المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من قديم التربية 1-2 التخويف بالأساطير



المعلم
06-01-2008, 09:45 AM
د. عبد الملك بن إبراهيم الجندل





مارس الإنسان التربية منذ أن خلقه الله، والتربية علم إنساني متغير؛ لذلك أصبح لكل زمان طرقه التربوية التي يعتقد صحتها، وتلائم مبادئه وتوجهاته، وتناسب ظروفه وإمكاناته، وللأوائل طرقهم التربوية والتي لا يُنكر فضلها، وجودة مخرجاتها، وبما أن كل عمل إنساني معرض للنقد مدحاً وذماً، سأستعرض بعضاً من الطرق التربوية القديمة التي يدور حولها النقاش للاستفادة منها تاريخاً وتقييماً.

ومن ذلك أقوال كانت تُلقى على الصغار للحد من سلوكيات غير مرغوبة، أو للوقاية من تصرفات قد تكون ضرراً عليهم، فإذا تذكر الصغير (ما خُوف به) ترك ما نوى عمله، ومنها:

* (حمار القايلة).. يقال للتحذير من الخروج ظهراً، دون إذن الأهل، وكان يُعرف حماران؛ الحمار العادي (الأهلي)، والذي يُرى في الواقع، ويقوم بخدمات الشحن خاصة، والحمار الوحشي والذي يشاهد في الصور والتلفزيون، وفيما بعد رؤي حقيقة في حديقة الحيوان، أما (حمار القايلة) فلم يُرَ لا حقيقة ولا صورة، إنما يتم تخيله حماراً كبيراً ذا وجه مرعب يقوم بخطف الصغار، الذين يخرجون إلى الشارع وقت الظهيرة دون إذن أهلهم، والغريب أنا - في وقتنا - لا نخاف من (حمار القايلة) عندما نخرج ظهرا، لأداء عمل يريده منا الأهل، ولي أن أتساءل - الآن طبعاً - كيف يعرف هذا الحمار أننا خرجنا بإذن أهلنا أو دونه.

* (المقرصة الحامية).. تقال للتحذير من معصية الوالدين خاصة، ولم يُبين ما هي تلك (المقرصة)، إنما يتم تصورها في الذهن عموداً كهربائياً كبيراً، شبيها بأعمدة الكهرباء - في ذلك الوقت -، تنزل من السماء، وتقوم بكي من يعصي والديه، لذلك إذا عُصي الوالدان، ارتفعت الأعين إلى الأعلى، انتظارا لتلك (المقرصة الحامية).

* (عبد السله).. يقال للتحذير من الاقتراب من البئر والنظر من فوهتها، دون علم عن سبب تلك التسمية، وما يُعرف أن (عبدالسله) حيوان أشبه بالأخطبوط، ذو أعضاء كثيرة طويلة، والذي يترصد لكل صغير يقترب من البئر، ليمسك به ويسقطه في البئر.

ختاماً.. ما سبق كان من طرق التربية الرادعة في وقت مضى، وأتوقع أن غيره كثير، وأمثاله موجودة في مناطق أخرى، وإن اختلفت التسمية أو الهدف.

ولا أعلم لماذا تمسك الأوائل بتلك الأساطير، مع أن هناك مجالاً للاستغناء عنها، من خلال كتاب الله سبحانه وتعالى، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، والأمثال والأشعار، ونصائح الأطباء.

والجيل الحاضر.. لم تعد تصلح له هذه الأساليب المعتمدة على التهديد والتخويف (الأسطوري)، إنما عن طريق الحوار والإقناع حتى في أمور العقاب، للوصول إلى ما يريده المربون.