محمد عبد الله الذبياني
25-12-2007, 02:55 PM
http://www.islamdor.com/vb/images/smilies/s%20(24).jpg
مشرف شؤون التربية والتعليم
محمد بن عبدالعزيز الفهد
يحتل الإشراف التربوي مكانة خاصة في النظم التربوية المعاصرة، ويعتبر أحد الركائز الأساسية في تطوير العمل التربوي، وتنبع أهميته من واقع الحاجة الماسة إليه لتطوير فعاليات العملية التربوية وضمان نجاح مسيرتها في الاتجاه الصحيح، وإذا كانت مهمة المشرف التربوي أساسية بصورة عامة نظراً لما يوفره من تحسين للعملية التربوية إلا أن أهميته تزداد في هذا الوقت لما يتصف به التعليم من توسع كمي ومتسارع وما يعانيه من ضعف في مخرجاته.
وفي ظل هذه المتغيرات بأبعادها المختلفة والتي أدت إلى تعاظم أدوار الإشراف التربوي وتوسع مهامه ومسؤولياته، ظهرت أصوات، منهم المشرفون التربويون - كأفراد - والإشراف التربوي - كجهاز - يضعف مخرجاته.. بل إنه يعاني من غبش في مفاهميه ومهامه، ولا أريد هنا أن أقف مع تلك الاتهامات أو ضدها ولكنني أريد أن أشير إلى أن مثل هذه الاتهامات لا يحالفها الحظ في كثير من الأحيان لأنها تنصب في معظم الأوقات على جانب محدد من العملية الإشرافية دون النظر إليها في صورتها الكلية التي تستدعي أن ننظر إليها في إطارها التكاملي من عمليات التدريب والتحفيز أو ما نسميه ب (تنمية القوى العاملة في المؤسسة التربوية).
الواقع أن الإشراف التربوي لا يعاني من ضعف في ممارساته ومخرجاته - وإن كنت لا أنفي عنه ذلك نسبياً شأنه شأن كافة المنظومة التربوية والتي هو جزء منها تتأثر به وتؤثر فيه - ولكن هذا الاتهام - بإطلاقه - لا يخلو من جهل بدوره أو تحامل عليه لدى فئة من المعلمين مورست عليها خدمات تفتيشية سابقة تجددت في عقولهم أو فئة أخرى لم ترق إلى مستوى متطلبات المرحلة التطويرية الحالية، أو فئة ثالثة من خارج رحم الإشراف التربوي ناصبته العداء، ووضعت نفسها في منافسة غير شريفة معه فافتعلت معركة بلا سبب يفضي إلى نتيجة.. بالإضافة إلى أن الإشراف كان عرضة للاجتهادات ووجهات النظر المتباينة حول مفهوم الدور وطبيعة العلاقة بين المشرف والمعلم ليس في المملكة فحسب بل في الوطن العربي والغرب مما جعله موضع اتهام ومساءلة وفي رأيي - المتواضع - أن هناك عدة أمور ربما تكون سبباً لهذا الاتهام أو الاعتقاد الخاطئ لدى البعض وهي:
@ غياب الهوية المهنية أي عدم الاعتراف بالإشراف كمهنة مثل غيرها من المهن، وعدم وجود وصف واضح لخصائص المشرف التربوي وأنواع السلطة التي يملكها، وتبرز حدة هذه المشكلة عندما يصر بعض المسؤولين في الوزارة بأن هذه المهمة من مهام المدرسة وبالتالي فلا حاجة لنا أصلاً بوجود المشرف التربوي.
@ غياب الإطار المرجعي وهو وليدة غياب الهوية المهنية أي عدم وجود توصيف واضح لمهام ومسؤوليات المشرف التربوي.
@ غياب الصورة المتكاملة عن نشاط المشرفين التربويين لدى من يتهم أو ينتقد، فهي اتهامات أو انتقادات لمواقف معينة أو أشخاص معينين (ولا يصح هنا التعميم).
@ أن المشرفين التربويين يتعاملون مع فئات كبيرة ومتباينة في الكفاءة وفي الاتجاهات وفي الانتماء للمهنة، وفي هذا الموقف الحساس لا بد أن يجدوا من يتهم أو يتساءل أو ينتقد.
@ أنه ليس لدى المشرفين التربويين معادلات واحدة وثابتة أو وصفة تربوية واحدة لكل موقف أو لكل مادة، وأن للمشرف التربوي وجهة نظر على المعلم أن يعيها ويناقشها ويحكم بنفسه عليها، وأن هذا الاختلاف دليل صحة أولى بالمعلم أن يستفيد منه.
@ أن الخطأ في الإشراف التربوي في الواقع نسبي لأنه يمثل انحرافاً عن معيار معين، وطالما أن المعايير تختلف من فرد لآخر فإن احتمال وجود الخطأ في أي موقف من المواقف الإشرافية يظل دائماً موجوداً. فعلماء النفس يقولون بأن الإدراك نسبي وانتقائي وبالتالي فإن لكل فرد منظوره الذي يتناول به الأشياء الموضوعية. وأن هذه المنظورات تتكون عبر الزمان كمحصلة لعوامل ومتغيرات متعددة.
@ أن هناك نقداً موضوعياً هدفه البناء وأحرى بالمشرفين التربويين أن يستفيدوا منه لصالح العملية التربوية ويعتبرونه نقداً ذاتياً لهم، فإن كان هذا النقد صحيحاً فهو غير متعمد وسيعملون على تلافيه، وإن كان غير صحيح فهو تحذير لهم كيلا ينزلقوا فيه مستقبلاً.
ومع كل ما سبق - فإنني لا أبرئ الإشراف التربوي من القصور في أدائه ومساهمته في ضعف مخرجات التعليم لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو من الذي أوصل الإشراف التربوي إلى هذا المستوى؟
أقول - بكل تجرد - إنها وزارة التربية والتعليم التي أركسته في ذيل الهيكل الإداري ومن ثمَّ تحول المشرف التربوي إلى ساعي بريد ينقل صورة الميدان إلى المسؤولين، ناهيك عن أن الإشراف التربوي - خلال السنين القليلة - وقع بين فكي كماشة حولته إلى هيكل لا روح فيه وافترست روح الإبداع في القائمين عليه الأول حين سحبت منه بعض الحوافز والمزايا التي كانت في وقت من الأوقات مسحة تقدير والثاني عندما أثقلت كاهله بأعباء إدارية وأعمال ليست من صميم العمل الإشرافي فبات مستهلك الطاقة في غير مداره.. ومع مضي الوقت فقد الإشراف التربوي هويته وأصبح العاملون فيه يؤدون مهاماً لا تخصهم يذبون عنها وينغمسون فيها وكأنها العمل التربوي والإشرافي الذي ينبغي أن يكون.
ولهذا لا يستغرب ألا نجد للإشراف التربوي ذكراً في مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم العام مع أن مجالاته الأربعة وهي (تطوير المناهج التعليمية وإعادة تأهيل المعلمين والمعلمات وتحسين البيئة التربوية والنشاط اللاصفي) هي من صميم العمل الإشرافي بل إن محركها الحقيقي ومنفذها الفعلي هو المشرف التربوي، وهذا لا يعود لضعف في الإشراف التربوي والذي تعمل فيه أفضل الكفاءات التربوية على مستوى الوزارة والميدان، وإنما للمزاجية التي تقوم على أساس الشللية في الاختيار والمواقف الشخصية في الإبعاد ودون مراعاة للكفاءة والاختصاص.
إن العقبة الكؤود في تطوير أداء المشرفين التربويين ترجع إلى حقيقة أن المشرفين التربويين مثقلون بالمسؤوليات والمهام في حين أنهم لم يزودوا بالقوة الكافية لإنجاز تلك المهام.
فهل من إمكانية - يا وزارة التربية - لإعادة حقوق المشرفين التربويين المسلوبة من خلال توصيف واضح لمهامهم ومسؤولياتهم الفعلية حتى لا ينشغلوا بمهام فرعية تعيقهم عن أداء مهامهم الأساسية؟
عشمي ذلك.
@ خبير وباحث تربوي - الرياض
جريدة الرياض (http://www.alriyadh.com/2007/12/25/article303959.html)
مشرف شؤون التربية والتعليم
محمد بن عبدالعزيز الفهد
يحتل الإشراف التربوي مكانة خاصة في النظم التربوية المعاصرة، ويعتبر أحد الركائز الأساسية في تطوير العمل التربوي، وتنبع أهميته من واقع الحاجة الماسة إليه لتطوير فعاليات العملية التربوية وضمان نجاح مسيرتها في الاتجاه الصحيح، وإذا كانت مهمة المشرف التربوي أساسية بصورة عامة نظراً لما يوفره من تحسين للعملية التربوية إلا أن أهميته تزداد في هذا الوقت لما يتصف به التعليم من توسع كمي ومتسارع وما يعانيه من ضعف في مخرجاته.
وفي ظل هذه المتغيرات بأبعادها المختلفة والتي أدت إلى تعاظم أدوار الإشراف التربوي وتوسع مهامه ومسؤولياته، ظهرت أصوات، منهم المشرفون التربويون - كأفراد - والإشراف التربوي - كجهاز - يضعف مخرجاته.. بل إنه يعاني من غبش في مفاهميه ومهامه، ولا أريد هنا أن أقف مع تلك الاتهامات أو ضدها ولكنني أريد أن أشير إلى أن مثل هذه الاتهامات لا يحالفها الحظ في كثير من الأحيان لأنها تنصب في معظم الأوقات على جانب محدد من العملية الإشرافية دون النظر إليها في صورتها الكلية التي تستدعي أن ننظر إليها في إطارها التكاملي من عمليات التدريب والتحفيز أو ما نسميه ب (تنمية القوى العاملة في المؤسسة التربوية).
الواقع أن الإشراف التربوي لا يعاني من ضعف في ممارساته ومخرجاته - وإن كنت لا أنفي عنه ذلك نسبياً شأنه شأن كافة المنظومة التربوية والتي هو جزء منها تتأثر به وتؤثر فيه - ولكن هذا الاتهام - بإطلاقه - لا يخلو من جهل بدوره أو تحامل عليه لدى فئة من المعلمين مورست عليها خدمات تفتيشية سابقة تجددت في عقولهم أو فئة أخرى لم ترق إلى مستوى متطلبات المرحلة التطويرية الحالية، أو فئة ثالثة من خارج رحم الإشراف التربوي ناصبته العداء، ووضعت نفسها في منافسة غير شريفة معه فافتعلت معركة بلا سبب يفضي إلى نتيجة.. بالإضافة إلى أن الإشراف كان عرضة للاجتهادات ووجهات النظر المتباينة حول مفهوم الدور وطبيعة العلاقة بين المشرف والمعلم ليس في المملكة فحسب بل في الوطن العربي والغرب مما جعله موضع اتهام ومساءلة وفي رأيي - المتواضع - أن هناك عدة أمور ربما تكون سبباً لهذا الاتهام أو الاعتقاد الخاطئ لدى البعض وهي:
@ غياب الهوية المهنية أي عدم الاعتراف بالإشراف كمهنة مثل غيرها من المهن، وعدم وجود وصف واضح لخصائص المشرف التربوي وأنواع السلطة التي يملكها، وتبرز حدة هذه المشكلة عندما يصر بعض المسؤولين في الوزارة بأن هذه المهمة من مهام المدرسة وبالتالي فلا حاجة لنا أصلاً بوجود المشرف التربوي.
@ غياب الإطار المرجعي وهو وليدة غياب الهوية المهنية أي عدم وجود توصيف واضح لمهام ومسؤوليات المشرف التربوي.
@ غياب الصورة المتكاملة عن نشاط المشرفين التربويين لدى من يتهم أو ينتقد، فهي اتهامات أو انتقادات لمواقف معينة أو أشخاص معينين (ولا يصح هنا التعميم).
@ أن المشرفين التربويين يتعاملون مع فئات كبيرة ومتباينة في الكفاءة وفي الاتجاهات وفي الانتماء للمهنة، وفي هذا الموقف الحساس لا بد أن يجدوا من يتهم أو يتساءل أو ينتقد.
@ أنه ليس لدى المشرفين التربويين معادلات واحدة وثابتة أو وصفة تربوية واحدة لكل موقف أو لكل مادة، وأن للمشرف التربوي وجهة نظر على المعلم أن يعيها ويناقشها ويحكم بنفسه عليها، وأن هذا الاختلاف دليل صحة أولى بالمعلم أن يستفيد منه.
@ أن الخطأ في الإشراف التربوي في الواقع نسبي لأنه يمثل انحرافاً عن معيار معين، وطالما أن المعايير تختلف من فرد لآخر فإن احتمال وجود الخطأ في أي موقف من المواقف الإشرافية يظل دائماً موجوداً. فعلماء النفس يقولون بأن الإدراك نسبي وانتقائي وبالتالي فإن لكل فرد منظوره الذي يتناول به الأشياء الموضوعية. وأن هذه المنظورات تتكون عبر الزمان كمحصلة لعوامل ومتغيرات متعددة.
@ أن هناك نقداً موضوعياً هدفه البناء وأحرى بالمشرفين التربويين أن يستفيدوا منه لصالح العملية التربوية ويعتبرونه نقداً ذاتياً لهم، فإن كان هذا النقد صحيحاً فهو غير متعمد وسيعملون على تلافيه، وإن كان غير صحيح فهو تحذير لهم كيلا ينزلقوا فيه مستقبلاً.
ومع كل ما سبق - فإنني لا أبرئ الإشراف التربوي من القصور في أدائه ومساهمته في ضعف مخرجات التعليم لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو من الذي أوصل الإشراف التربوي إلى هذا المستوى؟
أقول - بكل تجرد - إنها وزارة التربية والتعليم التي أركسته في ذيل الهيكل الإداري ومن ثمَّ تحول المشرف التربوي إلى ساعي بريد ينقل صورة الميدان إلى المسؤولين، ناهيك عن أن الإشراف التربوي - خلال السنين القليلة - وقع بين فكي كماشة حولته إلى هيكل لا روح فيه وافترست روح الإبداع في القائمين عليه الأول حين سحبت منه بعض الحوافز والمزايا التي كانت في وقت من الأوقات مسحة تقدير والثاني عندما أثقلت كاهله بأعباء إدارية وأعمال ليست من صميم العمل الإشرافي فبات مستهلك الطاقة في غير مداره.. ومع مضي الوقت فقد الإشراف التربوي هويته وأصبح العاملون فيه يؤدون مهاماً لا تخصهم يذبون عنها وينغمسون فيها وكأنها العمل التربوي والإشرافي الذي ينبغي أن يكون.
ولهذا لا يستغرب ألا نجد للإشراف التربوي ذكراً في مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم العام مع أن مجالاته الأربعة وهي (تطوير المناهج التعليمية وإعادة تأهيل المعلمين والمعلمات وتحسين البيئة التربوية والنشاط اللاصفي) هي من صميم العمل الإشرافي بل إن محركها الحقيقي ومنفذها الفعلي هو المشرف التربوي، وهذا لا يعود لضعف في الإشراف التربوي والذي تعمل فيه أفضل الكفاءات التربوية على مستوى الوزارة والميدان، وإنما للمزاجية التي تقوم على أساس الشللية في الاختيار والمواقف الشخصية في الإبعاد ودون مراعاة للكفاءة والاختصاص.
إن العقبة الكؤود في تطوير أداء المشرفين التربويين ترجع إلى حقيقة أن المشرفين التربويين مثقلون بالمسؤوليات والمهام في حين أنهم لم يزودوا بالقوة الكافية لإنجاز تلك المهام.
فهل من إمكانية - يا وزارة التربية - لإعادة حقوق المشرفين التربويين المسلوبة من خلال توصيف واضح لمهامهم ومسؤولياتهم الفعلية حتى لا ينشغلوا بمهام فرعية تعيقهم عن أداء مهامهم الأساسية؟
عشمي ذلك.
@ خبير وباحث تربوي - الرياض
جريدة الرياض (http://www.alriyadh.com/2007/12/25/article303959.html)