المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المسعى الجديد دراسه تاريخيه



مسار
11-04-2008, 07:44 AM
كما قراءتها و الله أعلم





د. عبدالوهاب أبو سليمان في دراسة فقهية تاريخية?
المسعى كان عريضاً أيام الرسول والتوسعة كشفت جبل الصفا على حقيقته الجغرافية?



(1)?الصفا والمروة في اللغة والتفسير?



جاء شرح كلمة (الصفا) في كتب اللغة لدى العلامة مرتضى الزبيدي رحمه الله تعالى: ?« الصفا: من مشاعر مكة المكرمة شرفها الله تعالى جبل صغير بلخف جبل أبي قبيس ومنه قوله تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله)، وابتنيت على متنه داراً فيحاء، أي واسعة، وبها ختم المصنف كتابه هذا» .?المروة (بهاء): جبل بمكة المكرمة يذكر مع الصفا، وقد ذكرهما الله تعالى في كتابه العزيز (إن الصفا والمروة من شعائر الله)، قال الأصمعي: سمي لكون حجارته براقة”. ?(2)?النصوص الفقهية فيما يخص حدود المسعى ?تمثل النصوص الفقهية حقيقة قضية البحث :( المشكلة : وهي مدى امتداد جبلي الصفا والمروة عرضاً في الساحة الشرقية للحرم الشريف) وصحة السعي في الإضافة الجديدة ،مما يراد إثباته في هذا البحث.?الصفا والمروة في التراث الإسلامي (جبلان) ،والجبل معناه في اللغة العربية « “اسم لكل وتد من أوتاد الأرض إذا عظم وطال من الأعلام والأطواد والشناخيب ، وأما ماصغر وانفرد فهو من القنان والقور ، والأكم ، والجمع أجبل ، وأجبال ، وجبال”.?تتضح حقيفة (الصفا ، والمروة) هل هما جبلان ، أو أكمتان ، أو مرتفعان من النصوص التالية:?جاء في كتاب القرى لقاصد أم القرى للحافظ أبي العباس أحمد بن عبدالله بن محمد بن أبي بكر محب الدين الطبري المكي(615- 694) (في الباب السادس عشر في السعي 1 ما جاء في سبب شرعية السعي ):?“ثم نظرت [هاجر] إلى المروة فقالت لو مشيت بين هذين الجبلين ، تعللت حتى يموت الصبي فمشت بينهما ثلاث مرات ، أو أربع مرات ، لا تجيز بطن الوادي إلا رملاً ، ثم رجعت إلى ابنها فوجدته ينشغ فعادت إلى الصفا ، ثم مشت إلى المروة حتى كان مشيها سبع مرات...» ?جاء في كتاب تفسير التحرير والتنوير للعلامة سماحة الأستاذ الإمام محمد الطاهر بن عاشور رحمه الله تعالى :?«والصفا والمروة اسمان لجبلين متقابلين ، فأما الصفا : فهو رأس نهاية جبل أبي قبيس ، وأما المروة فرأس هو منتهى جبل قعيقعان ...» ?تنص كتب الفقه في جميع المذاهب على أن من واجبات السعي استيفاء المسافة بين جبلي الصفا والمروة، ويتعرضون أحياناً إلى تحديد المسافة الطولية دون العرضية، وهذا يوضح أن مناط الحكم، ومتعلقة في استيفاء المسافة الطولية هو أداء شعيرة السعي بين جبلي الصفا والمروة بصرف النظر عن السعة العرضية مادام يصدق على الساعي أنه أدى شعيرة السعي بين الجبلين المذكورين، وفي حدودهما، ومن ثم يحكم بالصحة على السعي إذا أكمل الحاج، أو المعتمر الشعيرة بتلك المسافة حسبما قررها علماء المناسك، أو عدم الصحة إذا لم يستوف تلك المسافة بين الجبلين المذكورين . فالواجب على الساعي كما هي نصوص كافة الفقهاء تحري كمال المسافة الطولية بين جبلي الصفا والمروة لا غير، وندر من نوه من الفقهاء عن المساحة العرضية، وإذا ذكر الانحراف في بعض نصوص الشافعية، أو غيرهم فإنما يتحقق بالخروج عن عرض الجبلين الصفا والمروة، ذلك لأنه لم يذكر أحد من الفقهاء نصاً، أو أثراً (فيما أحاط به العلم) يحدد عرض المسعى، وما ورد ذكره هو تقرير للواقع ليس إلا ، وليس هو في معرض الاستدلال للعرض ولا يحتج بمثل ذلك في إثبات عرض المسعى؛ إذ لم يذكره أحد من الفقهاء استدلالاً، بل تحديد لواقع العرض في زمانه ، وهو تحديد تقريبي ، وفيما يلي اقتباس لنماذج مختارة من نصوص فقهية من الكتب المعتمدة: ?(3)?التحولات التاريخية لمشعر المسعى?جاء في تاريخ العلامة أبي الوليد محمد بن عبدالله الأزرقي رحمه الله تعالى فيما يتصل بالتحولات التاريخية لمشعر المسعى تحت عنوان: (ذكر زيادة المهدي الآخرة في شق الوادي من المسجد الحرام) قوله: ?«وكان المسعى في موضع المسجد الحرام اليوم، وكان باب دار محمد بن عباد بن جعفر عند حد ركن المسجد الحرام اليوم عند موضع المنارة الشارعة في نحر الوادي فيها علم المسعى، وكان الوادي يمر دونها في موضع المسجد الحرام اليوم». ?كما ذكر العلامة الأزرقي رحمه الله تعالى تحت عنوان: (ذكر ذرع ما بين الركن الأسود إلى الصفا، وذرع ما بين الصفا والمروة) قوله: ?«وذرع ما بين العلم الذي على باب المسجد إلى العلم الذي بحذائه على باب دار العباس ابن عبدالمطلب، وبينهما عرض المسعى خمسة وثلاثون ذراعاً ونصف، ومن العلم الذي على باب دار العباس إلى العلم الذي عند باب دار ابن عباد الذي بحذاء العلم الذي في حد المنارة وبينهما الوادي مائة ذراع وواحد وعشرون ذراعاً». ?ما ذكره الأزرقي هنا يقرر فيه واقع المسعى بعد توسعة محمد المهدي رحمه الله تعالى في موضعين :?أولاً: المسافة العرضية بين دار العباس ، وباب المسجد مقابله خمسة وثلاثون ذراعاً .?ثانياً:المسافة بين العلم على باب دار العباس إلى العلم الآخر الذي عند دار ابن عباد بحذاء العلم الذي في حد المنارة مائة ذراع وواحد وعشرون ذراعاً ، وهذا مقدار المسافة بين العلمين طولاً . ?يؤكد المؤرخ الفقيه العلامة قطب الدين محمد بن أحمد الحنفي المكي المتوفى عام 988هـ ما ذكره الفقهاء المؤرخون قبله الأزرقي، والفاكهي، والفاسي (ت 832) رحمهم الله تعالى وغيرهم لما حدث قبله، وظل واقعاً قائماً حتى عصره في قوله. ?“كان المسعى في موضع المسجد الحرام اليوم، وكان باب دار محمد بن عباد بن جعفر العبادي عند حد ركن المسجد اليوم عند موضع المنارة الشارعة في نحر الوادي عن دونها في بعض المسجد الحرام اليوم ، فهدموا أكثر دار محمد بن عباد بن جعفر العبادي، وجعلوا المسعى والوادي فيها، وكان عرض الوادي من الميل الأخضر اللاصق للمئذنة التي في الركن الشرقي، وكان هذا الوادي مستطيلاً إلى أسفل المسجد الآن يجري فيه السيل ملاصقاً لجدر المسجد إذ ذاك، وهو الآن بطن المسجد من الجانب اليماني... ويجعل مسيلاً محلاً للسعي ...” ?ثم أضاف العلامة الفقيه المؤرخ العلامة قطب قطب الدين الحنفي قوله:?«وأما المكان الذي يسعى فيه الآن فلا يتحقق أنه بعض من المسعى الذي سعى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو غيره فكيف يصح السعي فيه، وقد حوّل عن محله كما ذكر هؤلاء الثقات؟?ولعل الجواب عن ذلك: أن المسعى في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عريضاً، وبنيت تلك الدور بعد ذلك في عرض المسعى القديم فهدمها المهدي، وأدخل بعضها في المسجد الحرام، وترك بعضها للسعي فيه، ولم يحول تحويلاً كلياً، وإلا لأنكره علماء الدين من الأئمة المجتهدين رضوان الله عليهم أجمعين مع توفرهم إذ ذاك، فكان الإمامان أبو يوسف، ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما، والإمام مالك بن أنس رضي عنه موجودين يومئذ، وقد أقروا ذلك، وسكتوا، وكذلك من صار بعد ذلك الوقت في مرتبة الاجتهاد كالإمام الشافعي، وأحمد بن حنبل، وبقية المجتهدين رضوان الله عليهم أجمعين، فكان إجماعاً منهم رضي الله عنهم على صحة السعي من غير نكير نقل عنهم». ?(4)?البيئة الطبيعية للصفا والمروة وما طرأ عليهما من تغييرات عبر التاريخ?تقديم:?من المسلّمات في الشرع الإسلامي أن أماكن المشاعر المقدسة، ومنها الصفا والمروة تعبدية، توقيفية لا تقبل التبديل، وعلى الرغم من هذا طال التغيير موضع المسعى المشعر عبر التاريخ، وبالتحديد في زمن الخليفة المهدي رحمه الله تعالى، ولم يثر هذا اعتراض أحد من الأئمة في ذلك الوقت، على الرغم من وجود كبار أئمة الإسلام وفقهائه، موضحاً هذا في النص التالي:?«وهاهنا إشكال ما رأيت من تعرض له وهو: أن السعي بين الصفا والمروة من الأمور التعبدية التي أوجبها الله تعالى علينا في ذلك المحل المخصوص، ولا يجوز لنا العدول عنه، ولا تعتبر هذه العبادة إلا في ذلك المكان المخصوص الذي سعى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى ما ذكره هؤلاء الثقات أدخل ذلك المسعى في الحرم الشريف، وحول المسعى إلى دار بن عباد كما تقدم.?وأما المكان الذي يسعى فيه الآن قلا يتحقق أنه بعض من المسعى الذي سعى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أو غيره فكيف يصح السعي فيه ، وقد حول عن محله كما ذكر هؤلاء الثقات ، ولعل الجواب عن ذلك : أن المسعى في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عريضاً وبنيت تلك الدور بعد ذلك في عرض المسعى القديم فهدمها المهدي ، وأدخل بعضها في المسجد الحرام وترك بعضها للسعي فيه ولم يحول تحويلاً كلياً ، وإلا لأنكره علماء الدين من الأئمة المجتهدين مع توفرهم». ?إن ما توصل إليه العلامة الفقيه قطب الدين النهروالي رحمه الله تعالى صحيح، وأن المسعى كان عريضاً في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولذلك لم يبد الأئمة اعتراضاً على ذلك التحويل، بل هو تحويل في حدود ما يسمى بالمسعى، ومن أجل تقعيد هذه العبارة وتأصيلها لابد أن تستند إلى حقائق علمية موضوعية، ووضع طبيعي لتشكل ضابطاً فقهياً في هذا الموضوع، كما هي عادة الفقهاء، وأن لا يترك الموضوع للعموميات، فلا بد لمثل هذه الأمور من ضابط، وهذا ما اعتنى به هذا البحث وتوصل إليه. ?الصفا جبل متصل بجبل أبي قبيس أقيمت عليه المنازل عبر العصور حتى حجبت جزءاً كبيراً منه ، يتجلى هذا في الصور الفوتوغرافية قبل مشروع توسعة الحرم الشريف عام 1375هـ.?كان جبل الصفا يفصل شمال مكة عن جنوبها ، وبالجانب الغربي منه يقع وادي إبراهيم ، وفيه الطريق الذي يوصل شمال مكة بجنوبها ، ولما بدأت توسعة الحرم المكي الشريف عام 1375هـ وضم المسعى إلى الحرم الشريف اضطرت الدولة السعودية حفظها الله إلى إيجاد طريق يصل شمال مكة بجنوبها تسلكه السيارات فبدأت بقطع الجبل من جهة أبي قبيس ، والجبل من جهة الصفا ، واستعملت في ذلك الوقت الآلات المتاحة فقامت باستعمال منشار حديدي استغرق شهوراً طويلة حتى تمكنت من شق طريق يتسع للسيارات ، ومر على جبل الصفا في فترات مختلفة تكسير ، وتمهيد وتسوية بالأرض حتى بلغ إلى الحد الذي اختصر فيه الجبل من أعلاه ما نشاهده في الوقت الحاضر في مشعر الصفا من بقايا الجبل ، أما قاعدة الجبل فهي أكبر بكثير من المشاهد على سطح الأرض .?أما جبل المروة فظاهر عرضه ، وامتداده في الوقت الحاضر بما يدل على قاعدة عريضة جداً ؛ ذلك أن الهابط من شارع المدعى في الوقت الحاضر يطلع صعوداً إلى جبل المروة ، وامتداده شرقاً وغرباً ، وشمالاً واضح للعيان بما لا يحتاج إلى دليل.?أصاب الجبلين عبر التاريخ الكثير من التغييرات: تكسيراً، وقطعاً، وإزالة من جميع جوانبهما، وبنيت عليهما البيوت، والقصور الشامخة ، وتعرض عرض المسعى إلى التعديات وبناء المساكن مما أدى إلى ضيقه من جميع جوانبه ، ومن ثم فرض على ولاة البلد الأمين في ذلك الوقت إحاطة الصفا والمروة بالبناء من جوانبهما الثلاثة كما هو مشاهد في صورهما القديمة؛حتى لايطول التعدي المساحة الطولية لها، وأصبح واضحاً أن العقود في واجهة الصفا ، والعقد الكبير في واجهة المروة لاتمثل بحال عرض المسعى ، وإنما شيدت حماية للمشعر من التعدي ، وليس معناها أنها استوعبت عرض المسعى ، هذا ما جاء صريحاً في قرار اللجنة المكونة من كل من :?«الشيخ عبد الملك بن إبراهيم ، والشيخ عبد الله الجاسر ، والشيخ عبد الله بن دهيش ، والسيد علوي مالكي ، والشيخ محمد الحركان ، والشيخ يحي أمان ، بحضور صالح قزاز ، وعبد الله بن سعيد مندوبي الشيخ محمد بن لادن ...وقرروا ضمن الكلام على (مساحة الصفا والمروة واستبدال الدرج بمزلقان ، ونهاية أرض المسعى في قرار مشايخ) : ولكون العقود الثلاثة القديمة لم تستوعب كامل الصخرات عرضاً فقد قررت اللجنة أنه لا مانع شرعاً من توسيع المصعد المذكور بقدر عرض الصفا