المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فتش أوراق زوجتك



المعلم
15-11-2008, 08:04 AM
سلمان بن فهد العودة
غابت عنه لبعض شأنها، ووجد نفسه وحيدا في غرفة نومها، وهجمت عليه سانحة من الفضول، لِمَ لا أتصفح هذا الدفتر الملقي عرضاً بجانب السرير؟
تصفح فوجد رسوماً ضاحكة، وأخرى حزينة، وفهم شيئا وتحير في أشياء، وجد شعراً جميلاً، وغزلاً، وشوقاً إلى اللقاء! ترى هو المعني بذلك أم سواه؟
هل تُخفي في قلبها رجلاً آخر؟
هل جحدت عني شيئاً من تاريخ ما قبل التاريخ؟ هل ثَمَ تجارب أو مغامرات؟ هل جسدها معي وخيالها مع حبيب آخر؟
تذكر أبيات الشناوي:
لا تَكذبي، إني رأيتكما معا
ودعي البكاء فقد مللتُ الأدمعا
ما أقبح الدمعَ السخينَ إذا جرى
من عين كاذبةٍ فأنكر وادعى
إني رأيتُكما..
إني سمعتُكما..
عيناك في عينيه..
كفاك في كفيه..
ويداك ضارعتان ترتجفان من شوق إليه..
كوني كما قد شئت لكن لن تكوني
فلقد صنعتك من هواي ومن جنوني
ولقد برئت من الهوى ومن الجنونِ!
قام إلى هذه الأدراج ففتحها واحداً بعد الآخر، وأقبل على القصاصات والأوراق يقرؤها بِنَهَم، يبحث عن مشاعر مكتوبة، وأسرار مدفونة، وكنز قد يكون ثميناً، أو يكون أصبع ديناميت يفجّر هذه العلاقة المقدسة! وجد قصّة رمزية رائعة الوصف، محكمة السبك، لو نشرت لحفزت أقلام النقاد والأدباء على التناول والتحليل، وقف عندها طويلاً يبدو أن المرأة غير منسجمة في علاقتها معي!
ها هي تتحدث عن الحزن والأسى، ها هي الدموع تبلل الورق، مشاعر مكتومة، وألم ممض.. هاه.. إذن كل جهدي ذهب أدراج الرياح، وما ثَمّ تقدير ولا عرفان للتضحيات التي أقدمها!
يظن بعض الأزواج أن سلطانهم على الزوجة مطلق، وأنهم مسؤولون عن تفصيلات فكرها وقلبها وحياتها، ولا يفهمون في شأن العلاقة الزوجية إلا مبدأ واحداً، وهو مبدأ «القوامة».
والقوامة حق قرره القرآن الكريم (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا) [النساء/34].
والنص لا يعني المسؤولية المطلقة، فالقرآن الكريم ذاته حمّل المرأة مسؤوليتها المباشرة في أعظم الأمور، مسؤولية التكليف والديانة (أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) [آل عمران/195] (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)[الأحزاب/35].
وهي مسؤولة عن صلاتها, وصومها, وغسلها من الجنابة والحيض, وسائر أعمالها، وذمتها مستقلة مالياً، فهي تملك وتبيع, وتشتري وتتصدق، دون إذنه حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم لصحابياته: « تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ »! كما في البخاري ومسلم.
قل عن نفسك.. ماذا تخفى عن زوجتك؟ هل أنت كتاب مفتوح؟ هل فكرت؟ أو حاولت؟ أو غامرت؟ أو سافرت؟ أو.. أو.. الخ؟!
أليس الأصل في العلاقة هو «التكافؤ»؟
حتى إن من تمام التكافؤ أن لغة القرآن الكريم -وهي لغة العرب -سمّت الرجل زوجاً, وسمت المرأة زوجاً أيضاً, فهما زوجان. وهذا أقوى من لغة التأنيث التي جاء فيها قول الشاعر:
وإن الذي يسعى ليأخذ زوجتي...
كساع إلى أسد الشرى يستثيرها
فلماذا تبدو فضولياً مصراً على البحث عن أوراق منثورة هنا وهناك؟
أليس للبيوت أسرار؟ أم ترى أنه لا سرّ عنك؟
لطالما أخفت أمهات المؤمنين عن سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -ما تجري به طبيعة الحياة، حتى قال لإحداهن يوماًَ, وقد سألها فأخفت:
« لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ». كما في صحيح مسلم وغيره.
علاقة الزوجية ليست فوقية مطلقة، ولها مثل الذي عليها بالمعروف، واسمح يسمح لك، ولا تجسسوا، ولا تحسسوا، ومن تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في عقر داره.
كُفّ بعد اليوم عن التلصص، وتوقف عن تقليب الأوراق، وتعامل مع شريكك على أساس الثقة والاحترام وحسن الظن، وخذ ما ظهر، ودع ما خفي، وإليك النصيحة الواقية من فتن الحياة الزوجية على لسان محمد صلى الله عليه وسلم « إِنَّكَ إِنِ اتَّبَعْتَ عَوْرَاتِ النَّاسِ أَفْسَدْتَهُمْ أَوْ كِدْتَ أَنْ تُفْسِدَهُمْ » رواه أبو داود وابن حبان. والله أعلم.

جودي
15-11-2008, 08:13 AM
كلام جميل من شيخ فاضل
اللهم اهدنا الى ماتحب وترضى
جودي

بداية الخير
15-11-2008, 08:34 AM
كلام جميل من شيخ فاضل
اللهم اهدنا الى ماتحب وترضى 0000

المعلم
15-11-2008, 09:42 AM
جودي
بداية الخير
الأجمل تواجدكم
حفظكم الله

قوت الحياة
15-11-2008, 10:37 AM
العلاقه الزوجية ليست فوقية مطلقة، ولها مثل الذي عليها بالمعروف، واسمح يسمح لك، ولا تجسسوا، ولا تحسسوا، ومن تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في عقر داره.
كُفّ بعد اليوم عن التلصص، وتوقف عن تقليب الأوراق، وتعامل مع شريكك على أساس الثقة والاحترام
شكرآ للشيخ سلمان العوده وشكرآ أخي المعلم على طرح هذا الموضوع المفيد

!!عــــذاري !!
15-11-2008, 01:27 PM
مشكور اخى المعلم

دمت برعااااايه الله وحفظه

الضآمي
15-11-2008, 03:15 PM
يظن بعض الأزواج أن سلطانهم على الزوجة مطلق، وأنهم مسؤولون عن تفصيلات فكرها وقلبها وحياتها، ولا يفهمون في شأن العلاقة الزوجية إلا مبدأ واحداً، وهو مبدأ «القوامة».


المسألة عميقة تبدأً من التربية

فقبل أن يصبح الرجل زوجاً.. كان قبل ذلك هو المسيطر على أخواته البنات ولو كن يكبرنه سناً وعقلاً وفهماً..

نحن من أوهمناه وجعلناه لا يحترم المرأة والأخت فبالتالي الزوجة...

نحن من زرعنا به أن المرأة في خدمته وأنها ستضل كذلك لحين يبعثون...

حتى أن بعض معلمين الدين يلقون طلابنا بكل ثقة ويقين بأن المرأة مقرها البيت ولا شيء غيره..

وأن تعليم المرأة سببه وفائدته ينصب على تعليم أطفالها في المستقبل..

فعندما يلقن الأبن منذ الصغر في البيت ومن المدرسة وبالتالي من المجتمع هذه الفكرة وهذا المبدأ..

فلا نقول لبناتنا إلا أصبروا وصابروا وصطبروا لعل الفرج قريب...


تحياتي لك أستاذنا الكبير على هذا الطرح الجميل... وبارك الله فيك...

كل التقدير اقدمه لك...

البندر
15-11-2008, 03:22 PM
طرح جميل وذو فائده قيمه
شكرا لك استاذنا القدير ابوخالد

المعلم
16-11-2008, 11:50 AM
الإخوة والأخوات
شكرا لكم تواجدكم
وبارك الله فيكم
لطفكم وحسن تعقيبكم يسعدني
تقبلوا تحيتي واحترامي لكم جميعا