المحب للوطن
11-06-2008, 01:09 AM
العشق ينبع
عندما يصبح الشعر سفيراً للجمال
http://www.alwatan.com.sa/news/images/newsimages/2811/1006.cul.p26.n2.jpg
خالد الأنشاصي
وتسألني أينبع كان نبعاً؟
أم الأسماء من محض الخيال؟
فقلت: بيائها يسري هواها
ونون العين مسكنها العوالي
وباب باؤها فالحلم آت
وعين للحياة بلا جدال
وحسبك فخرها صنعت رجالاً
لتبلغ مجدها بخطى الرجال
هذه الأبيات التي قالها الشاعر سعد بن سعيد جابر الرفاعي في حب ينبع، لم يشأ لها أن تظل مدونة ضمن قصائد ديوانه "العشق ينبع" الصادر عن نادي المدينة المنورة الأدبي فحسب، وإنما دونها أيضاً على غلاف الديوان الأمامي، وكأنه يبعث برسالة إلى المتلقي مفادها: حتى لو لم تقرأ ديواني كاملاً فيكفيني أن تقرأ هذه الأبيات!.
تلك الرسالة -برأينا- كانت أبلغ تعبير عن هذا العشق للمكان/ ينبع، ذلك العشق الذي تجلى في امتلاء الديوان بروائح ينبع، سواء في القصائد التي خصتها كقصيدة "ينبع" التي تصدرت الغلاف، وقصيدة "العشق ينبع" التي يقول فيها:
(أينبعي) يا رؤى الأحلام أعزفها
قصيدة صدقها الوضاء ما ذبلا
كوردة للغد المأمول أحرسها
سقاؤها البذل.. نروي حلمها عملا
أبثك العشق عهداً لست أنكثه
ويشهد الكون حتى نبلغ الأجلا
أو تلك القصائد التي قيلت في مناسبات مختلفة، وخاصة زيارات بعض المسؤولين إلى ينبع، كقصيدة "أحلام الدرة" التي قالها الشاعر احتفالاً بزيارة صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز لمحافظة ينبع وتشريفه حفل الأهالي يوم الأربعاء الموافق 30/ 12/ 1420هـ، حيث يقول فيها:
أضيفنا ينبع الإكرام أفئدة
سرورها في سماء الحفل قد هتنا
أقادم الخير قد عانقت أفئدة
وطالع الخير يحدو الخطو مقترنا
مدينتي نجمة في الحسن حالمة
بشامخ العزم تمضي تهزم المحنا
(عبدالمجيد) رعاه الله ألبسها
قلائد الحسن حتى بزّت المدنا
وفاؤها لأمير الأمس منقبة
لـ(مقرن) اليوم يهدي نبضه مزنا
وها هي الدرة الحسناء في جذل
لحائك الحسن مدت كفها يمنا
فطرز الحب في أصدافها أملاً
يجاوز الصعب حتى يسبق الزمنا
أو كقصيدته "عندما يتقد الشموخ" التي قالها بمناسبة زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز لمحافظة ينبع يوم السبت الموافق 18/ 11/ 1429هـ، حيث يقول فيها:
يا ليلنا الوردي غرد نجمه
شدواً تتوق له الديار توحدا
يا ينبع الإشراق أحلام الهوى
أدنى لها جود الكرام الموعدا
(سلطان) حل بدارنا واستبشرت
كل القلوب لكي تراه فتسعدا
والحقيقة أن هناك العديد من الشعراء الذين كتبوا في مدنهم وقراهم ومحافظاتهم، إلاّ أن القليل منهم من استطاع أن ينقل المكان بهذا القدر من العشق، ولا أقول بهذا القدر من الانتماء، إذ يظل الانتماء المكاني -على أهميته، وعلى ما يزخر به من دلالات- شيئاً طبيعياً ومنطقياً في كل نفس سوية، أما أن يمتزج الانتماء بالعشق، فذلك ما يؤكد أننا أمام شاعر لم يهب نفسه للمكان الذي انتمى إليه فحسب، بل تعدى ذلك -ومن خلال عشقه لهذا المكان- إلى استمالة قلوب الذين لم يعرفوا هذا المكان، فصنع عشقاً آخر، عشقاً ربما يفشل الكثيرون من سفراء الدول في خلقه!. وهكذا يؤدي الشعر رسالة كبرى، رسالة على قدر نبلها تستمد الأوطان شرايين أخرى للحياة!.
لقد جعلنا سعد الرفاعي مغرمين بينبع، متطلعين إلى رؤيتها -على الأقل-، لعلنا ندرك شيئاً من سر هذا العشق الكبير، ذلك العشق الكامن في حسنها وجمالها وعطائها وغناء الحب منتشياً على رمالها:
معشوقتي (ينبع) الحسناء هل سألوا
عن سر عشقيَ إذ بادلتك الغزلا؟
أنت الجمال تبدى حسنه ألقاً
سبى القلوب بطيف الحسن والمقلا
أنت السرور لقاء الضيف أمنية
أنت العطاء وجود فاق فانهملا
فيك "العشيرة" والتاريخ يذكرها
فيك الطموح لجمع العرب إذ فتلا
على رمالك غنى الحب منتشياً
فحلق السهل حتى عانق الجبلا
على جبينك خط الفخر أسطره
مداده من سماء المجد قد نهلا
أينبع العشق أنت الحلم نغرسه
صناعة أبهرت من عزمها الدولا
فأعشب القفر واخضلت مصانعنا
وكل راءٍ علاه العجب وانذهلا
إن ديوان "العشق ينبع"، وهو الديوان الثاني للشاعر سعد الرفاعي، حيث أصدر من قبل ديوان "نزيف الجرح" عن نادي المدينة المنورة الأدبي أيضاً، أقول: إن ديوان "العشق ينبع" يعد إحدى العلامات المهمة على عشق المكان، والانتماء الحقيقي لأرض الميلاد، وتراب الوطن!.
هو ديوان يؤكد أن الشعر الحقيقي ليس مجرد قافية ووزن يؤسسان لموسيقى صاخبة دون الالتفات كثيراً إلى المعنى الذي ينبغي أن يكون في المقام الأول، وإنما هو سفير حقيقي للجمال وشفافية الروح، وعذوبة المعنى.
إن مثل هذه الأصوات الشعرية الأصيلة، في زمن تكاثرت فيه الأصوات الشاردة والشاذة، تستطيع أن تعيد شيئاً من حلاوة الشعر ورقيه ورونقه، وتستطيع أيضاً أن ترسم فضاءات أخرى في عشق المكان، ذلك العشق الذي يسمو على الذات، لتعلو القيمة، وما أجمل أن يكون لأوطاننا قيمة!.
http://www.alwatan.com.sa/news/newsdetail.asp?issueno=2811&id=57783
عندما يصبح الشعر سفيراً للجمال
http://www.alwatan.com.sa/news/images/newsimages/2811/1006.cul.p26.n2.jpg
خالد الأنشاصي
وتسألني أينبع كان نبعاً؟
أم الأسماء من محض الخيال؟
فقلت: بيائها يسري هواها
ونون العين مسكنها العوالي
وباب باؤها فالحلم آت
وعين للحياة بلا جدال
وحسبك فخرها صنعت رجالاً
لتبلغ مجدها بخطى الرجال
هذه الأبيات التي قالها الشاعر سعد بن سعيد جابر الرفاعي في حب ينبع، لم يشأ لها أن تظل مدونة ضمن قصائد ديوانه "العشق ينبع" الصادر عن نادي المدينة المنورة الأدبي فحسب، وإنما دونها أيضاً على غلاف الديوان الأمامي، وكأنه يبعث برسالة إلى المتلقي مفادها: حتى لو لم تقرأ ديواني كاملاً فيكفيني أن تقرأ هذه الأبيات!.
تلك الرسالة -برأينا- كانت أبلغ تعبير عن هذا العشق للمكان/ ينبع، ذلك العشق الذي تجلى في امتلاء الديوان بروائح ينبع، سواء في القصائد التي خصتها كقصيدة "ينبع" التي تصدرت الغلاف، وقصيدة "العشق ينبع" التي يقول فيها:
(أينبعي) يا رؤى الأحلام أعزفها
قصيدة صدقها الوضاء ما ذبلا
كوردة للغد المأمول أحرسها
سقاؤها البذل.. نروي حلمها عملا
أبثك العشق عهداً لست أنكثه
ويشهد الكون حتى نبلغ الأجلا
أو تلك القصائد التي قيلت في مناسبات مختلفة، وخاصة زيارات بعض المسؤولين إلى ينبع، كقصيدة "أحلام الدرة" التي قالها الشاعر احتفالاً بزيارة صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز لمحافظة ينبع وتشريفه حفل الأهالي يوم الأربعاء الموافق 30/ 12/ 1420هـ، حيث يقول فيها:
أضيفنا ينبع الإكرام أفئدة
سرورها في سماء الحفل قد هتنا
أقادم الخير قد عانقت أفئدة
وطالع الخير يحدو الخطو مقترنا
مدينتي نجمة في الحسن حالمة
بشامخ العزم تمضي تهزم المحنا
(عبدالمجيد) رعاه الله ألبسها
قلائد الحسن حتى بزّت المدنا
وفاؤها لأمير الأمس منقبة
لـ(مقرن) اليوم يهدي نبضه مزنا
وها هي الدرة الحسناء في جذل
لحائك الحسن مدت كفها يمنا
فطرز الحب في أصدافها أملاً
يجاوز الصعب حتى يسبق الزمنا
أو كقصيدته "عندما يتقد الشموخ" التي قالها بمناسبة زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز لمحافظة ينبع يوم السبت الموافق 18/ 11/ 1429هـ، حيث يقول فيها:
يا ليلنا الوردي غرد نجمه
شدواً تتوق له الديار توحدا
يا ينبع الإشراق أحلام الهوى
أدنى لها جود الكرام الموعدا
(سلطان) حل بدارنا واستبشرت
كل القلوب لكي تراه فتسعدا
والحقيقة أن هناك العديد من الشعراء الذين كتبوا في مدنهم وقراهم ومحافظاتهم، إلاّ أن القليل منهم من استطاع أن ينقل المكان بهذا القدر من العشق، ولا أقول بهذا القدر من الانتماء، إذ يظل الانتماء المكاني -على أهميته، وعلى ما يزخر به من دلالات- شيئاً طبيعياً ومنطقياً في كل نفس سوية، أما أن يمتزج الانتماء بالعشق، فذلك ما يؤكد أننا أمام شاعر لم يهب نفسه للمكان الذي انتمى إليه فحسب، بل تعدى ذلك -ومن خلال عشقه لهذا المكان- إلى استمالة قلوب الذين لم يعرفوا هذا المكان، فصنع عشقاً آخر، عشقاً ربما يفشل الكثيرون من سفراء الدول في خلقه!. وهكذا يؤدي الشعر رسالة كبرى، رسالة على قدر نبلها تستمد الأوطان شرايين أخرى للحياة!.
لقد جعلنا سعد الرفاعي مغرمين بينبع، متطلعين إلى رؤيتها -على الأقل-، لعلنا ندرك شيئاً من سر هذا العشق الكبير، ذلك العشق الكامن في حسنها وجمالها وعطائها وغناء الحب منتشياً على رمالها:
معشوقتي (ينبع) الحسناء هل سألوا
عن سر عشقيَ إذ بادلتك الغزلا؟
أنت الجمال تبدى حسنه ألقاً
سبى القلوب بطيف الحسن والمقلا
أنت السرور لقاء الضيف أمنية
أنت العطاء وجود فاق فانهملا
فيك "العشيرة" والتاريخ يذكرها
فيك الطموح لجمع العرب إذ فتلا
على رمالك غنى الحب منتشياً
فحلق السهل حتى عانق الجبلا
على جبينك خط الفخر أسطره
مداده من سماء المجد قد نهلا
أينبع العشق أنت الحلم نغرسه
صناعة أبهرت من عزمها الدولا
فأعشب القفر واخضلت مصانعنا
وكل راءٍ علاه العجب وانذهلا
إن ديوان "العشق ينبع"، وهو الديوان الثاني للشاعر سعد الرفاعي، حيث أصدر من قبل ديوان "نزيف الجرح" عن نادي المدينة المنورة الأدبي أيضاً، أقول: إن ديوان "العشق ينبع" يعد إحدى العلامات المهمة على عشق المكان، والانتماء الحقيقي لأرض الميلاد، وتراب الوطن!.
هو ديوان يؤكد أن الشعر الحقيقي ليس مجرد قافية ووزن يؤسسان لموسيقى صاخبة دون الالتفات كثيراً إلى المعنى الذي ينبغي أن يكون في المقام الأول، وإنما هو سفير حقيقي للجمال وشفافية الروح، وعذوبة المعنى.
إن مثل هذه الأصوات الشعرية الأصيلة، في زمن تكاثرت فيه الأصوات الشاردة والشاذة، تستطيع أن تعيد شيئاً من حلاوة الشعر ورقيه ورونقه، وتستطيع أيضاً أن ترسم فضاءات أخرى في عشق المكان، ذلك العشق الذي يسمو على الذات، لتعلو القيمة، وما أجمل أن يكون لأوطاننا قيمة!.
http://www.alwatan.com.sa/news/newsdetail.asp?issueno=2811&id=57783