المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حقيقة .. يوجد خلل في صياغة قرار بدل غلاء المعيشة !!!



أبو سفيان
02-02-2008, 11:41 AM
منذ أن صدر قرار مجلس الوزراء يوم الاثنين الماضي قلنا صراحة بأن صياغة القرار غامضة وتؤدي إلى عدة احتمالات في مفهومها ..وإليكم الدليل مع هذا التعليق لأحد الكتاب المشهورين

عبدالله ناصر الفوزان / الوطــن

قرار مجلس الوزراء الصادر يوم الاثنين الماضي 19/1/1429، الخاص بمعالجة مشكلة الغلاء تضمن فقرة ملتبسة تتعلق بزيادة سميت في القرار "بدل غلاء المعيشة" تقول "إضافة بدل بمسمى بدل غلاء المعيشة إلى رواتب موظفي ومستخدمي ومتقاعدي الدولة سنويا بنسبة 5 % وذلك لمدة ثلاث سنوات".
وكان من الواضح أن هذا النص غير واضح في دلالته لأنه يحتمل ثلاثة معان:
الأول: أن يكون المقصود إضافة 5% للرواتب شهريا تستمر لمدة ثلاث سنوات ثم ينتهي سريانها وتقطع بعد انتهاء موجة الغلاء وعودة الأسعار إلى طبيعتها.. وهذا المعنى غير معقول.. لأنه ليس من المتوقع أن ينتهي الغلاء خلال ثلاث سنوات بل بالعكس هو مرشح للزيادة.
المعنى الثاني: أن يكون المقصود إضافة 5 % للرواتب مرة واحدة في العام ((إما من الدخل الشهري أو السنوي.. الأمر غير واضح)) تستمر لمدة ثلاث سنوات وتقطع بعد ذلك، وهذا المعنى غير معقول وليس بحاجة للمناقشة.
المعنى الثالث: أن يكون المقصود إضافة 5 % للرواتب شهريا و5 % أخرى في العام القادم بالإضافة إلى الخمسة الأولى و5 % ثالثة في العام الثالث بحيث تكون جملة نسبة بدل الغلاء في العام الثالث 15 %، وهذا المعنى هو الأقرب للمنطق، لكن يكتنفه الكثير من الغموض والإشكالات.. فأولا هل تستمر العلاوة وإلى متى؟ وثانيا، هل تتأثر النسبة بزيادات الرواتب فيما بعد نتيجة للعلاوات والترقيات أم لا؟"، وهل تضاف أيضا لرواتب الموظفين الجدد في الأعوام القادمة؟ إلى آخر الافتراضات والإشكالات التي تفرض نفسها بسبب عدم وضوح النص، وبالإضافة للغموض الذي يكتنف هذا المعنى المحتمل للنص فهناك أمور تضعفه أيضا إذ لو كان المقصود أن تصبح العلاوة 15 % في السنة الثالثة لتم النص في القرار على نسبة 15 % وليس 5 % لأن ذلك أفضل وقعا على النفس وأكثر حسما لاتضاح المعنى المقصود.. ومما يضعف هذا المعنى أيضا أن عبارة ((لمدة ثلاث سنوات)) هي غائية، أي إن إضافة علاوة الغلاء تستمر لغاية انتهاء فترة الثلاث سنوات.. تماما كما ورد في القرار نفسه، فيما يتعلق بتحمل الدولة لـ 50 % من بعض الرسوم حيث جاء أن هذا التحمل يستمر ((لمدة ثلاث سنوات)) تماما كما ورد في الفقرة الخاصة بعلاوة غلاء المعيشة.. وتماثل العبارة في الرسوم وغلاة المعيشة يفرض تماثل المعنى.
وبعد صدور قرار مجلس الوزراء بهذا النص غير الواضح في معناه اختلفت الآراء فيما إذا كان المقصود 5 % مرة واحدة تستمر بالنسبة نفسها لمدة ثلاث سنوات بحيث ينتهي سريان مفعولها بعد ذلك أم 15 %؟ ولأن الخلل في المعنى كان واضحا ولتعدد التفاسير منذ الوهلة الأولى لصدور القرار، فقد صدر في اليوم التالي الثلاثاء تصريحات من مسؤولين في الدولة تشرح أن المعنى المقصود لما ورد في قرار مجلس الوزراء هو إضافة 5 % للرواتب الشهرية تظل هي نفسها 5 % في العام الثاني والثالث دون زيادة. وقد نقلت الصحف المحلية ذلك ونشرته يوم الأربعاء 21/1/1429، إذ قالت "الوطن" على سبيل المثال ((علمت "الوطن" أن القرار الصادر من مجلس الوزراء أول من أمس بزيادة رواتب موظفي القطاع الحكومي بنسبة 5 % ولمدة ثلاث سنوات سيكلف الدولة 12.1 مليار ريال تضخ إلى حسابات هؤلاء الموظفين بواقع 4.03 مليارات تقريبا كل عام)), وجاء في الخبر ((أن جملة رواتب موظفي الدولة التي تشملها الزيادة نحو 80.4 مليار ريال))، وهذا الذي ذكرته "الوطن" يفهم منه أن الزيادة 5 % وستظل 5 % في الأعوام التالية ولن تصبح 15 %، لأنه لو كانت ستصبح 15 % لرتبت خلال الأعوام الثلاثة أكثر بكثير من الـ 12.1 ملياراً التي ذكرها الخبر.
وأثناء نهار الأربعاء تحدث وزير المالية بنفسه في مؤتمر صحفي وقدم تفسيرا آخر للقرار غير التفسير الذي فهم مما نقلته الصحف في اليوم نفسه، والتفسير الجديد يقول إن البدل تراكمي يصبح في السنة الثالثة 15 % ويفهم من تصريح الوزير أنه سيستمر بعد ذلك وإن لم يقل هذا صراحة وبهذا تم الاستقرار بهذا التوضيح على المعنى المقصود.
ما معنى كل هذا..؟!
معناه في رأيي أن هناك ضعفاً في إعداد نص القرار أدى لغموضه، فالمجلس لديه شعبة خبراء ولابد أن يكون لديه خبراء في القانون والإعلام والاقتصاد.. وإذا كان المقصود كما أوضح وزير المالية هو 15 % وليس 5 % فقط فلماذا لم تتم صياغة النص وفق هذا المعنى بحيث يتم النص على منح علاوة تبلغ 15 % تمنح بالتدريج بواقع 5 % كل عام لتكتمل في العام الثالث، ليتحقق الأثر النفسي والإعلامي الأفضل وليكون المعنى واضحا لا يحتمل أي لبس..؟ هل يعقل أن هذا يمكن أن يفوت على خبراء في القانون والإعلام والاقتصاد..؟!
ثم إن هناك خللا آخر فيما يبدو يفهم مما حصل.. فارتباك النص وتعدد احتمالات معانيه ووجود الإشكالات الكثيرة والعوائق في كل معنى هو أمر أوضح من الشمس في رابعة النهار.. فلماذا لم يلاحظ ذلك أصحاب المعالي أعضاء مجلس الوزراء على الأقل في اللجنة العامة التي هيأت القرار ليصدر من المجلس؟
ومما يؤكد ارتباك النص وما تركه من آثار ما نقل عن وزير المالية في صحف الخميس من وجود كسور في النسبة بحيث تكون في العام القادم 10.25 والعام التالي 15.80، فهذا بصراحة غير واقعي لأن النسبة لا بد أن تظل كما وردت في القرار 15 % تمنح بالتدريج 5 % كل عام لتكتمل في العام الثالث، وإذاً فهناك خلل في الصياغة ضيع المعنى المقصود وجعل الآراء والاجتهادات تتعدد.
فلماذا حصل هذا؟.. هذا هو السؤال.