المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جريمة العنف الأسرى والسكوت جريمه



دنقر لاند
07-10-2008, 04:42 PM
جريمة العنف الأسري.. والسكوت الجريمة
استدعتني إدارة مدرسة ابني عندما كنت طالبا في أمريكا. وعندما وصلت وجدت في استقبالي معلمته ومديرة المدرسة. ولولا حسن الحظ لكانت الشرطة أيضا بالانتظار.
السبب، كما أفهموني، أن ابني الصغير، طمعا في الحصول على درجات عالية، ادعى إنه إن لم يحصل عليها، فإني وأمه سنعاقبه عقابا عسيرا، يصل إلى الضرب والتعذيب والحرمان من ضروريات الدنيا ومتعها.
ولحسن الحظ أن المعلمة كانت قد زارتنا في البيت ضمن جولاتها على بيوت الطلبة وتعرفت علي وعلى زوجتي، ووثقت أننا لا يمكن أن نكون بالوحشية التي يصفها الولد. ولذا فقد أقنعت المديرة بعدم طلب الشرطة حتى يتحققوا مني.
اطمأنوا إلى تفسيري للأمر وخاصة أنهم تذكروا أن ابني صاحب خيال واسع، وأني وضعت له حوافز تفوق كثيرة، كان سيخسرها لو لم يحصل على أعلى الدرجات. وطمأنهم أكثر أنه كان بصحة جيدة و"دبدوب"، وليست به أية إصابات أو علامات تجويع وتعذيب! (تخيلوا لو انجرح يومها)!
خرجت من المدرسة سعيداً رغم كل شيء، فقد احترمت حرص المدرسة والشرطة، والمجتمع عموما، على أبنائي. وجاري الفلسطيني كان سعيدا أيضا عندما طرقت الشرطة بابه بعد أن شك الجيران في أسباب صراخ صغيرته، ليتضح أنه بسبب ارتفاع حرارتها، فعرضوا عليه نقلها بالإسعاف أو إحضار طبيب فورا. أما الأخ الخليجي، فقد خسر أبناءه لأنه آذاهم نفسيا وجسديا فسجن هو، وأودعوا هم لدى أسرة مسلمة تتلقى راتبا من الحكومة مقابل استضافتهم.
أتذكر هذه المواقف الإنسانية كلما سمعت عن قصة مؤلمة جديدة، لآباء وإخوة يصل بهم الأمر إلى حد التحرش الجنسي وتعذيب أبنائهم وبناتهم وأخواتهم، وحد التشويه والقتل، دون أن يتدخل أحد حتى تقع "الفأس في الرأس"، وكأنما هم قطع أثاث مملوكة، يصنع بها صاحبها ما يريد.
رحم الله أريج ورهف وغصون، ورحم كل من علم عن تعذيبهن حتى قضين نحبهن ولم يتدخل، ورحمنا جميعا إن لم نحل دون تكرار مآسيهن.
المطلوب فورا، خطة شاملة لمواجهة ظاهرة العنف الأسري، تشمل وحدات متخصصة، لها صلاحيات صريحة وواضحة للتدخل والإنقاذ والقبض على الجناة. ولديها موارد وإمكانيات كافية، كدور إيواء مجهزة، وعيادات متخصصة، نفسية وتربوية، مع خط ساخن معلن، يلجأ إليه ليس الضحايا فحسب، ولكن كل من سمع أو علم أو حتى شك بوجود حالة عنف أسري. وتواكب ذلك حملة توعية شاملة، في المدارس والمساجد ووسائل الإعلام.
المسؤولية تشملنا جميعا، فالساكت على الظلم شيطان أخرس. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبنا كلنا، وإن لم نبدأ بالدفاع عن الدم والعرض، فأين يكون البدء؟

منقول خالد المطرفى