المعلم
21-11-2008, 11:06 PM
(1) ورقة خس
تربع وسط كومة من أبنائهما وأحفادهما وحول سفرة طويلة امتلأت بأصناف الأطعمة، قال وهو يزهو: هذه ذكرى ثلاثين عاما مع هذه الغالية. وأشار إليها وأتبع: "زفونا الى بعضنا ونحن صغار، وأتبع حياة طويلة عشناها بحلوها ومرها". ثلاثون عاما.. أخذ يردد وهو ينظر اليها كي تدعم كلماته التي تلقاها المتحلقون حوله بشهقة ونثروا في أرجاء المكان همسات كشدو العصافير وأسئلة ند عنها سؤال تدحرج كحبة خرز سقط من مسبحة وصافح مسامعه كقطرة ماء باردة هل تحبها ياجدي؟ تبسم في حبور ونظر اليها في صمت والفرح يقسم وجهه الى شواطئ وقبل أن يفتح فمه باجابة قالت وهي تلوك في فمها بقايا ورقة خس: لم أكن اريدك أنت، وأضافت وهي تلفظ أعقاب الورقة: أهلي ارغموني على الزواج بك في حينه. عندما انهت جملتها فتح فمه ومازال مفتوحا.
(2) يوم السفر
بيده اليسرى أمسك حقيبة سفره وباليمنى شرع يمسح رؤوسهم ويدني اعطافهم ويقبل اوجانهم. الصغار منهم مسحوا آثار قبلته أمام عينيه دون مبالاة ورسم تصرفهم على محياه ابتسامة بين الحزن والرضا. الكبار تقبلوها ببرود دون أن ينهضوا أو تنصرف أعينهم على الشاشة التي تعرض "فيلم" تدور احداث قصته عن الحب والوفاء وأشياء اخرى أكثر حميمة وإثارة..
أوصد الباب خلفه وتوارى داخل سيارته ادار محركها وانطلق يردد دعاء السفر. وقبل أن يبتلعه الغياب أرسل نظرة وداعية خاطفة في مرآة السيارة نحو المنزل الذي ترك بعضا منه بين جدرانه الاسمنتية. شاهد اكبرهم يركض في أثره مثل ذئب. في أقرب مساحة اوقف سيارته. فتح الباب وتلقاه وهو ينزف عرقا من الركض. قال الاب وهو يشرع يديه لاحتضانه. أنا آسف يابني لم أشأ ايقاضك وأضاف بتأثير شديد وخجل: لم أكن أعلم برغبتك الجامحة في توديعي. تلقى الابن كلماته دون تعليق ودون أن ينظر الى وجهه الذي افترسته التجاعيد رد الابن: لا .لا ولكنك نسيت أن تترك لي نقودا كافية كي أصرف منها كلما ذهبت للمقهى؟
(3) حرمان
الأطباق من الفاكهة الموسمية وأصناف لا تعد من أطباق الحلوى تأخذ بتلابيب المكان وانواع من الاسماك المشوية والمقلية ولحوم لحيوانات لم يشاهدها في حياته الا من خلال الكتب المدرسية الطعام الوفير المكوم أمامه كالتلال يتصاعد البخار عن الساخن منه ويتساقط الندى عن البارد هو يحوم حوله يوشك أن يقع فيه ويمد اليه يده اللعاب يتكاثف في فمه حتى كاد أن يمجه الجوع الكافر يهوي في ثنايا معدته بفأس اطرافه مرهفة ينتظر بفارغ الصبر كي يدعوه يطفئ نوازعه ويسد فوهة جوعه المفتوحة كفوهة بركان شرع يلقي حممه ويفترس الأخضر واليابس، عندما اذنوا وحانت فرصته تقدم في خدر وعيناه تائهتين في تلال الطعام حائرة بأي لقمة سائغة يبدأ عندها أيقظته أمه من النوم.
عبدالله ساعد المالكي
تربع وسط كومة من أبنائهما وأحفادهما وحول سفرة طويلة امتلأت بأصناف الأطعمة، قال وهو يزهو: هذه ذكرى ثلاثين عاما مع هذه الغالية. وأشار إليها وأتبع: "زفونا الى بعضنا ونحن صغار، وأتبع حياة طويلة عشناها بحلوها ومرها". ثلاثون عاما.. أخذ يردد وهو ينظر اليها كي تدعم كلماته التي تلقاها المتحلقون حوله بشهقة ونثروا في أرجاء المكان همسات كشدو العصافير وأسئلة ند عنها سؤال تدحرج كحبة خرز سقط من مسبحة وصافح مسامعه كقطرة ماء باردة هل تحبها ياجدي؟ تبسم في حبور ونظر اليها في صمت والفرح يقسم وجهه الى شواطئ وقبل أن يفتح فمه باجابة قالت وهي تلوك في فمها بقايا ورقة خس: لم أكن اريدك أنت، وأضافت وهي تلفظ أعقاب الورقة: أهلي ارغموني على الزواج بك في حينه. عندما انهت جملتها فتح فمه ومازال مفتوحا.
(2) يوم السفر
بيده اليسرى أمسك حقيبة سفره وباليمنى شرع يمسح رؤوسهم ويدني اعطافهم ويقبل اوجانهم. الصغار منهم مسحوا آثار قبلته أمام عينيه دون مبالاة ورسم تصرفهم على محياه ابتسامة بين الحزن والرضا. الكبار تقبلوها ببرود دون أن ينهضوا أو تنصرف أعينهم على الشاشة التي تعرض "فيلم" تدور احداث قصته عن الحب والوفاء وأشياء اخرى أكثر حميمة وإثارة..
أوصد الباب خلفه وتوارى داخل سيارته ادار محركها وانطلق يردد دعاء السفر. وقبل أن يبتلعه الغياب أرسل نظرة وداعية خاطفة في مرآة السيارة نحو المنزل الذي ترك بعضا منه بين جدرانه الاسمنتية. شاهد اكبرهم يركض في أثره مثل ذئب. في أقرب مساحة اوقف سيارته. فتح الباب وتلقاه وهو ينزف عرقا من الركض. قال الاب وهو يشرع يديه لاحتضانه. أنا آسف يابني لم أشأ ايقاضك وأضاف بتأثير شديد وخجل: لم أكن أعلم برغبتك الجامحة في توديعي. تلقى الابن كلماته دون تعليق ودون أن ينظر الى وجهه الذي افترسته التجاعيد رد الابن: لا .لا ولكنك نسيت أن تترك لي نقودا كافية كي أصرف منها كلما ذهبت للمقهى؟
(3) حرمان
الأطباق من الفاكهة الموسمية وأصناف لا تعد من أطباق الحلوى تأخذ بتلابيب المكان وانواع من الاسماك المشوية والمقلية ولحوم لحيوانات لم يشاهدها في حياته الا من خلال الكتب المدرسية الطعام الوفير المكوم أمامه كالتلال يتصاعد البخار عن الساخن منه ويتساقط الندى عن البارد هو يحوم حوله يوشك أن يقع فيه ويمد اليه يده اللعاب يتكاثف في فمه حتى كاد أن يمجه الجوع الكافر يهوي في ثنايا معدته بفأس اطرافه مرهفة ينتظر بفارغ الصبر كي يدعوه يطفئ نوازعه ويسد فوهة جوعه المفتوحة كفوهة بركان شرع يلقي حممه ويفترس الأخضر واليابس، عندما اذنوا وحانت فرصته تقدم في خدر وعيناه تائهتين في تلال الطعام حائرة بأي لقمة سائغة يبدأ عندها أيقظته أمه من النوم.
عبدالله ساعد المالكي