لذلك احببت ان انفى عنه انطباعك عنه بتوسله بشعره من اجل المال استناداً لكلام والدى وعمى (عبده) عن لسان والده محمد حسن بأن والده كان ميسور الحال إذن فهو ليس محتاج للتوسل بشعره من اجل المال وكونه تاجر انا متأكده منه بدون وثائق غير كلام ولده محمد المطبوع فى مقدمة ديوان شعر والده حسن والذى طبعه من جديد حفيده محمد محمد حسن(عبده)والموجود لديه وايضا فى مكتبة الاسكندرية--وإنطباعى إن سمحت لى ان جدى كان من نوعية الناس الذين عندما يحبون ان يرفعوا من شأن من امامهم فيتواضعون لدرجة قد توحى بتدنى منزلتهم وهذا اراه احيانا فى شعر والدى.
---اما بالنسبه لذكرى لوالدى انه محامى وليس جدى فكنت اشير به لقولك فى الإنطباعات-- ان شعر حسن القفطى لا يدل على انه تاجر ولم يشير الى ذلك فى قصائده-- فأحببت ان أضرب لك مثل بوالدى انه بالرغم انه محامياً فأنك لاتستشعر ذلك أيضأً من شعره ولكن ذلك لا ينفى انه محامى ولم تمنعه مهنته من تأليف الشعراو الانشغال وعدم الكسب ----هذه فقط الجزئية التى اردت توضيحها والتعليق عليها لان باقى انطباعاتك لاأستطيع الجزم بصحتها من عدمه إلا عند التأكد منها لانه ليس لدى أنا وثائق ولكن ربما لدى والدى او أعمامى لذلك سؤؤجل التعليق عليها الى حين الإلمام منهم بالمعلومات بإذن الله.وخصوصاً جزئية ابنتيه.
ولكن الفضل يعود الى الله ثم اليك فى ايقاظ شغفى بمعرفة كل شىء عن جدى حسن ولا اكتفى بما اعرفه على الاقل حتى اثبت او انفى انطباعاتك----فأنا اتفق تماماً معك ان المهم البحث عن الحقيقة .
وشكراًلك أخى علىذ ّكرك لعوائلى من الأنصار وانا أعرف تقريباً كل أفرادعوائلى فى مصر مابين قفط والقصيروسفاجا وبلدتى الغردقة. ويوجد من عائلتى آل أبو على جزء باقى فى المدينة المنورة زارهم اعمامى عندما قدموا للسعودية واسمع عن الاستاذ سعد عبد الواحد رحمه الله كان مديرا للتربيه والتعليم بالطائف واتمنى لقاء عائلته لانى بالطائف
واخيرأشكراً جزيلا لك لتفهم ردى واهتمامك وسعة صدرك

أبو ياسر
07-06-2010, 03:54 PM
أولا:
أشكر أستاذنا أبورامي على هذه الإنطباعات والتي وصلت لدراسة شاملة عن الشاعر حسن عبدالرحيم القفطي .
ثانيا :
أرحب بضيفة المنتدى حفيدة الشاعر ( بنت القفطي ) وما أوردته عن عمي الأستاذ / سعد عبد الواحد يرحمه الله ، حيث أنه كان يأتي بسيرة الشاعر القفطي عندما يكون الحديث عن عائلة زين الدين المتواجدة في قرية قفط في صعيد مصر وهذا الكلام أوردته لأبورامي قبل فترة عندما بدأ يكتب إنطباعاته هذه .
ولي الشرف أن يكون هناك تعارف بين أسرة عبدالواحد في ينبع وجدة والمدينة وبين أسرة القفطي في صعيد مصر والذين ينتمون جميعهم لآل ( زين الدين ) .
وهناك مؤلف للأستاذ / ناجي محمد حسن الأنصاري عضو النادي الأدبي بالمدينة المنورة ( لم ينته بعد ) عن آل ( زين الدين من الأنصار ) وسوف أقوم بتزويد الأخت بنت القفطي بنسخة منه حال الإنتهاء من طباعته ، حيث أنه يحتوي على تاريخ هذه الأسرة وبه عدد من الوثائق ونسب هذه العائلة .
وأخيرا رحم الله الشاعر القفطي فقد ترك لنا كنزا من الأدب في حب ينبع وسيرة مواضع ومواقع محبوبة وكأنه في ديوانه قد صور لنا فيلما وثائقيا عن تلك الأيام نشاهد تلك الفترة بمجرد قراءة أحدى قصائده البليغة.

الكاشف
07-06-2010, 03:59 PM
القطيرة

فعلا هذه القصيدة تعتبر فيلم كامل عن تاريخ ينبع في ذلك الزمان


أمن تذكر أكل الحوت بالرطب = أعرضت عن لذة العناب والعنب
أم شوق نفسك " للمعدوس" أورثها =كراهة التين والرمان والقصب
أما ترى النيل في تلك البطاح جرى = فجاء من رؤية الأزهار بالعجب
فكيف تحزن بالأرياف من أسف = على ديار شراء الماء والحطب
نعم أميل لهاتيك الديار ولو = أصبحت فيها عديم المال والنسب
أحبها وأحب القاطنين بها = وإن جفوني بلا ذنب ولا سبب
أما وحرمة ما في البحر من سمك = وما حوى الحوت من رأس ومن ذنب
ما النيل عندي سوى نيل الترشف من = ماء " العصيلي " إذا ما صب في القرب
شوقي إلى "القاد " في الأحشاء يوقد من = نار اشتياقي إلى " منجارة " العرب
ومهجتي في رصيف " البنط " ما برحت = رهينة لم تحل عنه ولم تغب
وصورة " الصور " في الأحشاء صورها = قلبي و " حلة عبس " غاية الطلب
وفي " الخريق " فؤادي ضاع وآسفي =على الخريق بذاك الحي في لهب
قد شاب رأسي ولو إني نظرت إلى = " باب الشبيبي " لكان الرأس لم يشب
أهوى الوقوف لدى " باب الحديد " لكي = أرى مصابيح " سوق الليل " كالشهب
في " رقعة السمن " لي قصد ولي غرض= وعند "سوق الفواتي " منتهى أربي
يا فوز من كان موجودا هناك إذا = قام الحراج وصار البيع في الرطب
والمشترون له حازوه وانقلبوا = بنعمة في الفواتي خير منقلب
ياأهل ذاك الحمى كيف السبيل إلى= قلبي الذي نشأ في حبكم وربي
ناديته يوم ترحالي أحدثه = بإنني راحل عنه فلم يجب
من ذا يلوم على شوقي إلى بلد =العيش في غيره للقلب لم يطب
ما عاقني عن رجوعي في أماكنها= إلا تراكم أحزاني بموت أبي
ما بال دهري إذا ما رمت نجدته = في مطلب ساءني بالعكس في طلبي
من لي برد أويقات لنا سلفت = في ينبع الخير والآمال والأدب
خير البلاد وأرجاها وأقربها = نفعا وأرجحها كسبا لمكتسب
وكيف لا وهي من دون البلاد غدت = بابا لبلدة طه المصطفى العربي
أرجو وآمل أن الله يجعلني = فيها مقيما مدى الأيام والحقب

أبو رامي
07-06-2010, 05:04 PM
مشرفنا القدير محمد عباس
شكرا على المداخلة وقد آن لي أن أخرج منها الآن

عزيزتي بنت القفطي
هذا هو أحد ابناء عمومتك وقد كنت أنوي أن أعرفكم عليه فهو أحد أفراد عائلة عبد الواحد الأنصاري المعروفين في ينبع والمشهورين بالكرم والمروءة وحسن الخلق
والآن جاء بنفسه واختصر الطريق ..
نسأل الله لكم دوام التواصل وإحياء وشائج القربي
وصدق القائل


وقد يجمع الله الشتيتين بعدما ..... يظنان كل الظن ألا تلاقيا


أما أنا فما زلت محتاجا لكل ما تجودين به من معلومات عن هذا الشاعر العلم الينبعي لنخرج جميعا بتحقيق يقترب من الواقع في تصور حياة جدك في ينبع وتأثيره وتأثره بالأدب فيها

كما أتمنى زيارتك ينبع لمشاهدة الصور والقاد والمنجارة والخريق وسوق الليل وجميع المواطن التي درج جدك على ثراها وخلدها في شعره ونثره

وأتمنى أن تخصي المنتدى ببعض ما تختارينه من قصائد لوالدكم أبقاه الله وأمد في عمره

بنت القفطى
07-06-2010, 08:20 PM
الأخ الفاضل ابو رامى يسعدنى ان اتعاون معك فى جمع المعلومات عن جدى القفطى وسأزود المنتدى بهذه المعلومات حينما اجمعها بإذن الله.أما ينبع فقد مررت عليها للأسف دون ان ادخل المدينة ولكن لوسمحت لى الظروف سازورها بإذن الله.اما عن قصائد والدى فساكتب ان شاء الله هنا منها من الذى بين يدي .
اما هديتى الثانية الغالية من منتداكم الأصيل بعد هديتى الاولى عن جدى فهى :
تعرفى على ابن العم ابو ياسرمن ال عبد الواحد التى كلمنى والدى عنهم ولى الشرف ايضا ان اتواصل معكم واتعرف على من يريد التواصل معى من نسائكم عن طريق المنتدى والايميل الخاص بى وان اتعاون مع اى مؤلف او باحث فى العائلة لجمع شمل ال زين الدين وتعريف افرادها بعضاًببعض حتى تتعارف الاجيال الجديده .
ويسعدنى تلقى الكتاب الذى ذكرته ويوجد كتاب اخر فى طريقة للنور للأخ( ياسر حميد بن عبد الوهاب الأنصارى)اسمه(قبائل الأنصار فى سائر البلدان والاقطار) يذكر فى الكتاب ال زين الدين فى مصر وقد سافر الى القصير والتقى بأفراد من عائلتى على حد قوله.
واخيرا اوجه شكرى لكل من شارك فى سيرة جدى حسن عبد الرحيم القفطى.

المعلم
07-06-2010, 11:38 PM
بنت القفطى (http://www.alhejaz.net/vb/member.php?u=27321)
أهلا بك في مجالسنا الينبعاوية
ونسعد بمشاركاتك
والشكر موصول لمشرفنا العام أبو رامي

بنت القفطى
23-06-2010, 09:46 PM
الأخ ابو رامى لقد وعدت من يريدون معرفة سيرة شاعر ينبع جدى حسن عبد الرحيم القفطى ان اتحصل على المعلومات من والدى محمد يوسف وعمى محمد محمد حسن (عبده)ولم اصبر حتى اسافر مصر لاتحصل على المعلومة فتحدثت معهم بالهاتف الى حين ان اسافر واكدوا لى المعلومات المذكوره فى كتاب الكاتب عبد الكريم الخطيب انها صحيحة كلها وقد وعدونى بقراءة انطباعاتك والرد عليها بل وعدنى عمى عبده وابنه مصطفىبأن يوثقوا سيرة جدى بالأوراق لديهم وبقصائده.

ولكنى سألتهم عن نقاط محدده الى حين ان التقى بهم واعرف المزيد والتفاصيل وهذه النقاط احببت ابلاغكم بها اولاًباول( ماحدش ضامن عمره).

*هل كان تاجراً ؟- لا- بل والده هو الذى كان تاجراً يملك سفن تعمل بين بلاد الحجاز وجنوب مصر وشمال السودان وايضا له بيوت فى بنبع وقفط والقصير والسودان وهو كان يرعى التجاره فقط لوالده مع اخوته الذين كان بعضهم فى ينبع والاخر فى مصر(ابراهيم -محمود - أحمد -محمد -فاطمه -حمزة الذىتعرض لحادث فى ينبع هاجمه احد الضباع فى البريه ومات على اثرها).

*لماذا لم يرجع لينبع ؟ اولاً لوفاة ابيه وإصرار اهله على بقائه بجانبهم فى مصر- ثانيا-- لضيق الحالة المادية بعد تحول مرور السفن لقناة السويس فركدت التجارة بين القصير وينبع حتى ان السفن التى ورثها واخوته من ابيه والتى كان يسافر عليها لينبع لم تعد لها فائده فكانوا يكسرونها فى الشتاء لأخذ اخشابها كحطب للتدفئه .

*هل ترك ابنتين له فى ينبع ؟ هو تزوج ثلاث زوجات اولهم من الحجاز وانجب منها بنتين خديجة وربيعة وكانو يتنقلون معه فى سفره بين الحجاز ومصرولكن تفرقا بالطلاق ورجعها لأهلها بالحجاز وظلت بابنتيها فى الحجاز تحت رعاية اهلها واولاد اخوه فى ينبع ورجع هو واستقر بمصر وكان يرسل لهم نفقاتهم ويتابع احوالهم ثم تزوج مره ثانية وثالثة احداهن جدتى من عائلة الحناوى ورزق منها (حفيظه وعبد الرحيم ومحمد) .

أبو رامي
26-06-2010, 08:42 AM
الأخت العزيزة بنت القفطي
أشكرك على هذا الاهتمام وأنا بانتظار توثيق سيرة هذا الشاعر العظيم
وما توصلت إليه الآن فيه الكثير من المصداقية وهو يتوافق مع بعض ما وصلت إليه ولا شك أن توثيق سيرته من الملمين بجوانبها سيجلي كثيرا من الأمور التي نحن بحاجة لها فالشاعر ترك إرثا عظيما جديرا بالدراسة والتوثيق

أما أنه كان متزوجا في ينبع فهي معلومة جديدة ومفيدة لأنها تفسر لنا سبب تركه لابنتيه في ينبع
بارك الله فيك ووفقك لكل خير

أطلال الربيع
03-09-2010, 11:07 AM
الشاعر الكبير الأستاذ حسن بن عبدالرحيم بن علي الخطيب القفطي الخزرجي الأنصاري
ينحدر من أسرة عربية عريقة نزحت من المدينة المنورة وأستقرت بمصر
ولد الشاعر في منتصف القرن الثالث عشر الهجري حوالي 1253هـ في بلدة تسمى القصير
وكان والده تاجراً فأرسل ابنه حسن الى ينبع ليرعى له سفنه وتجارته هناك
وفي نهاية القرن الثالث عشر عاد مجبراً الى مصر بعد أن أنعى له والده
لكنه لم يستطع العودة الى ينبع في ظل اصرار أهله على بقائه بينهم فعاش هناك يحن الى ينبع ويتوق اليها ويتذكر أيامه الخوالي بينبع وأصدقئه ومحبيه
حتى وافته المنية عام 1321هـ
تغنى شاعرنا كثيراً بينبع ,,,,,,,,,
الى الفلك فانهض واغنم السير في البحر اذا فزت بالامكان من فرصت الدهر
ويمـــــــم بها نحــو الحجـاز وعــــج بها علـى منبــع الخيــرات ينبـع البحـــر
ومن أجمل ماقاله في ينبع الشوق ,,,,,,,,,
ياقلــب دعنــــــي فــــي الـــذي أنا فيــه ان كـان لـي عــيش بـه أفــــــــــيه
والحــق بأهـلك فــي الحجـاز وخلنـــــي أبــدي لأهلــــي الســر أو أخفـــــيه
وأختــر مــــن البلــــــدان فيـــه ينبــــعاً فملاعـــــب الغـــــزلان فــي واديـه
ومن اجمل ماقال ,,,,,,,,
أمــن تذكــــــر أكـــل الحـــوت بالرطـب أعرضـــت عـن لذة العناب والعنب
أم شــوق نفســك للمعـــدوس أورثهـــا كراهـــــة التيــن والرمان والقصب
رحم الله شاعرنا الذي أتمنى أن يطلق اسمه على أحد الميادين أو الشوارع في ينبع تخليداً لذكراه ووفاً لهذا الشاعر الدي أحب ينبع وأبدع في مدحها

بنت القفطى
01-12-2010, 07:55 PM
اخ ابو رامى بعد عودتى من مصر عملت كهمزة وصل بينك وبين عمى محمد محمد حسن عبد الرحيم القفطى(حفيد شاعر ينبع) حتى تتواصل معه بنفسك وتقدم لمتابعى انطباعاتك عن شاعر ينبع المزيد من الحقائق التى تستند الى معلومات من مصدرها الحقيقى باسلوبك الشيق السلس فهل سننتظر كثير ؟؟؟؟

بني صخر
14-06-2011, 06:26 PM
انت تقول القفطي مطرود من ينبع مين طرد القفطي من ينبع يابو رامي وليش انطرد
غريبه قابلت ابو سفيان قبل اربعه ايام واستمعت اليه يقول لشخص هل تابعت موضوع الشاعر القفطي الذي كتبته فى المجالس الغريبه الموضوع مكتوب باسمك ماهو باسم ابو سفيان .
ايش انتو تستخدمون اسماء بعض ولا انت لطشت الموضوع من ابو سفيان نبغى الحقيقه