المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ضوابط ضرب الطلاب



ينبع
16-05-2003, 02:24 AM
ٌقرأت للشيخ: محمد لطفي الصباغ موضوع عن ضرب الطلاب وأحببت أن أعرض عليكم فكره التربوي ، فهل هو مخطئ ؟

كتب الشيخ فيقول
إن صلاح الحياة الاجتماعية مرتبط بنظام العقوبة، وإن هذه حقيقة لاريب فيها، فكل مؤسسة لابد من أن يكون فيها نظام يحدد عقوبات المخالفين والمقصرين، ومن هنا استنت كل الأمم قوانين للعقوبات، وهذه العقوبات إما أن تكون جدية وإما ميالة، وإما معنوية.
والإسلام العظيم شرع العقوبات، وقرر كتاب الله أن الحياة الآمنة السعيدة لا تتحقق إلا عندما يكون نظام العقوبات قائماً في المجتمع، فالضرب في الأسرة وفي المجتمع بصفته عقوبة له نتائجه الإيجابية، وله آثار سلبية خطيرة إن استعمل في غير موضعه، أو استعمل بطريقة غير صحيحة.
أما بالنسبة إلى ضرب الأولاد لعشر إذا امتنعوا عن أداء الصلاة ففي عملية حسابية يسيرة تبين لنا أن هذا التصرف في محله، لأن الأب إذا ظل يأمر ولده ثلاث سنين بالصلاة من السابعة إلى العاشرة ثم بعد ذلك لم يصل كان يستحق هذه العقوبة، ففي كل يوم خمس صلوات، والسنة نحو 360 يوماً، فإذا ضربنا 5 بــ 360 كان الناتج 1800 مرة، فإذا ضربنا 1800 بــ3 وهي السنوات بين السابعة والعاشرة كان الناتج 5400.
وإذا ظل الوالد يأمر ولده بالصلاة 5400 مرة، وبعد هذا كله لا يصلي فإن الولد أثبت بعناده أنه يستحق التأديب بالضرب، وتكون هذه العقوبة منقذة له من خطر عظيم جداً ألا وهو ترك الصلاة الذي يقوده إلى جهنم وبئس المصير.
ويوضح د. الصباغ أن هذا الضرب ينبغي أن يكون غير مبرح، وأن يكون بعد أن يهدأ الإنسان من ثورة الغضب حتى يكون أداة تربوية لا انتقاماً ولا تنفيساً عن غضب، وعلى الرغم من إجازة الضرب في هذه الحالة النادرة فإن الشرع المطهر لم يجعل الضرب هو الوسيلة الوحيدة في التربية.
وأما بالنسبة إلى إباحة ضرب الأولاد في مؤسسات التعليم، فالذي أرى أن الأقرب إلى أحكام الشريعة المنع منه إلا في حالات الضرورة القصوى، وفي هذه الحالات يناط الأمر بالإدارة فتشكل لجنة من عدد من الأساتذة والمربين يتولون تلك العقوبة، وأما الاستدلال بقصة ضرب الأولاد عند بلوغهم العاشرة إن لم يصلوا ففيه نظر، وذلك للأسباب التالية:
1- أن أمر التقصير في العبادة له شأن خاص، فلا يقاس عليه ما يكون من تصرفات التلاميذ.
2- ضرب الأب الرؤوف الرحيم بأولاده يختلف عن ضرب المعلم، فالعاطفة الأبوية، والشفقة الفطرية تجعل الضرب منضبطاً بضابط التربية والتقويم.
3- قد يتعرض المعلم في أثناء عمله إلى حالات من الضجر والضيق، فلا ينبغي أن يفتح له مجال ليفتأ ذلك الضجر والضيق بضرب الأطفال الأبرياء.
4- لو أبيح الضرب في المؤسسات التعليمية لما كان هناك ضمان في أن يستعمل في محله وبالطريقة السليمة، لما ذكرنا من الملاحظات.
5- هناك ناس ساديون يتلذذون بتعذيب الآخرين، ويخشى أن يكون بعض المعلمين منهم، ولو أبيح الضرب لكان لهؤلاء النفر مجال يتلمسون فيه اللذة بحجة معاقبة المقصرين من الطلاب.
6- ثبوت إخفاق الضرب المبالغ فيه في الأوضاع التعليمية السابقة، واحتمال إصابة الطفل، والتلميذ المعاقب بأمراض قد تعرض حياته للخطر.
7- ومن القواعد الشرعية المعمول بها «درء المفاسد مقدم على جلب المصالح» فمهما كان من المصالح في الضرب، فدرء المفاسد التي أشرنا إلى بعضها مقدم.
ويختم الصباغ بقوله ما أحسن كلمة الغزالي في تعداده لوظائف المعلم إذ قال «الوظيفة الرابعة: وهي من دقائق صناعة التعليم: أن يزجر المتعلم عن سوء الأخلاق بطريقة التعريض ما أمكن، ولا يصرح، وبطريقة الرحمة لا بطريق التوبيخ، فإن التصريح يهتك حجاب الهيئة، ويورث الجرأة على الهجوم بالخلاف، ويهيج الحرص على الإصرار، ولأن التعريض أيضاً يميل النفوس الفاضلة والأذهان الذكية إلى استنباط معانيه».