المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في وادع 2008: عام التقلبات في الأسعار والمناخ والكوارث



الفازة
26-12-2008, 11:31 PM
كل إنسان، فقيرا كان أم غنيا، كان يدفع من رغيف خبزه اليومي، شيئا لتسديد العجز الأميركي.

ميدل ايست اونلاين
لندن ـ لم تجتمع في عام من قبل سلسلة من التقلبات والكوارث الطبيعية والاقتصادية مثلما اجتمعت في عام 2008.

فعدا عن كونه عام الأزمة الاقتصادية، وعام انهيار سعر الدولار، وعام ارتفاع أسعار النفط الى أسعار قياسية، وعام انخفاضه الى أسعار قياسية أيضا، فقد شهد العام 2008 ارتفاعا صاروخيا في شيئين إضافييين هما، ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وارتفاع عدد الكوارث الطبيعية الى مستويات غير مسبوقة بلغت 500 كارثة.

وكان الانخفاض المتواصل في أسعار الدولار هو العامل الرئيسي وراء ارتفاع أسعار المواد الغذائية. فينما كانت الولايات المتحدة تريد من خفض قيمة الدولار، أن تخفض معها قيمة الديون التي تُثقل أعبائها التجارية، فقد وجد المنتجون الزراعيون انهم لم يعدوا قادرين على تقويم منتوجاتهم بدولار يتراجع.

وبدا الأمر وكأن الولايات المتحدة تدفع كل العالم، بفقرائه وأغنيائه، على حد سواء، الى المشاركة في دفع ثمن مشاكلها المالية وديونها.

ففارق السعر بالنسبة للغذاء كان الى حد كبير هو فارق السعر في قيمة الدولار. وهذا الفارق كان يعادل بالنسبة للولايات المتحدة خفضا يعادل مليارات الدولارات كل يوم من قيمة ديونها ومن العجز في ميزانها التجاري.

وهو ما يعني ان كل إنسان، فقيرا كان أم غنيا، كان يدفع من رغيف خبزه اليومي، شيئا لتسديد العجز الأميركي.

وقد شكلت سلسلة الأزمات المتعلقة بالغذاء تحديات كبيرة للتنمية المستدامة، وتصدرت جدول اعمال كافة الاجتماعات رفيعة المستوى تقريبا عام 2008، من المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس فى يناير/كانون الثاني الماضي، وقمة مجموعة الثماني فى هوكايدو باليابان، الى الاجتماع الاسيوي - الاوروبي السابع فى بكين.

ولم تظهر قضية تغير المناخ المستعصية اي دلائل على الانخفاض عام 2008، حيث هبت عاصفة ثلجية كبرى على جنوب الصين، وضربت عاصفة ارين الاستوائية ولاية تكساس بالولايات المتحدة، وضرب الاعصار فليكس أمريكا الوسطي واسفر اعصار آخر عن مقتل 70 الف شخص فى ميانمار. وانتهى العام بعاصفة ثلجية غمرت عدة ولايات في شمال الولايات المتحدة.

واظهرت دراسة للامم المتحدة، ان عدد الكوارث الطبيعية فى العالم والتي ترجع بشكل جزئي الى ارتفاع حرارة الارض، قد زاد أربعة أضعاف خلال العقدين الماضيين.

وعانى العالم من نحو 120 كارثة طبيعية سنويا فى اوائل الثمانينات من القرن الماضي، مقارنة مع الرقم الحالي البالغ نحو 500.

وقالت المدير العام لمنظمة الصحة العالمية الدكتورة مارغريت تشان، فى اليوم العالمي للصحة لهذا العام، ان تغير المناخ يعرض صحة الانسان للخطر بشكل اساسي.

وعلى المدى الطويل، يمكن لتغير المناخ ان يكون له ايضا عواقب مثل نقص المياه وتدهور فى الظروف المعيشية وزيادة الخسائر الاقتصادية، بالاضافة الى ارتفاع مستوى سطح البحر.

كما أثر تغير المناخ سلبيا على إمدادات الغذاء العالمية، مما اسفر عن زيادة مستمرة فى عدد الجياع فى جميع انحاء العالم. وقد زاد عدد من يعانون من الجوع الى 925 مليون شخص، من 850 مليون فى العام الماضي، حسبما ذكرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.

وتواجه 37 دولة حاليا الأزمة الغذائية، مما اثار التوترات والصراعات الاجتماعية. واندلعت اعمال شغب ومظاهرات أولا فى امريكا اللاتينية، ثم امتدت الى القارة الافريقية وجنوب شرق آسيا.

ووفقا لتقرير للبنك الدولي نشرته صحيفة الغارديان البريطانية على نسخة منه فقد لعب الوقود الحيوي "دورا كبيرا" فى دفع اسعار الغذاء الى مستويات قياسية.

ولكن هذا التقرير قوبل بشكوك جديرة بالاعتبار تقول انه يحاول ان يلقي تبعة ارتفاع أسعار المواد الغذائية على الارتفاع في أسعار النفط، ليحاول التغطية على الدور الكارثي والمباشر لانخفاض قيمة الدولار.

ويقول المشككون انه لو كان النفط هو المسؤول بالفعل، فقد كان يجب ان تنخفض الأسعار بنحو الثلثين، كما حدث للنفط. وفي الواقع فانها انخفضت بمقدار مواز تقريبا للارتفاع الاخير في أسعار الدولار.

والقي باللوم في ارتفاع أسعار المواد الغذائية، ولو جزئيا، على الاستراتيجيات البديلة التي اعتمدتها اوروبا والولايات المتحدة حيث ادت الى زيادة كبيرة فى انتاج الوقود من المواد الخام الزراعية، مما اسفر عن تحويل كميات هائلة من الحبوب الى الوقود ودفع أسعار المواد الغذائية الى الارتفاع في انحاء العالم.

كما وجه الاتهام ايضا بالمسؤولية عن خفض انتاج الحبوب الى انبعاثات ثاني اكسيد الكربون فى الدول الصناعية، والتى تسببت جزئيا فى تغير المناخ.

وقالت اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ ان النشاطات الانسانية تعد عاملا سببيا رئيسيا لتغير المناخ العالمي.

ومنذ الثورة الصناعية زادت النشاطات الانسانية وخاصة الاستهلاك الضخم للطاقة والموارد من قبل الدول المتقدمة، من تركيز غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي وانتجت تأثيرات واضحة على النظم البيئية للأرض وعرضت بقاء المجتمع الانساني وتنميته للخطر.

ورغم ان الولايات المتحدة تشكل 5 فى المائة فقط من سكان العالم الا انها تستهلك 26 في المائة من طاقة العالم وتمثل نموذجا للاستهلاك المفرط.

وقال برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة في تقريه حول توقعات البيئة العالمية "ان عدد سكان العالم قد زاد حاليا الى درجة ان كمية الموارد اللازمة لامدادهم تتجاوز حجم الموارد المتاحة".

وتم اخماد جهود ضمان التنمية المستدامة ايضا بسبب الازمة المالية العالمية الحالية التى أجلت بعض مشروعات الطاقة الصديقة للبيئة واثارت مخاوف من ان النقص في اموال الاستثمارات سيؤدي الى قرارات رخيصة وقذرة ازاء المحطات الجديدة للطاقة حسبما ذكر ايفو دى بوير السكريتر التنفيذي للاتفاقية الاطارية للأمم المتحدة حول تغير المناخ.

واكد دي بوير انه ينبغى على المستثمرين ان يعتبروا الازمة "فرصة للنمو الصديق للبيئة " حيث ستحل مكان ما يصل الى 40 فى المائة من توليد الطاقة في العالم خلال العقد المقبل.

وبشكل عام فان التهديدات الرئيسية على الكوكب مثل تغير المناخ ومعدل انقراض الأنواع وتحدي تغذية السكان الذين يتزايد عددهم من بين العديد من المشكلات التي لم تحل بعد وتمثل كلها تهديدا للانسانية.

واتفق زعماء الدول الصناعية الثماني خلال قمة هوكايدو توياكو على ضرورة تعزيز الالتزامات والتحركات من قبل كافة الاقتصاديات الكبرى لمواجهة تغير المناخ.

وقال الاعلان المصادق عليه في نهاية القمة "اننا نعترف بان ما ستفعله الاقتصاديات المتقدمة الرئيسية يختلف عما ستفعله الاقتصاديات النامية الرئيسية وفقا لمبادئ المسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة وقدرات كل طرف من الاطراف".

كما جدد الاجتماع السابع لآسيا-اوروبا فى اعلان بكين حول التنمية المستدامة، تأكيده ان التنمية المستدامة تتعلق بالبشر حاليا ومستقبلا ووجود وتنمية جميع الدول والسلام والازدهار العالمي، وعلى كل الدول خلال سعيها الى التنمية الاقتصادية ان تكافح من أجل الحفاظ على جودة البيئة وان تأخذ في كامل اعتبارها احتياجات الأجيال المستقبلية.

ودعا الرئيس الصيني هو جين تاو خلال الاجتماع الذي عقد على مدار يومين كل الاطراف المعنية الى الحفاظ على مبادئ وبنود الاتفاقية الاطارية للامم المتحدة حول تغير المناخ وبروتوكول كيوتو، بالاخص مبدأ المسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة واختلاف قدرات كل طرف من الاطراف، وايضا الى تنفيذ قرارات خطة عمل بالى حول مواجهة تغير المناخ.

وجرى الاتفاق على انه في مواجهة تحديات التنمية المستدامة لا يمكن لدولة بمفردها الحفاظ على سلامتها والتغلب على هذه التحديات، ومن أجل تحقيق توازن بين التنمية الاقتصادية والحماية البيئية ينبغى على كل الدول ان تعمل معا من خلال الحوار والتنسيق سعيا الى تحقيق نتائج متبادلة ومتكافئة المنفعة والتنمية المتناغمة.

وقال الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون مؤخرا "ان المشاكل المجتمعة من تغير المناخ والنمو الاقتصادي والبيئة تطرح حلها بنفسها، التنمية المستدامة فقط، او التبنى العالمى للنمو الصديق للبيئة، تقدم الى العالم والدول الغنية والفقيرة على السواء أفقا مطمئنا من رفاهية ورخاء طويل الامد للمجتمع".