الهزاعي
28-12-2007, 03:59 AM
عندما ذهب العالم الجليل أبو الأسود الدؤلي إلى الإمام عليّ بن أبي طالب – كرّم الله وجهه – ليخبره بأن اللغة العربية في خطر و أنه لا بد من الحفاظ عليها ، قام الإمام عليّ و أمسك بصحيفةٍ وكتب فيها " بسم الله الرحمن الرحيم .. الكلام اسم وفعل وحرف .. الاسم ما دل على المسمى .. و الفعل ما دل على حركة المسمى .. والحرف ما لم يدل على اسم أو فعل " ، ثم قال لأبي الأسود الدؤلي الكلمة المشهورة والتي بسببها سمي علم النحو بهذا الاسم ( انحُ نحوَ هذا ) .
يعلق الدكتور أحمد خالد توفيق، الكاتب المعروف، على هذا الموقف منبهراً بعبقرية الإمام عليّ وهو يرسم الخطوط الرئيسية للدؤلي .. لقد وضع له الطريق ثم تركه يبحث وينجم ويشق الطريق واكتفى هو بالمتابعة والمباشرة وتصحيح الخطأ إن وُجِدَ .
هذا ما يفتقده الشباب في ذلك الوقت .. يفتقدون من يقودهم .. من يقول لهم (انح نحو هذا) .. و لهذا فالطريق الذي يبحثون عنه بلا علامات إرشادية .. بلا مصابيح للإنارة ..
يوماً ما قال لي أحدهم " إن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة .. هذا رائع .. و أنا مستعد لأن أبذل قصارى جهدي في عبور الألف ميل .. و لكن .. أين الطريق أساساً "
ربما تبدو عبارته متشائمة نوعاً ما ، و لكنها صادقة كثيراً وهي المشكلة الأهم لدى شباب هذا العصر .. وأقصد هنا الشباب الذي يبحث عن النجاح .. و تتجلى المشكلة وتبرز وتتألق في المجالات العلمية كأبحاث الدواء والعلوم التقنية .. المشكلة أن هذه العلوم غير موجودة في بلادنا ، ربما لضعف الإمكانيات .. ربما لسوء النظام التعليمي .. لا يهم .. و لكن الأهم هو هؤلاء الشباب الذين لا يجدون ما يفعلون لكي يحصلوا على هذا العلم .. الرحيل من البلاد هو حل رائع .. سيرحلون لكي يعرفوا العلم ثم يعودون لنشره في بلادهم .. هكذا يحاول العبقري المصري د / أحمد زويل بمشروعه جامعة زويل ، و الذي – للأسف – قابل مشاكل بلا حدود .. وهكذا يفعل العشرات من العلماء .. هكذا هم يفكرون .. سيعودون لتعمير بلادهم بعد الحصول على العلم من الغرب .. و لكنهم يصرفون نظرهم عن الموضوع بعد معرفة التكاليف اللازمة للسفر والانتساب للجامعات الأجنبية والغربة وتأخر سن الزواج و .. و ..
المشكلة الأكبر هنا هي رحيل الشباب الناجح الجاد من بلاده .. هؤلاء نحن نفتقدهم .. هؤلاء هم بسمة بلادنا وصفاء وجهها وعذوبة ضحكتها .
إذاً .. أين الحل ؟!!
من الذي يحرك الأمة؟
سنجد فئتين رئيسيتين تحركان الأمة . العلماء بكافة أصنافهم والحكام.
هؤلاء هم الذين يحركون الأمم على مدى الزمان في كل اتجاه عند المسلمين وعند غير المسلمين.
إذا صلح حال الحكام والعلماء صلحت الأمة بشكل عام..
أزمة الأمة الرئيسية هي أزمة فكر وأزمة هوية ، وفي أرض الواقع الأزمة تتجلى في القيادة.
أزمة القيادة هي ليست فقط في القيادة السياسية، بل في كل المستويات يوجدعندنا أزمات.. وبالمقابل نجد أن عندنا إمكاناتٍ وعندنا عقولاً وعندنا قدراتٍ في كل مجالات الحياة.. في السياسة، في الاقتصاد، في الجيش، في الصحة، في التعليم. "نص منشور فى أحد المواقع الالكترونية"
الحل في القادة .. الفرسان الذين يقودون المسيرة .. كلٌّ فارسٌ في مجالٍ محدد .. الحل في النجوم التي تنير السماء .. كلُّ نجمٍ يدور في فلكه عشرات الكواكب ..
يجب أن تمتلئ أمتنا بالنجوم .. كل نجم يدور في فلكه آلاف الشباب .. يهديهم طريقهم .. يصبر على تعليمهم .. يتحمل أخطاءهم .. يرشدهم .. يقول لهم دائماً كما قال الإمام عليّ ( انحُ نحوَ هذا ) ..
يقول الدكتور محمد أحمد الراشد فى كتابة الرائع / صناعة الحياة
(( هي نظرية الفرسان إذن ..كما كان الأمر في العصور الوسطى يعتمد عليهم ، وكان لكل ملك أو أمير قلة من الفرسان الذين يُغنون عن جيش كبير ،لجودة معادنهم و أخلاقياتهم و تدريبهم, بل يولّد وجودهم رعباً في نفوس العدو من مسيرة أيام .
كان الفارس يُنتقى من بين أشجع الجند وأذكاهم وأقواهم جسماً ، ويغذى بأجود أنواع الطعام ، و يلبس الدرع السابغ . وشاع التواصي بينهم بضرورة المروءة و التعامل النبيل ، فلا يعتدون على عرض و لا يظلمون فقيراً ولا يكذبون ، ويُلبون نداء النجدة ، وغير ذلك مما أخذوه من أخلاق جند صلاح الدين الأيوبي
فالأمير الذي ينجح في تدريب و تربية وتجهيز ثلاثمائة فارس يصبح غالباً مرهوب الجانب ، والمدينة التي كان يتواجد فيها عشرة فرسان تكون آمنة مطمئنة لا يتظالم أهلها ، للهيبة التي لثلة الفرسان رغم قلتها ، إذ أن أحدهم يكون أمة وحده ، ويحيطونه بالحديد ليحمي الكتلة الأخلاقية التي بين صفائحه .))
إنني أرى أن إعداد الفرسان إعداداً خاصاً هو الأهم الآن .. يجب أن نبني جيشاً من الفرسان يقودون هذه الأمة في السنوات القادمة .. هكذا فعلت مدارس الإمام الغزالي التي أنجبت نور الدين محمود ومن بعده صلاح الدين .. يجب أن يجد طالب الصيدلة الذي يبحث عن التخصص في مجال الأبحاث الدوائية من يأخذ بيده بدلاً من التنقل بين مناهج عقيمة وأساتذة – العديد منهم – لا يملكون أية ثقافة تعليمية .. أنا لست متحيزاً بالنسبة لهذه النقطة بخصوص أساتذة الجامعات .. و يمكنك أن تسأل طلبة الجامعات عن أساتذتهم .. نعم هناك أساتذة رائعون .. أساتذة مبدعون يصلحون أن يكونوا هم الفرسان ، و لكنهم قلة غير معروفٍ مكانها .. و إن عرفته فغيري لن يعرف .
قديماً كان الآباء يذهبون بأبنائهم إلى المعلمين .. يتركونهم لمدة ثم يعود أبناؤهم و قد شبوا على العلم .. ربما هكذا أصبح الشافعي وابن حنبل و سيبويه عظماء . وقد عرفت مصر في القرن الفائت صالونات العقاد ومي زيادة وغيرهم.
الآن لمن يذهب الشباب وخصوصاً من لا يملك مالاً .. إذا أراد الرحيل واجه مئات الصعوبات .. وإن بقي هنا فإما أن العلم غير موجود أصلاً ، أو أن أسعاره باهظة وهو الذي أنهك والده لسنوات من أجل توفير المصاريف اللازمة حتى تخرجه .
يجب أن يجد طالب الطب من يأخذ بيديه .. طالب الأدب .. طالب الفنون .. طالب الإخراج السينمائي .. طالب الزراعة .. وغيرهم .. يجب أن يجدوا قادة .. يجب أن يعرفوا الطريق أولاً ثم يسيروا فيه حتى النجاح .
إن إعداد الفرسان هو الأهم .. هو دور كل من على الساحة الآن .. و إني أرى أن الساحة الآن لابد وأن تهتم بشيئين : الأول هو إعداد القادة ، والثاني هو نشر الوعي بين عامة الناس حتى نصل إلى ما أسماه دكتور زويل في كتابه عصر العلم ( إرادة الأمم لكي تنهض ) ، فلا نهضة بشعب جاهل ، وحسبي في هذه النقطة هو الجهود الرهيبة التي تُبذل من جهات إعلامية بارزة كباقة الجزيرة التي لم تكتفِ بالتثقيف السياسي بل امتدت للتثقيف الرياضي وتربية جيل من الأطفال قادر على الإبداع والتطوير، والجهود التي تُبذل من أشخاص بعينهم في مجال الأدب أو الاقتصاد أو الدعوة الدينية.
من هم الفرسان ؟!!
هم أشخاص نتوسم فيهم القيادة والإبداع .. لديهم القدرة على إحداث التغيير .. لديهم ذكاء حاد وقدرة على التكيف مع الظروف المختلفة .. ببساطة .. هم (صلاح الدين) الذي ننتظره .. فبدلاً من أن ننتظره .. فلنبحث عنه ونعده لقيادة المسيرة .
هؤلاء الفرسان لكي نجمعهم .. لكي نعرفهم .. يجب أن نبذل كثيراً ..
يقول الدكتور محمد أحمد الراشد فى تلك النقطة
(( بل نجمع العشرين ألفاً من أجل اكتشاف الألف، وما هي منازل شرف فخرية نهديها لهم، وإنما هو نشوء طبيعي من خلال المعاناة، وتتراجع الأساليب العشوائية لصالح العصامية وإثبات القدرة الذاتية، ودور الجماعة يكون في أنها إذا رأت النجابة في صاعد فإن عليها أن ترعاها وتزود الفارس برمح ودرع وسيف ليستوي على ظهر جواده كالملك على سريره. ))
إن كل من يستطيع أن يساعد فى إعداد الفرسان فليسارع .. إن هذا هو دور الدعاة في غرس الانتماء للدين والعروبة والتذكير بثواب الله .. دور رجال الأعمال في تمويل بعثات علمية خارجية لهؤلاء الفرسان وفي توفير مراكز التدريب اللازمة .. دور الأدباء في غرس القيم الجمالية وتشريح الواقع الحالي القاسي بقلمهم الرشيق .
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة عندما قام بتدريب صحابته الكرام لمدة ثلاث سنوات كاملة في دار الأرقم بن أبي الأرقم ..
و مازلت أكرر .. إن فكرة إعداد القادة هي من أخرجت نور الدين محمود ومن بعده صلاح الدين للوجود .
يقول الدكتور محمد أحمد الراشد ..
( و لو وجدت فرقة الفرسان في كل قطر لتعادلت بهم أطراف الأرض و لرجح أمر الإسلام ، ولهدأت نفوس مضطربة ، وانقطع الظلم .
الدعوة قوية بفرسانها ، و التربية القيادية هي التي تجعلهم فرساناً ) .
قد يغضب البعض قائلاً ( و لكني أستحق أن أكون فارساً .. فلماذا لم يتم اختياري لأكون بينهم ؟!! )
عندها نرد عليه بكلمات د/ محمد الراشد
(و أما السبب الثاني : فهو جفلة الذي يتصل به الدعاة و يطلبون منه الولاء ، فإن الذي يقرأ هذا الكتاب ، و يعرف أننا نقيسه بقياس التابع الموالي الدائر في الفلك يكون أحد عنصرين :
عنصر يقول : و لمَ لا ؟! نعم أكون تابعاً بالحق وعلى سنة الإيمان ، والحياة الإسلامية كلها تعاون ، ومن كان له فضل الأستاذية عليّ و تعليمي فبحق يطلب أن أوليه وأوافقه وأحب من يحبه وأستشيره في أموري وأتحرى له المصالح وأدفع عنه الضرر وأعينه باللسان والجهد والمال ، وما أجده قد طلب مني عسفاً ، و كما آكل من غرس يده اليوم سأغرس غداً و يأكل غيري من غرس يدي ، و مازال الخير سنداً يتواصل ويستمر ، والجيل من الجيل يستلم الراية ، والحمد لله الذي أتاح لي الارتواء، وجعل لي مكاناً في سير الرواية، و آمل أن يمنحني من بعد شرف السقاية .
و أما العنصر الآخر فيحيص متملصاً و يضجر ، و تأخذه عزة خادعة ونوبة شمم وأنفة ، فيشمخ ويقول : قد قللوا من قدري فجعلوني تابعاً ، وأنا ابن جلا و طلاع الثنايا ، وحفيد الأكرمين وسليل الشرفاء ، وجدي فلان وخالي علان ، فلا والله ما تبعتهم ولا أمنحهم هذا الولاء ، بل أنا الأول المقدّم و الحر المستقل .
ولنفسهِ ظَلمَ هذا الحسيب ، وقد اختار التسكع يظنه الحرية ، فإنا ما جئنا ننازعه الشرف ، إنما نأتيه مسلّمين مسالمين محبين ، ونطلب منه النزول إلى ساحة خدمة الإسلام، نحن وإياه على إخوة سواء . فإن كان مثلنا في العلم والخبرة : فهو من صناع الحياة لا ضير ، وهو المحور والقطب والبؤرة . وإن كان دوننا في العلم والخبرة : فالعلم قائد ، ولذي الخبرة إمرة ، و ما ندعي ذلك إرثاً من جد أظهر شرفاً من جده ، و لكن الله قد حكم بين العباد، فمن قدمه الشرع تقدم ، وضمت المقدم والمتأخر قافلة ، والجميع رهط الإيمان يتكافلون ويتناصرون )
وأنا أعلم جيداً ان حكومة مصر ترفض وتقاتل أي شخص تظهر فيه صفات قيادية وتجتمع الأصوات حوله لتؤيده، ولعلنا نذكر عمرو موسى الذي هُمش دوره، وأيمن نور الذي ألقي في غياهب السجون، ولكن المعركة تستحق التضحية والصراع طويل الأمد حتى نستطيع أن نبني نهضتنا.
إننا قد نبدأ بطبيب فارس يجمع حوله مجموعة من الشباب دارسي الطب ليبدأ رحلة تثقيفهم وتدريبهم بصدق على التألق في هذا المجال، ومن ثم امتلاك سلسلة من المجمعات الطبية الخيرية التي تقدم أحدث سبل العلاج مع احترام آدمية المصري التي تنتهك في المستشفيات الحكومية.
إننا قد نبدأ بمهندس بارع أو اقتصادي ماهر أو عالم فذ يتبنى مجموعة من الشباب الجاد ويصبر عليهم ويثقفهم ويعلمهم حتى يكونوا نواة لنهضتنا المرجوة.
الفرسان .. هي نظرية تستحق التقدير والإشادة كما يستحق صاحبها الدكتور محمد أحمد الراشد كل الاحترام والتقدير.
كتبت هذه الكلمات و قد كان صوت العندليب يدوي بأغنيته الرائعة ( يا بلدنا لا تنامي ) ..
ما أروع صوته .. ذلك الصوت الذى دافع عن مصر كثيراً والذي حمل آلامها وجراحها وفرحها وأحلامها .
ربما كنا بحاجة لحليم آخر ليرسم أحلامنا .. أحلام جيل كامل أدرك أن وقت النهضة قد حان .. وأن الزمن القادم هو زمننا نحن .. زمن ننشر فيه العلم والسلام والخير في أنحاء الكرة الأرضية ..
زمن يفرح فيه الله بعباده .. ألا يستحق هذا قليلاً من الجهد؟!
عماد الدين السيد عباس
20 سنة
الاسكندرية
كلية الصيدله
يعلق الدكتور أحمد خالد توفيق، الكاتب المعروف، على هذا الموقف منبهراً بعبقرية الإمام عليّ وهو يرسم الخطوط الرئيسية للدؤلي .. لقد وضع له الطريق ثم تركه يبحث وينجم ويشق الطريق واكتفى هو بالمتابعة والمباشرة وتصحيح الخطأ إن وُجِدَ .
هذا ما يفتقده الشباب في ذلك الوقت .. يفتقدون من يقودهم .. من يقول لهم (انح نحو هذا) .. و لهذا فالطريق الذي يبحثون عنه بلا علامات إرشادية .. بلا مصابيح للإنارة ..
يوماً ما قال لي أحدهم " إن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة .. هذا رائع .. و أنا مستعد لأن أبذل قصارى جهدي في عبور الألف ميل .. و لكن .. أين الطريق أساساً "
ربما تبدو عبارته متشائمة نوعاً ما ، و لكنها صادقة كثيراً وهي المشكلة الأهم لدى شباب هذا العصر .. وأقصد هنا الشباب الذي يبحث عن النجاح .. و تتجلى المشكلة وتبرز وتتألق في المجالات العلمية كأبحاث الدواء والعلوم التقنية .. المشكلة أن هذه العلوم غير موجودة في بلادنا ، ربما لضعف الإمكانيات .. ربما لسوء النظام التعليمي .. لا يهم .. و لكن الأهم هو هؤلاء الشباب الذين لا يجدون ما يفعلون لكي يحصلوا على هذا العلم .. الرحيل من البلاد هو حل رائع .. سيرحلون لكي يعرفوا العلم ثم يعودون لنشره في بلادهم .. هكذا يحاول العبقري المصري د / أحمد زويل بمشروعه جامعة زويل ، و الذي – للأسف – قابل مشاكل بلا حدود .. وهكذا يفعل العشرات من العلماء .. هكذا هم يفكرون .. سيعودون لتعمير بلادهم بعد الحصول على العلم من الغرب .. و لكنهم يصرفون نظرهم عن الموضوع بعد معرفة التكاليف اللازمة للسفر والانتساب للجامعات الأجنبية والغربة وتأخر سن الزواج و .. و ..
المشكلة الأكبر هنا هي رحيل الشباب الناجح الجاد من بلاده .. هؤلاء نحن نفتقدهم .. هؤلاء هم بسمة بلادنا وصفاء وجهها وعذوبة ضحكتها .
إذاً .. أين الحل ؟!!
من الذي يحرك الأمة؟
سنجد فئتين رئيسيتين تحركان الأمة . العلماء بكافة أصنافهم والحكام.
هؤلاء هم الذين يحركون الأمم على مدى الزمان في كل اتجاه عند المسلمين وعند غير المسلمين.
إذا صلح حال الحكام والعلماء صلحت الأمة بشكل عام..
أزمة الأمة الرئيسية هي أزمة فكر وأزمة هوية ، وفي أرض الواقع الأزمة تتجلى في القيادة.
أزمة القيادة هي ليست فقط في القيادة السياسية، بل في كل المستويات يوجدعندنا أزمات.. وبالمقابل نجد أن عندنا إمكاناتٍ وعندنا عقولاً وعندنا قدراتٍ في كل مجالات الحياة.. في السياسة، في الاقتصاد، في الجيش، في الصحة، في التعليم. "نص منشور فى أحد المواقع الالكترونية"
الحل في القادة .. الفرسان الذين يقودون المسيرة .. كلٌّ فارسٌ في مجالٍ محدد .. الحل في النجوم التي تنير السماء .. كلُّ نجمٍ يدور في فلكه عشرات الكواكب ..
يجب أن تمتلئ أمتنا بالنجوم .. كل نجم يدور في فلكه آلاف الشباب .. يهديهم طريقهم .. يصبر على تعليمهم .. يتحمل أخطاءهم .. يرشدهم .. يقول لهم دائماً كما قال الإمام عليّ ( انحُ نحوَ هذا ) ..
يقول الدكتور محمد أحمد الراشد فى كتابة الرائع / صناعة الحياة
(( هي نظرية الفرسان إذن ..كما كان الأمر في العصور الوسطى يعتمد عليهم ، وكان لكل ملك أو أمير قلة من الفرسان الذين يُغنون عن جيش كبير ،لجودة معادنهم و أخلاقياتهم و تدريبهم, بل يولّد وجودهم رعباً في نفوس العدو من مسيرة أيام .
كان الفارس يُنتقى من بين أشجع الجند وأذكاهم وأقواهم جسماً ، ويغذى بأجود أنواع الطعام ، و يلبس الدرع السابغ . وشاع التواصي بينهم بضرورة المروءة و التعامل النبيل ، فلا يعتدون على عرض و لا يظلمون فقيراً ولا يكذبون ، ويُلبون نداء النجدة ، وغير ذلك مما أخذوه من أخلاق جند صلاح الدين الأيوبي
فالأمير الذي ينجح في تدريب و تربية وتجهيز ثلاثمائة فارس يصبح غالباً مرهوب الجانب ، والمدينة التي كان يتواجد فيها عشرة فرسان تكون آمنة مطمئنة لا يتظالم أهلها ، للهيبة التي لثلة الفرسان رغم قلتها ، إذ أن أحدهم يكون أمة وحده ، ويحيطونه بالحديد ليحمي الكتلة الأخلاقية التي بين صفائحه .))
إنني أرى أن إعداد الفرسان إعداداً خاصاً هو الأهم الآن .. يجب أن نبني جيشاً من الفرسان يقودون هذه الأمة في السنوات القادمة .. هكذا فعلت مدارس الإمام الغزالي التي أنجبت نور الدين محمود ومن بعده صلاح الدين .. يجب أن يجد طالب الصيدلة الذي يبحث عن التخصص في مجال الأبحاث الدوائية من يأخذ بيده بدلاً من التنقل بين مناهج عقيمة وأساتذة – العديد منهم – لا يملكون أية ثقافة تعليمية .. أنا لست متحيزاً بالنسبة لهذه النقطة بخصوص أساتذة الجامعات .. و يمكنك أن تسأل طلبة الجامعات عن أساتذتهم .. نعم هناك أساتذة رائعون .. أساتذة مبدعون يصلحون أن يكونوا هم الفرسان ، و لكنهم قلة غير معروفٍ مكانها .. و إن عرفته فغيري لن يعرف .
قديماً كان الآباء يذهبون بأبنائهم إلى المعلمين .. يتركونهم لمدة ثم يعود أبناؤهم و قد شبوا على العلم .. ربما هكذا أصبح الشافعي وابن حنبل و سيبويه عظماء . وقد عرفت مصر في القرن الفائت صالونات العقاد ومي زيادة وغيرهم.
الآن لمن يذهب الشباب وخصوصاً من لا يملك مالاً .. إذا أراد الرحيل واجه مئات الصعوبات .. وإن بقي هنا فإما أن العلم غير موجود أصلاً ، أو أن أسعاره باهظة وهو الذي أنهك والده لسنوات من أجل توفير المصاريف اللازمة حتى تخرجه .
يجب أن يجد طالب الطب من يأخذ بيديه .. طالب الأدب .. طالب الفنون .. طالب الإخراج السينمائي .. طالب الزراعة .. وغيرهم .. يجب أن يجدوا قادة .. يجب أن يعرفوا الطريق أولاً ثم يسيروا فيه حتى النجاح .
إن إعداد الفرسان هو الأهم .. هو دور كل من على الساحة الآن .. و إني أرى أن الساحة الآن لابد وأن تهتم بشيئين : الأول هو إعداد القادة ، والثاني هو نشر الوعي بين عامة الناس حتى نصل إلى ما أسماه دكتور زويل في كتابه عصر العلم ( إرادة الأمم لكي تنهض ) ، فلا نهضة بشعب جاهل ، وحسبي في هذه النقطة هو الجهود الرهيبة التي تُبذل من جهات إعلامية بارزة كباقة الجزيرة التي لم تكتفِ بالتثقيف السياسي بل امتدت للتثقيف الرياضي وتربية جيل من الأطفال قادر على الإبداع والتطوير، والجهود التي تُبذل من أشخاص بعينهم في مجال الأدب أو الاقتصاد أو الدعوة الدينية.
من هم الفرسان ؟!!
هم أشخاص نتوسم فيهم القيادة والإبداع .. لديهم القدرة على إحداث التغيير .. لديهم ذكاء حاد وقدرة على التكيف مع الظروف المختلفة .. ببساطة .. هم (صلاح الدين) الذي ننتظره .. فبدلاً من أن ننتظره .. فلنبحث عنه ونعده لقيادة المسيرة .
هؤلاء الفرسان لكي نجمعهم .. لكي نعرفهم .. يجب أن نبذل كثيراً ..
يقول الدكتور محمد أحمد الراشد فى تلك النقطة
(( بل نجمع العشرين ألفاً من أجل اكتشاف الألف، وما هي منازل شرف فخرية نهديها لهم، وإنما هو نشوء طبيعي من خلال المعاناة، وتتراجع الأساليب العشوائية لصالح العصامية وإثبات القدرة الذاتية، ودور الجماعة يكون في أنها إذا رأت النجابة في صاعد فإن عليها أن ترعاها وتزود الفارس برمح ودرع وسيف ليستوي على ظهر جواده كالملك على سريره. ))
إن كل من يستطيع أن يساعد فى إعداد الفرسان فليسارع .. إن هذا هو دور الدعاة في غرس الانتماء للدين والعروبة والتذكير بثواب الله .. دور رجال الأعمال في تمويل بعثات علمية خارجية لهؤلاء الفرسان وفي توفير مراكز التدريب اللازمة .. دور الأدباء في غرس القيم الجمالية وتشريح الواقع الحالي القاسي بقلمهم الرشيق .
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة عندما قام بتدريب صحابته الكرام لمدة ثلاث سنوات كاملة في دار الأرقم بن أبي الأرقم ..
و مازلت أكرر .. إن فكرة إعداد القادة هي من أخرجت نور الدين محمود ومن بعده صلاح الدين للوجود .
يقول الدكتور محمد أحمد الراشد ..
( و لو وجدت فرقة الفرسان في كل قطر لتعادلت بهم أطراف الأرض و لرجح أمر الإسلام ، ولهدأت نفوس مضطربة ، وانقطع الظلم .
الدعوة قوية بفرسانها ، و التربية القيادية هي التي تجعلهم فرساناً ) .
قد يغضب البعض قائلاً ( و لكني أستحق أن أكون فارساً .. فلماذا لم يتم اختياري لأكون بينهم ؟!! )
عندها نرد عليه بكلمات د/ محمد الراشد
(و أما السبب الثاني : فهو جفلة الذي يتصل به الدعاة و يطلبون منه الولاء ، فإن الذي يقرأ هذا الكتاب ، و يعرف أننا نقيسه بقياس التابع الموالي الدائر في الفلك يكون أحد عنصرين :
عنصر يقول : و لمَ لا ؟! نعم أكون تابعاً بالحق وعلى سنة الإيمان ، والحياة الإسلامية كلها تعاون ، ومن كان له فضل الأستاذية عليّ و تعليمي فبحق يطلب أن أوليه وأوافقه وأحب من يحبه وأستشيره في أموري وأتحرى له المصالح وأدفع عنه الضرر وأعينه باللسان والجهد والمال ، وما أجده قد طلب مني عسفاً ، و كما آكل من غرس يده اليوم سأغرس غداً و يأكل غيري من غرس يدي ، و مازال الخير سنداً يتواصل ويستمر ، والجيل من الجيل يستلم الراية ، والحمد لله الذي أتاح لي الارتواء، وجعل لي مكاناً في سير الرواية، و آمل أن يمنحني من بعد شرف السقاية .
و أما العنصر الآخر فيحيص متملصاً و يضجر ، و تأخذه عزة خادعة ونوبة شمم وأنفة ، فيشمخ ويقول : قد قللوا من قدري فجعلوني تابعاً ، وأنا ابن جلا و طلاع الثنايا ، وحفيد الأكرمين وسليل الشرفاء ، وجدي فلان وخالي علان ، فلا والله ما تبعتهم ولا أمنحهم هذا الولاء ، بل أنا الأول المقدّم و الحر المستقل .
ولنفسهِ ظَلمَ هذا الحسيب ، وقد اختار التسكع يظنه الحرية ، فإنا ما جئنا ننازعه الشرف ، إنما نأتيه مسلّمين مسالمين محبين ، ونطلب منه النزول إلى ساحة خدمة الإسلام، نحن وإياه على إخوة سواء . فإن كان مثلنا في العلم والخبرة : فهو من صناع الحياة لا ضير ، وهو المحور والقطب والبؤرة . وإن كان دوننا في العلم والخبرة : فالعلم قائد ، ولذي الخبرة إمرة ، و ما ندعي ذلك إرثاً من جد أظهر شرفاً من جده ، و لكن الله قد حكم بين العباد، فمن قدمه الشرع تقدم ، وضمت المقدم والمتأخر قافلة ، والجميع رهط الإيمان يتكافلون ويتناصرون )
وأنا أعلم جيداً ان حكومة مصر ترفض وتقاتل أي شخص تظهر فيه صفات قيادية وتجتمع الأصوات حوله لتؤيده، ولعلنا نذكر عمرو موسى الذي هُمش دوره، وأيمن نور الذي ألقي في غياهب السجون، ولكن المعركة تستحق التضحية والصراع طويل الأمد حتى نستطيع أن نبني نهضتنا.
إننا قد نبدأ بطبيب فارس يجمع حوله مجموعة من الشباب دارسي الطب ليبدأ رحلة تثقيفهم وتدريبهم بصدق على التألق في هذا المجال، ومن ثم امتلاك سلسلة من المجمعات الطبية الخيرية التي تقدم أحدث سبل العلاج مع احترام آدمية المصري التي تنتهك في المستشفيات الحكومية.
إننا قد نبدأ بمهندس بارع أو اقتصادي ماهر أو عالم فذ يتبنى مجموعة من الشباب الجاد ويصبر عليهم ويثقفهم ويعلمهم حتى يكونوا نواة لنهضتنا المرجوة.
الفرسان .. هي نظرية تستحق التقدير والإشادة كما يستحق صاحبها الدكتور محمد أحمد الراشد كل الاحترام والتقدير.
كتبت هذه الكلمات و قد كان صوت العندليب يدوي بأغنيته الرائعة ( يا بلدنا لا تنامي ) ..
ما أروع صوته .. ذلك الصوت الذى دافع عن مصر كثيراً والذي حمل آلامها وجراحها وفرحها وأحلامها .
ربما كنا بحاجة لحليم آخر ليرسم أحلامنا .. أحلام جيل كامل أدرك أن وقت النهضة قد حان .. وأن الزمن القادم هو زمننا نحن .. زمن ننشر فيه العلم والسلام والخير في أنحاء الكرة الأرضية ..
زمن يفرح فيه الله بعباده .. ألا يستحق هذا قليلاً من الجهد؟!
عماد الدين السيد عباس
20 سنة
الاسكندرية
كلية الصيدله